بالتزامن مع تحدي البتكوين ومجتمع العملات المشفرة لحدود عالم المال التقليدي، فإن إحدى الأصول الأساسية التي تأثرت بقوة البتكوين هي السلعة الأساسية: الذهب. وإذ يعتبره الكثيرون مكافئاً رقمياً للذهب، فقد شهدت البتكوين قدراً كبيراً من التبني في العالم الواقعي وفي سباقها أمام الذهب، وأثبتت مدى كفاءتها كمحرك للاستثمار لكل من المستثمرين وصناديق التمويل.

ومما لا يخفى على أحد أن الكثيرين يعتبرون البتكوين عملة رقمية مكافئة للذهب، ليس بسبب الهالة المتعلقة بها واعتبارها عملة ذهبية، وإنما بسبب التشابهات بين الأصلين. وبغض النظر عن الاستخدامات المتعددة للذهب بفضل كونه معدن، بدءاً من كونه موصل جيد للكهرباء إلى وجوده في أطقم أسنان 70% من زعماء المافيا، فإن الذهب دائماً ما ينظر إليه من زاوية كونه استثماراً آمناً.

وينظر الناس بنفس الطريقة إلى البتكوين، الأصل غير المادي الذي تجاوزت قيمته السوقية 100 مليار دولار أميركي، وبفضل خاصيته الأساسية كوسيلة دفع فإنه يتلقى الكثير من النقد بسبب كونه فرصة استثمارية متقلبة، أو على الأقل، هكذا ينظر إليه الكثير من المستثمرين التقليديين.

وقالت بتوايس لإدارة الأصول Bitwise Asset Management، في تقريرها الذي أرسلته إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية ما يلي عن البتكوين: “البتكوين هو أول سلعة رقمية في التاريخ”.

ويسرد التقرير ثلاث نقاط توضح الاختلافات بين ملكة العملات والسلع الأخرى في السوق. بدايةً، فإن البتكوين غير قابلة للاستبدال، فلا توجد تنويعات أخرى على العملة تختلف في درجة النقاء، كمثل التنويعات الموجودة في حالة الذهب والنفط. وثانياً، ونظراً لكونها أصل رقمي، فإن البتكوين يمكن نقلها وإرسالها إلى أي مكان، وفي أي وقت، وبين أي أطراف. وأخيراً، فإن البتكوين يمكن الإتجار فيها بشكل مباشر عن طريق منصة تداول ولا يحتاج إلى وجود وسطاء، ولذلك فهو يسمح “بالاستكشاف الحر للسعر”.

البداية

وبناءاً على ما تقدم بخصوص الأصلين الماليين، فإن الصراع بين الذهب في مقابل البتكوين أخذ منعطفاً حاداً. فقد أطلقت مجموعة غرايسكايل Grayscale الاستثمارية، وهي شركة إدارة أصول تركز على العملات المشفرة، حملة #DropGold مع إعلان حاد اللهجة في نقده للذهب، إذ ادعى الإعلان أن الذهب أصبح جزءاً من الماضي وأنه لا “فائدة” ترجى منه.

وجذبت حملة #DropGold انتباه الكثيرين، خاصة بالنظر لأداء الأصلين المتنازعين في الشهور القليلة الماضية. إذ انخفض سعر الذهب بنسبة 6% منذ فبراير/شباط الماضي، بينما ارتفعت قيمة البتكوين بما يتجاوز 40% منذ مارس/آذار. بالإضافة لذلك، فقد أشار المحللون إلى أن الأصلين بينهم علاقة عكسية، وأن معامل علاقة التسعين يوماً بين الإثنين في أدنى مستوياته منذ مارس/آذار.

