تدور الآن حرب بين أكبر البنوك المركزية في العالم لتحديد مدى قدرتها على تخفيض قِيَم عملاتها. ومع احتمالية طباعة المزيد من العملات، ووجود معدلات عائد سالبة، ينبغي على الناس الاستعداد لرؤية قيمة عملاتهم تتبخر بينما يرتفع سعر كل شيء آخر.

حرب العملات الباردة تأخذ في الاشتعال

يتوقع العديد من المحللين الماليين الآن تخفيضاً مرتقباً لمعدّلات الفائدة في الاقتصادات المتقدمة. وبالرغم من عدم الحديث عن هذا الشأن، إلا أنه قد يشعل حرب عملات عالمية، إذ تحاول البنوك المركزية لكل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان تخفيض قيمة العملات الخاصة بهم.

وبجانب تخفيض معدلات العائد، يمكن للبنوك المركزية المشاركة في هذه الحرب أن تتبنى معدلات عائد سالبة والمزيد من التسهيلات الكمية. أما عن الأمر الأول فهو يعني أنك ستخسر أموالك إذا ادخرتها في حساب بنكي، بينما يمثل الأمر الثاني سياسة طُبعت بالفعل ترليونات الدولارات تحت ظلّها.

والسبب في أن يقوم شخص ما بكامل قواه العقلية بشن حرب عملات هو محاولته لتحفيز النمو الاقتصادي عن طريق معاقبة الأشخاص والشركات الذين يدّخرون أموالهم. وتكمن الفكرة في أنه إذا أدرك الناس أنهم يخسرون أموالهم بمرور الوقت، فإنهم سيذهبون للتسوق بأسرع ما يمكن، وستفضّل الشركات استثمار أموالها في بناء مصانع جديدة أو تعيين عمالة إضافية بدلاً من ادخار الأموال. بينما قد يفسر المنتقدون هذا التصرف على أنه يساعد السياسيون على إحداث نمو اقتصادي مزيّف عن طريق ارتفاع أسعار الأصول مثل الأسهم والعقارات مقارنة بالعملة الوطنية في الوقت الذي يزعمون فيه عدم وجود تضخم في السوق.

وفي نفس الوقت، تبدو الدول صاحبة العملات منخفضة القيمة أكثر تنافسية في السوق العالمي، إذ تبدو السلع والخدمات التي تقدمها أرخص من منظور عالمي. وبالرغم من ذلك، فإن العبث بمعدلات العائد لدعم الصناعة المحلية بجعلها تبدو أرخص، مثلما تفعل الصين بوضوح، يُعد تلاعباً غير عادل بالعملات بالنسبة للعديد من الدول.

هل ستفوز الولايات المتحدة في النهاية؟

بينما يصعب توقع الطرف الخاسر في هذا الموقف، فإنه من الأصعب توقع الفائز في هذه الحرب. فهناك عدد من العوامل التي تدعم وجهات نظر مختلفة، ولكن هناك بعض الخبراء الماليين الذين يراهنون بأن الدولار الأميركي سيفقد القيمة الأكبر.

في حوار أجراه مستشار الاقتصاد العالمي في الشركة العملاقة بيمكو Pimco المتخصصة في إدارة الاستثمار، خواكيم فيلس، مع شبكة سي إن بي سي CNBC الأميركية، في يوم الإثنين الموافق 22 يوليو/تموز، قال: “إذا كان هناك رابح في ‘الحرب الباردة للعملات’، فسيكون هو الولايات المتحدة الأميركية. وهذا لأن احتمالية إضعاف الدولار أكبر من احتمالية تقويته هنا. من الواضح أننا في موقف يريد الجميع فيه إضعاف عملاتهم. لا أحد ولا بنك مركزي يريد تقوية عملته، ولهذا السبب، يعد ما نشهده حرب عملات باردة”.

يعد الضغط العام الذي يضعه ترامب على الاحتياطي الفيدرال لإعارة الانتباه لهذا الشأن سبباً رئيسياً يجعل الولايات المتحدة هي الفائز المحتمل في هذه الحرب. وهذا يتناقض مع التقليد الراسخ بترك البنوك المركزية تعمل بشكل مستقل عن سلطة الحكومة الوطنية، أو على الأقل، التظاهر بهذا.

في سلسلة من التغريدات الحديثة، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب: “مع تضخم منعدم تقريباً، تُجبر بلادنا على دفع معدلات فائدة أكبر بكثير من دول أخرى، وذلك بسبب السياسة الضالة للاحتياطي الفيدرالي. بالإضافة إلى ذلك، يستمر التضييق الكمي، مما يصعب المنافسة على بلادنا”. وفي تغريدة أخرى قال: “مهما كان تصرّفنا حسناً، فقد كان من الممكن أن يكون أفضل بكثير. كان يجب تخفيض تكاليف معدلات الفائدة والعمل على زيادة الناتج الإجمالي المحلي وتراكم ثروات بلادنا. إنها لمضيعة للوقت والمال”.

ما يمكنك فعله لحماية مدّخراتك

ليس لدى الناس العاديين حول العالم القدرة الكافية للتأثير على مجريات الأمور في هذا الموقف. وهذا لأن مسؤولي البنوك المركزية ليسوا منتخبين من الشعب، وليسوا مسؤولين أمامهم. أما الأحزاب السياسية، وهي التي تركز على تبنّي سياسات وأيديولوجيات اقتصادية معينة، فهي نادراً ما تتطرق لمسألة قوة العملة الرسمية في حملاتها الدعائية. وفي هذا الصدد على أقل تقدير، يعد الرئيس ترامب أكثر شفافية من أغلبهم، فهو يشارك آراءه حول قوة الدولار أمام غيره من العملات قبل توليه الرئاسة بفترة كبيرة.

وبالتالي، يصبح التصرف الذي يجب على معظم الناس فعله في حرب العملات هو تحويل مدخراتهم إلى أصول ليست عرضة للضرر بالتبعية في هذه الحرب. ويعني هذا أننا سنشهد موجة من المستثمرين الجدد في العملات المشفرة، والذين يرون فيها مأمناً من الأضرار التي قد تلحق بالعملات الرسمية.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.