إذا كانت البلوكتشين الخاصة بليبرا مجرد عملية احتيال للحصول على البيانات المالية لمستخدميه، فإن الرابطة الأوروبية لا يرغب في الاشتراك فيها.
اتفقت كل من فرنسا وألمانيا على حظر العملة المشفرة ليبرا الخاصة بفيسبوك، بحسب إعلان وزارة المالية الفرنسية الأسبوع الماضي.
الخوف من العملات الرقمية
قالت فرنسا إنها ستحظر تطوير العملة الرقمية ليبرا الخاصة بفيسبوك في أوروبا لأنها تشكل تهديداً للسيادة المالية الخاصة بالحكومات.
وبينما تعتبر “السيادة المالية” سبباً مشروعاً للقلق، فإن الكثير من المختصين بالتشريع والمال لا يدركون أن الأمر لا يعدو كونه محاولة من كبار شركات العالم للاستيلاء على بياناتنا. ترغب الشركات التكنولوجية الكبيرة في الوصول إلى البيانات الحساسة مثل البيانات المالية والصحية.
وتعتبر ليبرا محاولة قائمة على البلوكتشين لجمع بيانات عن المعاملات لأغراض احتكار المدفوعات، وليس بهدف إنشاء عملة رقمية.
“السيادة المالية” مهددة بسبب العملات المشفرة المدعومة من جانب الشركات
سيكون لليبرا تأثير سلبي على البتكوين (BTC). فحتى مع اعتبار مناصري البتكوين أن عملة ليبرا فكرة جيدة، فإن ذلك بسبب أن الحكومات وصانعي السياسات أصيبوا بالاضطراب منذ إعلان فيسبوك عن العملة المشفرة ليبرا للعالم، وهو ما يهدد بظهور قوانين أكثر تشدداً تجاه العملات المشفرة والبتكوين.
وتنتقص محاولة الشركات التكنولوجية الكبرى لاستنساخ العملات المشفرة من مصداقية العملة المشفرة الأصلية وهي البتكوين بارتباطها بهم. ويعني وجود رابطة ليبرا، المكونة من شركات مختصة بتقديم الخدمات للشركات، أن العقد الخاصة بها ما هي إلا عمليات احتيال تبلغ تكلفتها 100 مليون دولار لكل عقدة. ومهما بلغت لامركزيتها، فإنها ستظل مملوكة لحفنة من أكبر الجهات المالية في العالم، وهو ما يجعل طبيعتها اللامركزية عديمة القيمة ومرتبطة بالأهواء الشخصية بدلاً من أصول حقيقية.
تواصل الابتكار في مجال البلوكتشين في عام 2019
وبينما تظهر حالات استخدام تجارية وصناعية ومؤسسية للبلوكتشين، فإن خط سير التشريعات المتعلقة بالبتكوين وليبرا قد تعني أن العملات البديلة ستظل في العصور المظلمة التكنولوجية في العقد القادم، الأمر الذي يعني أن البيئات الإيكولوجية مثل كونسينسس Consensys والإيثريوم (ETH) ستواجه صعوبات.
وأعلن عملاق التواصل الاجتماعي عن خطته بشأن العملة في يوليو/تموز الماضي، إلا أن المشروع قوبل بعدائية وريبة. إذ لم تتعامل فيسبوك، بوصفها شركة إعلامية، بشكل مسؤول مع تأثيرها على الخصوصية، والإعلام والديمقراطية، أو مع انتشار الأخبار المزيفة والحسابات المزيفة على الإنترنت.
هل ستضر الليبرا سمعة البتكوين؟
وتلقت العملات المشفرة ضربة أكبر لمصداقيتها بعدما أطلقت فيسبوك على عملة ليبرا الرقمية لقب “العملة المشفرة”.
وبينما تحاكي ليبرا، كوسيلة مدفوعات، بعض الخصائص التكنولوجية للعملات المشفرة، فإنها لا تعد بأي حال عملة مشفرة بحسب رأي الخبراء.
وفي بيان مشترك، أكدت حكومتا ألمانيا وفرنسا أنه لا يحق “لأي جهة خاصة أن تمتلك سلطة نقدية، باعتبار تلك السلطة حق سيادي للدول فقط”.
وقال وزير المالية الفرنسي، برونو لامير، يوم الخميس 12 سبتمبر/أيلول، أن العملة المشفرة الجديدة الخاصة بفيسبوك يجب ألا يسمح لها بالتواجد في أوروبا مع استمرار دواعي القلق المتعلقة بالسيادة والمخاطر المالية.
