شهد الأسبوع الماضي فى يوم 12 مارس/ آذار 2019، حلول الذكرى الثلاثين لانطلاق شبكة الويب العالمية World Wide Web. بهذه المناسبة، في ما يلي نظرة على نشأة الشبكة، وتقييم للتقدّم الذي حققته حتى الآن، بالإضافة إلى الإجابة عن أهم سؤالين على الإطلاق: هل فشلت الشبكة؟ وما الذي سيأتي بعدها؟

الفرق بين شبكة الويب العالمية وشبكة الإنترنت THE INTERNET

هذان المصطلحان يُستخدمان وكأنهما مترادفان، لكنَّ من المهم أن نُفرّق بين شبكة الويب العالمية وشبكة الإنترنت Internet. يشير المصطلح الأول إلى شبكة معلوماتية تتألف من صفحات ويب وموارد مماثلة أخرى مميزة بما يُعرف باسم “مُحدد موقع الموارد الموحّد” URL. أمَّا شبكة الإنترنت، من الناحية الأخرى، فهي التقنية التي تتيح للمستخدمين إمكانية الوصول إلى تلك الموارد.

 

ظهرت شبكة الويب للمرة الأولى باعتبارها إحدى بنات أفكار المهندس وعالم الحاسوب الإنجليزي تيم بيرنرز لي. عمل بيرنرز لي بالمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية CERN. وهناك، كتب مقترحاً يهدف إلى الدمج بين نظام اسم النطاق Domain وبروتوكول التحكم بالإرسال Transmission Control Protocol لوصلة الربط النصي الإلكتروني Hypertext. بفضل هذا الدمج، وبعد عدة تكرارات، نشأت أول صفحة ويب على الإطلاق. كانت الصفحة تعرض أساسيات الفكرة، وتُقدّم مزيداً من المعلومات حول كيفية إنشاء صفحات جديدة. لهذا، جاء إنشاء شبكة الويب العالمية على رأس تصنيف المجلس الثقافي البريطاني لأفضل 80 لحظة تاريخية غيّرت مسار العالم؛ لأنَّ: “شبكة الإنترنت هي وسيلة الاتصال الأسرع نمواً على الإطلاق. بفضلها، لم تعد الحياة المعاصرة كما كانت قط؛ بعد أن صار بإمكاننا التواصل مع بعضنا فوراً ومن أي مكان في العالم”.

الأثر المترتب على إمكانية الولوج إلى شبكة الويب

من المستحيل علينا أن نستوعب كلياً حجم الأثر الذي ترتب على ظهور شبكة الويب؛ إذ إنًَها تقنية تحوّل جذري غيّرت من شكل كل جانب من جوانب الحياة المعاصرة. لكن بعيداً عن التسوق الإلكتروني ومقاطع الفيديو عن القطط، هناك أمر بالغ الأهمية تُقدّمه لنا شبكة الويب: إمكانية الوصول إلى المعلومات.

 

لأول مرة في التاريخ، لم تعد المعرفة حكراً على صفوة المجتمع! هناك موقع “المكتبة المفتوحة” Open Library الذي يوفر بوابة لاستعارة الكتب عبر الإنترنت. وهناك أيضاً موقع ويكيبديا Wikipedia، الذي يضم ملايين الموضوعات المزودة بالعديد من المصادر (في الغالب) حول كل شيء: من فيزياء الجسيمات إلى الطهي في المنزل. بالإضافة إلى موقع يوتيوب YouTube، الذي يحتوي على الآلاف والآلاف من الساعات التعليمية وغير التعليمية في صورة مقاطع فيديو. بفضل اختراع شبكة الويب العالمية، نلنا الحرية الحقيقية: فالآن، صار بمقدور كل من لديه اتصالاً بشبكة الإنترنت الوصول إلى مجمل المعرفة البشرية عبر جهاز في حجم الجيب.

