شهدت الطروحات الأولية للعملات تراجعاً كبيراً في شعبيتها، إلا أنها لم تنتهي تماماً. فبرغم ندرة استخدام مصطلح “الطرح الأولي للعملات” هذه الأيام، فإن بعض التطورات التنظيمية تشي بإمكانية عودة ذلك المصطلح إلى عالم الاقتصاد الرقمي. ويبدو أن جمع التمويل التشاركي عن طريق بيع التوكنات قد أصبحت طريقة شائعة لجمع رأس المال.

المشرّع المالي في ألمانيا يوافق على طرح للعملة بقيمة 250 مليون يورو

وكما لو أن الأمر بهدف إثبات أن الطروحات الأولية للعملات لم تمت بعد، فقد وافقت الهيئة الرقابية الألمانية، بافين Bafin، على طرح أولي للعملة بحجم معتبر. فعن طريق مبيعات التوكن، فإن الشركة الناشئة في مجال البلوكتشين الكائنة في ألمانيا مجموعة فاندامينت Fundament Group، تسعى إلى جمع 250 مليون يورو (278 مليون دولار أميركي). وبحسب الإعلان فإن كل من المستثمرين  المعتمدين ومستثمري التجزئة سيستطيعون المشاركة في حملة جمع التمويل ولن يتم وضع حد على الاستثمارات الفردية.

ويهدف المشروع إلى تمكين المساهمين من الاستثمار في إنشاء العقارات التجارية عن طريق توكنات العقارات. وفي هذه المرحلة المبكرة، فإن الاستثمارات تشمل ثلاث مناطق في هامبورغ تتوزع بين العاصمة المالية فرانكفورت، والمدينة الجامعية جينا، بحسب تقرير فوركلوغ. وستسمح توكنات بروتوكول  ERC20 القياسي لمجموعة فاندامنت لمالكيها باستقبال توزيعات أرباح تتراوح بين 4 إلى 8% على استثماراتهم بالإضافة إلى استقبال المدفوعات بعد استكمال الإنشاءات.

وتخطط الشركة الناشئة الألمانية إلى بيع التوكنات بدون وسطاء مثل بنك الاستثمار، نظراً لأن الشركة تهدف إلى تقليل تكلفة العرض. كما سيتمكن المستثمرون من حيازة الأصول عن طريق البتكوين (BTC)، الإيثريوم (ETH)، أو الدولار الأميركي أو اليورو. وسيستقبل المستثمرين الذين قدموا استثماراتهم في هيئة عملات نقدية التوكنات على محفظة صلبة مخزنة بأمان. ونظراً لأن طرح العملة خاضع للرقابة التنظيمية، فسيبتوجب على كل المستثمرين اجتياز شرط معرفة العميل بشكل إجباري.

وتظهر مشروعات مثل تلك الخاصة بمجموعة فاندامينت أن مبيعات التوكن ستعود مجدداً، ليس فقط في أوروبا، وإنما عبر الأطلنطي أيضاً. ففي بداية شهر يوليو/تموز، وافقت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية على الطرح الخاص بشركة بلوكستاك Blockstack والذي تبلغ قيمته 28 مليون دولار أميركي. وحصلت الشركة، العاكفة على بناء شبكة حوسبة لا مركزية والنظام الإيكولوجي للتطبيق، على الإذن بجمع 50 مليون دولار أميركي سنوياً. كما أعطت هيئة الأوراق المالية الضوء الأخضر لتوزيع ما قيمته 187 مليون دولار أميركي من توكنات منصة بروبس Props بين صانعي المحتوى ومستعملي منصة الفيديو يوناو Younow.

روسيا تشرع جمع التمويل التشاركي عن طريق قانون جديد يمكن تطبيقه على مبيعات التوكن

كما تبنى الاتحاد الروسي، وهو واحد من أكبر خمسة جهات تتعامل مع الطروحات الأولية للعملات، إطاراً قانونياً جديداً لتنظيم جمع رأس المال عن طريق التمويل التشاركي. ففي هذا الأسبوع، الذي بدأ يوم الأحد الموافق 28 يوليو/تموز، صوّت مجلس الدوما، وهو البيت الادنى من البرلمان الروسي، على نسخة ثالثة ونهائية من القانون المنتظر المعنون بـ”جذب الاسثتمارات باستخدام منصات الاستثمار”، والمشار إليه عادةً بـ”قانون التمويل التشاركي”.

ويقدّم القانون، والذي يعد جزءاً من حزمة قوانين تهدف إلى تنظيم الاقتصاد الرقمي الروسي، بما فيه قطاع العملات المشفرة، عدة مصطلحات جديدة مثل “الحقوق الرقمية النفعية”، والتي تتضمن الحق في طلب نقل الأشياء، وأداء العمل، أو شروط الخدمة بالإضافة نقل الحقوق الحصرية للأنشطة الذهنية.

