كشف موقع ماذربورد Motherboard أن شبكة تواصل اجتماعي وُصفت بأنها “مناهضة للفيسبوك” قد أصبحت ملجأً للنازيين الجدد المرتبطين بجماعات مسلحة.

تعتبر مايندز شبكة تواصل اجتماعي مفتوحة المصدر مقرها الولايات المتحدة تعتمد على الشفافية، وحرية التعبير ومكافآت العملات المشفرة للمستخدمين. وقد ركزت غالبية التغطية الصحفية الخاصة بشبكة مايندز، التي تأسست في عام 2015، على كيفية تحديها لعمالقة التواصل الاجتماعي وتبنيها للعملات المشفرة، كما أشارت إلى أسلوب الموقع البسيط في الإشراف على المحتوى، الأمر الذي أدى إلى انتشار آراء أنصار اتجاه اليمين المتطرف في المنصة.

وقد اتخذت كبرى شركات التقنية مثل فيسبوك وتويتر خطوات مثيرة للجدل إلا أنها كانت غير مكتملة في الشهور الأخيرة لحظر الحركات القومية الغربية ومنع المحتوى الداعم لليمين المتطرف في منصاتها. ظهرت مواقع تواصل اجتماعي ناشئة مثل موقع غاب Gab ( وهو موقع مشابه لموقع تويتر معروف بانتشار المستخدمين من حركات اليمين المتطرف). لا يتمتع موقع مايندز بالشعبية مثل موقع غاب، إلا أن أنصار اليمين المتطرف قد انتشروا في المنصة في السنوات الأخيرة.

تتيح المواقع التي تفتقر إلى الرقابة مثل موقع مايندز، التي تمتلك قواعد رقابة وممارسات أقل صرامة من شركات التواصل الاجتماعي الكبرى، للمجموعات التي تحض على الكراهية التواجد على الإنترنت دون قيود، حتى عندما تطردهم منصات مثل فيسبوك وتويتر لديها ملايين المستخدمين. يتيح موقع مايندز للمستخدمين التحكم في المحتوى باستخدام “نظام تحكيم” يتيح للمستخدمين التصويت على الإبقاء أو حظر المحتوى في الموقع.

وصل موقع ماذر بورد إلى موقع مايندز بعد تعقب آثار بعض مجموعات اليمين المتطرف على الإنترنت بما فيهم فرع Atomwaffen (وهي مجموعة كراهية أميركية ارتبط اسمها بعدة عمليات قتل) وفرع  Feuerkrieg ومقره أوروبا، والذي يُعرف نفسه بأنه مجموعة شبه عسكرية وقد نادى بالقيام ببعض الاغتيالات السياسية. تمتلك بعض الشخصيات المتصلة بتلك المجموعات على شبكات التواصل الاجتماعي حسابات في موقع مايندز.

بالإضافة إلى تلك الجماعات شبه العسكرية، هناك حسابات في موقع مايندز مرتبطة بجبهة باتريوت Patriot Front، وهي منظمة قومية غربية مرتبطة بقاتل هيذر هيير المنتمي إلى النازيين الجدد أثناء مسيرة “توحيد اليمين” في عام 2017 في مدينة شارلوتسفيل، وكذلك الفرع الكندي من Generation Identity، وهي جماعة كراهية ظهرت مؤخراً بعد أن تمت الإشارة إلى أن المتهم بارتكاب عملية كرايستشيرش الإرهابية قد تبرع بالأموال لأحد فروعها في أوروبا.

تتمثل إحدى التكتيكات التي تتبناها الجماعات اليمينية المتطرفة للحفاظ على التواصل مع المجندين المهتمين وسط عمليات التضييق عليها في مواقع التواصل الاجتماعي في الإعلان عن عناوين البريد الإلكتروني المشفرة وربط حسابات بين المنصات.

أعلن منشور على حساب في موقع مايندز مرتبط بفرع Feuerkrieg يوم 19 مايو/آيار عن حساب الجماعة الموازي على موقع غاب وعرض بريده الإلكتروني على موقع بروتون ميل ProtonMail المشفر. ويراقب اتحاد أبحاث وتحليلات الإرهاب (TRAC)  ومشروع مناهضة التطرف (CEP)  غير الهادف للربح هذه الجماعة.

وأشار بيل أوتمان مؤسس موقع مايندز عندما اتصل به موقع ماذربورد أن محتوى النازيين الجدد في موقع مايندز “سيء”، ولكنه يعتقد أن موقع مايندز يمثل المكان الذي يمكنه استضافة حواراً مدنياً مع المتطرفين من شأنه أن يخفض من تطرفهم.

واكتسب أوتمان اهتماماً كبيراً بعد أن أدلى بتصريحات لجو روغان في البودكاست الخاص به ولإعلامي شبكة فوكس نيوز المثير للجدل تاكر كارلسون عن مخاطر شبكات التواصل الاجتماعي وتأثيرها على حرية التعبير في الولايات المتحدة.

