لا يمر أسبوع إلا وتُطلق منصة العملات المشفَّرة الأكثر هيمنةً في العالم خدمة أو مكافأة جديدة. ولم يكن الأسبوع الجاري، الأسبوع الأخير من شهر أغسطس/آب 2019، مختلفاً؛ حيث أعلنت إنشاء منصة مثيرة للجدل لإقراض العملات المشفَّرة، جاءت ردود الأفعال عليها ما بين مؤيد ومعارض، فليس الكل يعتقد أنَّها أكثر شيء في صالح النظام الإيكولوجي للعملات المشفَّرة. 

في أحدث خطوة لترسيخ الاحتكار المتزايد على قطاع خدمات العملات المشفَّرة، أعلنت منصة بينانس Binance اعتزامها إطلاق منصة للإقراض في 29 أغسطس/آب 2019. تسمح هذه الخدمة للمستخدمين بإقراض مقتنياتهم لفترات زمنية محددة، تكون مدتها 14 يوماً في البداية، وكسب دخل سلبي من فوائد تلك القروض. أضافت بينانس أيضاً بأنَّه سوف تكون هناك أسعار فائدة تُحتسب على أساس سنوي لأصول معينة من العملات المشفَّرة؛ بحيث يكون توكنها الأصلي، البينانس كوين (BNB)، هو التوكن الذي يُقدم سعر الفائدة الأعلى، كما هو متوقع.

من غير الحكمة تقديم أسعار فائدة ثابتة

سبق أن أبدى مجتمع العملات المشفَّرة رد فعله تجاه المحاولة الأخيرة من جانب تشانغ بينغ زاو CZ وآخرين للهيمنة على القطاع عبر اجتذاب أكبر عدد ممكن من العملاء: فتقديم أسعار فائدة ثابتة ليس بالأمر الشائع في قطاع المال، فضلاً عن أنَّه ربما يتسبب بمشكلات على المدى البعيد، خصوصاً عندما تكون أحد خيارات دفع الفائدة المقترحة هي عملة التيثر (USDT).

هذا بالضبط هو ما جاء في التغريدة التي نشرها مدير الأبحاث لاري سيرماك عبر حسابه على موقع تويتر Twitter، التي صرَّح فيها بأنَّ تقديم معدلات عائد مضمونة ليس فكرة جيدة مطلقاً. إلى جانب أنَّه كانت هناك مقارنات بين المنصة المقترح إنشائها وخدعة الإقراض التي مارستها شركة بت كونيكت Bitconnect، التي أفلست في شهر يناير/ كانون الثاني 2018. كذلك، جاءت بعض الردود على الإعلان صارخة للغاية، كالرد التالي مثلاً: “لم أكن أعلم أنَّ تشانغ بينغ زاو cz_binance@ مستميت إلى هذا الحد في محاولاته لإقناعنا بالاحتفاظ بعملته المشفَّرة… بمجرد خروجنا من منصة بينانس، سوف ينهار البينانس كوين BNB# بشدة إلى حد أنَّ الناس سيبدئون بالتضوّر جوعاً وسيدمرون عائلته أيضاً. أرى أنَّ الوقت قد حان لإنشاء مدونة عن كل خدع بونزي تلك!”.

صحيح أنَّه من المستبعد للغاية أن تكون بينانس في الواقع مجرد خدعة، ولكنَّ نظام الإقراض الجديد يبدو فعلاً مجرد محاولة أخرى من الشركة لإقناع الناس بالاحتفاظ بالبينانس كوين.

انسوا أمر الأمن الأساسي للعملات المشفَّرة

ثمة جانب آخر لم يغفله مراقبو القطاع ثاقبو النظر، ألا وهو التشجيع على الاحتفاظ بالأموال وتخزينها على منصة مركزية سبق أن تعرضت لعملية اختراق في العام الماضي، 2018. صحيح أنَّ بينانس لديها صندوقها الآمن لأصول المستخدمين SAFU للتأمين ضد مثل تلك الأمور، لكنَّه في الواقع مجرد بنك رقمي ضخم يحتفظ بكل تلك المفاتيح، ومثلما تقول الحكمة القديمة في مجال العملات المشفَّرة: “طالما أنَّها ليست مفاتيحك الخاصة، فهي ليست عملاتك المشفَّرة”. 

لدى بينانس أيضاً طموحات بأن تصبح هي مزودة العملات المستقرة في العالم، وأن تكون جميعها مبنية على سلسلة البلوكتشين الخاصة بها وبروتوكولها بالطبع، لكي تنافس عملة شركة فيسبوك Facebook، ليبرا Libra. ويبدو أنَّه لا يوجد ما يمنع الشركة من تحقيق ذلك في الوقت الراهن، حيث أنَّها تسير وفق ما هو مخطط كي تصبح هي المهيمن المطلق ونظير شركة غوغل Google في عالم العملات المشفَّرة.

لكي تحقق العملات المشفَّرة مصائرها المنشودة كأموال لامركزية، لابد لها من أن تتحرر من العناصر المتحكمة بها، مثل منصات التداول المركزية والشركات والتوكنات وأنظمة الإقراض. أمَّا نظام الإقراض الذي تقدمه بينانس، فهو يتعارض تماماً مع القواعد الأساسية لأمان العملات المشفَّرة ويضيف عنصراً آخر متمثل في وجود جهة خارجية تتحكم في أموال المستخدمين.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.