زعم أحدث تقرير لمراقبة لحالة السوق، والصادر من مؤسسة شفافية البلوكتشين، أن منصة التداول بينانس، وهي أكبر منصة تداول للعملات المشفرة في العالم من حيث أحجام التداول، تمارس ما يبدو أنه تزوير في أحجام التداول.

تزييف حجم تداول العملات المشفرة

تهدف مؤسسة شفافية البلوكتشين (BTI)، وهي مجموعة مكونة من عدد من الباحثين في علوم البيانات، إلى زيادة مستوى الشفافية في سوق العملات المشفرة. وعكفت المؤسسة في الشهور الأربعة الأخيرة على ابتكار خوارزمية جديدة تهدف إلى التعرف على الحسابات الفردية على منصات تداول العملات المشفرة المضطلعة في عمليات تزوير التداول، وهي العملية التي يقوم فيها المتاجرون ببيع وشراء الأوراق المالية بغرض تضليل السوق بمعلومات خاطئة عن أحجام التداول على المنصة.

وبعد عدة شهور من الأبحاث، اكتشفت المؤسسة أن ما نسبته 10% من التداول على منصة بينانس ناجم عن تزوير التداول. ولوحظت معظم عمليات تزوير التداول في 30 زوجاً من العملات على المنصة، مع وصول نسبة التداول المزور في بعض تلك الأزواج إلى ما يقرب من 75%. ومع ذلك، كانت أحجام التداول الصحيحة للأزواج الكبرى على المنصة، والمسئولة عن معظم أحجام التداول، مثل البتكوين (BTC) والإيثريوم (ETH)، تتراوح ما بين 85 إلى 95 بالمائة من الحجم المعلن عنه.

لم تعد منصة بينانس “منصة معتمدة” برغم كون معظم تداولاتها صحيحة بالمقارنة ببقية المنصات. وبحسب تقرير مؤسسة شفافية البلوكتشين: “نسبة أحجام التداولات المزورة تتراوح بين 88 و92% بحسب اليوم. يتم تزوير 92% من حجم تداول البتكوين. ومن بين أعلى 40 منصة بمعيار حجم التداول، فإن ما يقرب من 65% من أحجام تداول البتكوين على تلك المنصات يجري تزويرها. معظم عمليات التزوير تلك تقوم بها منصات أوكيه إكس OkEx وبيبوكس Bibox وهيت بتكوين HitBTC وهوبي Huobi”.

وجرى استخدام عدد من الإستراتيجيات من أجل خداع المستثمرين، مثل شراء المتابعين والإعجابات على منصات التواصل الاجتماعي، وتزوير سجل الطلبات، ومحاكاة التداول المزور على المنصات الأخرى، واستخدام برامج البوت bots التي تمنع تأثر أسعار العملات بعمليات تزوير التداول. وكنتيجة لذلك، فإن تلك النشاطات الاحتيالية قد تحولت إلى صناعة كاملة مع تواجد مقدمين لتلك الخدمات في الأسواق السوداء.

وفي منشور، علق ليفيو وينغ، المدير التنفيذي لمنصة هوبي، قائلاً: “تعد مشكلة تزوير التداول من المشاكل الجدية في صناعتنا، ومن حق الناس أن يعرفوا إذا ما كانت الأرقام التي تزودهم بها المنصات بخصوص أحجام التداول حقيقية أم لا. يجب ألا تكون هناك استثناءات، ونرى أن تحالف المسئولية عن البيانات والشفافية (DATA) خطوة طبيعية مع نمو صناعتنا من ناحية النضوج ومن ناحية تقبل الرأي العام لها”.

وقال ألون كارنييل، مدير العمليات في ألغوز Algoz في مقابلة أجراها مؤخراً، إن منصات تداول العملات المشفرة هي المستفيد الرئيسي من تلك الأنشطة الاحتيالية لأنها تصبح أكثر إغراءاً للشركات الناشئة الجديدة والتي تصبح أكثر استعداداً لدفع رسوم إدراج مرتفعة. وبالطبع، فإن مؤسسة شفافية البلوكتشين كشفت أن رسوم الإدراج في منصات التداول التي تزور أحجام التداولات تصل إلى ما يتجاوز 150 عملة بتكوين.

ومن المتوقع أن تستمر الأنشطة الاحتيالية طالما كان هناك من يستفيد منهم. وبرغم الأسئلة التي تثيرها تلك الأنشطة بخصوص الصناعة ككل، فإن ترافيس كلينغ، مدير المعلومات في شركة إيكاجي Ikagi لإدارة الأصول، يعتقد أن بعض المنصات قد تعتمد على تلك الممارسات من أجل أن تظل على قيد الحياة.

ويمثل ذلك خطوة للوراء في اتجاه التبني واسع النطاق لتلك التكنولوجيا في الولايات المتحدة، بخاصة من وجهة النظر القانونية. وقال جاي كلايتون، مدير هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، في مقابلة مع قناة CNBC، إن هناك الكثير مما يجب على المشرعين وواضعي القوانين عمله من أجل توفير إطار عمل والقواعد الإرشادية اللازمة لأسواق العملات المشفرة.

وأضاف كلايتون: “لدينا عدد من القوانين المعقدة وأدوات المراقبة التي تضمن ألا يتلاعب الناس بالأسواق المالية. لا تملك أسواق العملات المشفرة تلك القوانين. ونحن نعمل بجد لكي نصل لتلك النقطة، ولكني لا أستطيع الضغط على زر بين ليلة وضحاها وأقول أن تلك الأسواق مطابقة لأسواق الأسهم والسندات”.

وبرغم أن هناك عدة منصات تداول تعمل مع المشرعين من أجل أن تظل ممتثلة للقواعد وأن تحافظ على دقة كاملة في تقاريرها عن أحجام تداولاتها، مثل كراكين Kraken، وكوين بيس Coinbase وبيتسو Bitso، فإن هناك عدداً من المنصات التي تتمتع بغياب تام للرقابة التنظيمية مما يسمح لها بارتكاب أنشطة “غير تقليدية”.

وأشار لاري سيرماك، مدير الأبحاث في مؤسسة ذا بلوك The Block، أن مؤشر منصة بتميكس BitMEX يسهل التلاعب به لتسييل آلاف التعاملات على المنصة.

بالإضافة إلى ذلك، فقد أوضح مستخدم لموقع تويتر، واسمه المستعار كريبتو مان Crypto Man، مخطط تقوم به بتميكس في الوقت الحالي يسمح للفاعلين ذوي النوايا السيئة بالوصول إلى صدارة منصة التداول وإنشاء مجموعات مدفوعة الأجر وادعاء أنهم نجحوا في مضاعفة رصيدهم التجاري بمئات المرات في فترة قصيرة. وفي واقع الأمر، فإن هؤلاء الفاعلين يتلاعبون بجدول الصدارة من أجل خداع المتاجرين.

وسيتضح في المستقبل إذا ما كانت تلك الممارسات ستختفي من سوق العملات المشفرة، مما سيسمح بتطبيق التكنولوجيا بشكل أفضل. وإلى أن يحدث ذلك، فإن المستثمرين سيظلون عرضة لطيف واسع من المخاطر مثل الانهيار الخاطف لمنصة بولونيكس Poloniex والذي تسبب في خسائر لمستخدمي المنصة بقيمة كلية تبلغ 1800 عملة بتكوين.