لا شك أنَّ المتحمسين للعملات المشفَّرة والشركات العاملة في القطاع قد اضطروا لتحمَّل الغموض التنظيمي لفترة ليست بالقصيرة: إذ إنَّ الرغبة القوية في الاستفادة من دخولهم وأرباحهم يرافقها جنباً إلى جنب فشل من جانب السُلطات والجهات التنظيمية في استيعاب طبيعة الأصول الرقمية اللامركزية كلياً، ناهيك عن مدى سخف ممانعتهم لتقنين شيء يريدون إخضاعه للضرائب على أي حال. وهناك أمثلة في البرتغال تبرهن على مدى صعوبة التيقن مما يدين به المتداولون والمستثمرون والشركات للدولة. لحسن الحظ، ضيق نطاق عمل التشريع الضريبي المحلي في البلاد يعني أنَّهم ملزمون بدفع ضرائب أقل من البلدان الأخرى.

إعفاء منصات تداول العملات المشفَّرة من ضريبة القيمة المضافة VAT وإعفاء أرباح التداول من الضرائب

هناك تقرير نشرته صحيفة الأعمال اليومية البرتغالية جورنال دى نيغوشيوس Jornal de Negócios، واستشهدت به مؤخراً الوسائل الإعلامية المختصة بالعملات المشفَّرة، ثم نسخت ترجماتها للتقرير بعد ذلك وسائل الإعلام الرئيسية. أفصح ذلك التقرير عن بعض تفاصيل نظام الضريبي البرتغالي الذي حوَّل البلاد إلى ملاذ ضريبي للعملات المشفَّرة من نوع ما، على الأقل إلى حين تتخذ السُلطات في بروكسل قرارها في ما يتعلق بفرض الضرائب على البتكوين (BTC) أو أن تجري العاصمة البرتغالية لشبونة قانونها الضريبي. وفقاً للصحيفة البرتغالية، فإنَّ هيئة الضراب والجمارك البرتغالية Portuguese Tax and Customs Authority كانت قد قررت بالفعل أنَّ دخول التداول بالعملات المشفَّرة غير خاضعة للضرائب، قد أدلت ببيان في الآونة الأخيرة صرَّحت فيه بأنَّ منصات تداول العملات المشفَّرة والمدفوعات الخاصة بها معفاة من ضريبة القيمة المضافة VAT أيضاً. 

أحدث توضيح لهذا الخبر قد صدر عن هيئة الجزية والجمارك البرتغالية Autoridade Tributária e Aduaneira، رداً على طلب من شركة برتغالية بصدد إنشاء عمليات تعدين للعملات المشفَّرة؛ إذ أراد مالكو الشركة التعرَّف على الأحكام القانونية التي تحدد الإجراءات المحاسبية والالتزامات الضريبية المرتبطة بهذا النشاط. في ذلك الطلب، تشرح الجهة عملية سك العملات المشفَّرة، وتذكر أنَّ هناك جانبين يتعلقان بالضرائب: مكافأة المُعدنين بالعملات المشفَّرة وصرف ذلك العائد إلى أموال نقدية. وفي رد هيئة الضرائب، تستشهد الهيئة باللوائح التنظيمية المحلية للبلاد وبالقانون الأوروبي، ثم تستخلص أنَّ المعاملات المالية المرتبطة بالتعدين، من مكافآت وتداول على حد السواء، يجب أن تكون معفاة من ضريبة القيمة المضافة.

كذلك، هناك بيان سابق من الهيئة يتناول جانباً آخر من الضرائب على العملات المشفَّرة. صدر ذلك المستند قبل ثلاثة أعوام تقريباً رداً على طلب إرشادات حول كيفية تطبيق القواعد الضريبية في ما يتعلق بالإيرادات المتلقاة من عمليات بيع وشراء العملات المشفَّرة. وفي الشرح، ذكرت الجهة التنظيمية أنَّ العملات المشفَّرة يمكن أن توّلد أنواعاً مختلفة من الدخول الخاضعة للضريبة، وهي تشمل: الأرباح المُحققة من بيع وشراء العملات المشفَّرة، والعمولات المفروضة مقابل توفير الخدمات المرتبطة باقتناء منتجات وخدمات العملات المشفَّرة أو استخدامها، والأرباح المستمدة من بيعها.