هل يمكن للتدقيق التشريعي أن يوقف ليبرا؟
من المرجح أن تسعى ليبرا للحصول على دعم جماعات الضغط في الولايات المتحدة، حيث يملك وادي السيليكون القوة لتقرير الأمور في عدة مسائل، حتّى مع وجود معارضة من مجلس النواب. لدى ليبرا العديد من شركاء المدفوعات، مثلما كان لديها شركاء إعلاميين. إذا ما نجحت ليبرا، سيقع شركائها تحت طائل “تأثير أمازون” وستسرق ليبرا أعمالهم لصالحها.
وقد يحتاج الرابطة الأوروبية إلى “يورو كوين” خاصة به على البلوكتشين لمجابهة تدفق العملات الرقمية الجديدة وانتشار الاستعمار الأميركي في صورة أدوات مدفوعات مشفرة اخترعها عمالقة الإعلانات في وادي السيليكون. يزداد الأمر سخفاً مع الوقت.
في الوقت الحالي، ومع وجود 28 شركة ضمن عضوية رابطة ليبرا، من ضمنهم شركات مثل فيزا، ماستركارد، بايبال، وأوبر، فإن ليبرا تهدف إلى الوصول إلى 100 شركة في العام المقبل. يمكن لليبرا مساعدة الأشخاص غير القادرين على الحصول على الخدمات البنكية، إلا أنها في نهاية المطاف ستهدد البنوك العالمية، والتشريعات المالية، والسيادة على العملة. كما يؤمن البعض بإمكانية تهديدها للدولار الأميركي نفسه كعملة التجارة العالمية المعتمدة.
وبغض النظر عمّا يمكن لليبرا أن تصبحه، فمن غير المرجح أن تسمح ليبرا للعقبات التنظيمية أن تعوق احتمالية تحقيق مليارات الدولارات. لا مشكلة في الوقت الحالي من منع ليبرا في ألمانيا وفرنسا، فالخطة الأساسية لليبرا أن تنتشر في البداية في الدول النامية.
خصخصة المال عن طريق رابطة أدوات المدفوعات
وقال السيد لومير، في معرض حديثه عن ليبرا في اجتماع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: “تشكل الخصخصة النهائية للمال خطراً متعلقاً بإساءة استعمال القوة، بالإضافة إلى خطرها على سيادة الدول وعلى المستهلكين والشركات”.
وتعي فرنسا جيداً ما يحاول وادي السيليكون فعله عن طريق امتلاكه التصميم الأساسي و”العملة الرقمية العالمية” الأساسية للعصر الحديث. يعد ذلك احتيالاً عن طريق العملات المشفرة ومن غير المعروف أين يمكن أن يقودنا. وترتاب ألمانيا أيضاً في الإمكانيات الاحتكارية لتلك التحركات.
لا شئ أكثر إثارة للريبة من البتكوين إلا ليبرا.
بين مطرقة وسندان القوى الكبرى في عصر العملات المشفرة
في الوقت الحالي، فإن الرابطة الأوروبية في موقف لا يحسد عليه، إذ تتضائل أهميته للاقتصاد العالمي عقداً بعد الآخر.
وتجاوبت اللجنة الأوروبية مع إعلان السيد لو مير، وقالت أنها ستدرس كل الجوانب المتعلقة بليبرا من أجل فهم المسائل الخاصة بالضرائب ونهاية بالمخاوف المتعلقة بخصوصية البيانات.
وفي الوقت نفسه، فإن تأثير الصين بشركاتها الجبارة يزداد قوة في أوروبا. وتأمل الولايات المتحدة أن تتغلب على الصين في مجال البلوكتشين والابتكارات المتعلقة بالعملات الرقمية.
ويبدو أن ليبرا لم تتحسب لحجم الاعتراضات التنظيمية عليها.
ومن المقرر لليبرا، المدعومة من قبل شركات مدفوعات مثل فيزا Visa وماستركارد Mastercard وتطبيقات المواصلات بالتعاقد الحر ليفت Lyft وأوبر Uber، أن تنطلق في عام 2020، إلا أنها قد تحظر في عدة أجزاء من العالم قبل ذلك التاريخ.
مافيا البلوكتشين آتية، وستكون ليبرا سعيدة بالتنافس على مقولة “التحرك سريعاً وكسر الأشياء” لكي تصبح الوسيط الخاص بمستقبل العملات الرقمية والمدفوعات عبر الإنترنت.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.