نشرت مصلحة الضرائب في المملكة المتحدة، المعروفة باسم هيئة الإيرادات والجمارك التابعة لحكومة صاحبة الجلالة HMRC، في يوم 17 يناير/ كانون الثاني 2020، فرصة عمل تطلب متعاقداً خاصاً لتصميم أداة لتحليل سلاسل البلوكتشين الخاصة بالعملات المشفَّرة. حسبما ورد في الإعلان المبوب، مدة العقد عام واحد، وسوف تدفع هيئة الإيرادات والجمارك للمتعاقد 100 ألف جنيه استرليني (130,000 دولار أميركي) مقابل برنامج يمكنه “تحديد معاملات أصول العملات المشفَّرة وتجميعها”.
هيئة الإيرادات والجمارك التابعة لحكومة صاحبة الجلالة تريد أداة لتحليل سلاسل البلوكتشين ومستعدة لدفع 100,000 جنيه استرليني مقابلها
منذ فترة والحكومات في جميع أنحاء العالم تضيّق الخناق على مالكي العملات المشفَّرة للتأكد من أنَّهم يدفعون الضرائب: ففي الولايات المتحدة، شرعت مصلحة الضرائب في البلاد، المعروفة باسم دائرة الإيرادات الداخلية IRS، في جهد واسع لفرض الضرائب على الأفراد الذين يُحتمل أنَّهم يمتلكون عملات مشفَّرة، أو سبق لهم امتلاكها في ما مضى. وفي المملكة المتحدة، كانت هيئة الإيرادات والجمارك التابعة لحكومة صاحبة الجلالة تتبع مساراً مشابهاً؛ فقد أصدرت الجهة المسؤولة عن الضرائب توجيهاً لمالكي العملات المشفَّرة من الأفراد عام 2018، ثم نشرت مزيداً من الإرشادات للشركات بتاريخ 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019. هذه التحديثات على قواعد العملات المشفَّرة الصادرة عن الهيئة تسلط الضوء على حقيقة أنَّها ترى أنَّه “يجب على الأفراد المقيمين في المملكة المتحدة تقديم التزاماتهم الضريبية”. لكن حتى مع الإرشادات الجديدة المتعلقة باستخدام العملات المشفَّرة، لا تزال قوانين مصلحة الضرائب غير واضحة المعالم، ولا يزال الأفراد لا يفهمون التزاماتهم الضريبية. بغض النظر، وكما هو الحال مع دائرة الإيرادات الداخلية الأميركية وإرشاداتها المربكة، تنوي هيئة الإيرادات والجمارك التابعة لحكومة صاحبة الجلالة تشديد الإجراءات ضد المتهربين من الضرائب على أي حال.
إذ نشر ممثل من إنجلترا إعلاناً لصالح هيئة الإيرادات والجمارك، بتاريخ الجمعة 17 يناير/ كانون الثاني 2020، يطلب مهندس برمجيات لبناء أداة لمراقبة سلاسل البلوكتشين. وحسبما جاء في الوظيفة المبوبة، بإمكان المتعاقد العمل من “أي منطقة” عن بُعد، على أن يكون العقد سارياً من يناير/ كانون الثاني 2020 إلى فبراير/ شباط 2021، وتكون قيمته 100 ألف جنيه استرليني (130,000 دولار أميركي). غير أنَّه لا يمكن لمجموعات المتعاقدين المتطوعين أو الجماعات أو المشروعات المجتمعية VCSE بالتقدّم للوظيفة، بينما يُسمح للشركات الصغيرة والمتوسطة SME بالتقدّم للحصول على وظيفة بناء أداة تحليل سلاسل البلوكتشين الرسمية لهيئة الإيرادات والجمارك؛ حيث جاء في نص الوصف الوظيفي للهيئة: “مطلوب أداة تدعم أساليب جمع الاستخبارات من أجل تحديد هوية معاملات أصول العملات المشفَّرة وتجميعها في معاملات مترابطة، وتحديد هوية المعاملات المرتبطة منها بمقدمي خدمات أصول العملات المشفَّرة”.