من جانبهم، يوضَّح الوكلاء الضريبيون البرتغاليون أنَّ الدخل الموَّلد من التداول يمكن أن يندرج تحت ثلاث فئات مختلفة: الأرباح الرأسمالية  (الفئة “ز” G) ودخل رأس المال (الفئة “هـ” E) ودخول الشركات أو الدخل المهني (الفئة “ب” B). تشمل الفئة “ز” بيع الأوراق المالية والمشتقات المالية، والشهادات التي تتيح لحامليها إمكانية الحصول على قيمة من أصل أساسي، وبعض الأدوات الأخرى. مع ذلك، بما أنَّ المشرَّعين اختاروا اعتماد تعريف مُغلق، فمن غير الممكن فرض الضرائب إلا على البنود الواردة في نص القانون، والعملات المشفَّرة ليست مذكورة ضمن هذه القائمة. ولا تندرج العملات المشفَّرة تحت الفئة “هـ” أيضاً؛ فهي تختص فقط بالدخل الموَّلد من الاستثمارات الرأسمالية.

في حال كان التطبيق ممكناً، فإنَّ الفئة “ب” هي المرجحة على الفئتين الأخرتين؛ لأنَّ الدخل في هذه الفئة يخضع للضريبة على أساس ممارسة النشاط وليس بحسب لمصدره: فالقانون الضريبي في البرتغال ينص على أنَّه إذا كان النشاط مُوجهاً محو تحقيق الأرباح، فإنَّ دافع الضرائب مُلزم بإصدار فواتير كلما باع أحد المنتجات أو قدَّم خدمة ما. ومن ثم، تستخلص هيئة الضرائب استنتاجاً بأنَّ بيع العملات المشفَّرة غير خاضع للضرائب بموجب التشريع الضريبي الحالي، إلا إذا كان يشكَّل النشاط التجاري أو المهني لدافع الضرائب؛ في تلك الحالة، يصبح خاضعاً للضرائب وفقاً للفئة “ب”.

هذا وقد تم التأكد من الحالة الراهنة للمعاملة الضريبية الخاصة بعمليات تداول العملات المشفَّرة التي يجريها الأفراد العاديون من جانب ممثل تابع لشبكة الخدمات المهنية ديلويت Deloitte. لشرح ذلك، قال لوي ليون، الشريك المسؤول عن الضريبة لدى مكتب شركة ديلويت في البرتغال: “لا تفرض البرتغال الضرائب على الزيادة في قيمة أي عملة أو الربح الناتج عن بيع أي عملة. وبطبيعة الحال، لا يمكن تعويض خسائر أي عملة بأي أرباح أيضاً”، مشيراً إلى أنَّ المسألة قد خضعت للتحليل بالفعل من هيئة الضرائب في البلاد، التي أصدرت قراراً بهذا الاعتبار. صرَّح ليون لقسم الأخبار لدى موقع بتكوين دوت كوم news.Bitcoin.com قائلاً: “إنَّ العملات المشفَّرة ليست مختلفة من وجهة نظر الضرائب البرتغالية. وعليه، فإنَّ تقدير قيمة العملات المشفَّرة، أو أي أرباح مُحققة من البيع المباشر لها، لا تُعد خاضعة للضرائب في البرتغال”. 

في ظل هذا السياق، تُعد البرتغال مثالاً إيجابياً في أوروبا، حيث تفرض العديد من البلدان الأخرى ضرائب على أرباح عمليات تداول العملات المشفَّرة؛ إمَّا من خلال فرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية ، أو باعتبارها جزء من قاعدة ضريبة الدخل بوجه عام. هناك استثناءات أخرى في المنطقة، من بينها جمهورية سلوفينيا التي لا يُبلغ فيها عن الأرباح الرأسمالية  للمستثمرين الأفراد المتداولين بالعملات المشفَّرة ولا تخضع للضرائب، وروسيا البيضاء (بيلاروس) التي أدخلت في العام الماضي، 2018، إعفاءات ضريبية لدخول العملات المشفَّرة وإيرادات تعدينها وإصدارها وتداولها لمدة خمس سنوات. بينما لا تفرض كلٌ من مالطا وألمانيا ضرائب على أصول العملات المشفَّرة المُحتفظ بها منذ فترة طويلة. وفي سويسرا، تُعامل أرباح المتداولين الأفراد من العملات المشفَّرة مُعاملة الأرباح الرأسمالية  المعفاة من الضرائب، ولكن الدولة تفرض ضريبة سنوية على الثروة على إجمالي مبلغ العملات التي يحتفظ بها الفرد كجزء من صافي ثروته. 

