أنتوني باك، صحفي مهتم بالتكنولوجيات المستقبلية.

بدأ الكاتب العمل في تكنولوجيا البلوكتشين في أواخر عام 2015، بعد قضائه لبضع سنوات في تحليل وبحث الشركات التكنولوجيا في إسرائيل وشركات الاستثمار هناك. استمع الكاتب لعدد مهول من العروض من الخبراء الذين عرضوا خبراتهم على الشركات الناشئة لكي يتسنى لهم النجاح. كما استمع الكاتب لعدد لا لا يمكن حصره من عروض الشركات الناشئة، وتحدث مع مؤسسي تلك الشركات من كل دول العالم، وقرأ العديد من الأوراق البيضاء. أمده كل ذلك بخبرة واسعة في المجال.

تقع الكثير من الشركات الناشئة في خطأ كبير، وهو خطأ عادةً ما تتجاهله تلك الشركات مع أنه أحد أهم أسباب فشل معظم الشركات الناشئة.

ولا يقتصر ظهور ذلك السبب على الشركات الناشئة العاملة في مجال البلوكتشين والعملات المشفرة فحسب، إلا أنه يبرز في تلك الصناعات بشكل خاص. الخطأ هو عدم تحديد تحدي معين في البداية، ثم تقديم الحل بعد ذلك.

يبدو الأمر بديهياً بدرجة كبيرة، إلا أن كثير من رواد الأعمال يبدأون بإنشاء حلول مبنية على البلوكتشين أو العملات المشفرة دون أن يعرفوا إذا ما كان ذلك الحل له قابلية تجارية.

وينبع ذلك التفكير العكسي في المسألة من عاملين أساسيين. الشركات الناشئة ستبقى شركات ناشئة. وهي، بحكم التعريف، شركات صغيرة لا تملك الكثير من الخبرة. تركز تلك الشركات على الأجزاء المثيرة للاهتمام من رحلة الشركات الناشئة، على المجد، وعلى الصورة الكبيرة، إلى درجة إهمال التفاصيل الدقيقة المتعلقة بعملهم.

كما ساهم الضجيج المحيط بمشاريع البلوكتشين والعملات المشفرة في استفحال الأمر. إذ سيطر على الكثير من المستثمرين الخوف من أن تفوتهم الفرصة، وهو الأمر الذي دفعهم إلى إنفاق الملايين من الدولارات على أي شيء يحمل اسم البلوكتشين. وهو ما أرسل رسالة قوية إلى الشركات الناشئة: عليكم باستخدام تكنولوجيا البلوكتشين مهما تكلف الأمر، وفكروا في التفاصيل فيما بعد. كان المستثمرون من أهم الأسباب وراء سيادة المنطق “الحل أولاً، التحدي التجاري ثانياً” في عالم الشركات الناشئة.

تحسنت الأمور بعض الشيء بعد شتاء العملات المشفرة في عام 2018. أصبح المستثمرون ورواد الأعمال أكثر حذراً وتمحيصاً ناحية تكنولوجيا البلوكتشين وتطبيقاته الحياتية. إلا أن العقليات القديمة لا تزال موجودة، وبخاصة لدى رواد الأعمال الجدد، لذا فإن المقالة تقترح مقاربة جديدة، لا تضمن النجاح، إلا أنه من الممكن استخدامها كمرساة لمنع مؤسسي الشركات الناشئة من الانجراف بعيداً والاصطدام بالصخور.

مقاربة ماب MAP

تشير كلمة MAP إلى ثلاث كلمات، M تعني ضبط النفس (measured) وA تعني لا أدرية (agnostic) وP تعني البراغماتية (Pragmatic). تهدف تلك المقاربة إلى مساعدة الشركات الناشئة على التفكير قبل الاندفاع نحو بناء حل لا يحتاجه أحد.

ضبط النفس

يعني ضبط النفس التحكم في الاستثارة الزائدة والتركيز على التفاصيل. إذ يعني التحرك بدرجة أبطأ، واتخاذ القرارات بشكل أكثر تروٍ بدلاً من القرارات المتسرعة، والصبر بدلاً من الاندفاع. يبدأ ضبط النفس بإيجاد وفهم تحدي يواجهه المستخدمين. ويتطلب الأمر الكثير من البحث والذي ينضوي تحته مقابلة الأفراد والشركات المتأثرين بالمشكلة موضع البحث. كما يتعلق ضبط النفس بالبحث عن أسباب ذلك التحدي، وما إذا كان هناك طلب حقيقي لإيجاد حل له، وإذا كان هناك سوق كافي لهذا الحل. تتضمن هذه النقطة الأسئلة التالية:

