احتفلت عملة المونيرو (XMR)، أكثر العملات الداعمة للخصوصية شعبية، بمرور خمس سنوات على ظهورها.

اُطلقت المونيرو في أبريل/نيسان عام 2014، معتمدة تماماً منذ اللحظة الأولى على التمويل الجمعي. وتماهياً مع هذه البنية اللامركزية الجماهيرية، فالمونيرو طُوّرت بالكامل تقريباً بأيدي المتطوعين.

وصَرَحَ دييغو سالازار، المُساهم بالمونيرو لمحرر موقع كوين ديسك CoinDesk أنَّ: “المونيرو ملتزمة ببنيتها اللامركزية وجذورها الجماهيرية، فنحن لم نُعدّن عملات حصرية. ولا نأخذ نسبة من مكافآت البلوك. ولم يكن هناك عرض أولي للعملة (ICO)”. ويُقدّر سالازار عدد المُتطوعين العاملين على مشروع المونيرو بين 100 إلى 200 مُتطوع “رهناً بالوقت المتاح والتوافر”.

إضافة لذلك، فطبقاً لسالازار لا يدور المشروع حد ذاته حول بناء بروتوكول بلوكتشين فقط. بل هو بالأساس حول إعادة تعريف ودعم حركة عالمية متمركزة حول الخصوصية الرقمية.

وقد أخبر سالازار موقع كوين ديسك، “نحن لا نحاول فقط صنع عملات مُشفرة عالمية. نحن نحاول تعليم الجموع أهمية أشياء مثل الخصوصية. إنًّها أداة قوية للغاية، وأظن أنَّها أداة ضرورية في يومنا وعصرنا هذا”.

ولهذا، أطلق “سير هاك” المُطوّر الإيطالي الجنسية والمُساهم بعملة المونيرو، نسخة بي دي إف مجانية من كتاب Mastering Monero احتفالاً بالذكرى الخامسة لصدور العملة. وكان قد نُشر الكتاب بداية في أواخر عام 2018، بتمويل كامل من مجتمع المونيرو ليعلم غير مُستخدمي العملات المُشفرة أهمية “المعاملات الخاصة المقاومة للرقابة”. واحتفل مجتمع مشروع المونيرو عبر الانترنت بالذكرى بتنظيم أحداث احتفالية، وحتى بأحجية احتفالية.

ورغم أنَّ المونيرو ليست بالبلوكتشين الوحيدة التي تُفخر بمعاملات خاصة على الشبكة الرئيسية، إلا أنَّها الأكبر من حيث القيمة السوقية، المُقدرة بمليار دولار أميركي طِبقاً لبيانات موقع كوين ماركت كاب CoinMarketCap.

وخلال هذه السنوات الخمس، خاض المشروع سلسلة من الترقيات الجوهرية سعياً إلى تحسينه، إضافة إلى دعم إمكانية الاستبدال وخصوصية المعاملات.

الحد الأدنى من مستوى الخلط

قال جاستين إيرنهوفر المُساهم بالمونيرو لموقع كوين ديسك إنَّه: “من المهم للغاية لإمكانية استبدال المونيرو، ألا نعلم مصدر الأرصدة التي تتسلمها. وبهذه الطريقة لن تعرف إذا ما كانت الأرصدة المستلمة اُستخدمت لأية أغراض سابقة”.

هدفت المونيرو منذ البداية إلى تعتيم مصادر الأرصدة من خلال ما يُعرف بـ”التوقيعات الحلقية”. إذ يمكن لعضو من مجموعة المشاركين، لدى كل منهم مفتاحه الخاص، التوقيع على المعاملات المالية عبر التوقيعات الحلقية، ولكن بشكل يجعل من الصعب معرفة هوية أي من الأعضاء ساهم حقاً بهذا التوقيع الرقمي.

فكما أوضح إيرنهوفر: “يمكنك عند إرسال الأموال على شبكة المونيرو، اختيار تحويلات مستخدمين آخرين عشوائياً ليبدو أنَّ جميعها جزء من المعاملة. مما يجعل الأمر يبدو حسابياً كأنَّ أي من الموقعين على تلك التحويلات هو صاحب التوقيع على المعاملة”.

إلا أنَّ عند إطلاق المونيرو لم تكن التوقيعات الحلقية، أو الجذب عشوائياً من معاملات المستخدمين الآخرين، إجبارية. إذ كان بإمكان منصات تداول العملات المُشفرة، وتجمعات التعدين العامة والمُستخدمين الآخرين الذين لا يعبؤون كثيراً بحفظ خصوصية المعاملات اختيار “مستوى خلط” صفر.

ولاحظ باحثو المونيرو أنَّه إذا ما اختار عدد كبير كفاية من المُستخدمين عدم التعتيم على مصادر معاملاتهم، فهم يعرضون خصوصية بقية المُستخدمين للخطر.

إذ أوضح إيرنهوفر لموقع كوين ديسك أنَّه: “إذا ما أجريتُ معاملة تكشف المقدار الحقيقي الذي ارسلته، وحاول مستخدم آخر استخدام المعاملة للتعتيم على معاملته، فسيعلم الجميع أنَّها عملية مزيفة إذ يمكنهم رؤية ببساطة أنَّني من اجريت تلك المعاملة”.

ولهذا في 22 مارس/آذار من عام 2016، فعلت شبكة المونيرو هارد فورك يُلزم جميع المُستخدمين بتعتيم مصادر معاملاتهم عبر مستوى الخلط بحد أدنى ثلاثة. مما يعني أنَّ على جميع المُستخدمين اختيار ثلاثة مصادر عشوائية للمعاملات على الأقل من الشبكة عند إجراء معاملاتهم، وبالتالي المساهمة جماعياً في تعزيز مستويات الخصوصية لكامل الشبكة.

