تيد ليفنغستون هو المؤسس والمدير التنفيذي لتطبيق التراسل كيك Kik، وهو التطبيق الذي يستخدمه قرابة 40% من المراهقين في الولايات المتحدة الأميركية. وكانت شركة كيك قد أطلقت عملتها المشفرة الخاصة الكين (KIN) في عام 2017 في سياق خطط لإتاحة استخدامها على تطبيق التراسل.
توضيح هام: لا يدعي كاتب المقالة أنه يملك معرفة خاصة بخطط فيسبوك. هذا المقال مبني على خبرة كاتب المقال لمدة 10 سنوات في مجال التراسل والعملات المشفرة. يعتقد كاتب المقالة أن فيسبوك في طريقها لأن تحل محل الدولار الأميركي كعملة الاحتياط العالمية. تحدد هذه المقالة الخطوط العريضة لما قد يحدث. يأمل كاتب المقالة من وراء كتابتها أن تفتح نقاشاً أوسع حول تأثير فيسبوك والعملات المشفرة على المجتمع ككل، وما الذي يمكن لنا أن نفعله حيال ذلك.
كتب مارك زوكربرغ مؤخراً منشوراً طويلاً يحدد فيه الخطوط العريضة لتحول فيسبوك من المشاركة المفتوحة إلى الاتصالات المتسمة بالخصوصية. يبدو الأمر منطقياً، إذ يعاني الناس من نوبات القلق والاكتئاب الناجمة عن انفتاحهم على العالم مما يدفعهم إلى اللجوء إلى مساحات أصغر وأكثر حميمية على الويب. لا تملك فيسبوك خياراً إلا تغيير مسارها.
إلا أن هذا التحول يثير سؤالاً مهماً: كيف يمكن لفيسبوك في ظل هذا التحول أن تجني المال؟
صناعة المال في وسط الاتصالات المتسمة بالخصوصية
من المتعارف عليه أن تطبيقات التواصل الاجتماعي تجني المال عن طريق إضافة خاصية النشر العام، ووضع تلك المنشورات ضمن صفحة رئيسية، ثم وضع الإعلانات في تلك الصفحة الرئيسية. لدى فيسبوك ما يسمى بصفحة آخر الأخبار News Feed، ولدى سنابشات Snapchat ما يسمى بالقصص Stories، ولدى تويتر ما يسمى بالخط الزمني Timeline.
لم يُضِف مؤسسو كيك خاصية النشر العام لتطبيقهم، لرغبتهم في ألا يجبر الناس على إظهار أفضل ما في أنفسهم، بدلاً من أن يكونوا أنفسهم فحسب. اليوم، يقضي مستخدمو كيك وقتاً عليه أكثر من ذلك الذي يقضونه على تطبيقات مثل سنابشات، وتويتر، وإنستغرام. يحب الناس قضاء وقتهم في عالم لا توجد به خاصية النشر العام، والصفحات الرئيسية، وسجلات الإعجابات. إلا أنه بدون وجود صفحة رئيسية، فإن مؤسسي كيك اضطروا للتفكير في طرق أخرى لجني المال.
بعد 10 سنوات من البحث، وجد مؤسسو كيك أن أفضل طريقة لجني المال هي العملات المشفرة. فعن طريق إنشاء عملة مشفرة كوسيط للتبادل على تطبيق كيك، فقد أصبح من الممكن خلق شيء ذا قيمة مثل البتكوين (BTC) أو الإيثريوم (ETH). سمح ذلك لمؤسسي التطبيق ولمستخدميه أن يجنوا المال عن طريق بيع وحدات من تلك العملة، في سياق ارتفاع قيمة العملة المترتب على نمو الاقتصاد.
في عام 2017، أطلق مؤسسو كيك عملة الكين المشفرة. قاموا بإنشاء 10 تريليون توكن من كين، بيع منها تريليون عملة كين مقابل 100 مليون دولار أميركي. وقاموا بتخصيص 3 تريليون توكن لتطبيق كيك، وتخصيص 6 تريليون توكن لمطوري التطبيقات الراغبين في استخدام الكين كوسيلة لجني المال. في الشهر الماضي، الموافق فبراير/شباط من عام 2019، أنفق 80 ألف شخص عملة كين في 40 تطبيقاً مختلفاً. وبذلك تعد الكين من أكثر العملات المشفرة استخداماً في العالم.
