تستمر أفريقيا في تصدر مؤشرات غوغل Google Trends في اهتمامات البحث عن “البتكوين (BTC)”، ولكن هذا لم يُترجم إلى انتشار حقيقي في تبني العملة المشفرة من قبل الأفراد أو الشركات. وبغض النظر عن القوانين المبهمة ونقص الوعي، فإن أحد أهم أسباب هذا التأخر هو توسع القارة في استخدام الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول.

 

معدل محبط لتبني العملات المشفرة، حتى ولو كانت أفريقيا تتصدر مؤشرات البحث عن البتكوين

 

بحسب مؤشرات غوغل، فإن المعدل الأكبر للبحث عن البتكوين يأتي من مستثمرين محتملين في نيجيريا وجنوب أفريقيا وكينيا، وهي الدول التي تمثل الأسواق الثلاثة الكبرى للعملة المشفرة في أفريقيا. وبشكل عام، تقتصر هيمنة هذه الأسواق على الأنشطة التجارية على منصات التداول. وفي حالات قليلة، قد تستخدم البتكوين كوسيلة للدفع لموردين من الخارج.

 

وبالرغم من اهتمامها بالعملة المشفرة، إلا أن أفريقيا متأخرة فعلياً عن بقية العالم في تبني البتكوين واستخدامها بشكل يومي. إذ يصعب على البتكوين اختراق حواجز الملائمة والبساطة والكفاءة التي تمكنها من جذب ملايين الأفارقة لاستخدامها مثلما فعلت الخدمات المالية على الهاتف المحمول. فالقارة التي تعدادها 1.2 مليار نسمة تمثل منشأ أكثر من 50 بالمائة من الخدمات المالية على الهاتف المحمول.

 

فعلى سبيل المثال، يمكن للشخص إرسال واستقبال الأموال باستخدام هاتف محمول بسيط، وذلك عبر رسالة نصية قصيرة في إطار دولة بعينها، دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت. لكن في حالة العملات المشفرة، فإنه سيحتاج إلى هاتف ذكي واتصال آمن بالإنترنت لإتمام معاملة بالعملات المشفرة. وبينما انتشر استخدام الإنترنت بشكل كبير خلال السنوات العشرين الماضية، إلا أن معدل الانتشار في أفريقيا يمثل 10% فقط من إجمالي الانتشار، مما يجعل الأمر أكثر تعقيداً أمام العملات المشفرة. هذا بالإضافة إلى أن شبكات الكهرباء المهترئة تعرقل وصول الإنترنت إلى كثير من المناطق، وهذا يؤثر على العملة المشفرة بشكل كبير.

 

هزيمة الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول في عقر دارها

 

يعتقد فين أرماني، المؤسس والمدير التكنولوجي لمحفظة كوينتكست Cointext، وهي محفظة تسمح لمستخدميها بإرسال واستقبال البتكوين كاش دون الاتصال بالإنترنت وذلك عن طريق الرسائل النصية القصيرة-تماماً مثل الخدمات المالية عبر الهاتف، أن الخدمة التي يقدمها قادرة على هزيمة الخدمات المالية عبر الهاتف في القارة. هذه المحفظة متوفرة الآن فقط في جنوب أفريقيا، وليست هناك صورة واضحة عن عدد مستخدميها هناك. صرح أرماني لموقع بتكوين نيوز News.Bitcoin.com قائلاً:” نجهّز لإعلان رئيسي عن توفير خدمتنا في جميع أنحاء العالم”.

 

من ناحية أخرى، صرح مسؤول آخر في كوينتكست قائلاً:” نحن نعمل الآن على مشروع دمج يجعلنا قادرين على تقديم خدماتنا عبر الهواتف الذكية في أفريقيا. وأيضاً نعمل على تطوير نظاماً يعمل بالرسائل النصية القصيرة في بعض الدول الأفريقية الأخرى”.

 

إليشا أوسو أكياو هو شاب غاني ذو 17 عاماً، وهو مستثمر في العملة المشفرة ومن أحد مشاهيرها، وقد صنع ثروة من الاستثمار في البتكوين. يعتقد أنه “يجب إحداث دمج بين العملات المشفرة ومنصات الخدمات البنكية عبر الهاتف المحمول”. وقد تكون وجهة نظره صحيحة، لأن الاهتمام بالخدمات المالية عبر الهاتف تنامى جداً في الاقتصادات الأفريقية للحد الذي جعله يشكل مستخدمي تلك الخدمات.

