أيمكن لعملة مُشفَّرة إسلامية مساعدة العالم الإسلامي على الخلاص من الهيمنة الإقتصادية الأميركية؟ قد تكون واحدة في الطريق، إذا ما استطاع الرئيس الإيراني حسن روحاني إقناع باقي قادة البلدان الإسلامية بالمشاركة في الجهود.
إذ حث الرئيس روحاني القادة المجتمعين في قمة كوالالمبور، بالعاصمة الماليزية الخميس 19 ديسمبر/ كانون الأول، على أخذ زمام المبادرة، مُخبراً إياهم أنَّ البلدان الإسلامية عليها التعاون سوياً لتحفيز وترسيخ العلاقات التجارية فيما بينها بتصميم عملة مُشفَّرة إسلامية، ضمن خطوات أُخرى. وجمعت القمة ممثلين عن 52 دولة.
قال روحاني، “يجب على العالم الإسلامي اتخاذ التدابير اللازمة لإنقاذ نفسه من هيمنة الدولار الأميركي وبراثن النظام المالي الأميركي”.
وجادل الرئيس الإيراني بأنَّ المخاطر المتزايدة للفقر، والفساد الحكومي والتطرف المواجهة للبلدان الإسلامية، تعطي الولايات المتحدة الأميركية والبلدان الأوروبية الأُخرى ذرائع مستمرة للتدخل بشئون البلدان ذات الأغلبية المُسلمة.
لهذا يعتقد روحاني أن التعاون وتحسين العلاقات التجارية بين هذه البلدان سيضمن الحفاظ على نطاق نفوذها. وبناءًا عليه، نادى الرئيس الإيراني بتدشين “صندوق تمويل مشترك” و”مركز أبحاث مشترك” لتتمكن البلدان الإسلامية من التعاون تقنياً بصورة أكثر فاعلية.
أهذا انسلاخ جغرافي سياسي؟
بالطبع ليست رغبة إيران بحشد الدعم للهروب من قبضة القوة الأميركية الاقتصادية بمفاجأة.
إذ قطعت الولايات المتحدة الأميركية والدولة الإسلامية الإيرانية العلاقات الدبلوماسية الرسمية منذ عام 1980. إضافة لذلك، أعلن المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي رسمياً عدم شرعية فتح قنوات اتصال مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية.
من الجدير بالذكر أنَّ الولايات المتحدة الأميركية فرضت حظراً اقتصادياً على إيران منذ منتصف التسعينات، علما أنَّ العقوبات عُلِّقت في عام 2016 كجزء من الاتفاقية الدبلوماسية التي وقعتها إيران لتقليص برنامجها النووي. إلا أنَّ إدارة الرئيس الأميركي ترامب أعادت فرض تلك العقوبات بعد سنتين، وتحاول إيران بشتى الطرق تفادي وقع الصراع الإقتصادي منذ ذلك الحين.
ودارت أخبار، خلال الأشهر الأخيرة، عن نظر القيادة الإيرانية في استخدام العملات المُشفَّرة لتخفيف إثر العقوبات الإقتصادية. وإنَّ كانت تعليقات الرئيس روحاني أوضح وأدل مؤشر على دراسة إيران للاقتراح جدياً، ونيتها على إجراء المزيد من الأبحاث المتعلقة.
نظرياً، إذا ما تَحوَّل مُقترح روحاني لعملة مُشفَّرة إسلامية إلى واقع، وحظت بتبني واسع وسط البلدان الإسلامية، فستتسبب في ردة فعل سياسية في العاصمة واشنطن أكبر بمراحل مما أثاره توكن البترو (PTR) الفنزويلي، والمدعوم بسعر النفط، مؤخراً.
علينا أنَّ ننتظر لنعرف ماذا سيحدث لاحقاً لمقترح روحاني، ولكن من الواضح بإلقاء نظرة أوسع أنَّ هناك اتجاهاً جغرافياً سياسياً متنامياً نحو إيقاف التعامل بالدولار على الساحة العالمية، والعملات المُشفَّرة لها دور جوهري في ذلك.
سيادة توكنية
كشفت مجموعة دول بريكس BRICS، الشهر الماضي، مشاركتها في مناقشات مبدئية لتطوير عملة مُشفَّرة مشتركة يمكن استخدامها للتجارة بين مجموعة الدول الأعضاء، وهي الصين، وروسيا، والهند، والبرازيل وجنوب إفريقيا.
وهذه الخطوة أحدث جهود تنقيب كلاً من روسيا والصين عن طرق للهروب من، أو على الأقل تحجيم، ثِقَل الدولار الأميركي في شؤونها.
فعلى سبيل المثال، قدَّمَ مسئولون روسيون نافذون عدة مقترحات لعملة مُشفَّرة حكومية خلال الأونة الأخيرة، جميعها استناداً إلى خلفية المساهمة في تجاوز العقوبات الأميركية.
إذ صَرَّحَ إيغور يوسفوف، وزير الطاقة الروسي السابق الخريف الماضي، قائلاً، “ستمكن العملة المُشفَّرة المدعومة بالنفط الدول المنتجة للنفط من تفادي أي قيود مالية وتجارية، والتي أصبحت متطرفة في السنوات الأخيرة”.
وكانت الآراء مشابهة في الصين، مع تصنيف أبرز المصرفيين الحكوميين الصينين لجهود الدولة المستمرة لتصميم اليوان الرقمي بأنَّها متمركزة حول ضمان السيادة الاقتصادية للصين.
قال تشانغشون مو، الرئيس الحالي لمركز أبحاث ديجيتال كارنسي Digital Currency Research Lab والممول حكومياً، سابقاً إنَّ “اليوان الرقمي هدفه حماية سيادتنا النقدية ووضع عملتنا كعملة قانونية”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.