تحدثت أناند آنشال الخبيرة في البنك الدولي في الربيع الماضي عن المشاكل الأولية الخاصة بتقنية البلوكتشين.

قالت آنشال أثناء مؤتمر للبنك الدولي في واشنطن: “قد تبدو التقنية كبيرة ومبهرة، وكأنها ستحل كل مشاكلنا… ولكنها مثل شطيرة البيغ ماك لا تتطابق مع الشطيرة الموجودة في الإعلان”.

بحكم عملها كخبيرة في الوحدة العالمية للأرض والجغرافيا المكانية، تمتلك أناند خبرة مباشرة في أمور توظيف التقنيات لتعزيز الحقوق الأساسية للمواطنين.

وبينما تنشغل صناعة العملات المشفرة في الوقت الحالي “بالوصول إلى غير المتمتعين بالخدمات البنكية”، هناك طرق متعددة لتحسين الأحوال المالية والاجتماعية للشعوب الأفقر في العالم. أولاً، ينبغي تحديد الملكية الخاصة والمشتركة للممتلكات. أوضحت أناند أن قوانين حقوق الأراضي المعمول بها والمطبقة بشكل صحيح تؤثر على كل شيء بدءًا من إجمالي الناتج المحلي للدولة إلى أنواع المحاصيل التي يرغب المزارعون في زراعتها.

وعلى الرغم من أن تقنية البلوكتشين مصممة لتتناسب مع السجلات البيروقراطية، وجدت أناند أن هناك حلولا تقنية أقل تعقيداً، مثل الهواتف الذكية المدعومة بنظام تحديد المواقع، تقدم حلولاً أكثر فعالية. وأضافت أن أي حل تقني فعال ينبغي أن يكون مصحوبا بإصلاحات قانونية واجتماعية.

وأجرى موقع كوين ديسك CoinDesk حواراً مع أناند لمعرفة كيفية تطور أفكارها فيما يخص إمكانيات تقنية البلوكتشين المتعلقة بحقوق الملكية.

ما هي حقوق الأرض و ما أهميتها؟

حقوق الأرض هي حقوق تملك الأراضي. و تكمن أهمية تأمين تلك الحقوق في أنها تدفع عدداً من الأمور في الاقتصاد، بدءااً من الأمور الاجتماعية والاقتصادية مثل المفاوضات المتعلقة بالأزمات أو اللاحقة للأزمات، وصولاً إلى أنماط الاستثمارات التي يرغب المواطنين في القيام بها. وتتمثل إدارة الأراضي في توضيح الحق في الأرض، بمعنى ما هو التقسيم المادي، الملكية أو قطعة الأرض، و ما هي الإحداثيات الجغرافية، ومن يملك حق الملكية القانونية لقطعة الارض/العقار/المنزل، أو حقوق أخرى.

ما هي الأمور الملحة التي تتعلق بالحق في تملك الأراضي الان ؟

تشير بعض التقديرات إلى أن ما يقرب من ٧٠٪‏ من حقوق تملك الأراضي ليست مسجلة في بعض الدول، بسبب عوائق قانونية او مؤسسية، أو مشاكل اجتماعية خاصة تتعلق بحقوق النساء او الأقليات في الملكية، وأحياناً بسبب درجة موثوقية أو إتاحة خدمات إدارة الأراضي. وبالإضافة إلى ذلك، تمتلك النساء والأقليات في الكثير من الدول الحق القانوني لتملك الأراضي ولكن لا يتيح لهم المجتمع ممارسة تلك الحقوق. وبالتالي فإن هناك تمييزاً ضدهم.

لقد قلت في السابق أن هناك إفراطاً في الاحتفاء بتقنية البلوكتشين كحل لمشاكل حقوق تملك الأراضي، كيف ذلك؟

ينبغي أن تتاح ظروف بيئية تمكينية حتى يكون لتقنية البلوكتشين معنى إستراتيجي ومالي وتجاري. فإن تقنية البلوكتشين مناسبة للدول التي تمتلك بالفعل بيانات رقمية ومحدثة، و نظام سجلات عامل. فإذا ذهبت إلى دولة تكرس ثقافة الاقتصاد غير الرسمي، ومعدلات التسجيل فيها منخفضة، فقد تمثل تقنية البلوكتشين حلاً، ولكنها لن تكون أفضل الحلول التي تحتاج إليها تلك الدولة. ينبغي القيام بعدد من الاستثمارات الأساسية قبل أن تصبح تقنية البلوكتشين ذات قيمة للمواطنين. ينبغي التفكير في ماهية المشاكل التي بإمكان التقنية حلها. فعندما تنظر إلى مشاكل إدارة الأراضي، ستجد أن التقنيات الأقل تعقيداً (مثل الهواتف الذكية المدعومة بنظام تحديد المواقع أو الطائرات بدون طيار) قادرة على حل المشكلات بشكل أسرع وأقل تكلفة، وقد تمهد الطريق لتقنيات أكثر تعقيداً مثل تقنية البلوكتشين.

