حصل مواطن أسترالي الجنسية يعيش في مدينة بولدر بولاية كولورادو الأميركية على عقوبة بالسجن مدتها سنة ويوم واحد الشهر الماضي، أغسطس/آب 2019، بتهمة تداول عملات بتكوين (BTC). يُذكر أنَّه في يوم 23 أغسطس/آب 2019، صدر بيان عن مكتب المدعي العام بولاية كولورادو الأميركية ذكر أنَّ إيميليو تستا (32 عاماً) متهم بممارسة غسل الأموال، وزعم أنَّ تستا كان على علم بأنَّ الأموال التي يكسبها قد استُخدمت سابقاً في صفقات لتجارة المخدرات. ومع أنَّ السبب الذي ذكره تستا لممارسته التداول كان أنَّه “فضَّل عدم الاستعانة بالبنوك وعدم التعامل مع الضرائب”، دون الإتيان على ذكر نوع “المخدرات”، فقد ألصق إليه المدعي العام تهماً بارتكاب جرائم أكثر خطورةً رغم ذلك؛ في ما يُعد نمطاً ناشئاً متمثل في استهداف المتداولين بعملة البتكوين، وفي الوقت نفسه التهاون مع المجرمين الكبار، على غرار البنوك والحكومات وشركات الأدوية.
نمط من اختلاق القضايا
تستا ليس الوحيد الذي يمرَّ بهذه الورطة: كما نشر قسم الأخبار من موقع بتكوين نيوز news.Bitcoin.com في تقريره الشهر الماضي، أغسطس/آب 2019، ثمة احتمال بأنَّ يواجه ويليام غرين من ولاية نيو جيرسي (42 عاماً) عقوبة مشابهة بالسجن خمس سنوات وغرامة قدرها 250,000 ألف دولار أميركي. كذلك، فإنَّ أحد هواة البتكوين ورب الأسرة، جيسون كلاين، قد نجا بأعجوبة من السجن لمدة خمس سنوات هو الآخر، واضطر لتسديد غرامة قدرها 10,000 دولار أميركي، بعد أن انتحل عميلان سريان صفة متداولين ودودين بالبتكوين، وخدعاه بأنَّ جعلاه يبيع مبالغ أكبر فأكبر، واستعانا بكلمات رمزية تُستخدم في وصف المخدرات لم يفهمها كلاين.
يبدو أنَّه حين يتعلق الأمر بعقد الصفقات خارج منصات التداول (OTC) والتداول بنظام النظير إلى النظير هذه الأيام، فلا أحد بمأمن! فكما أتى في نص البيان الصحفي ذي اللهجة المنذرة الصادر عن المدعي العام، صرَّح المدعي العام الأميركي، جيسون دن، مهدداً: “أتحاولون إخفاء عائدات العمليات الإجرامية في البتكوين؟ سوف نجدكم!”
بينما يصرَّح ستيفن كاغن، العميل الخاص المسؤول لدى مباحث الأمن الداخلي الأميركية HSI بمدينة دنفر، قائلاً: “ربما يكون المجرمون متطورين بدرجة كافية كي يستخدموا العملات المشفَّرة، ولكنَّهم ليسوا أذكياء بما يكفي للبقاء خارج السجن، كما تثبت لنا هذه الإدانة”.
ما هو تعريف المجرم؟
مع أنَّ تقرير المدعي العام يذكر أنَّ تستا “وافق على تداول البتكوين مقابل عائدات المخدرات” وأنَّ ذلك تم “مع فهمهم بأنَّ المعاملة سوف تخفي أو تتستر على طبيعة.. المال”، فإنَّه فشل في تفصيل ما ذُكر تحديداً، بالإضافة إلى المسألة المتعلقة بنوع المخدرات. تجدر الإشارة إلى أنَّ التعريف القانوني للمصطلح (أي “المخدرات”) واسع ومبهم إلى حد خطير، ويشمل تاريخياً أي شيء، من نباتات القنب إلى الهيروين والكراك كوكايين. وحسبما يزعم موقع دراغ ليبراري Druglibrary.org، هناك ثلاثة أسباب رئيسية وراء هذا الإبهام، حيث أنَّه، طبياً واشتقاقياً، مصطلح “المخدر” يعني، بوضوح أكثر، مادة لها أثر منوَّم. هذه الأسباب الثلاثة هي كالآتي: “أحد تلك الأسباب هو أنَّهم يجهلون حقاً بشأن تلك العقاقير وبآثارها… السبب الثاني هو أنَّ كلمة “مخدر” تبدو خطيرة وتجعل العناوين الرئيسية جذابة للجمهور… السبب الثالث هي أنَّها تطمس الخط الفاصل بين عقاقير مثل الماريغوانا والهيروين؛ فلا يمكن للشرطة أن تحصل على كثير من الفضل فقط لأنَّها ألقت القبض على شخص بحوزته أوقية (28.34 غرام) من الحشيش، لذلك يسمونها “مداهمة لوكر مخدرات””.
بمراعاة كل ما سبق، فسواءً مارس إيميليو تستا عمداً غسل الأموال لصالح من ظن أنَّهم من كبار تجَّار المخدرات أم فقط باع بعض عملات البتكوين لشخصين كان يتحدثان عرضياً عن الكوكايين والحشيش، هو أمر لم نتبينه بعد. إلى جانب أنَّ بيان المدعي العام حذف مقدار المبلغ المالي المتضمن في القضية.
