أدى صعود جهات إدارة الأصول التي تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات، مثل كوين بيس Coinbase، إلى إحياء الخوف التاريخي من أن المؤسسات قد تقوض المبادئ التأسيسية للبتكوين (BTC) كأموال سليمة لامركزية. وقد وضع خبير التشفير ورائد البتكوين الأسطوري هال فيني توقعاً متفائلاً عن هذا الشيء بعينه منذ ما يقرب من عقد من الزمان.

وبدا أن فيني تنبأ بصعود جهات إجارة الأصول العملاقة في موضوع يعود لديسمبر/كانون الأول 2010 على المنتدى العريق، بتكوين توك Bitcointalk، واصفاً نظاماً مثالياً حيث تحتفظ وتتحكم “بنوك البتكوين” بالغالبية العظمى من العملات المشفرة. وقال:  “أعتقد أن هذا سيكون المصير النهائي للبتكوين، أن تكون ‘أموالاً رفيعة المستوى’ تؤدي دور عملة الاحتياطي للبنوك التي تصدر النقود الرقمية الخاصة بها. وستتم معظم معاملات البتكوين بين البنوك لتسوية صافي التحويلات. وستكون معاملات البتكوين التي يجريها الأفراد العاديون بنفس ندرة عمليات الشراء القائمة على البتكوين اليوم”.

“المصير النهائي” للبتكوين

وقال فيني، الشخصية الموقرة بالعادة في عالم العملات المشفرة لكونه المستقبل الأول للبتكوين وأحد المساهمين الأوائل في البتكوين، إن: “البنوك المدعومة بالبتكوين” دائماً ما كانت جزءً من “المصير النهائي” الذي ينتظر أكبر عملة مشفرة بالقيمة السوقية.

 “في الواقع هناك سبب وجيه للغاية لوجود البنوك المدعومة بالبتكوين. إذ أن البتكوين في حد ذاتها لا يمكنها أن تتسع لنشر كل معاملة مالية في العالم للجميع وإدراجها في البلوكتشين”.

واختتم فيني قائلاً: “لا بد أن يكون هناك مستوى ثانوي من أنظمة المدفوعات التي تكون أخف وزناً وأكفأ. وعلى نحو مماثل، الوقت المطلوب لإنهاء معاملات البتكوين سيكون غير عملي لعمليات الشراء ذات القيمة المتوسطة إلى الكبيرة”.

وكان سبب فيني الوحيد لاقتراح بنوك البتكوين هو لحل مشاكل قابلية زيادة سعة البتكوين التي بدت وكأنها مشكلة بعيدة في 2010، أي بعد عامٍ فقط من إنشاء الشبكة.

ومن وجهة نظر فيني، كان الحل أن البنوك بإمكانها إصدار “عملتها النقدية الرقمية الخاصة، التي يمكن استبدالها بالبتكوين” في نظام عملة الاحتياطي لا يختلف كثيراً عن معيار الذهب. وبشكل أساسي، سيتيح نظام فيني للبنوك دعم عملاتها النقدية بالبتكوين، جزئياً. 

 “البنوك المدعومة بالبتكوين يمكن أن تعمل مثلما كانت تعمل البنوك قبل تأميم العملة. ويمكن للبنوك المختلفة أن يكون لها سياسات مختلفة، بعضها أكثر عدوانية، وبعضها أكثر تحفظاً. وقد تكون بعضها احتياطاً جزئياً وأخرى قد تكون مدعومة بالبتكوين بنسبة 100 بالمئة. وقد تختلف معدلات الفائدة. والعملات النقدية من بعض البنوك يمكن تداولها بسعر مخفض مقابل العملات النقدية من البنوك الأخرى”.

والانتقاد الكلاسيكي لأنظمة الاحتياط الجزئي بين أنصار اللامركزية هو أنها قد تفسد قيمة البتكوين المفترضة كعملة شفافة من نظير إلى نظير منهجياً.

ولكن من وجهة نظر فيني أن “البنوك المدعومة بالبتكوين” التي تستخدم أنظمة الاحتياط الجزئي والسياسات المختلفة الأخرى وفقاً لما تراه مناسباً ستساعد في ترسيخ وضعها كعملة احتياطي عالمي، وهو المصير الذي يتخيله بحماسة الكثير من متطرفي البتكوين.

