نك زابو هو أسطورة بفضاء العملات المُشفَّرة، ولأسباب وجيهة. أهمها مساهماته في تطوير البتكوين (BTC)، ومراسلاته المُبكرة كناشط مُدافع عن الخصوصية وإسهاماته المؤثرة المستمرة في الدوائر الاقتصادية، والفلسفية، والسياسية ومجتمع العملات المُشفَّرة. ولكن ربما الأكثر جذباً للاهتمام هي الحقائق الآسرة من ماضيه وحاضره، التي يمكن تأويلها بأنَّه حقاً ساتوشي ناكاموتو مُبتكر البتكوين. 

خلفية غامضة 

عَمَّلَ نك زابو على تطوير عملة مُشفَّرة باسم البت غولد قبل خروج البتكوين كما نعرفها إلى الوجود. ويصف نك نفسه بأنَّه “رائد بمجالات البلوكتشين، والعملات المُشفَّرة والعقود الذكية”، وتواصل عالم الحواسيب الآلية، والباحث القانوني القادم من الساحل الغربي الأميركي، بانتظام مع الرواد المُبكرين بمجالي التشفير الحديث وحماية الخصوصية بالتشفير مثل هال فيني ووي داي. علماً بأنَّ داي، خريج جامعة واشنطن في علوم الحواسيب أيضاً، معروف بمحاولاته لتصميم عملة مُشفَّرة، باسم بي موني b-money، قبل ظهور البتكوين. 

قصة زابو ليست مؤرخة كفاية، مقارنة ببقية الشخصيات المحورية في نشأة البتكوين. ولعبت بعض من تلك الفجوات التاريخية والمعلوماتية، عند النظر إليها اقتراناً بالحقائق الدامغة الأُخرى، دوراً في إعطاء مصداقية لنظرية أنَّ زابو قد يكون بالفعل ساتوشي. 

قصص مشوقة عن زابو 

بت غولد

نشر زابو منشور على مدونته الشخصية المُعنونة أن إنيوميراتد Unenumerated، في ديسمبر/ كانون الأول عام 2005، يصف فيه تصوره لعملة مُشفَّرة غير عرضة لتأثيرات الأطراف الثالثة، وجاء في نص المنشور، “المشكلة، باختصار، هي اعتماد قيمة أموالنا على الثقة في أطراف ثالثة. وهذا ليس بالوضع المثالي، كما برهنت الحوادث التضخمية المتعددة خلال القرن العشرين”. وهنا يتضح اهتمام زابو بنقاط الضعف المتأصلة في الأنظمة النقدية المركزية. 

ويستكمل وصفه للبروتوكول المُقترح بالتفصيل قائلاً، “يعتمد اقتراحي لبت غولد على حوسبة سلسلة من البتات الناتجة عن سلسلة من البتات المتَّحديِّة، باستخدام وظائف متعددة مثل أحجية العميل client puzzle، وإثبات العمل (PoW) والمعيار المرجعي الآمن secure benchmark”. 

ثم يستشهد زابو بنظام إثباتات العمل مُعادة الاستخدام (RPoW) الخاص بفيني، بعدما ينتهي من شرح كيفية استخدام بيت غولد لـ”سلسلة غير قابلة للتزوير”، ويختتم منشوره بتكرار التأكيد على الحاجة الملحة لنقود منيعة أمام آثار التضخم. يصعب تجاهل التشابهات بين حديثه و المفاهيم المُوضحة في الورقة البيضاء لعملة البتكوين. دون ذكر الرسالة المعادية للأنظمة المصرفية المركزية المُشفَّرة داخل بلوك تكوين العملة، والتي يمكن سماع أصدائها في مخاوف زابو حول التضخم والثقة في الأطراف الثالثة. فزابو يعرف الكثير عن خطورة الحكومات، إذ اختبر والده أهوال النظام الشيوعي العنيف في خمسينات القرن الماضي. 

تواريخ مُعدَّلة ولا أثر لرسائل إلكترونية من ساتوشي

بينما يُشير تاريخ نشر منشور المدونة سابق الذكر، عن بيت غولد، إلى السبت 27 ديسمبر/ كانون الأول عام 2008، إلا أنَّه في الواقع نُشرَ في عام 2005. وتعديل نك لتاريخ النشر مصدر للكثير من البلبلة والتخمينات. علاوة على ذلك، يبدو أنَّ الختم الزمني للتعليقات عُدِّلَ ليبين التوقيتات فقط، وليس التواريخ. 

ويؤكد الرابط الثابت للمنشور، إضافة إلى أدلة قوية أُخرى، نشره في عام 2005، ولكن ليست هناك أي تفسيرات لتصرف زابو. خمن البعض أنَّه لم يرد لمنشوره عن بيت غولد سبق نشر الورقة البيضاء للبتكوين، في محاولة لإخفاء هويته. والأكثر من هذا، ليس هناك أي ذكر لبيت غولد في الورقة البيضاء، رغم الإشارة إلى عملة وي داي، بي موني، ومزاعم إخبار داي ساتوشي عنها في رسالة إلكترونية. ويزعم مُنتقدو تلك النظرية أنَّ زابو وساتوشي ببساطة لم يكونا على معرفة ببعضهما البعض أو/و بالمشاريع الخاصة بكل منهما. 