ستطلق فيسبوك عملتها المشفرة قريباً. إلا أنه بدلاً من إنشاء عملة خاصة بالعالم الرقمي، فإن هدف فيسبوك يبدو أكبر من ذلك بكثير. إذ يبدو أنهم يرغبون في صناعة عملة خاصة بالعالم الواقعي، ولديهم كتيب إرشادات مضمون النتائج لكيفية تعويد الناس على استخدامها.
كتيب إرشادات وي تشات Wechat
في عام 2014، نشر الكاتب مقالاً بعنوان “السباق نحو أن تكون وي تشات الجزء الغربي من العالم“. بعد تسعة أشهر من نشر تلك المقالة، استثمرت وي تشات 50 مليون دولار أميركي في تطبيق كيك والذي قدرت قيمته السوقية بمليار دولار أميركي. تعليمات كتيب إرشادات وي تشات واضحة:
- قم بترغيب الناس في وضع أموالهم داخل تطبيق المراسلة.
- سهّل عملية تحريك الناس لأموالهم داخل التطبيق
- اخلق المزيد والمزيد من الأسباب لكي يترك الناس أموالهم داخل تطبيق المراسلة.
في عام 2014، استغلت وي تشات الظاهرة الثقافية المدعوة بـ “الأظرف الحمراء” لدفع الناس لإبقاء أموالهم داخل وي تشات. بدلاً من الانتظار لتسليم الناس مظاريف نقود مغلقة في مناسبات معينة، فقد أصبح ممكناً أن يستخدم الناس مظاريف افتراضية داخل غرف المحادثة الخاصة بالتطبيق. لم يمض الكثير من الوقت قبل أن ينتشر استخدام تلك الخاصية بين ملايين المستخدمين، وأدخلوا أموالهم بداخل وي تشات، واضعين إياها ضمن مظاريف حمراء افتراضية، وأرسلوها إلى جميع أنحاء البلاد.
مكّنت وي تشات الناس من سحب أموالهم في أي وقت، إلا أنها شرعت في إضافة أسباب لترغيب الناس في إبقاء أموالهم بداخل التطبيق: إذ أصبح بإمكانهم استخدام التطبيق في دفع فواتير الطاقة الكهرومائية، وشراء الطعام، وحجز إجازاتهم، بالإضافة إلى الكثير من الإمكانيات الأخرى. بعد وقت قصير، لم يعد أحد يرغب في أن يسحب أمواله خارج التطبيق. .
في الوقت الحالي، يستخدم 900 مليون شخص تطبيق وي تشات لإتمام تعاملاتهم اليومية، وبلغ الحجم السنوي لتلك التعاملات 10 تريليون دولار أميركي. في الصين، نجحت وي تشات في أن تحل محل العملة النقدية.
تنفيذ كتيب الإرشادات
اقتربت فيسبوك من أن تحصل على كل المقادير اللازمة لتنفيذ الخطوات الثلاث لكتيب إرشادات وي تشات.
أولاً، وسيلة الترغيب: الحوالات المالية.
يرسل الأشخاص العاملين في بلاد أجنبية مئات المليارات من الدولارات إلى بلدانهم الأم لأهلهم وأصدقائهم. تستغرق تلك العملية وقتاً، بالإضافة إلى تكلفتها المرتفعة وخطواتها المعقدة، بمتوسط تكلفة يبلغ 14 دولاراً أميركياً نظير إرسال 200 دولار أميركي فقط. إذا نجح فيسبوك في تزويد هؤلاء الأشخاص بطريقة لإرسال الأموال إلى بلدانهم الأم مجاناً، فقد تتغير قواعد اللعبة كلياً بالنسبة لعشرات الملايين من الأشخاص.
ثانياً، تحريك الأموال: البلوكتشين.
أحد أكبر الإنجازات الخاصة بالبلوكتشين هو تمكينها الأشخاص من نقل أموالهم دون الحاجة إلى أن يثقوا في أطراف ثالثة. كان ذلك مستحيلاً قبل البلوكتشين. سيسمح ذلك لفيسبوك بتفعيل خاصية المدفوعات في تطبيقاتها دون الحاجة إلى أن تتحول إلى بنك. وبذلك، وبدلاً من التنسيق مع المشرعين مثلما فعلت وي تشات في الصين، فستتمكن فيسبوك من طرح نظام مالي عالمي بدون الحاجة إلى خوض غمار عمليات التنسيق مع مشرعي القطاع البنكي دولة بدولة، وما يستتبعه ذلك من وقت وتكلفة.
