من الممكن أن تؤثر هذه الخطوة في المنافسة وخصوصية البيانات، بحسب تحذيرات بنك التسويات الدولية Bank for International Settlements. 

تمثل خطة شركة فيسبوك Facebook لتشغيل عملتها المشفّرة الخاصة مخاطر على النظام المصرفي الدولي، ويجب أن تثير رد فعل سريع من صنّاع السياسات العالميين، وفقاً للمنظمة الممثلة للبنوك المركزية على مستوى العالم.

صحيح أنَّ خطوة الدخول إلى قطاع الخدمات المالية التي اتخذتها شركات كبرى في مجال التقنية، مثل فيسبوك وأمازون Amazon وعلي بابا Alibaba، من الممكن أن تؤدي 

إلى تسريع المعاملات المالية وخفض التكاليف، ولا سيما في دول العالم النامي، إلا إنَّها يمكن أن تؤدي أيضاً إلى تقويض استقرار النظام المصرفي الذي قد استرد عافيته لتوه بعد انهياره في عام 2008.

من جانبه، ردد بنك التسويات الدولية BIS التحذيرات التي أطلقها عدد من خبراء التقنية، وصرّح بأنَّه في حين أنَّ الأمر يحمل فوائد محتملة، إلا أنَّ تبني العملات المشفّرة خارج النظام المالي الحالي من الممكن أن يقلل المنافسة ويسبب مشكلات تتعلق بخصوصية البيانات. 

فقد صرّح المستشار الاقتصادي ورئيس قسم البحوث لدى بنك التسويات الدولية، هيون سونغ شين، قائلاً: “ينبغي أن يكون الهدف هو اتخاذ رد على دخول الشركات التقنية الكبرى مجال الخدمات المالية، بما يحقق الاستفادة من المكاسب والحد من المخاطر في الوقت نفسه”.

وتابع قائلاً: “لابد من تُصاغ السياسات العامة بناءً على منهج أكثر شمولاً يستعين بالتنظيم المالي وسياسات المنافسة وتنظيم خصوصية البيانات”. 

يأتي هذا التحذير الذي أصدره بنك التسويات الدولية يوم الأحد الماضي، 23 يونيو/ حزيران 2019، بعد يومين فقط من إعلان شركة فيسبوك اعتزامها إطلاق عملتها المشفّرة الخاصة، المسماة ليبرا، في عام 2020. سوف تتيح الشركة للمليارات من مستخدميها إمكانية إجراء المعاملات المالية من أي مكان في العالم؛ في خطوة من شأنها أن تؤدي إلى قلب الأوضاع 

في النظام المصرفي العالمي.

كان كريس هيوز، أحد مؤسسي شركة فيسبوك، قد ضم صوته الأسبوع الماضي، الأسبوع الثالث من يونيو/ حزيران 2019، إلى الأصوات التي تُعبّر حالياً عن مخاوفها من دخول شركة التقنية الكبرى قطاع المال، محذّراً من أنَّ عملة ليبرا قد تتسبب في انتقال النفوذ
إلى الأيدي الخطأ. 

فقد صرّح هيوز، الذي يشغل أيضاً منصب الرئيس المناوب لمشروع الأمن الاقتصادي Economic Security Project، وهو عبارة عن مجموعة من الحملات للقضاء
على الفقر، قائلاً: “حتى لو حققت ليبرا نجاحاً متوضعاً، سوف تُسلّم الكثير من زمام السيطرة على السياسات النقدية من البنوك المركزية إلى تلك الشركات الخاصة. وإن لم تتخذ الجهات التنظيمية العالمية إجراءً حيال ذلك الآن، قد يفوت الأوان قريباً جداً”. 

