نجحت فيسبوك في أمر واحد على الأقل ضمن خطتها تجاه عملتها المشفرة، وهو جذب الانتباه.
أخذ المشرعون في كل من الولايات المتحدة وأوروبا في المطالبة بإشراف قوي على هذا المشروع. ففي أحد الحالات، طالبت النائبة ماكسين ووترز بتعليق كامل للمشروع، بينما تتابع كافة الصحف وشركات التكنولوجيا والحكومات طموحات الفيسبوك عن كثب. فهُمْ يرون خططاً عظيمة تستدعي أسئلة كبيرة ليس لها أجوبة حتى الآن.
في بيان صدر يوم الثلاثاء الموافق 18 يونيو/حزيران، تحدث السيناتور شيرود براون قائلاً: “صار فيسبوك أكبر وأقوى من اللازم، وثَبُتَ أنه استغل بيانات عملائه من قبل دون حماية خصوصيتهم. وبالتالي، علينا ألا نسمح لفيسبوك بإطلاق عملة مشفرة جديدة محفوفة بالمخاطر من داخل أحد البنوك السويسرية دون أي إشرافٍ أو رقابة. لذا، أطالب مؤسسات الرقابة المالية بالتدقيق في هذا الأمر لضمان حماية المستخدمين”.
وماذا عن عالم العملات المشفرة؟ هي عربة مهرجين تحتوي على نوعين من البشر: متخصصين جادين في التكنولوجيا، وباعة جائلين حسني النية. ولكن في مجمل الأمر، يقف مجتمع العملات المشفرة منتبهاً للغاية لمسرحية مارك زوكربيرغ الجديدة. هناك من هو متفائل للغاية وهناك من يظن أن ما يحدث هو بداية لانهيار التكنولوجيا. ولنقرأ المشهد:
لنضع إيريك فورهيس، وهو أحد أشهر المدافعين الأميركيين عن البتكوين، في خانة المتفائلين. إذ يرى أن مشروع فيسبوك يمثل مكسباً عظيماً لصناعة البلوكتشين. إذ قال في تغريدة له على موقع تويتر Twitter: “تأملوا الصورة الكبرى وانظروا إلى أين وصلت الصناعة، فأكبر الشركات في عالم بصدد إطلاق عملة مشفرة خاصة بها. بوم!”.
وبعد الحفل، تحدث فورهيس عن قضايا الخصوصية في مشروع ليبرا: “من الواضح ان ليبرا ليست ‘عملة مشفرة خالصة’، وبالتالي، لا يجب أن ينتظر مستخدموها الحفاظ على خصوصيتهم. لا يجب أن ينتظروا المعايير العابرة للحدود التي لدى معظم العملات المشفرة. ومثال على ذلك أن ليبرا لن تُتاح في إيران نظراً للعقوبات المفروضة على البلد. والقضية الأخرى: يمكن للتحالف الحاكم أن يحجب أو يمنع بعض المعاملات بشكل صريح، لن تجد معاملات مالية حرّة هنا. وفي هذه النقطة، تتفوق أيضاً بقية العملات المشفرة على ليبرا. ولكن لنكن واقعيين، فمن المستحيل أن تطلق فيسبوك عملة غير قابلة للإيقاف (على الأقل في مراحلها الأولى)”.
ويمكننا وضع نائب مدير محفظة بي آر دي BRD للعملات المشفرة، سبنسر تشين ضمن قائمة المتفائلين أيضاً. إذ قال: “تعتبر ليبرا ركلة البداية للتبني الأوسع الذي تحتاجه البلوكتشين”.
حسناً، هذا رائع ومثير للاهتمام. لنذهب إلى موقع ريديت Reddit لنرى ما تحويه النقاشات هناك. في بادئ الأمر، سنرى لافتة بطابع إعلاني تتبعها بعض التعليقات.
ريديت كعادته، هائل!
بالنسبة لمنتديات ريدت المهتمة بالعملة المشفرة مثل /r/CryptoCurrency و/r/Bitcoin فقد تعمقت كثيراً في شأن مشروع ليبرا وهناك كم كبير من الضجر بشأن الطبيعة الأساسية لعملة ليبرا، وما فيها من تحكم مركزي وقابلية للرقابة واعتماد على العملات الرسمية، وأن طبيعة هذه العملة تضرب في جذور مبدأ العملة المشفرة. وهناك أيضاً حماس حقيقي تجاه العملة وما تعنيه بالنسبة للصناعة ككل.
طرح مدير المركز البحثي غير الربحي كوين سنتر CoinCenter أسئلة مهمة حول مستقبل ليبرا، إذ غرّد قائلاً: ” يجب حتماً أن يكون هناك توجه لانضمام المشروع إلى نادي التوكنات الاستثمارية بدلاً من محاولة استيفاء شروطه بالكاد (التي يبدو أن هواوي Huawie وغازبرومبانك Gazprombank يمكنهما استيفاءها)، وبالرغم من ذلك، لا زلت غير قادر على فهم آلية التصويت: هل هي أغلبية الأصوات أم ماذا؟”
وفي تغريدة أخرى قال: “ما يهمني هو هذه الفقرة، التي تعتبر أهم ما جاء فيما ورد اليوم. ولكوني أعرف بعض الأشخاص وراء هذا، إلا أنني لا أشك في إخلاص النوايا. ولكنه يصعب عليّ فهم الكيفية التي ستصبح بها ليبرا عملة مفتوحة للجمهور”.
بالرغم من توارد أسئلة حول النجاح الكلي لهذا المشروع خارج عالم العملات المشفرة، إلا أن الأسئلة التي تدور داخله تأتي بشأن الاحتمالات التي قد تغير العالم، سواء للأفضل أو للأسوأ. مع الأخذ في الاعتبار أن خبراء هذا المجال متحفزون للحديث عن القضايا بشكل أوسع وأكبر من الواقع.
كتب المدير التنفيذي لمنصة بينانس Binance، تشانغبينغ زاو قائلاً إن ثمة فرصة لدى فيسبوك “لقلب صناعة المدفوعات” والبدء في “التخلص من سطوة الدولار على العالم”.
بينما تأمل ماثيو غرين، الباحث في مجال التشفير في جامعة جونز هوبكينز، في احتمالات أكثر ظلمة، إذ غرد قائلاً: “أظن أنه من الصعب أن نعبّر عن التردي الذي سيتسبب فيه هذا المشروع. قل ما تشاء عن فيزا Visa وعن البنوك التقليدية، ولكنهم في النهاية لا يذيعون تفاصيل معاملاتك على الملأ”.
وبينما يقترب موعد إطلاق ليبرا، سيشهد العام المقبل بلا شك إجابات لأسئلة كبرى. ولن نرى هذا بالفعل قبل موعد الإطلاق، الذي سيكون في يوم ما في النصف الأول من عام 2020.
أياً كان المعسكر الذي ستجد نفسك فيه، لن يغير هذا من حقيقة أن أكبر وأقوى شركات العالم في التاريخ قد دخلت في شراكة مع عشرات الشركات العملاقة الأخرى في مشروع لتغيير النظام المالي، فالأمر يستحق التوقف ومتابعة ما يفعله مارك زوكربيرغ، سواء كنت متحمساً له أو مرعوباً منه أو كانت لديك أحاسيس مختلطة.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.