لا يمكنك التنبؤ بالمكان الذي ستصل إليه بالضبط أو من سيقرأها. ولكنك تكتب رسالة، وتدفع بضعة سنتات من عملة البتكوين وتضغط على زر “إرسال”. تنطلق رسالتك إلى الفضاء- نعم، الفضاء، ثم تُبث من قمر صناعي، يغطي العالم.

 

وما هي النتيجة؟ “رسالة في زجاجة” كونية، هي أحدث مستجدات مجتمع بتكوين التقني.

 

كل ذلك ممكن بمساعدة القمر الصناعي لشركة بلوكستريم Blockstream، وهو عبارة عن مشروع غريب تم إطلاقه منذ أكثر من عام يهدف إلى إتاحة عملة البتكوين لهؤلاء الذين ليس لديهم وسيلة للاتصال بالإنترنت. وقد أصبح إرسال الرسائل أكثر سهولة منذ ذلك الحين، مع إطلاق موقع spacebit.live، وهو موقع بسيط يتيح للمستخدمين إرسال رسائل إلى أقمار صناعية حول العالم نظير رسوم ضئيلة (3 سنت في شبكة بتكوين التجريبية).

 

وتشكل النتائج حتى الآن دراسة مثيرة للاهتمام.

 

تعرض إحدى الرسائل يوميات شخص مجهول يتحدث عن أفكاره غريبة الأطوار بشأن الحياة وعملة البتكوين. جاء في اليوميات: “ها أنا ذا، قد تركت عملي، ومعي بعض الأموال لتغطية نفقاتي وأقوم بتأسيس عقدة لايتننغ راسبيري باي الأولى الخاصة بي، وأبث رسائل عبر أقمار صناعية. يبدو ذلك غير حقيقي أحياناً”. ونشر هذه الرسالة مستخدم موقع تويتر “Grubles”، وهو أحد مستخدمي القمر الصناعي من بلوكستريم، وعادة ما يغرد في موضوعات متعلقة بالتكنولوجيا.

 

وكتب نفس الشخص في اليوم التالي: “مازال من الصعب استيعاب هذه الحقيقة، أنه يمكنني تغطية جزء كبير من الكرة الأرضية برسالتي، عند الطلب، وبشكل فوري. أتساءل إذا قرأ أحد هذه الرسالة؟”.

 

وكتب الشخص نفسه في اليوم الرابع:” أحبك”.

 

ومع ذلك، يعتبر عدد الرسائل مفاجئاً أكثر من محتوى تلك الرسائل.

 

جاء في رسالة أخرى من مستخدم آخر مجهول:”هذا أمر جنوني للغاية”. وأرسل أحدهم قصيدة موجهة لشبكة لايتننغ، بينما أرسل آخر ميم مشفر، “rare pepe“، وهو عبارة عن نسخة محدودة من بطاقة تعرض ميم سياسي مثير للجدل بطله ضفدع.

 

وكتب مستخدم آخر رسالة مليئة بالثرثرة مع اسم مستخدم معروف على موقع تويتر كان قد غادر الموقع، وهو “Dandarkpill”.

 

وجاء في الرسالة المشفرة:” العودة إلى الزمن الذي يمكنني إيجاد فيه الضوء”، في إشارة إلى أن المستخدم Dandarkpill يعتزم العودة يوماً ما والتواصل باستخدام هذا القمر الصناعي.

 

وأخبر مؤسس موقع Spacebit.live حامل الاسم المستعار “MediumSqueeze” موقع كوين ديسك:” لا يمكننا التأكد من أنه هو من أرسل تلك الرسالة أم أن الرسالة مجرد رسالة عابثة، إلا أننا نأمل أن تكون تلك الرسالة بمثابة إشارة إلى أنه بخير وسيعود يوماً ما”، وأسماه “أحد جنودنا الذين سقطوا”.

 

معدات الفضاء للجميع

 

إن كان موقع بلوكستريم يشير إلى أي شيء، فإن المستخدمين يرسلون الكثير من الرسائل باستخدام النظام، وقد تكون رسائل أكثر في طريقها للوصول. تمثل شبكة بتكوين التجريبية التكنولوجيا اليوم، إلا أن MediumSqueeze يأمل أن تنتقل إلى شبكة بتكوين مباشرة قريباً مما يعني أنه سيتم استخدام عملات بتكوين حقيقية.

 

والأسلوب الذي يعمل الموقع به متقن للغاية على أي حال.

 

أصدرت شركة بلوكستريم في شهر ديسمبر/كانون الأول تحديثاً لبرنامجها. تتمثل أحد الميزات الأقل شهرة في أن الواجهة البرمجية الجديدة الخاصة بها تتيح للمستخدمين إرسال الرسائل عبر أقمارهم الصناعية.