أمَّا شين، فقد قال إنَّ على صنّاع السياسات النظر في ما إذا كان النظام الحالي، الذي يسمح للبنوك بتحصيل المزيد من الأموال وبناء الاحتياطيات النقدية لحماية أنفسها في أوقات الأزمات، أجدر بالتفضيل من نظام أكثر تنافسية تكون تكاليف المعاملات المالية فيه أقل بكثير وإن كانت مرونة النظام المالي فيه ليست معروفة بالقدر نفسه.

فقد يتضح أنَّ الإغراء المتمثل في وجود منافسة أكبر بين العملات المشفّرة المتنافسة وهم
في حال صار مشروع مثل ليبرا من فيسبوك مهيمناً على مستوى العالم.

استطرد شين قائلاً إنَّ على صنّّاع السياسات كذلك تنسيق جهودهم لضمان أن تكون الأنظمة الجديدة منظّمة من أجل حماية العملاء ومنع تسهيل عمليات غسل الأموال.

على صعيد أكثر إيجابية، رحّب بنك إنجلترا بحذر بظهور العملات الرقمية الأسبوع الماضي؛ وصرّح بأنَّه لن يطوّر تنظيم صارم خاص به، بل سيعتمد على التنظيم الصارم لمبادرات القطاع الخاص.

من بين شركات التقنية الأخرى التي دخلت عالم المال شركة علي بابا، التي طرحت خدمة الدفع المسماة أليباي Alipay، وشركة إي باي eBay، التي طرحت خدمة الدفع باي بال PayPal. وهناك أيضاً بعض الشركات التقنية الكبرى التي بدأت في تقديم منتجات تأمينية باستخدام منصاتها كقناة توزيع لمنتجات جهات خارجية، ويشمل ذلك تأمين السيارة والتأمين الصحي. في حين غامرت شركات أخرى بالدخول في مجال الإقراض، للشركات الصغيرة والمستهلكين في الغالب، وعادةً من خلال إقراض مبالغ مالية صغيرة لمدد زمنية قصيرة.

بصفة أعم، حققت الشركات التقنية الكبرى تقدماً أعظم أينما كان توفير المدفوعات محدوداً وانتشار الهواتف المحمولة مرتفعاً. على سبيل المثال: بما أنَّ نسبة كبيرة من سكان اقتصادات الأسواق الناشئة لا يزالون من غير المتعاملين مع البنوك، فقد سمح ارتفاع معدل ملكية الهواتف المحمولة بتنفيذ الخدمات المالية الأساسية رقمياً، بما في ذلك المدفوعات غير النقدية، بالنسبة للأسر التي لم تكن من المتعاملين مع البنوك قبل ذلك وللشركات الصغيرة والمتوسطة. 

صحيح أنَّ معظم ذلك التقدّم كان في الصين، ولكنَّه آخذ في التوسع بسرعة في جنوب شرق آسيا وشرق أفريقيا وأميركا اللاتينية. مع ذلك، لا تزال الخدمات المالية تشكّل جزءًا ضئيلاً من أعمال الشركات التقنية الكبرى؛ إذ تشكّل نحو 11% فقط من الإيرادات في عينة من الشركات التقنية الكبرى.

تعقيباً على ذلك، قال بنك التسويات الدولية أنَّ الشركات الجديدة التي دخلت السوق قد تتمتع بميزة تنافسية على البنوك؛ بأن تخدم الشركات والأسر التي لا تزال من غير المتعاملين مع البنوك. ولكن سوف يتعين على الجهات التنظيمية أن تتأكد من تحقق مبدأ تكافؤ الفرص بين الشركات التقنية الكبرى، التي تتمتع بقاعدة عريضة من العملاء وإمكانية الوصول بسهولة إلى المعلومات والبيانات من جهة، والبنوك من الجهة الأخرى.

وأضاف بنك التسويات الدولية أنَّه، نظراً إلى أنَّ عمليات الشركات التقنية الكبرى تمتد عبر مناطق تنظيمية وحدود جغرافية مختلفة، فإنَّ من الأهمية بمكان أن يكون هناك تنسيق بين السُلطات المحلية والدولية.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.