وقال إيرنهوفر: “واحدة من أكبر التحديات التي كان شبكة المونيرو التغلب عليها بداية هي تحسين بنيتها التحتية. مما حَتَم فرض استخدام أفضل الممارسات وتفعيل استخدام التوقيعات الحلقية”.

المعاملات السرية الحلقية

وكان لثاني أكثر التغييرات تأثيراً في تاريخ شبكة المونيرو علاقة بالتوقيعات الحلقية أيضاً. فطُبقت ترقية التكنولوجيا المعروفة بالمعاملات السرية الحلقية (RingCT) من خلال هارد فورك في 5 يناير/كانون الثاني من عام 2017، مُضيفة طبقة إضافية من حماية الخصوصية للتوقيعات الحلقية بتعتيم قيمة معاملات المونيرو من البلوكتشين.

وبتفعيل المعاملات السرية الحلقية، جعلت المونيرو من المستحيل عملياً كَشَف قيمة المعاملات المجراة، إضافة إلى عدم إمكانية تتبع مصدر الأموال أو ربط المعاملات بالمحافظ.

فكما شرح إيرنهوفر: “استطعنا بالفعل فصل المعاملات عن المحافظ. وتفعيل المعاملات السرية الحلقية مكنَّنا من تحقيق خطوة أبعد بتعتيم قيمة المعاملات المتبادلة أيضاً”.

في الواقع، عند استخدام مستكشف شبكة بلوكتشين لبحث عنوان محفظة مونيرو، تظهر رسالة تحذيرية تقول: “أوه، للحظة هناك بدا أنَّك تحاول استراق النظر لمحفظة المونيرو هذه. يبدو أنَّك كنت تحاول حقاً تفقد رصيد هذا الشخص. حسناً، مونيرو تقول ‘لا’!”

استلهمت فكرة المعاملات السرية الحلقية بداية من مُقترح البتكوين (BTC) المعروف بـ”المعاملات السرية” وهو من اقتراح غريغوري ماكسويل، رئيس قسم التكنولوجيا بشركة بلوك ستريم Blockstream. وقد أعاد مُطوري المونيرو صياغة المقترح ليتناسب مع التوقيعات الحلقية.

ولكن على الرغم مما قدمته المعاملات السرية الحلقية من تحسينات لخصوصية بلوكتشين المونيرو، إلا أنَّها مثلت مفاضلة لا يستهان بها ضد أزمة السعة في الوقت ذاته.

إذ قال إيرنهوفر لموقع كوين ديسك، “كان حجم المعاملات قبل تقديم المعاملات السرية الحلقية حوالي ثلاثة كيلوبايت، أكبر عشرة مرات من معاملات البتكوين. وبعد تفعيل المعاملات السرية الحلقية، زاد حجم المعاملات أربعة أو خمسة أضعاف ليصل إلى حوالي 13 كيلوبايت”.

واقيات الرصاص

ولهذا تعد ترقية “واقيات الرصاص” bulletbroof إضافة جوهرية للشبكة، رغم عدم مساهمتها مباشرة في تعزيز الخصوصية.

فحِسبَ تصريح إيرنهوفر، خفضت ترقية واقيات الرصاص من حجم المعاملات على شبكة المونيرو ووقت التحقق بنسبة 80%. أي أنَّ حجم معاملات المونيرو انخفض دراماتيكياً من 13 كيلوبايت إلى 1.5 كيلوبايت، وإنَّ كان ما زال أكبر وأصعب في التحقق من معاملات البتكوين.

طُورت التقنية بداية للاستخدام على شبكة البتكوين بأيدي جوناثان بوتل من كلية لندن الجامعية (UCL) وبينيديكت بنز من جامعة ستانفورد Stanford. و قوبلت عند إطلاقها في أواخر عام 2017 بحفاوة واسعة كطفرة في تعزيز الخصوصية. في النهاية، كانت المونيرو أول عملة مُشفرة كبرى تُفعّل التقنية عبر هارد فورك في 18 أكتوبر/تشرين الأول عام 2018.

رغم ذلك، يُشير إيرنهوفر إلى أنَّ الوقت اللازم للتحقق من العمليات المجراة على الشبكة ما زال “أكبر عائق يواجه المونيرو في الوقت الراهن”.

وصرح إيرنهوفر لموقع كوين ديسك قائلاً: “ليس حجم المعاملات هو أكبر عوائق التوسع التي تواجه المونيرو، بل هو وقت التحقق. يمكن للتوقيعات الحلقية الخاصة بالمونيرو التوسع لأبعاد مهولة اليوم، ولكن الوقت اللازم للتحقق من العمليات سيصبح مستحيلاً تقريباً. فرغم إنَّ البلوكتشين لن تستهلك الكثير من مساحة حاسوبك الآلى، سيستغرقك إجراء عمليات التحقق للآبد”.

ولهذا يأمل إيرنهوفر أنَّ تجد التحسينات القادمة للبروتوكول طريقة لزيادة مستوى خلط التوقيعات الحلقية لتستضيف مجموعات مجهولة (anonymity sets) تصل لألف فرد في نقطة ما.

ويرى سالازار أنَّ الترقية المنتظرة لواجهة وتجربة المُستخدم على الشبكة (UI/UX)، خلال الأشهر القليلة القادمة، ستكون تحسيناً هاماً للمونيرو.

إذ قال لموقع كوين ديسك: “نعيد حالياً تصميم العديد من العناصر بالكامل من الصفر مثل الصفحات الشخصية، وصفحة تاريخ المعاملات وصفحة الارسال والاستقبال”.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.