الحكومات في جميع أنحاء العالم تطمح لمكافحة التهرب الضريبي وغسل الأموال بالعملات المشفَّرة
يجب أن تعمل الأداة أيضاً على كشف هوية مصدر أنشطة البلوكتشين عن طريق التحليل العنقودي وتحديد تقييمات الثقة في المجموعات العنقودية، وأن تقدم “إسناد المجموعات العنقودية أو المَحافظ لجهة تجارية معروفة (منصة تداول) أو مقدم خدمة معروف (خدمات خلط البتكوين (BTC) وخدمات المراهنة والسوق المظلمة، وما إلى ذلك)”. ويجب أن تكون المنصة قائمة على شبكة الويب، وأن تقدّم تمثيلاً بصرياً لبيانات تحليلات سلاسل البلوكتشين بهدف تحديد هوية المشتبه بهم الذين يستخدمون العملات المشفَّرة، وبناء الاستخبارات. وكحد أدنى، يجب أن تدعم الأداة سلاسل البلوكتشين على غرار البتكوين والبتكوين كاش (BCH) والإيثريوم (ETH) والإيثريوم كلاسيك (ETC) والريبل (XRP) والتيثر (USDT) واللايت كوين (LTC)، وإن كان طلب التوظيف الخاص بهيئة الإيرادات والجمارك يشدد على أنَّ مصلحة الضرائب تفضّل بشدة أن تكون الأداة قادرة على تحليل عملات المونيرو (XMR) والداش (DASH) والزد كاش (ZEC) كذلك. أيضاً، يجب على المتعاقد أن يقدّم تدريباً ثانوياً، بحيث يمكن للموظفين الحكوميين تعلّم كيفية استخدام أداة تحليل سلاسل البلوكتشين. وسيحصل المتعاقد الخاص بالعملات المشفَّرة على مستحقاته من خلال بوابة هيئة الإيرادات والجمارك المخصصة للمدفوعات المسماة أريبا Ariba.
صورة توضح طلب تقديم العروض الصادر عن هيئة الإيرادات والجمارك التابعة لحكومة صاحبة الجلالة.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على المتعاقد المتقدّم لوظيفة هيئة الإيرادات والجمارك ملأ استبيان أمني مطول، كجزء من رده على عرض أداة سلاسل البلوكتشين؛ إذ ينص عرض طلب التوظيف الصادر عن الهيئة على أنَّه يجري حالياً استخدام أصول العملات المشفَّرة “للتهرب الضريبي وغسل الأموال”. وكانت الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة، بالتحديد مباحث الأمن الداخلي HSI، بدورها تتعاون مع دائرة الإيرادات الداخلية من أجل التصدي للتهرب الضريبي وغسل الأموال: ففي عام 2016، كشفت شهادة رسمية أنَّ مباحث الأمن الداخلي الأميركية أسست فرقة عمل خاصة لتحديد هوية المتداولين بالبتكوين غير المرخصّين. وبعدها بعامين، نشرت مباحث الأمن الداخلي وثائق ما قبل التماس العروض للسنة المالية 2019، التي كانت تثبت أنَّ مصلحة الضرائب طلبت أموالاً لأداة تحليل لسلاسل البلوكتشين.
فسَّر نص خطاب الالتماس ذلك على النحو التالي: “هذا العرض يطلب التقدّم بطلبات التوظيف للتحليلات القضائية لسلاسل البلوكتشين الخاصة بالعملات المشفَّرة الأحدث، على غرار الزد كاش والمونيرو”. بينما تنص الصفحة 21 من خطاب التماس العروض لوزارة الأمن الداخلي الأميركية DHS على أنَّه: “من شأن التحليلات القضائية لسلاسل البلوكتشين لصالح مؤسسة الأمن الداخلي أن تساعد وزارة الأمن الداخلي في عملياتها الأمنية وإنفاذ القانون في جميع عناصرها، وكذلك عمليات إنفاذ القانون محلياً وعلى مستوى الولايات. بإمكان المؤسسات المالية الخاصة أيضاً الاستفادة من مثل هذه القدرات في تطبيق سياسة معرفة العملاء الخاصة بها والالتزام بمكافحة غسل الأموال”.
أمَّا إرشادات هيئة الإيرادات والجمارك التابعة لحكومة صاحبة الجلالة التي جرى تحديثها في الآونة الأخيرة نحو الأنشطة المرتبطة بالعملات المشفَّرة، فإنَّها تشير إلى أنَّ معظم عمليات أصول العملات المشفَّرة تُعد “نشاطاً اقتصادياً خاضعاً للضريبة”، وهذا يشمل تعدين العملات المشفَّرة، بالإضافة إلى عمليات البيع والشراء، وتداول أصل مشفَّر مقابل نوع آخر. وقد أمهلت الهيئة الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة المهتمة بالتعاقد الخاص بأداة تحليل العملات المشفَّرة حتى 27 يناير/ كانون الثاني 2020 للتقدّم بعرضهم مرفقاً به الاستبيان الأمني. إنَّ الوظيفة المبوبة التي نشرتها مصلحة الضرائب بالمملكة المتحدة تثبت أنَّ الحكومات تبحث بنشاط عن طرق لكشف هوية مصدر معاملات العملات المشفَّرة، فضلاً عن أنَّ أداة تحليل العملات المشفَّرة الخاصة بهيئة الإيرادات والجمارك التابعة لحكومة صاحبة الجلالة تثبت أنَّ مصلحة الضرائب موجودة بغرض التأكد من أن تحصيل الأموال يسدد مقابل الخدمات العامة في المملكة المتحدة؛ إذ يذكر عرض التعاقد أنَّ مصلحة الضرائب تريد أن “تزيد من صعوبة التحايل على النظام أمام الأقلية غير الشريفة”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.