إخفاقات شبكة الويب العالمية

كان لاختراع السير بيرنرز لي نصيبه من الإخفاقات، بطبيعة الحال؛ إذ إنَّ سهولة توزيع المعلومات التي يوفرها لا تحول دون وجود المعلومات المضللة، في ما أصبح يشتهر حالياً باسم “الأخبار الكاذبة” Fake News. حتى مع كم الاهتمام الذي تحظى به هذه الظاهرة

في الولايات المتحدة، فإنَّها لا تزال موجودة ومنتشرة إلى الآن: سواءً في صورة مزاعم كاذبة بهدف التلاعب بالأسواق أم في صورة روبوتات دردشة تفاعلية Bots تتظاهر بأنَّها مستخدمين حقيقيين. إنَّ شبكة الويب مسؤولة مسؤولية مباشرة عن نشر المعلومات الملفقة والمبالغ فيها، بل وحتى المؤذية عمداً.

 

كان رد السير بيرنرز لي على انتشار مثل هذه الأضرار هو أن كتب خطاب مفتوح دعا فيه إلى إصلاح المورد الأكثر قيمةً في العالم، وقال فيه: “لا شك أنَّ الويب خلق الفرص ومنح المجموعات المُهمّشة صوتاً، لكنَّه في الوقت نفسه أعطى الفرصة للمحتالين، ومنح صوتاً لمن ينشرون الكراهية بين الناس، وجعل ارتكاب الجرائم بجميع أنواعها سهلاً. وفي ظل الأخبار المتعلقة بإساءة استخدام شبكة الويب، يشعر العديد من الناس بالخوف وعدم اليقين مما إذا كانت شبكة الويب سلاحاً من أجل الخير فعلاً، وهذا مفهوم. ولكن إذا نظرنا إلى كم التغيير الذي طرأ على شبكة الويب على مدار الأعوام الـ30 الماضية، سيكون من الانهزامية وضيق الأفق أن نفترض أنَّ شبكة الويب التي نعرفها لا يمكن أن تتغير إلى الأحسن خلال الأعوام الـ30 المقبلة؛ لأنَّنا إذا فقدنا الأمل في بناء شبكة ويب أفضل الآن، عندئذ لن تكون شبكة الويب هي التي خذلتنا، بل نحن من خذلناها”.

 

إلى جانب سوء استخدام الويب، هناك أيضاً الضغط من جانب الشركات المزودة لخدمات الإنترنت والسياسيين غير المُطلّعين (أو الخاضعين لضغط قوي من الجماعات الضاغطة) لمعارضة حيادية الإنترنت Net Neutrality. كل هذا جعل مخترع الإنترنت يشعر أنَّ من واجبه أن يتدخل لإنقاذ اختراعه؛ فنشر تغريدة على حسابه على موقع تويتر Twitter بتاريخ 12 مارس/ آذار 2019 قال فيها: “الأمر بيدنا”، مع رابط لحملة “من أجل الويب” For The Web التي أطلقتها مؤسسته وورلد وايد ويب فاونديشن World Wide Web Foundation.

 

https://twitter.com/timberners_lee/status/1105389758346231808?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1105389758346231808&ref_url=https%3A%2F%2Fwww.ccn.com%2Fworld-wide-web-turns-30-has-it-failed-and-what-comes-next

تعمل مؤسسة السير بيرنرز لي، وورلد وايد ويب فاونديشن، حالياً على التصدي لمشكلتين من أكبر مشكلات الويب: نشاط إنهاء حيادية الإنترنت، وعدم إمكانية الوصول إلى فوائده نسبياً

في دول العالم النامي.

ما الذي سيأتي بعد ذلك؟  

إذن، ما الذي سيأتي بعد الابتكار الأكثر تأثيراً في تاريخ البشرية (على الأرجح)؟

 

إنَّه تقنية البلوكتشين Blockchain!

تقنية البلوكتشين تسمح بوجود إنترنت الأشياء Internet of Things، وهي قادرة على التصدي لسرقة المحتوى Plagiarism واسترداد قوة الويب من قبضة التحكم المركزي، حتى أنَّها يمكن أن تساعد في إيصال الويب لمن لا يملكونه حالياً. وحتى في مراحلها المبكرة، أظهرت تقنية البلوكتشين قدرتها على إحداث ثورة في النماذج الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وحتى الثقافية، في العالم.

 

بابتكار شبكة الويب العالمية، خطا تيم بيرنرز لي أولى الخطوات في سبيل إنشاء مجتمع عالمي قوي.

 

والآن، بعد مرور 30 عاماً، حان الوقت لكي نتخذ الخطوة التالية.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.