كان صعود العملات المستقرة حدثاً مهماً في النصف الثاني من عام 2018، لكن في الحقيقة؛ ساعدت التخفيضات الحصرية هذا الصعود جزئياً.

 

من المفترض أن واحدة من العملات المستقرة المدعومة بالدولار الأميركي -سواء كانت الجيميني دولار (GUSD) أو الباكسوس (PAX)- تساوي دولاراً واحداً، إلا أنه وفقاً لأربعة مصادر على صلة بمنصات تداول هذه العملات، فإن كلا الشركتين طرحتا تخفيضات خارج منصات التداول (OTC) تصل إلى 1% بشرط استخدام العملات في التداول في شركات الأزياء قبل تحويلها إلى الدولار الأميركي.

 

وقال أحد المتداولين خارج منصات التداول، طلب عدم الكشف عن هويته، لموقع كوين ديسك: “كانوا يطرحون هذه التخفيضات لتحفيز المتداولين لتبني هذه العملات مما يعطيها انطلاقة قوية في البداية”.

 

هذا هو سبب ازدهار كلٍ من الجيميني دولار والباكسوس في ديسمبر/كانون الأول عام 2018، سواء خارج منصات التداول أو داخلها. إذ ضخ عديد من المستثمرين ملايين الدولارات في تداول العملات المستقرة على منصات مثل هوبي Huobi وبينانس Binance. طبقاً لموقع كوين ماركت كاب www.coinmarketcap.com، قفز رأس المال السوقي للجيميني دولار من 87 مليون دولار في 17 ديسمبر/كانون الأول إلى ما يقارب 103 مليون دولار في اليوم التالي. ثم أضاف: “خُلقت العديد من فرص التداول المربحة”.

 

وصرحت نائب رئيس قسم الدعايا والاتصالات في باكسوس، دوروثي تشانغ لموقع كوين ديسك بأن هذه المحفزات كانت فقط لـ”حفنة من الشركاء لمدة أقل من شهرين” بدءًا من أواخر شهر سبتمبر/أيلول. قد تكون المصادفة وقفت في صف باكسوس إذ خسرت عملة التيثر (USDT)، وهي أول عملة مستقرة مدعومة بالدولار الأميركي، موقعها بشكل مؤقت في منتصف أكتوبر/تشرين الأول.

 

وفقاً لتقرير أعدته شركة ديلفي ديجيتال Delphi Digital لموقع كوين ديسك، خسرت التيثر تقريباً ثلث حصتها السوقية خلال هذه الفترة، بينما تخطت الجيميني دولار الباكسوس بحجم تداولات تجاوز 150 مليون دولار في يناير/كانون الثاني 2019.

 

ورد في تقرير ديلفي ديجيتال أن “المنافسة تشتد على صدارة السوق، مما سيؤدي لخسارة التيثر في النهاية”.

 

بالنسبة لباكسوس، قالت تشانغ أن التخفيضات “كانت شيئاً قمنا به في البداية، حين كنّا نقدم منتجنا للسوق” ثم أضافت أن باكسوس قد زادت من مرات الإصدار من مرة واحدة إلى مرتين يومياً وهي تتطلع لشراكات جديدة من مختلف الأنحاء.

 

وصرحت تشانغ يوم الإثنين الموافق 14 يناير/كانون الثاني قائلة:” لقد تخطى حجم معاملاتنا اليومية 100 مليون دولار طوال الثلاثة أيام السابقة، ونحن متماسكون ومستقرون”.

 

ومع تجاوز الباكسوس مرحلة البداية، لا زال ممكناً أن تشهد الأسواق بعض التقلبات بسبب البرامج التحفيزية التي تطلقها الشركات لشهور من أجل الترويج لعملاتها. على سبيل المثال، قفز الجيميني دولار في حجم التداولات وتقييم السوق في يناير/كانون الثاني.

