ترى سيمونا بوب، مؤسسة شبكة باونتيز Bounties Network، في مقالها على موقع TheNextWeb أن مستقبل العمل الحر يكمن في تبني تقنية البلوكتشين، ما سيقلل من عمولات المنصات ويوفر المزيد من الأمان للمشتغلين بالعمل الحر. وإليكم نص المقال:

 

سهلت تكنولوجيا الهاتف المحمول والإنترنت للناس حول العالم العمل على المشروعات والحصول على المال، بغض النظر عن التوقيت في منطقتهم، وعملتهم، وموقعهم. وبالنسبة لكثير من الناس، يعد العمل الحر بديلاً جذاباً لنموذج العمل المقيد بالمكتب من التاسعة صباحاً إلى الخامسة مساءاً، ويتسارع التوجه الكلي نحو العمل المرن والمستقل جغرافياً.

 

وبالتأكيد يقع على عاتقنا “مستقبل العمل” – لكن نموذج التوظيف متزايد المرونة يجعل الحاجة إلى أنظمة أفضل أكثر إلحاحاً.

 

ولم تتجدد أنظمتنا الأولية الحالية منذ سنوات: إذ أنها تتسم بالرسوم المرتفعة والخصائص الراكدة، كما أنها تسهم في استمرار الكثير من التصورات السوقية الخاطئة عن طبيعة العمل الحر. حان الوقت لبناء منظومة تربط بين الناس التي تحتاج إلى عمل عالي الجودة وقاعدة المواهب العالمية التي تنتظر لإنجازه.

 

الوضع الراهن: المنصات القائمة وعيوبها

 

ليس هناك نقص في أسواق العمل الحر والمشروعات. لقد شهدنا حدوث طفرة في السنوات القليلة الماضية، ومنذ ذلك الحين بدأ الناس يشتهون مكاناً في مأدبة حفل الاقتصاد. تعد مواقع فايفر Fiverr، وأب وورك Upwork، وإيلانس Elance، وفريلانسر Freelancer بعضاً من أشهر المواقع التي تعمل على مستوى العالم. والعمل على تلك المنصات متنوع ووفير، ونظرياً، بمقدور المشتغلين بالعمل الحر الذين يؤدون أعمالاً عالية الجودة باستمرار اكتساب سمعة جيدة واحتساب أجور تنافسية.

 

وموقع فايفر، الذي يعد حالياً أحد أكبر الأسواق في العالم على الإنترنت للخدمات الرقمية، مدين بقدر كبير من شهرته لشعاره للقيمة – “أنجز أي عمل مقابل خمسة دولارات”. وبالرغم من أن نقطة السعر تغيرت، إلا أن شعار فايفر المبدئي يعكس مفهوماً ثقافياً أكبر في ما يتعلق بالعمل الحر، وهو أنه قطاع منخفض الأجور، منخفض الجودة، مخصص للعاملين الدوليين أو “حديثي التخرج”. هذا المفهوم الخاطئ يعقد ديناميكية العلاقة بين العميل والعامل الحر ويجعل من الصعب بالنسبة للمشتغلين بالعمل الحر من الموهوبين إيجاد عملٍ موثوقٍ به، وبأجر جيد، ومرضٍ للعامل.

 

أما عمليات الاحتيال فهي مشكلة متكررة أخرى تواجه المشتغلين بالعمل الحر. وبشكل فردي من الصعب تقييم وفصل العملاء الحقيقين والمشتغلين بالعمل الحر من المحتالين، دون وجود حماية للدفع أو منصة منظمة بفعالية. يأتي الشعور بالأمان بثمن باهظ. وعلى منصات العمل الحر الحالية، تختلف العمولات من 5 بالمئة إلى 20 بالمئة. كما تجبر المنافسة في السوق المشتغلين بالعمل الحر على عرض معدلات أسعار منخفضة مثيرة للسخرية مقابل عملهم.

 

وبعدما تسحب المنصات عمولاتها، يكون المال المتبقي في اليد أقل من قيمة العمل المقدم والوقت المكرس للمشروع. وعلاوة على ذلك، بالرغم من أن تلك المنصات تحتسب عمولات مرتفعة، إلا أنها عادة ما تخفق في توفير ضمانات بأن المشتغلين بالعمل الحر سيتقاضون أجورهم في النهاية. والنزاعات التي لم تتحقق فيها التسوية دائماً ما تترك المشتغلين بالعمل الحر خالين الوفاض بعد كل ما أدّوه من عمل.

 

ومن الممكن أن يخسر العملاء أيضاً. إذ أن بعض المشتغلين بالعمل الحر المحتالين يطلبون مدفوعات مقدمة ولا يسلمون العمل أبداً. البعض الآخر يؤخر المشروع ويطالب بمدفوعات إضافية خارج الرسوم المتفق عليها لتسليم العمل. وفي النهاية يفقد العملاء مالهم ويظلوا يتطلعون إلى من ينجز العمل. لا يستطيع المستخدمون تحديد المستخدمين الذين يمثلون مشكلة محتملة قبل التعاقد معهم، بسبب أنظمة السمعة البدائية الموجودة على تلك المنصات.

 

ولا تنتقل السمعة أو التقييمات التي يحصل عليها المستخدمون على أحد المواقع إلى المواقع الأخرى. ويمكن ألا يُكتشف المحتالين المحترفين عبر المنصات المتعددة، والمستخدمون المجتهدون الذين يبنون سمعة جيدة يتوجب عليهم البدء من الصفر متى ينضمون إلى سوق عمل جديد.