ومن الجدير بالذكر، أيضاً، أنَّه ليست هناك مراسلات إلكترونية معروفة بين زابو وساتوشي رغم معرفة ساتوشي المُفترضة ببيت غولد، ونشر هال فيني، ووي داي وآخرين مراسلاتهم مع ساتوشي على الملأ

صمت نسبي بعد إطلاق البتكوين، وفيديو غريب 

كان من المتوقع أنَّ يسارع زابو إلى مدونته لمناقشة مشروع البتكوين فوراً بعد تعدين أول بلوك للعملة يوم السبت 3 يناير/ كانون الثاني عام 2009. ولكنه في الواقع لم يأت على ذكرها إلا في منشور مُعنون “حكومة مقاومة للكذب” بتاريخ الخميس 7 مايو/ أيار من نفس العام. ويُلاحظ أنَّ نشاط زابو التدويني تراجع بحدة بنهاية عام 2009، إذ انخفض مما تجاوز 25 منشور في العام إلى تحديثات قليلة سنوياً. 

ولكن ربما الفيديو المُدمج الغريب المنشور في نفس شهر انطلاقة البتكوين هو الأكثر إثارة للتساؤلات. يُظهر الفيديو سيارات تحاول تخطي الضوء الأحمر وخداع آلية لمراقبة المرور، بينما يقول التعليق المُصاحب للفيديو “محاولة خداع البروتوكول ستقودك إلى المتاعب”. يعتقد الكثيرون أنَّ المنشور إشارة إلى حل البتكوين لمشكلة الإنفاق المزدوج، التي أمضى علماء التشفير ومناصرو العملات المُشفَّرة سنوات لحلها، وتمكن بروتوكول ساتوشي من معالجتها بنجاح أخيراً. 

الزلة الفرويدية

تلجلج زابو أثناء حديثه، خلال مقابلة ببرنامج ذا تيم فيريس شو في عام 2017، وأوشك على تعريف نفسه كمُبتكر البتكوين. لم تفت الزلة على متابعي زابو، وافترضوا أنَّها اعتراف غير واعي بالحقيقة. فعندما سئل المضيف تيم فيريس زابو عن البلوكات الأكبر وحلول الطبقات الثانية، أجاب زابو قائلاً، “أنا أُفضل بالتأكيد بروتوكولات الطبقة الثانية، إذ صممت البيتكو.. غولد بطبقتين”. الهفوة اللغوية قد لا تكون أكثر من حادثة دون معنى، أو قد تكون دليلاً على ما هو أعمق. وقد لا يعرف فضاء العملات المُشفَّرة أبداً الإجابة. 

علما يدل الاسم؟ 

زابو من أصول هنغارية، وكثيراً ما أشار إلى أنَّ نسبه من أسباب اتجاهه إلى فضاء العملات المُشفَّرة، بحثاً عن حلول أقل عنفاً للأموال. وصَرَّحَ زابو خلال مقابلة في عام 2018، “حارب والدي في الثورة الهنغارية ضد الاتحاد السوفيتي عام 1956، ولديه، مثل العديد من الهاربين الآخرين من المجتمعات الشيوعية، الكثير من القصص المرعبة عن أهوال القمع. لذا إذا ما ولدت ونشأت حصراً في الولايات المتحدة الأميركية، ربما لا تعرف الكثير عن احتمالات القمع الحكومي”. 


كثيراً ما يُستشهد برسالة إلكترونية من ساتوشي إلى هال فيني، يُعلق فيها مُبتكر البتكوين أنَّه وَلَدَ عنواناً اعتباطياً باستخدام الأحرف الأولية من إسمه “إن إس”. وبينما يعتقد البعض أنَّ هذه الأحرف الأولية ببساطة إشارة إلى “ناكاموتو ساتوشي”، بحيث يُذكر اسم العائلة أولاً حِسبَ التقاليد اليابانية، كما فصل موقع بتكوين نيوز news.Bitcoin.com في مقال سابق من هذه السلسلة، يعتقد آخرون أنَّ الأحرف الأولية تُشير إلى نك زابو. وكثيراً ما يغفل ذكر أنَّ الأسماء الهنغارية تتبع النظام الشرقي للتسمية

اللغز يستمر

أفاد هال فيني في تدوينته على منتدى بتكوين توك bitcointalk.org بعام 2013، “أثارت مخططات المدفوعات المُشفَّرة اهتمامي لفترة طويلة. ثم سنحت لي فرصة مراسلة والالتقاء بكلاً من وي داي ونك زابو لحسن حظي، وكلاً منهما مُعترف به على نطاق واسع كمُبتكر لمفاهيم حققتها البتكوين لاحقاً”. من الغريب أنَّ هذا الاقرار العام لم يصل إلى ناكاموتو قبل ابتكار البتكوين أو كتابة الورقة البيضاء، أو على الأقل لم يكن هاماً كفاية لتبرير ذِكره لزابو. وتستمر محاولات العثور على الشخص أو مجموعة الأفراد المعروفين كساتوشي ناكاموتو على كل حال، وما زال زابو محط للتخمينات الآسرة للانتباه. 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.