تسببت خطط عملة فيسبوك Facebook المشفرة في إثارة القلق بين البيروقراطيين حول العالم. ويبدو أعضاء حكومة الولايات المتحدة خائفين من ترسيخ عملاقة التكنولوجيا أقدامها كمؤسسة مالية. وقبل عقد جلسات استماع الكونغرس الأميركي واجتماع مجموعة الدول الصناعية السبع المرتقب، ويأمل مشروع القانون الأميركي قيد المناقشة، قانون إبقاء شركات التكنولوجيا الكبيرة بعيدة عن الشئون المالية، في منع شركات التكنولوجيا الكبيرة من “الاحتفاظ بالأصول المشفرة أو تشغيلها”.
أعضاء الكونغرس يريدون إبقاء شركات التكنولوجيا الكبيرة بعيدة عن الشئون المالية
مباشرة بعدما أفصحت فيسبوك عن خططها لإطلاق عملة مشفرة جديدة تسمى ليبرا Libra، بدأ السياسيون حول العالم في التذمر. وفي الوقت الحالي ستواجه الشركة الناشئة التابعة لفيسبوك كاليبرا Calibra لجنة الأعمال المصرفية بمجلس الشيوخ الأميركي المقرر انعقادها في 16 يوليو/تموز، ولجنة الخدمات المالية بمجلس النواب في 17 يوليو/تموز، بالإضافة إلى اجتماع وزراء مجموعة الدول الصناعية السبع بشانتيلي بفرنسا في يومي 17 و18 يوليو/تموز. وقبل عقد جلسات الاستماع في يوم الخميس 11 يوليو/تموز، غرد الرئيس دونالد ترامب بحسابه على تويتر Twitter قائلاً إن “‘العملة الافتراضية’ الليبرا الخاصة بفيسبوك لن يكون لها مكانة تُذكر أو موثوقية” وأضاف:
“إذا كانت فيسبوك والشركات الأخرى تريد أن تصبح بنوكاً، فلا بد أن تحصل على ميثاق مصرفي جديد وتصبح خاضعة لجميع اللوائح المصرفية، تماماً مثل البنوك الأخرى، الوطنية والدولية على حد سواء”.
وفي اليوم الذي تلاه، اكتشفت وسيلة الأخبار ذا بلوك The Block مسودة مشروع قانون أميركي توضح أن الزعماء الأميركيين قد يتخذوا إجراءات ضد محاولة العملة المشفرة لفيسبوك. وسيكون قانون إبقاء شركات التكنولوجيا الكبيرة بعيدة عن الشئون المالية قانوناً يصدره ممثلو مجلس الشيوخ والنواب لكبح جماح غزو شركات التكنولوجيا الكبيرة للمجال المالي. ويوضح عنوان مناقشة مشروع القانون: “قانون لمنع المنصات الكبيرة من أن تكون مؤسسة مالية أو أن تنتسب إلى شخص يمثل مؤسسة مالية، ولأغراض أخرى”.
ويفصّل مشروع القانون: “لا يجوز لمقدمي خدمات المنصات الكبيرة إنشاء، أو حفظ، أو تشغيل أصل مشفر بغرض استخدامه على نطاقٍ نطاق واسع كوسيط للتداول، أو وحدة حسابية، أو مخزن للقيمة، أو أي وظيفة أخرى مشابهة، على النحو الذي يحدده مجلس محافظي نظام الاحتياطي الفيدرالي”. وتُحذر مناقشة مشروع قانون مجلس النواب أيضاً من توقيع عقوبات صارمة على شركات التكنولوجيا الكبيرة التي تخالف تشريع الكونغرس إذا أصبح قانوناً.
ويقول مشروع القانون: “أي منصة كبيرة أو مؤسسة مالية تنتهك الفقرة الفرعية (أ) أو (ب) ستخضع لغرامة لا تزيد عن مليون دولار عن كل يوم من هذا الانتهاك، بموجب إجراءات تتخذها الهيئة التنظيمية المالية الفيدرالية المختصة”.
وطبقاً لمصدر مطلع على الأمر، كانت مناقشة مشروع القانون يتم تداولها داخل لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب. وتأتي مناقشة مشروع القانون الأخير عقب طلب الحزب الديمقراطي توقف فيسبوك عن تطوير الليبرا حتى يبحث الكونغرس في المخاطر التي تنطوي عليها.
المتشككون يظنون أن الليبرا ستكون مركزية ومنتهكة للخصوصية
ويطالب الحزب الديمقراطي فيسبوك بوقف تطوير مشروع عملتها المشفرة المقترحة الليبرا. وإلى جانب ذلك، يريد زعماء الكونغرس أن تتوقف الشركة عن تطوير محفظتها الرقمية كاليبرا Calibra حتى يتسنى الوقت للكونغرس والهيئات التنظيمية لدراسة المخاطر المحتملة التي تشكلها على النظام المالي العالمي. وكتبت النائبة ماكسين واترز (عن الحزب اليميني بكاليفورنيا)، رئيسة لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب، خطاباً بالاشتراك مع أعضاء كونغرس آخرين تطالب فيه فيسبوك بتعليق العمليات. وأكد السيناتور شيرود براون، زعيم الحزب الديمقراطي في لجنة الأعمال المصرفية بمجلس الشيوخ، في بيان له قائلاً:
“فيسبوك بالفعل كبيرة جداً وقوية جداً، وقد استخدمت هذه القوة لاستغلال بيانات المستخدمين دون حماية خصوصيتهم. ولا يمكن أن نسمح لفيسبوك بإدارة عملة مشفرة جديدة خطيرة من حساب بنكي سويسري دون رقابة”.