أيّ الضرائب تنطبق على العملات المشفَّرة 

لفهم كيف تؤثر الضرائب في دخول العملات المشفَّرة وأرباحها على نحو أفضل، لابد من أن تكون لدى المرء فكرة أساسية عن الفروق والاختلافات بين الأنواع الرئيسية للضرائب المطبقة. في أغلب الحالات، يكون الأفراد الطبيعيين والجهات الاعتبارية على حد السواء ملزمين بدفع عدد من الضرائب المباشرة وغير المباشرة. الضريبة المباشرة، مثل ضريبة الدخل الشخصي، تُفرض على الأفراد أو ممتلكاتهم، في حين أنَّ الضريبة غير المباشرة، مثل ضريبة القيمة المضافة، تُفرض على المعاملات. 

أمَّا دخول العملات المشفَّرة، فيمكن أن تندرج تحت عدة فئات تبعاً للوضع القانوني لدافع الضرائب وطبيعة المعاملة: في البلدان التي يُطبق فيها نظام ضريبة القيمة المضافة، أي غالبية ناالنظم القانونية في العالم، تُدفع ضريبة القيمة المضافة عادةً عن القيمة النهائية لأي منتج أو خدمة تُباع للمستخدم النهائي. لكنَّ العملات ليست بالمنتج ولا بالخدمة، لذا افتراضياً، لا يجب أن تُفرض ضريبة القيمة المضافة على عمليات شرائها أو بيعها ضمن عمليات التداول.

كذلك، ثمة جدل دائر حول طبيعة العملات المشفَّرة اللامركزية. وفي بعض البلدان، تحمل الجهات التنظيمية المختلفة آراءً متباينة بشأن كيفية التعامل مع العملات المشفَّرة: في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، أشارت وزارة الخزانة إلى البتكوين على أنَّه عملة افتراضية لامركزية قابلة للتحويل في عام 2013. بعدها بعامين، صنَّفته لجنة تداول العقود الآجلة للسلع  CFTC كسلعة. في الوقت ذاته، تُخضع دائرة الإيرادات الداخلية IRS العملات المشفَّرة للضرائب باعتبارها ممتلكات. ثم في العام الماضي، ورد ذكر البتكوين في حكم صادر عن المحكمة العليا الأميركية في ضوء الحاجة إلى “تكوين فهم أوسع” لماهية المال في يومنا هذا. 

وفي أوروبا، على الأقل في الوقت الراهن، تحددت طريقة التعامل مع العملات المشفَّرة للأغراض التنظيمية والضريبية بحكم صدر عن محكمة العدل الأوروبية ECJ: ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2015، صرَّحت محكمة العدل الأوروبية بأنَّ البتكوين يمثل وسيلة للدفع. وعليه، ينبغي أن تكون عمليات تداوله معفيةً من ضريبة القيمة المضافة. طبقاً للحكم الصادر في قضية مصلحة الضرائب السويدية Skatteverket ضد ديفيد هيدكفيست التي تحمل رقم سي 267/14 C-264/14، يندرج تداول البتكوين ضمن الإعفاء المنصوص عليه في المادة رقم 135(1)(هـ e) من توجيهات ضريبة القيمة المضافة المعمول بها في الاتحاد الأوروبي EU، وتشمل هذا المادة المعاملات المتعلقة بالعملات الرسمية والبنكنوت والعملات المُستخدمة كعملة قانونية.

ديفيد هيدكفيست مواطن سويدي الجنسية كان بصدد إطلاق منصة لتداول العملات المشفَّرة تحقق أرباحها من هامش الربح بين أسعار البيع والشراء. لذلك، طلب توضيحاً في ما يتعلق معاملة ضريبة القيمة المضافة لهذا النوع من الإيرادات، وتلقى رأياً من لجنة قانون الإيرادات السويدية Skatterättsnämnden يفيد بأنَّ الخدمات التي يعتزم ديفيد تقديمها سوف تكون معفاة من ضريبة القيمة المضافة بموجب المادة رقم 135 من القانون. ولكنَّ مصلحة الضرائب السويدية عارضت ذلك الرأي واستأنفت المسألة أمام المحكمة الإدارية العليا في البلاد، التي أحالت القضية بدورها إلى محكمة العدل الأوروبية. 