رد الفعل

وبعد اجتياح حملة غرايسكايل لوسائل التواصل الاجتماعي بيوم واحد، فإن مجلس الذهب العالمي رد الضربة بإصداره تقريراً عن طريق آدم بيرلاكي، وهو مدير بحوث الاستثمار في مجلس الذهب العالمي. ومنذ البداية، فإن بيرلاكي صرّح بأن العملات المشفرة “ليست ملجأً آمناً” وليست بأي حال من الأحوال “بديلاً للذهب”. ولفت النظر إلى مدى التقلب، وقلة القواعد التنظيمية، والطلب على المضاربات، والكمية المحدودة من عملات البتكوين، ومع ذلك، فإن بيرلاكي أكد قائلاً: “بالرغم من ذلك، فإنه لا يوجد ما يمنع ظهور نسخة منقحة من العملة المشفرة، لتسحب القيمة من العملات الموجودة بالفعل”.

الداعمين

ومنذ بدء الحملة، تحزب داعمي كلا الطرفين وأبدوا آراءهم المتعارضة. وكان أحد أنصار الذهب الرئيسيون، ويدعى بيتر شيف، مؤسس ورئيس شيف جولد SchiffGold، وهي شركة رفيعة المستوى لتجارة للذهب في مانهاتن، قد رد على حملة #DropGold.

وقال شيف أن للذهب العديد من الاستخدامات التي ينكرها مناصرو البتكوين. وأكد شيف أن البتكوين ليس له قيمة استعمالية إطلاقاً، بينما استخدامات المعدن الأًصفر “واضحة”. وبحسب نص تغريدته: “أكثر الأمور إثارة للسخرية في حملة #DropGold، أنك لا تستطيع أن تعدن عن البتكوين بدون استعمال الذهب. تلك فقط واحدة من الاستعمالات العديدة للذهب والتي ينكرها المروجون للبتكوين. وبينما يغض هؤلاء النظر عن فوائد الذهب الواضحة، فإنهم يرون في البتكوين استعمالات لا وجود لها في الواقع!”

وأضاف شيف أن مشتري العملة المشفرة “صغار السن”، و”عديمي الخبرة”، و”أغبياء”. فالبتكوين، في رأي شيف، لا قيمة له، ولذلك، فإنه لا يوجد هدف من وراء طبيعة “مخزن القيمة” الخاصة به. وبرغم أن البتكوين قد تم اختراعه لكي يكون مخزناً مستقلاً للثروة، بعيداً عن طغيان الحكومات، فإن شيف اعتبر ذلك “من قبيل المصادفة، ويمكن أن يفقد تلك الخاصية في أي لحظة”.

ورد عدد من مناصري البتكوين، من بينهم إيريك فورهيز، مؤسس شيب شيفت Shapeshift وجون كارفالو، المدير التجاري الرئيسي لبيتريفيل Bitrefill، على نقد شيف لفائدة البتكوين. وقال كارفالو إنه واثق من أن “البتكوين ستحل محل الذهب مع الوقت”. واختتم تصريحاته بالإشارة إلى سبب بدء حلقة النزاع بين الذهب الرقمي والذهب، قائلاً: “ولذلك، فإن حملة #dropgold مناسبة وذات دلالة على ذلك التحول”.

وبينما توشك البتكوين على الوصول إلى كامل وهجها في الشهور القليلة المقبلة، ومع وجود مؤشرات بمسيرة ناجحة للغاية في الأفق، فإن وضع الذهب كمنافس لا يبدو جيداً. ومع ذلك، فإن البتكوين كانت أقل الأصول المالية استقراراً في الفترة الماضية، إذ تستجيب بشكل عنيف إلى كل شيء بدءاً من عمليات الاحتيال ونهاية بالقواعد التنظيمية، مما أدى إلى حركات نزوح تقدر بمليارات الدولارات، وتراجع مستوى الثقة في قدرات البتكوين على منافسة الذهب المستقر.

ولذلك، فإن السؤال يبقى على الساحة، هل تستطيع البتكوين بانتشارها الواسع والعالمي، والبعيد عن الرقابة كوسيلة دفع ومخزن قيمة، أن تتجاوز سلعة مستقرة نسبياً مثل الذهب، أم سيقصي الذهب الحقيقي نظيره الرقمي؟

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.