وليس هناك شك أن الأصل المشفر المقترح لفيسبوك يخيف قادة الولايات المتحدة لأن بعضهم يؤمنون بإخلاص بأن: “الليبرا قد تشكل مخاطر ممنهجة تهدد الاستقرار المالي الأميركي والعالمي”. ويعتقد ميهاي أليسي، الشريك المؤسس للإيثريوم (ETH)، أن فيسبوك تحاول خداع الهيئات التنظيمية المالية بدفع عملة مشفرة مركزية داخل الاقتصاد. وأوضح أليسي في مقابلة أن عملاقة التواصل الاجتماعي تزعم أن العملة الجديدة لن يتم التحكم بها مركزياً، ولكنه يظن أنها تضلل الهيئات التنظيمية والرأي العام بهذه الوعود.
وأكّد أليسي: “تخطط فيسبوك لتضليل الهيئات التنظيمية التي تعلمت في السنوات القليلة الماضية أن البلوكتشين ليست شيئاً يسهل تنظيمه. ويجب أن تعامل ككيان يحاول إنشاء عملة مركزية. ولهذا آثار على العديد من المجالات، من الاقتصادية إلى السياسية إلى التكنولوجية إلى المراقبة وخصوصية البيانات. وتتلاعب فيسبوك بصورة نشطة بسلوك الناس على صعيد عالمي”.
وهناك بعض الأساليب المثيرة للقلق للغاية التي تستخدمها فيسبوك في تتبع زائري الموقع الإلكتروني. ويعتقد كثير من الناس أن إضافة أصل مشفر إلى مزيج 2.38 مليار مستخدم فيسبوك نشط أمر خطر. فعلى سبيل المثال، أثبت إدين جوزوبوفيك، وهو مبرمج وباحث في أمن الفضاء الإلكتروني يحمل شهادة سي إس آي إس، في 10 يوليو/تموز كيف تُضمّن فيسبوك بيانات التتبع داخل الصور التي تحملها. وأطلق جوزوبوفيك على النتائج التي توصل إليها “مستوى صادم من التتبع” وأكد على أن فيسبوك يحتمل أن “تتتبع الصور خارج منصتها بمستوى مزعج من الدقة عن صاحب الصورة لأصلي (وأكثر من ذلك بكثير)”. ولكثير من المتشككين في الليبرا، تثير أساليب اجتياح الخصوصية مثل مثال جوزوبوفيك السؤال: إذا كانت فيسبوك تستطيع تتبع الصور بدقة متناهية إذاً ما الذي يمنعها من تتبع تحركات عملة مشفرة بالأسلوب نفسه؟
العملة الفيدرالية Fedcoin
وتأتي محاولة الليبرا أيضاً بعد مشاريع بلوكتشين أخرى كبيرة واتحادات شركات العملات المشفرة مثل هايبر ليدجر Hyperledger، وآر ثري R3، واتحاد شركات الإيثريوم Enterprise Ethereum Alliance التي لم تنتج بعد أي منتجات مجدية. وتهدف عملة فيسبوك الرقمية إلى أن تكون عملة مستقرة مدعومة بالدولار الأميركي، ولكن بعض الناس متشككين من دوام فترة الدعم. ويتوقع الرئيس التنفيذي لغالاكسي ديجيتال Galaxy Digital مايك نوفوغراتس احتمالية إسقاط الليبرا لربط الدولار الأميركي عند نقطة ما في المستقبل. وبرغم خوف مسئولي حكومة الولايات المتحدة وقادة العالم من الليبرا، إلا أن بعض النقاد يؤمنون بأن المشروع قد يؤدي إلى صنع عملة رقمية مدعومة بالاحتياطي الفيدرالي. ويعتقد جوزيف غراندفست أستاذ القانون بجامعة ستانفورد أنه سيكون من المثير للسخرية إلى حد كبير إذا استنسخت الحكومة الأميركية حل الليبرا إن أصبح ناجحاً.
“سيكون من السخرية الرائعة لو أدى اقتراح عملة فيسبوك الليبرا بحكومة الولايات المتحدة إلى تطوير خاصية تعمل مثل الليبرا، وتكون مدعومة بودائع الدولار الأميركي، وتديرها حكومة الولايات المتحدة”.
وتشير صياغة مشروع القانون الذي تشارك فيه لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب إلى أن بعض البيروقراطيين عازمون على إيقاف شركات التكنولوجيا الكبيرة قبل حتى أن تبدأ مشروعاً للعملات المشفرة. وفي حالة تمرير القانون، فالغرامة التي قدرها مليون دولار عن كل يوم بسبب بدء مشروع عملة مشفرة ستجعل أي شركة تفكر مرتين.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.