قال أوتمان: “هؤلاء الأفراد مرضى للغاية، ولكن عليك أن تنظر للصورة الكلية وأن تسأل نفسك: ما الذي يحدث في الإنترنت كنظام إيكولوجي؟”، وأضاف: “قد نرى أن إقصاء الشبكات الكبرى لكل هؤلاء المستخدمين إلى الأركان المظلمة من شبكة الإنترنت يعتبر تصرفاً غير مسؤول”.

يهدف موقع مايندز بشكل عام للسماح في منصته بالمحتوى الذي قد لا يكون مقبولاً في أي مكان آخر. ومع ذلك، تنص سياسة المحتوى الخاصة بالموقع أن نشر أي محتوى إرهابي أو ينطوي على “تهديدات حقيقية” بالعنف يمثل جريمة ينبغي حظرها.

وبعد أن نشر موقع ماذربورد ستة حسابات من موقع مايندز على صلة بالنازيين الجدد أو جماعات كراهية أخرى، مع الإشارة إلى سياسات الموقع التي تحظر المحتوى ذو الصلة بالإرهاب، حظرت الشركة فرع Atomwaffen بسبب “الأنشطة الإرهابية” وفرع Feuerkrieg وحساباً آخر مرتبط بالنازيين الجدد بسبب “التحريض على العنف”.

وجاء في بيان موقع مايندز الموجه إلى موقع ماذربورد: “نشكرك على التقارير. اتخذنا بالفعل إجراءات بشأن عدد من الحسابات ونحقق في شأن بعض الحسابات الأخرى.”

ينتمي أحد الحسابات المحظورة إلى مؤسس إحدى مجموعات الدعاية لاتجاه النازيين الجدد على موقع مايندز التي لديها أكثر من 350 عضو، إلا أن صفحة المجموعة ما زالت موجودة على الموقع. ما زالت الصفحة نشطة بشكل كبير إذ تنشر عدة منشورات جديدة يوم الجمعة فقط، بما في ذلك منشور طويل تحاول فيها إثبات أن الهولوكوست لم يحدث.

وقال أوتمان أن فريق الرقابة على المحتوى الحالي في موقع مايندز يتكون من “خمسة” أفراد، تتمثل وظيفتهم في مراقبة قائمة التقارير وتحديد المنشورات المؤشرة أنها غير آمنة، أو حظر الحساب المخالف.

ويمكنك أن ترى على موقع مايندز صور تشير إلى معاداة السامية، والنازية، والنازية الجديدة والتفوق الأبيض ضمن أمور أخرى. ومع ذلك، يتم حجب بعض المنشورات بشكل متقطع مع وضع علامة السن مما يشير إلى أن المحتوى مناسب للكبار.

لاحظ موقع ماذربورد صورة صليب معقوف ضبابي إلى حد ما في حساب متصل بفرع Feuerkrieg قبل أن يتم حجب الحساب وطُلب من المستخدم تأكيد أن عمره أكبر من 18 عاماً لإزالة الضبابية.

هناك صور في المجموعة المرتبطة بالنازيين الجدد التي لديها أكثر من 350 متابع ولم يتم حظرها على موقع مايندز تظهر محتوى عنيفاً، بينما وُضع على منشورات أخرى علامة السن. بينما كان هناك منشور آخر يكشف هوية شخص يوصف بأنه “خائن العرق” وكان المنشور مرئي للجميع. وقد أشارت سياسة محتوى موقع مايندز إلى أن كشف هوية الأشخاص الحقيقة عن عمد سيؤدي إلى الحظر.

وأخبر جوشوا فيشر بيرش من مشروع مناهضة التطرف لموقع ماذربورد في بريد إلكتروني: “سيحاول دوماً اليمين المتطرف البحث عن ثغرات في سياسات المحتوى للقيام بالدعاية والتحريض على العنف. ولكن الأمر المتغير يتمثل في قيام شركات التواصل الاجتماعي بوضع حدود وقرار عدم المشاركة في تلك المساعي”.

وأضاف موقع مايندز الأسبوع الماضي إجراءات أخرى متعلقة بإدارة الموقع تهدف إلى إدارة المحتوى التحريضي على الموقع، مع الإشارة إلى التزامها بدعم “حرية التعبير”. يتيح النظام للمستخدمين التصويت على إتاحة المحتوى المحظور من خلال نظام تحكيم مخصص.

وبعد أن يتخذ فريق موقع مايندز إجراءً بشأن منشور مؤشر يمكن لصاحب الحساب الطعن على القرار. عندما يحدث ذلك، يتم اختيار 12 مستخدم بشكل عشوائي ويُطلب منهم المشاركة في تصويت على منشور. وإذا وافقت 75% من لجنة التحكيم على رفض قرار فريق موقع مايندز، ينجح الطعن على القرار. إذا لم يحدث ذلك، يتم تنفيذ القرار. يتاح لمستخدمي موقع مايندز ثلاث محاولات إلا إذا صُنف المنشور على أنه “جريمة تستحق الحظر الفوري”.