تتضمن الفئة الأخرى من الضرائب التي يمكن تطبيقها على الدخل المرتبط بالعملات المشفَّرة الضرائب المباشرة: إحدى تلك الضرائب الأكثر شيوعاً هي ضريبة الشركات، التي تُفرض بوجه عام على دخل الجهات التجارية ورأس مالها، ولا تُعد الشركات العاملة في قطاع العملات المشفَّرة استثناءاً. في معظم الحالات، تُفرض هذه الضريبة على صافي أرباح الشركة، إلا أنَّ الحكومات قد تفرضها أحياناً على حاملي الأسهم إذا دُفعت لهم توزيعات الأرباح. 

كذلك، فإنَّ الاستثمار في العملات المشفَّرة يمكن أن يكون خاضعاً لضريبة الأرباح الرأسمالية : تلك الأرباح تُحقق عادةً من بيع الأسهم والسندات، والمعادن النفيسة مثل الذهب، والتُحف،  والعقارات والممتلكات. وفي بعض النظم القانونية، تأتي أصول العملات المشفَّرة ضمن هذه اللائحة أيضاً. يمكن أن تأتي ضريبة الأرباح الرأسمالية ، حيثما تُفرض، بمعدلات مختلفة للأفراد والشركات، بينما قد تفرضها بلدان معينة على المتداولين المحترفين فقط. 

تُعد ألمانيا مثالاً آخر مثير للاهتمام في أوروبا: إذ إنَّ ألمانيا الغربية Bundesrepublik لا تفرض ضرائب على الاستثمارات طويلة الأجل في العملات المشفَّرة. وإذا باع متداول خاص عملات البتكوين التي يمتلكها بعد مرور مدة تزيد على العام على شرائها، تُعفى أرباحه من ضريبة الأرباح الرأسمالية ، والأمر نفسه ينطبق على الأرباح السنوية التي تقل عن 600 يورو؛ مما يعني أنَّ الاحتفاظ بالعملات المشفَّرة في ألمانيا سوف يوفر أموال المتداولين
في الواقع. وبغض النظر عن مقدار الربح الذي سيحققه المتداول عندما يبيع العملات المشفَّرة بعد أن يحتفظ بها لأكثر من عام، فهو ليس مديناً للدولة بأي ضرائب عن أرباحه.

أهمية ذلك للمتداولين 

إنَّ قرار البرتغال بعدم فرض ضرائب على الأرباح المباشرة الناتجة عن ارتفاع قيمة العملات المشفَّرة أو بيعها، وحكم محكمة العدل الأوروبية بأنَّ ضريبة القيمة المضافة لا تنطبق على معاملات التداول، يحملان أهميةً بالغةً للمتداولين؛ وهذا ليس فقط لأنَّ بعض مستخدمي العملات المشفَّرة يُعفون من بعض الضرائب، بل لأنَّ كلاهما يغيران الوضع لصالح وضع البتكوين كعملة في وقت يحاول فيه المشرَّعون والجهات التنظيمية استيعاب ظاهرة نشأت كنتيجة للتطوَّر المالي. ومع كون كثير من المحللين يشيرون حالياً إلى أنَّ الأزمة الكبرى القادمة قد باتت تلوح في الأفق، فمن المرجح أن تتنامى أهمية العملات المشفَّرة أكثر وأكثر، بعد انجذاب المزيد من المستثمرين والمتداولين والمستخدمين العاديين للمجال. 

إذا كنت تتطلع للحصول على عملة البتكوين كاش (BCH) وغيرها من العملات المشفَّرة الرئيسية بطريقة آمنة، بإمكانك فعل ذلك باستخدام بطاقة ائتمانية عبر قسم شراء البتكوين من موقع بتكوين دوت كوم buy.Bitcoin.com. بإمكانك أيضاً تداول عملاتك المشفَّرة بحرّية باستخدام منصة التداول بنظام النظير إلى النظير غير المختصة بإدارة الأصول التابعة لموقع بتكوين دوت كوم Bitcoin.com. إنَّ سوق التداول على الموقع local.Bitcoin.com يضم بالفعل آلاف المستخدمين من جميع أنحاء العالم، وهو مستمر في النمو بسرعة كبيرة. القِ نظرة أيضاً على منصة التداول الممتازة التي أطلقها الموقع مؤخراً exchange.Bitcoin.com. بإمكان المستخدمين المُسجلين في الموقع الدخول إلى المنصة فوراً، وهناك أكثر من 10,000 مستخدم سجلوا فيها بالفعل!

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.