– ما المشكلة التي تحاول حلها؟

– هل هناك حلول متوافرة بالفعل؟ ما الذي يمكنك تعلمه من تلك الحلول؟

– ما حجم السوق؟

– ما حجم التمويل الذي قد أحتاجه للبدء؟

اللاأدرية

قد يكون من المغري أن تستخدم تكنولوجيات يتكلم عنها الجميع مثل البلوكتشين والذكاء الاصطناعي، إلا أن تقرير نوع التكنولوجيا المستخدم منذ البداية قد يقود إلى كارثة. تحتاج الشركات الناشئة أن تكون لا أدرية بخصوص التكنولوجيا التي ستستخدمها عند بناءها للمنتج أو الخدمة التي ستقدمها. يعني ذلك وضع مشاعرك ناحية تلك التكنولوجيات جانباً لكي تقدر على أن تقرر بشكل موضوعي وأن تحدد منافع ومساوئ تلك التكنولوجيات. بتجاهلك لتكنولوجيات أكثر نضجاً وأكثر ملائمة للحل الذي تقدمه، فإنك تضع شركتك على أول طريق الفشل. يجب أن تؤخذ التكنولوجيا في الاعتبار بناءاً على قدرتها على حل التحدي الذي قمت بدراسته.

يمكن تلخيص الأمر بالشكل التالي: لا يجب أن تقرر التكنولوجيا التي سيقع عليها اختيارك كيفية حل المشكلة، بالعكس، يجب أن تقودك المشكلة بنفسها نحو تكنولوجيا بعينها.تتضمن هذه النقطة الأسئلة التالية:

– ما التكنولوجيات التي تقدر على حل المشكلة التي حددتها؟

– ما منافع ومساوئ كل تكنولوجيا منهم؟ ما أفضلية كل تكنولوجيا منهم مقارنة بالأخرى؟ ما التكنولوجيا التي تخلق أكبر قيمة؟

– هل هناك تكنولوجيات ناضجة وجاهزة للاستخدام؟ لِمَ لا تستعملهم؟

البراغماتية

يتوجب على الشركات الناشئة أن تتخذ مقاربة براغماتية عند تقييمها لقابلية التطوير والتنفيذ الحقيقي للحل الخاص بهم. ببساطة، من المهم التأكد أن الحل الذي قمت باختياره يمكن بناؤه وتنفيذه. (لخطوة التنفيذ أهمية أكبر بالنسبة للشركات الناشئة التي تقدم خدماتها إلى الشركات وليس الأفراد).

لنأخذ حلاً مبنياً على البلوكتشين كمثال. من الممكن أن يكون اختيار البلوكتشين مناسباً لحل المشكلة التي حددتها، إلا أن ذلك ليس كافياً، فهناك مسائل أخرى يجب وضعها في الاعتبار. يعني اتخاذ مقاربة براغماتية دراسة حدود تلك التكنولوجيا فيما يتعلق بتطويرها وتنفيذها في الواقع.

للبلوكتشين عدة حدود مثل القابلية للتوسع، والنظام الإيكولوجي المحدود للبرمجة. كيف ستؤثر تلك العوامل على قابلية التنفيذ للحل الخاص بك؟

كما أن هناك صعاب أخرى متعلقة بدمج البلوكتشين بالأنظمة القديمة، بالإضافة إلى المسائل المتعلقة بالخصوصية. بالإضافة لذلك، فإن استخدام تكنولوجيا البلوكتشين يصحب معاه مشاكل إضافية متعلقة بالتكلفة المرتفعة للتنصيب وتأخر الأطر التنظيمية، نهايةً بصعوبة توظيف مطوري بلوكتشين أكفاء، إذ يتقاضون أجوراً مرتفعة ويصعب العثور عليهم.

ملخص تلك النقطة أن التكنولوجيا التي ستقوم باختيارها لا يتوجب عليها حل المشكلة التي حددتها فحسب، بل يجب أن تكون قابلة للتطوير والتنفيذ بدون مشاكل كبيرة. تتضمن هذه النقطة تلك الأسئلة:

– ما المصاعب التطويرية التي قد تطرأ في المستقبل القريب؟

– ما تكلفة تطوير ذلك الحل؟

– هل تملك المعرفة والمهارات اللازمة لتطوير ذلك الحل؟ إذا كانت الإجابة بلا، كيف ستحصل عليهما؟

– ما المصاعب التي قد تطرأ أثناء التنفيذ؟ هل يمكن تلافيهم أو التغلب عليهم؟ ما الوقت الذي سيستغرقه التنفيذ؟

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.