 

طريق البلوكتشين

 

قبل الخوض في الحل، دعونا نبدأ بالأساسيات. البلوكتشين عبارة عن سجل موزع مرئي لكل المشاركين في الشبكة. تشبه البلوكتشين جدول بيانات يستطيع أي شخص الوصول إليه. كل مشارك لديه نسخة، ولا يمكن تعديلها سوى في حالة إقرار أكثر من نصف المشاركين على أنه تغيير مشروع. وهذا تبسيطٌ، لكنه يبين أن البلوكتشين ليست بعيدة عن التكنولوجيا اليومية التي يعرفها معظم الناس ويشاركون فيها.

 

وحالات استخدام البلوكتشين وفيرة: إذ يمكن تخزين معلومات عن هوية الفرد، وتسجيلات المعاملات البنكية، ورخص حقوق التأليف والنشر على البلوكتشين. وصُمِّمت البلوكتشين لتكون متاحة لأي شخص يملك جهاز كمبيوتر. والأهم من ذلك، لا يوجد سلطة مركزية تملك سلطة اتخاذ القرارات وفرض القواعد.

 

وفيما يتعلق بالبحث عن مشاريع وعمل جديد للمشتغلين بالعمل الحر، تمكنهم البلوكتشين من التواصل مباشرة وبأمان مع الناس الذين يطلبون منتجات وخدمات. يمكن أن تكون تلك الخدمات أي شيء من التصميم إلى الكتابة إلى المبادرات المتعلقة بالأعمال الخيرية وحتى بناء دراجات بخارية حسب الطلب. ويزيل حل البلوكتشين الحواجز ويقلل النفقات بالطرق الآتية:

 

  • السجلات الدائمة – بالنسبة للمشتغلين بالعمل الحر وعملائهم، تصبح الاتفاقيات جزءاً من سجل دائم، مما يعني أنها محصنة ضد التلاعب ويكاد يستحيل خرقها.
  • الهوية وإثبات العمل – يستطيع المشتغلون بالعمل الحر تخزين كل بيانات الهوية والملفات التعريفية على البلوكتشين. ويمكن تتبع مصدر كل الأعمال بوضوح لأصحابها، ولم تعد نزاعات حقوق النشر والتأليف أو المراجعات المزيفة عقبة. إذ أصبحت تسوية النزاعات بسيطة مع وجود السجلات المؤمنة والإجراءات التحكيمية التي يمكن البحث فيها.
  • إمكانية التشغيل عبر المنصات – يمكن نشر المهام مرة واحدة ثم توزيعها بسهولة عبر منصات متعددة. هذا الأمر يحل على الفور مشكلة فصل المعلومات بين المواقع المختلفة.
  • رسوم أرخص – تمثل التحويلات المالية تجارة كبيرة. ويصل متوسط الرسوم التي تفرض على المعاملات حالياً إلى حوالي 45 بالمئة عالمياً طبقاً لمجموعة البنك الدولي. تقليل المعدلات بنسبة 5 بالمئة فحسب يمكن أن يؤدي إلى 16 مليار دولار من الدخل الإضافي. بل يمكن أن تلغي المدفوعات بالعملات المشفرة الرسوم تماماً.

 

بناء على ذلك، أجد الفوائد الفورية لاستخدام حل البلوكتشين لإنشاء مشاريع ومهام والعمل عليها واضحة كالشمس: لا وجود لحالات الاحتيال، ولا رسوم، ولا تزوير، وتحسين حماية المستخدم وأمانه بصورة كبيرة.

 

اقتصاد العمل الحر العالمي

 

إن اقتصاد العمل الحر في تصاعد، لكن ما زالت هناك بعض التحديات. كانت قيمة المرونة، وتحسن التوازن بين العمل والحياة، وإمكانية الوصول الفورية للمواهب العالمية هي الوقود الذي يغذي نموه.

 

والرسوم الباهظة ومستويات الاحتيال العالية لا يجب أن تعيق نموه. والبلوكتشين هي الحل الذي نحتاجه لإعداد الاقتصادات العالمية للمستقبل. فهي لا تقدم حلولاً للتحديات المعوقة الحالية وحسب، بل وتوفر مستويات عالية من الأمان، ومعدلات عمولات تصل إلى الصفر، وفرص استثمار ضخمة مما يجعلها قفزة عظيمة تتجاوز الحلول الحالية.

 

بالإضافة إلى ذلك، لقد رأيت القبول والثقة المتزايدة في العملات المشفرة تمكن الكثير من المشتغلين بالعمل الحر من قبول مدفوعات بالتوكنات مقابل عملهم. لا يهم من تكون، تستطيع اختيار مشاريع عظيمة لتعمل عليها، وتنجز المهام في مجالك أو للمنظمات الخيرية، وتحصل على مقابل عملك خلال ثوانٍ. وتطبيقات تكنولوجيا البلوكتشين وإمكانياتها واسعة، وأي شخص يستطيع البدء في استكشاف كيف يبدو مستقبل صناعته أو مجال خبرته.

 

أؤمن بقوة بأن تصاعد وتطور منصات المهام والمشاريع الخارجية المبنية على البلوكتشين سيمكّن الناس حول العالم من كسب العملات المشفرة دون القلق بخصوص الحدود المادية أو الجغرافية. في الحقيقة، المشاركة في مشاريع ذات معنى مثل المبادرات التي لها أثر بيئي أو اجتماعي أصبحت نموذجاً أيسر في الوصول إليه وأكثر استدامة.

 

إن طبيعة العمل متغيرة. ومن المنتظر أن تصبح البلوكتشين الهيكل المثالي لضمان أن يكون هذا التغيير ناجحاً ومستديماً.

 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.