وضعت المنظمة الحكومية الدولية القوية المخصصة لمكافحة غسل الأموال والإرهاب المالي الصيغة النهائية لتوصياتها بشأن تنظيم العملات المشفرة للدول الأعضاء التي يبلغ عددها 37 دولة.

وكما هو متوقع، تشمل معايير مجموعة العمل المالي (FATF) التي أُصدرت يوم الجمعة 21 يونيو/حزيران مطلباً مثيراً للجدل بأن يتناقل “مقدمو خدمات الأصول المشفرة” (VASPs)، بما فيهم منصات تداول العملات المشفرة، معلومات عن عملائهم فيما بينهم عند تحويل الأموال بين الشركات.

وأقرت التوصية الأخيرة الجزء المثير للجدل من اقتراح فبراير/شباط الخاص بمجموعة العمل المالي، والذي يقول بأنه على الدول التأكد من أنه عند إرسال الشركات التي تعمل في العملات المشفرة للمال عليها أن: “تحصل على المعلومات المطلوبة والدقيقة عن المصدر (المرسل) والمعلومات المطلوبة عن المنتفع (المرسل إليه) وتحتفظ بها وتقدمها للمؤسسات المستفيدة إن وجدت. وعلاوة على ذلك، ينبغي أن تتأكد الدول من حصول المؤسسات المستفيدة على المعلومات المطلوبة (والتي ليست بالضرورة دقيقة) عن المصدر والمعلومات المطلوبة والدقيقة عن المنتفع والاحتفاظ بها”.

وبموجب التوجيهات الجديدة، تتضمن المعلومات المطلوبة لكل تحويل ما يلي: 

1. اسم المصدر (أي العميل المرسل).

2. رقم حساب المصدر عند استخدام هذا الحساب لمعالجة المعاملة (مثال: محفظة الأصول المشفرة).

3. العنوان القائم (الجغرافي) للمصدر، أو رقم الهوية الوطنية، أو رقم تحديد هوية العميل (أي ليس رقم المعاملة) الذي يحدد بشكل فريد المصدر للمؤسسة التي أصدرت الطلب، أو تاريخ ومحل الميلاد.

4. اسم المنتفع.

5. رقم حساب المنتفع عند استخدام هذا الحساب لمعالجة المعاملة (مثال: محفظة الأصول المشفرة).

وصرّحت مجموعة العمل المالي في بيان عام بأنها ستمنح الدول 12 شهراً لاعتماد الإرشادات بموعد استعراض محدد في يونيو/حزيران 2020، ووصفت “خطر إساءة استخدام المجرمين والإرهابيين للأصول المشفرة” بأنه مسألة “خطيرة وعاجلة”.

ويعد ما يطلق عليه قانون التنقل مطلباً طويل الأمد للبنوك الدولية عند إرسالها للمال بعضها للآخر نيابة عن العملاء. ولكن احتج مناصرو صناعة البلوكتشين بأنه سيكون شاقاً إن لم يكن مستحيلاً تطبيقه مع العملات المشفرة، ومضراً لخصوصية المستخدم، وسيؤدي إلى نتائج عكسية لأهداف المعنيين بإنفاذ القوانين.

توصيات الإنفاذ

وتشير القواعد التوجيهية أيضاً إلى أنه يمكن اعتبار الأفراد الذين يستخدمون محافظ العملات المشفرة في نقل القيمة بمثابة مقدمي خدمة الأصول المشفرة، وبالتالي خاضعين لشروط إصدار التراخيص، إذا كانوا يفعلون ذلك كتجارة على الأقل.

وتقول الوثيقة: “في حالات أن مقدم خدمة الأصول المشفرة شخصية طبيعية، فينبغي إلزامه بالحصول على الترخيص أو التسجيل في الولاية القضائية حيث تقع تجارته، وقد يتضمن تحديد ذلك عدة عوامل يجب أن تنظر فيها الدول”.

وقالت مجموعة العمل المالي إنه لا يُعد الأفراد مقدمين لخدمة الأصول المشفرة إذا كانوا يستخدمون العملات المشفرة لشراء البضائع أو الخدمات أو يجرون “تداولاً أو تحويلاً لمرة واحدة”.

وكذلك تعطي مجموعة العمل المالي للدول الخيار بمطالبة مقدمي خدمة الأصول المشفرة الأجانب الذين يقدمون المنتجات أو الخدمات في نطاق ولايتها القضائية بالتسجيل لدى السلطات المناسبة.

وتقول التوجيهات في مكان آخر: “يجب أن تتخذ السلطات المخولة التدابير التنظيمية أو القانونية اللازمة لمنع المجرمين أو شركائهم من امتلاكهم لمقدم خدمة الأصول المشفرة، أو أن يكونوا المالكين المنتفعين من حصة غالبة أو مميزة فيه، أو شغل وظيفة إدارية فيه”.