ثالثاً، إبقاء المال في داخل النظام: المنصة.
بإضافتها لإمكانية تحويل المال داخل تطبيقاتها، ومن خلال استخدام البلوكتشين لتنفيذ تلك التحويلات، فستتمكن فيسبوك من طرح حل أرخص بعشر مرات لمشكلة يعاني منها عشرات الملايين من الأشخاص. ولكن ماذا عن الأشخاص الذين سيستقبلون تلك التحويلات؟
في البداية، سيقومون بسحب تلك الأموال من أجل إنفاقها على أغراض الحياة اليومية. ولكن، وكما فعلت وي تشات في الصين، فإن فيسبوك ستضيف المزيد والمزيد من الطرق لتمكين الناس من إنفاق أموالهم بشكل مباشر داخل تطبيقاتها: دفع الفواتير المنزلية، وشراء الطعام من المطاعم، شحن هواتفهم المحمولة، وغيرها الكثير. ستصبح تلك الوسائل الجديدة لإنفاق المال بداخل التطبيق أبسط وأكثر فعالية من البدائل الأخرى. بعد مرور وقت بسيط، لن يكون هناك سبب لكي يسحب أحد أمواله من التطبيق.
طريقة التنفيذ
في الوقت الحالي، فإن جزءاً كبيراً من خطط فيسبوك واضح للجميع. إذ تنوي الشركة طرح عملة مستقرة لتسهيل التحويلات المالية. من المعروف كذلك أن العملة سيتم طرحها في البداية على تطبيق واتساب Whatsapp. كما أن فيسبوك تنوي البدء بالهند.
وهذا منطقي إلى حد كبير. إذ تستقبل الهند حوالات مالية كل عام أكثر من أي دولة أخرى في العالم. ويعد تطبيق واتساب التطبيق الأكبر شعبية في الهند. كما أن طرح فيسبوك لعملتها في صورة عملة مستقرة سيسمح للأموال بالتحرك عبر البلوكتشين وضمان ألا تفقد تلك العملة جزءاً من قيمتها مقارنة بالعملة النقدية المحلية.
قد تسمح فيسبوك للمستخدمين بشراء عملاتها بداخل تطبيق واتساب وإرسالها إلى أهاليهم وأصدقائهم في بلدانهم الأم بالمجان. وسيقوم الناس في الهند بتحويل تلك العملة إلى عملة نقدية، إلا أن فيسبوك ستخلق أسباباً تدفع الناس إلى إنفاق عملاتها بداخل تطبيق واتساب. فكما استبدلت وي تشات العملات النقدية في الصين، فإن فيسبوك قد تنجح في استبدال العملة النقدية بعملاتها في الهند.
وبعد أن تحقق تلك العملة نجاحاً في الهند، ستقوم فيسبوك بالتوسع. ستتوسع فيسبوك في البدء في الدول التي تجري بها عمليات التحويل بكثرة، مثل الفلبين ومصر، ويأتي بعدهم المكسيك وفييتنام. لكي تنجح فيسبوك في دفع مستخدمي الدول المتقدمة إلى استخدام عملتها، فقد تلجأ إلى مزج تطبيقات واتساب وإنستغرام وفيسبوك ماسنجر ببعضهم البعض، من أجل السماح لعملاتها بالتحرك عبر تلك التطبيقات. من الممكن لعملتها أن تحل محل العملات النقدية في كل تلك الدول، وأن تصبح العملة الرئيسية لمليارات المستخدمين.
نهاية الدولار
قد يجادل خبراء العملات المشفرة بأن الأمر ليس مهماً. لأن قيمة الليبرا مرتبطة بقيمة الدولار، فالليبرا، بشكل جوهري، عبارة عن دولارات يمكن تداولها داخل البلوكتشين. تلك هي النقطة الأكثر أهمية. فمنذ وقت ليس ببعيد، كانت عملة الاحتياط للعالم هي الذهب، وكانت قيمة الدولار مرتبطة بقيمة الذهب. وفي أحد الأيام، قررت الولايات المتحدة فك ارتباط الدولار بالذهب، ممهدة الطريق لكي يصبح الدولار الأميركي هو عملة الاحتياط العالمية. يمكن هنا طرح السؤال التالي: ما الذي قد يمنع فيسبوك من فعل الأمر نفسه؟
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.