ويؤسس التشريع الجديد قواعد وتنظيمات ستحكم منصات جمع التمويل التشاركي. فعلى سبيل المثال، سيطلب من تلك المنصات أو يكون بحوزتها 5 ملايين روبل روسي (أو ما يقرب من 80,000 ألف دولار أميركي) كرأسمال خاص بها. وسيحتفظ البنك المركزي الروسي بسجل للمؤسسات العامة في ذلك المجال وسيراقب أنشطتهم عن كثب. كما يقدم القانون ضمانات “للمستثمرين غير المؤهلين”، وسيسمح لهم بألا ينفقوا ما يتجاوز 600,000 روبل (أو ما يقرب من 9500 دولار أميركي) سنوياً على كل منصات التمويل التشاركي في روسيا.

عند هذه المرحلة، فإن العملات المشفرة لم تذكر صراحة في قانون التمويل التشاركي، برغم أن عدد من نصوص القانون يمكن تطبيقها على صناع العملات المشفرة. تعد أبرز عيوب هذا التشريعا لجديد هو اعتماده على القوانين التنظيمية التي وضعها البنك المركزي الروسي والتي لا تزال ضد تقنين وضع العملات غير المركزية بشكل كامل. كما أن القانون يحتاج، من أجل أن يحقق تأثيره الموعود بشكل كامل، إلى حزمة أخرى من القوانين متعلقة بتنظيم باقي فضاء العملات المشفرة.

وأجلت روسيا تبني القانون المتعلق بشكل مباشر بالعملات المشفرة، وهو القانون المعنون بـ”بخصوص الأصول المالية الرقمية”، لما يزيد عن عام، برغم وضع عدة جداول زمنية لمناقشته من قبل إدارة الرئيس بوتين. وكان آخر تلك الجداول الزمنية في يوليو/تموز الماضي، والذي يبدو أنه لن يتم الوفاء به. ومن المتوقع أن يتم تبني مسودة القانون، والتي تمت الموافقة عليها في ربيع عام 2018، في شهر أكتور/تشرين الأول المقبل، بحسب أناتولي أكساكوف، رئيس اللجنة البرلمانية للأسواق المالية، إذ من المفترض أن تنجح المؤسسات الروسية للوصول إلى تفاهم فيما يتعلق بتنظيم العملات المشفرة بذلك الوقت.

كما أشار أكساكوف إلى أن القوانين الثلاثة المتضمنة في الحزمة التنظيمية، والتي تعرّف الحقوق الرقمية، وتقنن العقود الذكية، وتنظم التمويل التشاركي، تتقاطع مع بعضها في أكثر من موضع. ويرى أكساكوف أن الوصول إلى تفاهم بين الهيئات التشريعية الروسية المختلفة من الممكن أن يتحقق، إذ قال لجريدة Parliamentary Gazette: “في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، من المفترض أن تُحَل هذه المسألة قانونياً”.

القوانين التنظيمية توسّع استخدام طروحات العملات

وبجانب روسيا، فإن عدداً من الدول قد تبنت تشريعات لتنظيم التمويل التشاركي بشكل أو بآخر. ففي بيلاروسيا، على سبيل المثال، دخل مرسوم رئاسي وقع عليه الرئيس لوكاشينكو حيز التنفيذ منذ مارس/أذار من العام الماضي لتشريع الأنشطة المتعلقة بالعملات المشفرة مثل الإصدارات والتخزين وتجارة التوكنات الرقمية. كما اجتذبت إستونيا عدداً من الشركات الناشئة بفضل تشريعاتها المواتية للعملات المشفرة وبفضل الطروحات الاولية للعملات المعروضة في مناطق قضائية أخرى والتي تجريها هيئات مسجلة في الدولة المطلة على بحر البلطيق.

وفي الولايات المتحدة، وهي الدولة الرائدة فيما يتعلق بعدد الطروحات الأولية للعملات، فإن التحديات التي تواجهها الشركات الساعية لجمع تمويل عن طريق مبيعات التوكن قد تغيرت بشكل كبير خلال السنتين الأخيرتين. فبينما أجريت الكثير من الطروحات الأولية للعملات تحت افتراض أن العملات الصادرة تمثل توكنات خدمات، فإن عدداً من التصريحات الرسمية والإجراءت التنظيمية قد أوضحت أن السلطات الأميركية تنظر إلى معظم الطروحات الأولية للعملات بوصفها أوراقاً مالية تندرج تحت قوانين الأوراق المالية الخاصة بالبلاد.

وتم منع الطروحات الأولية للعملات في الصين بموجب قانون صادر عن بنك الشعب الصيني وعدة مؤسسات تنظيمية في خريف عام 2017. وقرر المستند الصادر عن تلك الهيئات أن الطروحات الأولية للعملات تعد طريقة غير شرعية لجمع التمويل. إلا أن هونغ كونغ تعتبر التوكنات الرقمية المباعة لأغراض التمويل التشاركي أوراقاً مالية ويمكن للهيئات المسجلة أن تعقد طروحات أولية للعملات كنشاط قانوني. كما يمكن للهيئات غير المسجلة أن تبيع توكنات بشرط التزامهم بالتنسيق مع المستثمرين المؤسسيين المعتمدين.