هل هناك تكاليف اقتصادية من شأنها أن تحول دون الاستخدام الفعال لتقنية البلوكتشين؟

أنفقت أو تنفق العديد من الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط بالفعل أموالاً طائلة على تحديث أنظمة تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها، ولاسيما في مجال أنظمة معلومات الأراضي. لا يمكننا التغاضي عن تلك الاستثمارات بسبب تغير التقنيات. فهل سيترك الجميع تقنية البلوكتشين الآن بعد ظهور اتجاه الحوسبة الكمومية؟ لا ينصح بالاستغناء عن الأنظمة بمجرد ظهور ألعاب جديدة في السوق.

ينبغي أن نفهم لماذا نحن مهتمين بتقنية البلوكتشين، وما هي القيمة التي تضيفها تلك التقنية، ثم أن نفكر إذا كانت هناك حاجة لتأسيس نظام جديد بالكامل. يمكن استخدام بعض المزايا المحددة لتقنية البلوكتشين بدون الحاجة إلى استحداث نظام جديد بالكامل. فقد نفذت مدينة دبي على سبيل المثال طبقة معاملات قائمة على تقنية البلوكتشين للتعامل مع المعاملات الواردة وتأسيس أرشيف. ويعتبر هذا الأسلوب في اختبار التقنيات أكثر ذكاءاً وأقل تكلفة، ورؤية كيف يساعدهم ثم تعميمه بعد ذلك.

ما هي نصائح البنك الدولي بشأن تطبيق تقنية البلوكتشين في تسجيل الأراضي؟

إن البلوكتشين تقنية ناشئة، ونحن نعتمد على أدلة قيمتها لاختبار مدى قابليتها للبقاء والاستمرار. لقد تعاون فريقنا مع مجموعة مختبر التكنولوجيا والإبداع في البنك الدولي في ثلاثة حالات استخدام عامة، بما في ذلك التسجيل الأولي للعنوان، وتحويل الملكية والتسجيل، والتي نتوقع أن تحتاجها معظم الدول التي تفكر في تطبيق تقنية البلوكتشين. ولكنها تمثل أدلة في بيئات اختبارية معزولة. وفي هذه المرحلة، نركز على المشاكل التنظيمية والقانونية خارج إطار الشبكة لنرى إذا كانت التقنية مناسبة. فإن تطبيق التقنية مع غياب الإستراتيجية لن يحل المشكلة. كما أجرينا عمليات إثبات قيمة في مجالات أخرى تشمل المناخ والمالية والصحة والتعليم.

ما هي المشاكل المستمرة التي تتعلق بأنظمة تسجيل الأراضي الحالية؟

ظهرت مشكلة الأمن السيبراني وسوف تستمر في النمو مع اتجاه الدول إلى التحول الرقمي. هناك تقارير تفيد بحدوث عبث في السجلات في بعض الدول وأعتقد أن تقنية البلوكتشين قد تمثل حلاً جذاباً في تلك الحالة. وعلى الرغم من أهمية السياق في مجال إدارة الأراضي. لا تستطيع تقنية البلوكتشين الحد من البحث عن الريع داخل النظام، ولذلك من المهم التفكير في الاقتصاد السياسي الأوسع.

إذا كانت إحدى الدول لا تعترف بحق أحد الأفراد في تملك الأراضي، هل سيغير امتلاكه وثيقة قانونية من هذه الثقافة؟

يطرح هذا السؤال نقطة مهمة. أتوخى دائماً الحذر من القول بأن التقنية تمثل الحل في حين أنها تمثل أداة أو جزء من الحل. ينبغي أن تخدم التقنية السياسة العامة، وليس العكس. وتعتبر تقنية البلوكتشين مثالاً على ذلك. لا يعني بالضرورة امتلاك أحد الأفراد ورقة تقول إنه يملك قطعة من الأرض أنها تضمن له تلك الحقوق. ولذلك أعتقد أن وظيفة التقنية تكمن في جعل تلك الحقوق أكثر شفافية ولكن جوهر المشكلة ليس تقنياً. المشكلة أكبر من ذلك، ولا ينبغي خلط الأمور والاعتقاد بأن التقنية يمكنها أن تقدم حلاَ لتلك المشكلة.

كيف يمكن أن تكون تقنية البلوكتشين مثل المثلجات؟

أرادت العديد من الدول منذ بضع سنوات أن تكون مستعدة لتقنية البلوكتشين بحلول العام 2020. اعتقدت أنه هدف طموح وربما غير واقعي نظراً للمناخ الاجتماعي والجاهزية المعلوماتية. ولكن في الوقت ذاته، اعتقدت أن تقنية البلوكتشين تقوم بدور قوي في دفع الناس للتفكير في المشاكل النظامية والمعلوماتية التي لم تكن ضمن أولوياتهم من قبل. وتمثلت المزحة في أن تقنية البلوكتشين هي نكهة المثلجات التي دفعت الناس لأكل البروكولي.

وعندما سألوا عن كيفية الإعداد لتقنية البلوكتشين بحلول العام 2020، جلسنا وقلنا “لنتحدث إذن عن أنظمتنا، لنتحدث عن الدقة، لنتحدث عن مستويات واحتياجات التحول الرقمي”. أعتقد أن تقنية البلوكتشين ليست حلاً ولكنها سمحت بالحديث، ولو باقتضاب، عن مشاكل البنية التحتية المهمة وعن الظروف البيئية، وسمحت بحوار أوسع بشأن أهمية وجود رؤية إستراتيجية أكبر.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.