وبما أن نظام التحكيم لا يعطي للمستخدمين رأياً أولياً بشأن المحتوى، إذ تتم مشاركة رأي لجنة  التحكيم مع فريق موقع مايندز فقط، في الوقت الحالي فإن نظام التحكيم يعتبر بمثابة فرصة للمستخدمين لإبداء رأيهم فيما إذا كانوا يريدون حظر المحتوى على الموقع.

وصرح موقع مايندز أنه يعتزم توسيع صلاحيات نظام التحكيم ليعالج التقارير الأولية والطعون. كما يزعم الموقع أنه طور نظاماً تلقائياً لإيجاد المنشورات التي تنتهك معايير الموقع، وتقديم تقارير المستخدمين الأكثر إلحاحاً التي يتعين على فريق الإشراف التعامل معها.

وقد جاء في بيان الموقع: “نلتزم بدعم حرية التعبير والشفافية ومناهضة التطرف والعنف، ويتمثل هدف نظام التحكيم في إيجاد عملية أكثر ديمقراطية وعدالة لمراجعة قرارات الإشراف في مقابل إجبار المجتمع على الالتزام بقرارات سلطة مركزية واحدة بدون شفافية.”

هذا وتتمثل أحد خصائص موقع مايندز الفريدة في تنفيذه لتوكنات عملات مشفرة تسمى المايندز يمكن للمستخدمين الحصول عليها عبر استخدام الموقع. ويحصل المستخدمون على التوكنات على أساس مساهمتهم في موقع مايندز، إذ تحصل الحسابات الأعلى مشاركة على عدد أكبر من التوكنات، أو يمكن شرائها بعملات مشفرة تعادل 15 سنتاً أميركياً.

ويمكن استخدام تلك التوكنات في دعم المنشورات على صفحات المستخدمين الآخرين، أو استخدامها كعملة بين المستخدمين (على سبيل المثال في إطار اتفاق تبادل المحتوى)، أو لشراء مزايا استثنائية في موقع مايندز. وقال أوتمان: “يعطيك التوكن الواحد 1000 انطباع جديد، يتم إعطائها على أساس من يحدث صفحته”.

وقد استفادت حسابات اليمين المتطرف على موقع مايندز بالفعل من اقتصاد التوكنات القائم على المشاركات. في معظم الحالات، لا توجد الكثير من الأموال المتداولة، ولكن يمكن استخدام التوكنات على موقع مايندز لنشر رسائل اليمين المتطرف بشكل يفوق قدرتها على ذلك.

وحصل حساب فرع Fuerkrieg على موقع مايندز على واير، وهو مبلغ مدفوع بين المستخدمين لمكافأة صناع المحتوى، وخمسة توكنات. وقد وصلت صفحته، المليئة باستعارات معادية للسامية ودعاية تحث متابعي الصفحة على “التحرك”، إلى 27 ألف مشاهدة.

وقد اقترب حساب آخر في موقع مايندز، قد تم حظره بعد أن أثار موقع ماذربورد الموضوع، من 550 ألف مشاهدة وحصل على 38 توكن وأربعة واير. إذ نشر صورة كرتونية عن رجل يهودي يتم سحله.

وأشار أوتمان أنه بإمكان موقع مايندز حرمان الحسابات من التوكنات على المنصة، قائلاً: “هل يمكننا حرمان المستخدمين من الحصول على (التوكنات)؟ نظرياً، نعم يمكننا ذلك”.

وأضاف أوتمان أنه اقتراح محل النظر في موقع مايندز، لأنه إذا كان هناك حساب يتصرف بشكل سيئ لدرجة أن يتم حرمانه من اكتساب التوكنات عبر الموقع (على الرغم من أنه يمكنه شراؤها بوسائل أخرى)، فإنه يمكن حظر هذا الحساب بمنتهى البساطة.

ويختلف نهج موقع مايندز عن نهج شبكات التواصل الاجتماعي السائدة التي، رغم بطء إجراءاتها، اتخذت خطوات لكبح التطرف اليميني في منصاتها بعد احتجاجات عامة واسعة النطاق.

إذ قال فيشر بيرش: “إن شروط الخدمة المتسقة وسياسات المحتوى المقترنة بالتطبيق القوي والمتسق عبر منصات متعددة من شأنها أن تمنع الجهات الفاعلة والعنيفة من إساءة استخدام هذه المواقع”.

ويبدو نهج موقع مايندز سلاح ذو حدين، على الأقل في بعض النواحي. فقد أشار تقرير لوكالة فرانس برس إلى أن أكثر من مئة ألف فرد انضم إلى موقع مايندز من فيتنام بعد أن مررت الحكومة الفيتنامية قانوناً يقمع المعارضة على شبكة الإنترنت إذ خشي المواطنون أن يؤثر موقع الفيسبوك على الخطاب السياسي وفقاً للسياسات الحكومية الفيتنامية.

ومع ذلك، من الواضح أن نفس هذا النهج جعل من موقع مايندز المكان المثالي للتواصل بر شبكة الإنترنت لداعمي النازيين الجدد وحركات التفوق الابيض، بالإضافة إلى المنظمات التابعة لهم، ممن يزعمون أنهم مسلحون ومستعدين للعنف.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.