وأضافت: “يجب أن تتضمن مثل هذه التدابير مطالبة مقدمي خدمة الأصول المشفرة بالحصول على الموافقة المسبقة للسلطات على التغييرات الجوهرية في حملة الأسهم، وعمليات الشركة، والهياكل”.

ولأغراض الإنفاذ، توصي مجموعة العمل المالي بأن تنظر الدول في استخدام معلومات مفتوحة المصدر وأدوات استخراج البيانات من شبكة الإنترنت للكشف عن الأعمال غير المسجلة أو غير المرخصة التي تروج لخدماتها. وينبغي أيضاً على السلطات النظر في تقييمات الجمهور، والمعلومات الواردة من مؤسسات الإبلاغ و”المعلومات غير المتاحة لعامة الجمهور”، مثل تقارير الاستخبارات أو الجهات المعنية بإنفاذ القانون.

وتناولت التوجيهات الخدمات المصممة لحجب مصدر التحويلات بالعملات المشفرة، قائلة بأنه يجب على الدول التأكد من أن مقدمي الخدمات إما يمكنهم التعامل مع مخاطر التحويلات التي تستخدم أدوات الخلط أو الأدوات المشابهة، أو التخفيف منها. وتنص الوثيقة على أنه: “إذا كان مقدم خدمة الأصول المشفرة لا يستطيع التعامل مع المخاطر التي يفرضها الاشتراك في مثل هذه النشاطات أو التخفيف منها، فحينها لا يجب السماح لمقدم خدمة الأصول المشفرة بالاشتراك في مثل تلك النشاطات”.

وقالت مجموعة العمل المالي إنه يجب أن يكون بمقدور مقدمي خدمة الأصول المشفرة تجميد أو حظر المعاملات مع الأفراد المعاقبة بالجزاءات. 

ماذا عن التأثير قصير المدى؟

وقد حذرت شركة تحليل البيانات تشيناليسيس Chainalysis، ضمن شركات أخرى، من أن القواعد الرسمية الآن بدلاً من أن تحث على مزيد من الشفافية، قد تتسبب في أن تغلق الخدمات أعمالها أو تذهب أدراج الرياح.

ولكن رغم الاستماع إلى مثل هذه المخاوف في اجتماع استشاري لشركات القطاع الخاص بفيينا الشهر الماضي مايو/أيار، والذي جذب 300 حاضر، واصلت مجموعة العمل المالي، التي تقودها الولايات المتحدة عزمها.

وصرّح وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين في ملاحظات أدلى بها عن الجلسة العامة لمجموعة العمل المالي التي عقدت يوم الجمعة 21 يونيو/حزيران بأورلاندو بفلوريدا قائلاً: “باعتماد المعايير والمبادئ التوجيهية المتفق عليها هذا الأسبوع، ستتأكد مجموعة العمل المالي من ألا يعمل مقدمو خدمة الأصول المشفرة في الظلام”.

وقال إن هذا سيساعد قطاع التكنولوجيا المالية على “البقاء متقدماً بخطوة على الأنظمة الشريرة والمتعاطفين مع القضايا غير المشروعة”، وأضاف: “لن نسمح بأن تصبح العملات المشفرة المعادل للحسابات سرية الأرقام وسنتيحها للاستخدام السليم، ولكننا لن نتهاون في مواصلة استخدامها في النشاطات غير المشروعة”.

ولمزيد من الإيضاح: توصيات مجموعة العمل المالي المتعلقة بسياسات مكافحة غسل الأموال ليست إلزامية؛ وتعتمدها الدول الأعضاء بإصدار التشريعات أو كتابة القواعد التنظيمية. ومع ذلك، تدرج الدول التي تمتنع عن الامتثال بشكل فاضح لمعايير مجموعة العمل المالي في قائمة سوداء، مما يجعلها غير مستقرة للاستثمار الأجنبي.

وتأتي المبادئ التوجيهية المتعلقة بالعملات المشفرة قبل أسبوع من قمة مجموعة العشرين (G20) السنوية بأوساكا باليابان المقرر عقدها في 28 و29 يونيو/حزيران. وكانت مجموعة العشرين، المكونة من 19 دولة والاتحاد الأوروبي، تضغط من أجل التنسيق الدولي للقواعد التنظيمية للعملات المشفرة.

وكذلك تأتي المبادئ التوجيهية مباشرة قبل انتهاء فترة رئاسة الولايات المتحدة لمجموعة العمل المالي والتي تبلغ سنة واحدة في 30 يونيو/حزيران. وقد وضع مارشال بيلينغسلي، مسئول وزارة خزانة الولايات المتحدة الذي يشغل حالياً منصب الرئاسة الدورية، تطبيق معايير مجموعة العمل المالي على العملات المشفرة على رأس أولوياته.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.