 

ويتعين على المستخدمين أن يدفعوا رسوم في شبكة لايتننغ، شبكة الدفع الجديدة التي بنيت فوق شبكة البتكوين، حتى يرسلوا رسالة. ما زالت المنصة تجريبية، ولكن المستخدمين كانوا متحمسين لاستخدامها. وينبغي أن تعتمد الرسوم على كمية البيانات التي تتضمنها الرسالة. على سبيل المثال تطلب الصور بيانات أكثر وبالتالي ستكون تكلفتها أعلى من مجرد بث جملة.

 

وأوضح MediumSqueeze:” أتاحت شركة بلوكستريم واجهة برمجية تتلقى رسالة وتُرسل فاتورة من شبكة لايتننغ. وعند استلام الفاتورة يتم إرسال الرسالة إلى القمر الصناعي ثم يتم إرسال القيمة المدفوعة إلى مصفوفة القمر الصناعي”.

 

وبينما أتاح موقع spacebit.live وواجهة مبرمج التطبيقات الخاصة بشركة بلوكستريم إرسال الرسائل بسهولة، يحتاج المستخدم مستقبل قمر صناعي ليقرأها (في الوقت الحالي).

 

يستطيع أي أحد شراء قمر صناعي، نظرياً، إذ تقدر تكلفة شراء المعدات الضرورية نحو 100 دولار.

 

وقد نشر غريغ ماكسويل المساهم العتيد في عملة بتكوين الأساسية والرئيس السابق لقسم التكنولوجيا في شركة بلوكستريم على سبيل المثال صوراً لإعداد القمر الصناعي الخاص به على منتدى بتكوين توك Bitcoin Talk، مقدماً بعض النصائح للمستخدمين لاستخدام القمر الصناعي مع الخدمة.

 

ولكن لماذا؟

 

إذن ما هو الهدف من ذلك؟ أهو مجرد صيحة جديدة أم أن هناك سبباً لاستخدام عملة البتكوين لإرسال رسائل إلى الفضاء؟ ربما الاثنين معاً.

 

قال MediumSqueeze لموقع كوين ديسك:” الأمر للهو فقط في الوقت الحالي”.

 

ولكن بعض المطورين يعتقدون أن هذه التقنية ستفتح آفاقاً جديدة. يرى آنسل ليندنر مذيع بودكاست البتكوين Bitcoin Podcast أن هذه التقنية بها إمكانيات للذين يبلغون عن المخالفات، ويعرضون الأعمال غير الأخلاقية للحكومات والشركات أمام العالم. إذ يمكنهم استخدامها لبث رسائل مجهولة لا يمكن حجبها، وهو لا يعتقد أي هذا الأمر يمكن تحقيقه بأي وسيلة أخرى.

 

وقال لموقع كوين ديسك:” يمكن استخدامها مع إخفاء هويتك لبث رسالة إلى العالم. ولا يمكن إيقافها من خلال أي من وسائل الإعلام السائدة، أو مقدمي خدمات الإنترنت أو الحكومات”.

 

وأضاف: “إن نشر تلك الرسائل على موقع طرف ثالث مثل وسائل التواصل الاجتماعي قابل للحجب، حتى إذا كنت تنشر تلك الرسائل من حساب مجهول الهوية، تقل مخاطر الحجب في موقعك الخاص، ولكنهم يمكنوا أن يصلوا إليك بشكل أسهل. يمكن حجب الرسائل/رسائل البريد الإلكتروني المشفرة من خلال تتبع بضعة أشخاص. ولكن من الصعب للغاية إيقاف الرسائل التي يتم بثها عالمياً”.

 

ومع ذلك، يرى آخرون أنها وسيلة لنشر مبادئ البتكوين.

 

قال MediumSqueeze:” هذا النوع من الشبكات ليس لنشر رسائل برنامج واتساب، فإن هذا هو بالضبط هو النشاط التشفيري في القرن الحادي والعشرين”، مشيراً إلى مجموعة من التقنيين من التسعينات من القرن الماضي الذي كانوا يدعون لاستخدام علم التشفير لإحداث تغييرات سياسية.

 

ويبدو هذا التطبيق هو الأكثر تطوراً حتى الآن إذ يحاول صاحب اليوميات المجهول إثبات ذلك في رسالته الخامسة.

 

جاء في الرسالة:” بدون عملة البتكوين، لم أكن لأثق في المستقبل”، وأضاف: “أعتقد أني سوف أحكي هذه القصة لأحفادي يوماً ما. ربما في حقبة ما بعد الحضارة، ولكني سأحكيها لهم على أي حال”.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.