رجل يمتلك كشكاً لبيع وشراء البتكوين يقرَّ بجرمه، بينما يفلت البنتاغون بفعلته دون عقاب
وفي قضية تاجر المخدرات المتحقق من هويته كونال كالرا، المعروف للبعض باسم “كومار” أو “شيكلماين” أو “كوين مان” (رجل العملات)، كان كشك غير مرخص لبيع وشراء البتكوين جزءاً من عملية قال المدعى العام في ولاية كاليفورنيا إنَّها سهَّلت عمليات تداول بقيمة تصل إلى 25 مليون دولار أميركي لصالح المتهم البالغ من العمر 25 عاماً. تهم كالرا جاءت نتيجةً لشرائه عملات بتكوين بقيمة 400,000 دولار أميركي من عميل سري في مقهى بمدينة لوس أنجلوس يدير جهاز صراف آلي للبتكوين لا يتبَّع سياسة معرفة العملاء KYC ولا سياسة مكافحة غسل الأموال AML دون ترخيص، ويبيع “907 غرام تقريباً من الميثافيتامين إلى مسؤول تابع لقوات إنفاذ القانون يعمل بصورة متخفية مقابل مبلغ قدره 6,000 دولار أميركي”، وفقاً لما ورد في البيان الصحفي الصادر بتاريخ 23 أغسطس/آب الماضي.
مع أنَّ “شيكلماين” سيقضي عقوبة السجن عمَّا اقترفه من جرائم، لا يبدو أنَّ المسؤولين الحكوميين والبنوك المملوكة للدولة وشركات الأدوية الكبرى يواجهون وقتاً عصيباً إلى هذا الحد مطلقاً: إذ إنَّ طاغوت المجال الطبي، شركة جونسون آند جونسون Johnson & Johnson، لم تواجه سوى عقاباً بسيطاً للغاية يُقدر بـ572 مليون دولار أميركي فقط الأسبوع الماضي، الأسبوع الأخير من شهر أغسطس/آب 2019، لبيعها المواد الأفيونية بطريقة خادعة، ولن يواجه أي من مسؤوليها عقوبة السجن. بل وربما لن تضطر الشركة إلى دفع الغرامة حتى، إذا قُبل استئنافها! وفي وقت سابق من صيف العام الجاري، عُثر على سفينة شحن تابعة لوحدة إدارة الأصول ببنك جي بي مورغان تشايس JP Morgan Chase تتاجر بـ 15,000 ألف كيلو من الكوكايين. ولا تزال الشركة، بالطبع، تمارس أعمالها على أفضل ما يرام.
حتى المبالغ البسيطة تواجه العقوبات
بالعودة إلى موضوع تهم المخدرات في قضية تستا، كانت هناك عملية اعتقال أخرى حدثت في عام 2018 بسبب معاملة بتكوين تتضمن عائدات من بيع زيت الحشيش تُقدر بنحو 9,208 دولار أميركي. في هذه القضية، تعرَّض مورغان روكّونز للاعتقال من منزله على يد إدارة الأمن الوطني Department of Homeland Security بتهمة غسل الأموال وإدارة عملاً غير مرخص لتحويل الأموال. روكّونز موجود حالياً في سجن فيدرالي، لكنَّه سوف يخرج منه في غضون 21 أسبوعاً، حسبما جاء في تحديث عبر موقع تويتر Twitter نُشر بتاريخ 29 أغسطس/ آب قال فيه مورغان: “أهلاً بالعالم! يسعدني أن أعلن أنَّني سوف أعود للمنزل من السجن الفيدرالي في غضون 21 أسبوعاً. كم أتوق للعودة إلى العمل في مجال البتكوين بشركة بتكوين إنك inc_Bitcoin@ في مدينة لاس فيغاس”.
قد يكون صحيحاً أنَّ سماع خبر بيع أحدهم لمخدر الميثافيتامين Meth لعملاء سريين أمر يصعب التعاطف معه بالنسبة للغالبية العظمى من مالكي العملات المشفَّرة ومتداوليها والمتحمسين لها. بغض النظر، في حالة روكّونز، فإنَّ بيع مبلغ صغير نسبياً من البتكوين (آنذاك) لشخص يدَّعي أنَّه يبيع زيت الحشيش لا يكاد يبدو كجريمة جنائية مروَّعة؛ خصوصاً بالنظر إلى أنَّ مخدر القنب ليس خطيراً، بل وله قيمة علاجية. في كل الأحوال، فإنَّ الحكومة تبدو قلقة للغاية.
كيفية البقاء بمأمن خلال إجراء المعاملات بنظام النظير إلى النظير P2P
حين يتعلق الأمر بتداول العملات المشفَّرة، حتى إجراء المعاملات المالية مباشرةً مع دائرة أصدقاء موثوق بها، أو شبكة من المعارف على شبكة الإنترنت، تشكّل خطورة. ففي عديد من حملات إلقاء القبض على أعمال البتكوين المحلية من هذا النوع، يظن الأفراد المتداولون أنَّهم سوف يقابلون أشخاصاً عاديين آخرين يشاركونهم علاقتهم بالعملات المشفَّرة. واقع الأمر هو أنَّه صارت هناك حقيقة ثابتة بأنَّ العملاء السريين يترددون على منصات التداول الإلكترونية بنظام النظير إلى النظير، ويستهدفون المستخدمين المبتدئين. لذا لمن يحبون قوة البتكوين الحقيقية، المتمثلة في كونه عبارة عن تبادل فوري للقيمة مفتوح للجمهور برسوم منخفضة على سلسلة البلوكتشين، لا يمكن توخي الحذر بما فيه الكفاية، في ظل المناخ الحالي المتسم بالخديعة؛ إذ حتى أولئك الذين لا يرتكبون أي خطأ يجري استهدافهم بغض النظر من جانب حملة الحكومة المنافقة من أجل تأمين احتكارها للجريمة.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.