 

في التقرير المالي لقاعدة بيانات البنك الدولي فيندكس Findex، جاء نصاً ما يلي: “تكمن قوة التكنولوجيا المالية لتسهيل الوصول إلى الحسابات بشكل واضح في دول جنوب الصحراء الأفريقية”. وفي تفاصيل التقرير، وُجد أن 21% من البالغين في القارة لديهم حساب مالي على الهاتف. وبحسب التقرير، فإن هذه النسبة “تساوي تقريباً ضعف النسبة التي كانت عام 2014، وهو معدل الزيادة الأكبر في العالم”.

 

وإن لم يكن هذا كافياً، فعلى العملات المشفرة أن تحارب بضراوة كي تربح حصة معقولة في أنظمة الدفع التي تهيمن عليها الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول في أفريقيا، وهي المنطقة التي يُعتقد أنها ستكون الجبهة القادمة في معركة العملات الافتراضية. في زيمبابوي، تسيطر مجموعة شركات إيكونت وايرلس Econet Wireless على 95 بالمائة من سوق الخدمات المالية عبر الهاتف عن طريق منصة إيكوكاش Ecocash الخاصة بها. هذه الخدمة التي عمرها 7 سنوات ناجحة جداً للدرجة التي تجعل كل الهيئات الحكومية تعتمد عليها في المدفوعات الإلكترونية.

 

منذ انطلاقها في سبتمبر/أيلول 2011، أتمت إيكوكاش معاملات بقيمة 23 مليار دولار عبر 6 ملايين مستخدم في زيمبابوي. فهي تخدم أكثر من 32,000 عميل (بائع) في البلد. وهذا هو حجم المنافسة التي ستضطر العملات المشفرة إلى خوضها. بحسب مؤسسة النظام الموحد للاتصالات المتنقلة (GSM)، فإنه بحلول عام 2020، سيكون هناك 725 مليون مشترك في الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول، إذ سيختار هؤلاء المشتركون ما بين العملات المشفرة أو الخدمات المالية عبر الهاتف.

 

عمليات التسجيل الصعبة تحول دون استخدام العملات المشفرة

 

يلاحظ رائد الأعمال ذو الستة وعشرين عاماً برنارد باراه من نيجيريا، أن هذا يمثل تحدياً وفرصة. فمنذ عامين، أسس باراه منصة بتنوب كويكسيرف Bitnob Quickserve، وهي منصة تتيح للأفارقة الحصول على قسائم الشراء وبيعها في مقابل البتكوين دون الحاجة إلى إجراءات معرفة العميل (KYC) أو مكافحة غسيل الأموال (AML). وهو يفترض أن أكبر العوائق أمام تبني العملات المشفرة هي معضلة التحقيقات التي تطلبها منصات التداول عند التسجيل.

 

في حديثه لموقع بتكوين نيوز news.Bitcoin.com، قال باراه:” نحن نؤمن أن هذه الخدمة ستسهل الأمر للعديد من الذين يريدون تجربة العملات المشفرة في أفريقيا. إذ ينبغي تبسيط عملية تأهيل المستخدمين، فالكثير من المستخدمين يقررون التوقف عندما يُطلب منهم رفع تفاصيل مستندات تحقيق الشخصية لديهم”.

 

وركز باراه على أن سهولة الاستخدام والخوف من خسارة الأموال يمثلان عقبتان أمام العملات المشفرة. وفي حديثه عن الحاجة إلى زيادة وعي الناس بالعملات المشفرة، قال:” بالنسبة للمستخدمين الجدد، يكون عنوان البتكوين بمثابة لغة أجنبية، فليس باستطاعة العديد من الناس أن يقوموا بالدور الذي تقوم به بنوكهم، ولذلك سيفضلون اختيار الحل المناسب دون الحل الآمن”.

 

أما عن أنماط تزوير البتكوين، فقد أدت بدورها إلى عرقلة وصول البتكوين للناس أيضاً. فعلى سبيل المثال، وقع آلاف الناس كضحايا لعدد من خدع بونزي في أوغندا، بما فيهم دي ناين كلوب D9 Club الذي وعد بدفع عملات البتكوين لأعضائه. فقد تنكرت الخدعة في هيئة شركة لتجارة الأدوات الرياضية، والتي وعدت أعضاءها بمدفوعات أسبوعية من البتكوين في مقابل استثماراتهم المبدئية، والتي تتراوح ما بين 250 دولار و2000 دولار، غير أنها انهارت بعد ذلك. وقال تشيميزي تشوتا، وهو متخصص في تكنولوجيا المعلومات ومناصر للبتكوين من نيجيريا: “هؤلاء المحتالون يعطون اسماً سيئاً لأفريقيا وللعملة المشفرة أيضاً”. هذا كله بالإضافة لعقبة التشريعات التي طالما كانت قضية شائكة بالنسبة للبتكوين.

 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.