هل نشهد عودة الطروحات الأولية للعملات؟

شهدت الطروحات الأولية للعملات تراجعاً حاداً خلال شتاء العملات المشفرة في العام الماضي بعد تسجيل العملات المشفرة لأعلى مستوياتها السعرية في عام 2017. وبحسب البيانات التي جمعتها منصة التقييم إيكوبينش Icobench، فإن عدد  الطروحات الأولية للعملات، مع وجود استثناءات قليلة، قد تراجع بشكل عام منذ شهر أغسطس/آب من عام 2018، والذي عقد فيه 321 طرح أولي للعملات. ووصلت الطروحات الأولية للعملات إلى أدنى مستوياتها في فبراير/شباط من هذا العام بعدد 58 طرح أولي للعملات. إلا أن الطروحات الاولية للعملات قد شهدت زيادة طفيفة في شهر مايو/آيار، مع عقد 88 طرحاً أولياً للعملات، والتي تزامنت مع آخر دورة من زيادة أسعار العملات المشفرة والتي بدأت في شهر إبريل/نيسان.

وانتهى ما يزيد عن 90% من الطروحات الأولية للعملات التي تعقبتها إيكوبينش، فيما استمر 6% منها وسيعقد 2% من تلك الطروحات في المستقبل. وشارك 25 قطاعاً صناعياً مختلفاً في الطروحات الأولية التي بلغ عددها 5,639، وجاءت أغلبية تلك الطروحات بغرض جمع التمويل اللازم لإنشاء منصة جديدة أو تقديم منتجات أو خدمات متعلقة بالعملات المشفرة. وجاءت الولايات المتحدة في صدارة الترتيب  بجمع 751 طرحاً أولياً للعملات 7.5 مليار دولار أميركي. وتستضيف كل من المملكة المتحدة وروسيا وإستونيا أكبر عدد من الطروحات الأولية للعملات بعد الولايات المتحدة، فيما جاءت كل من جزر العذراء البريطانية وسويسرا ضمن المراكز الخمس الأولى فيما يتعلق بالمبالغ التي جمعتها الطروحات الأولية التي عقدت فيها.

وأظهر التقرير الشهري الذي نشرته إيكوبينش في بداية يونيو/حزيران تراجعاً في المبالغ التي تجمعها الطروحات الأولية للعملات إلى ما يقرب من 320 مليون دولار أميركي، بمتوسط يبلغ 7.4 مليون دولار أميركي لكل طرح، بالمقارنة بنفس الفترة من العام الماضي والتي حصدت ما مجموعه 1.2 مليار دولار أميركي بمتوسط 29.7 مليون دولار لكل طرح. وفي نفس الوقت، فإن نسبة الطروحات الأولية للعملات التي نجحت في حصد مبلغ إيجابي من المال ظل فوق المستوى المتوسط. إذ سجل شهر يونيو/حزيران 31 طرحاً أولياً ناجحاً للعملة بنسبة نجاح 28%، وهو مؤشر يجري حسابه بقسمة عدد الطروحات الأولية للعملات التي نجحت في حصد الأموال في مقابل الطروحات التي انتهت.

فيما استمرت الطروحات الأولية للتداول في التمتع بشعبية متزايدة، وجرى حصد ما يزيد عن مليار دولار أميركي من خلال الطروحات الأولية للتداولات في شهر مايو/أيار الماضي. ونوّه التقرير إلى أن 182 طرحاً أولياً للتداول تم عقدها بنهاية يونيو/حزيران وأن تلك الطروحات حصدت ما مجموعه 1.597 مليار دولار أميركي بمعدل نجاح يتجاوز 60%. وحصدت منصات الإطلاق في المراكز الخمس الأولى ما يقرب من 90% من تلك الأموال، وتصدرت كوين إيل Coineal الترتيب بعدد الطروحات الأولية للتداول فيما تصدرت بيتفين إكس Bitfinex ترتيب المبالغ التي تم حصدها.

ويقبل كثير من المشاريع التي تعقد الطروحات الأولية للعملات العملات النقدية في مقابل التوكنات الخاصة بها، بالإضافة إلى العملات المشفرة الكبرى. إن كنت مبتدئاً في فضاء العملات المشفرة وترغب في الاشتراك في تلك الصناعة، فربما قد ترغب في طريقة سهلة وآمنة للحصول على الأصول الرقمية. يوفر موقع bitcoin.com فرصة لشراء البتكوين كاش (BCH) والبتكوين بالإضافة إلى عملات أخرى رائدة مثل الإيثريوم  والريبل (XRP) واللايتكوين (LTC) وبينانس كوين (BNB). يمكنك شراء تلك العملات باستعمال بطاقة الائتمان وبدون الحاجة إلى زيارة منصة تداول عملات مشفرة.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.