هل “بنوك البتكوين” موجودة بالفعل؟

وللوهلة الأولى، قد تبدو الفكرة بعيدة المنال. إذ لم يكن هناك أي بنوك حقيقية تتعامل مع المستهلك وتستخدم البتكوين كعملة احتياطي حتى الآن.

ومع ذلك، العديد من مراكز القوة الوصائية الموجودة اليوم شاركت (قطعاً ليس بقدرة التعامل مع المستهلك كما وصفها فيني) في عدد من المشروعات التي يمكن وصفها بأنها “بنوك مدعوم بالبتكوين” نموذجياً.

وعلى سبيل المثال، تصدرت كوين بيس لإدارة الأصول العناوين الرئيسية بعد الاستحواذ المفاجئ الذي جعل الشركة جهة إدارة الأصول الجديدة المهيمنة، وتحتفظ برقم قياسي يبلغ 7 مليارات دولار، ويُشاع أن ما بحوزتها يمثل ما يصل إلى 5 بالمئة من جميع عملات البتكوين في حركة التداول.

وجزء من الصفقة تضمن ما يصل إلى 2.7 مليار دولار بما يساويه بالبتكوين لشركة غراي سكيل للوصاية على البتكوين  Grayscale Bitcoin Trust (GBTC)، وهي شركة سندات الاكتتاب الخاص مدعومة بعملات البتكوين القابلة للاستبدال مادياً.

وتماماً مثل وصف فيني للسياسات المختلفة التي قد تستخدمها بنوك البتكوين، تستطيع غراي سكيل للوصاية على البتكوين فرض سعر أعلى من سعر البتكوين الحالي في السوق، بشكل أساسي بسبب الزيادة في السعر التي تحاسب به غراي سكيل المستثمرين المؤسسيين والمعتمدين.

إلى أي مدى يمكن أن تكون الأموال لا مركزية؟

وبالتأكيد، إذا تعاونت شركات الوصاية العملاقة مثل كوين بيس لإدارة الأصول، أو بت غو BitGo، أو فيدليتي للأصول الرقمية Fidelity Digital Assets مع بنك كبير لابتكار نقود رقمية للمستهلكين على غرار أسلوب غراي سكيل، فبنك البتكوين الموصوف في 2010 قد يؤتي ثماره أقرب من المتوقع. ولكن لن يكون للأسباب التي تخيلها فيني.

وبعد أن فارق فيني الحياة في 2014، لم يشهد اعتماد حلول التوسع مثل شبكة لا يتننغ Lightning ونظام سيغويت SegWit. أو تفوق شبكة البتكوين في النهاية على باي بال PayPal في قيمة الدولار الأميركي الافتراضية التي أجريت عليها المعاملات في السنة، رغم تجاوز متوسط وقت التأكد ثمان دقائق.

ولم يشهد فيني أيضاً الدفعة المفاجئة من بعض الأسماء الكبيرة في المجال المالي لإجراء معاملات البتكوين في صورتها ’الأنقى‘.

وبدا أن شركة باكت Bakkt العابرة للقارات التي تملكها منصة التداول تحفز هذا التحرك عندما أعلنت في أواخر 2018 عن إطلاق نظام إيكولوجي عالمي لإنفاق الأصول الرقمية وتداولها، وفي طليعتها عقود البتكوين الآجلة المستقرة مادياً المقرر إطلاقها قريباً. وفي الوقت نفسه، أكدت الشركة على أنها “لن تساعد في إنشاء مطالبة ورقية على أصل حقيقي” من أجل شفافية السوق.

ولكن ربما الأكثر فعالية من بين جميع التطورات منذ رحيل فيني كانت مسارات التمويل اللامركزي (DeFI). ولهذا التطور القدرة على تحويل بنوك البتكوين التي تصورها فيني إلى العمل بالشفافية الكاملة وعدم الخضوع للمراقبة الخاصة بتكنولوجيا البلوكتشين، والعقود الآجلة، والمنظمات اللامركزية المستقلة (DAO).

ومع ذلك، ليس لأي تطور القول الفصل في تحديد “المصير النهائي” للبتكوين.

وربما الأهم هو كيف يرى المستهلكون نموذج الأموال نفسه. وقريباً، ستحتاج المؤسسات المالية إلى إعادة النظر في الامتيازات التي يوفرها لها المستهلكون والشركات بينما تستمر ثورة ريادة البتكوين.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.