 

صرح الرئيس التنفيذي لمنصة التداول الخوارزمية ستريكس ليفياثان Strix Leviathan، جيسي برودمان قائلاً: “عادة ما تضع الشركات مدة زمنية محددة لبرامجها التحفيزية، والتي قد يكون بعضها منتهي الصلاحية الآن”. أوضح برودمان لموقع كوين ديسك أنه أصبح من الممكن تداول العملات التي شهدت تخفيضات بالأسعار الطبيعية.

 

لعبة العملات

 

بمجرد أن أصبحت العديد من العملات المستقرة متاحة بسعر أقل أو أكثر من دولار، سواء كان بسبب خطط تحفيزية أو بسبب تقلبات السوق، بدأت ألاعيب التداول.

بحسب تدوينة لشركة باكسوس وتقرير لموقع ذا بلوك The Block، حاول العديد من المستخدمين على منصة هوبي التعتيم على مصادر تمويلهم عن طريق فتح العديد من الحسابات بأسماء أخرى لتفادي الحد الأقصى للتحويل للدولار الأميركي على منصة هوبي.

 

وصرحت شركة باكسوس لموقع كوين ديسك أنها أغلقت عشرة حسابات على الأقل بخصوص هذه الموجة.

 

تزايد هذا الاتجاه لأن برنامج باكسوس التحفيزي تزامن مع إطلاق ما يسمى بـ”حل العملة المستقرة (HUSD)”، وهو عبارة عن مستودع للعملات المستقرة أطلقته منصة التداول السنغافورية هوبي، والتي تسمح للمتداولين بالإيداع باستخدام أحد أنواع العملات والسحب بعملات أخرى. بجانب الجيميني دولار والباكسوس، يدعم حل العملة المستقرة أيضاً عملة كوين الدولار الأميركي (USDC) الخاص بشركة سيركل Circle وعملة الترو يو إس دي (TUSD) الخاص بشركة ترست توكن TrustToken.

 

بحسب كيلفي كو، أحد شركاء صندوق التحوط الخاص بيوتانك ديجيتال تريدنغ Leotank Digital Trading، فإن حل العملة المستقرة الذي أطلقته منصة هوبي سّهل على المتداولين تبادل العملات المستقرة والمتاجرة بها دون تداولها بالفعل.

 

في نفس الوقت الذي تأرجحت فيه التيثر وأطلقت منصة هوبي حل العملة المستقرة، قفز رأس المال السوقي للباكسوس من 42 إلى 97 مليون دولار خلال يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول. في مطلع ديسمبر/كانون الأول، شهدت منصة بينانس زيادة في المعاملات بملايين الدولارات في الباكسوس؛ إذ لم يجد المتداولون منافذ للسيولة والمتاجرة غير الشركة نفسها. (لكن شركة باكسوس أخبرت موقع كوين ديسك أن “المتداولين لم يواجهوا مشاكل في السيولة في أسواق باكسوس قط”). وفي الأسبوع الأول من عام 2019، قالت الشركة أيضاً أنها أطلقت ما يعادل 200 مليون دولار من العملات المستقرة حتى الآن.

 

بالرغم من ذلك، ما زال هناك طريق طويل أمام العملات المصدَّق عليها مثل الباكسوس والجيميني دولار كي تلحق بحل العملة المستقرة بالنسبة لحجم التداولات.

 

قالت كو: “بالرغم من وجود معاملات وهمية في التيثر، إلا أن لديها ميزة الاستباقية”، مشيرة إلى الحركة التي يقوم بها بعض مستخدمي التيثر، إذ يجرون عدة معاملات من البيع والشراء بشكل صوري لتصدير صورة مصطنعة عن نشاط السوق. بالإضافة إلى أن هذه الممارسة ليست مقتصرة على التيثر فقط، فمن الممكن أنها تُنفذ على بعض العملات المستقرة الأخرى حالياً.

 

وأضافت كو: “بالرغم من أن التيثر يشوبها بعض الشكوك القانونية، إلا أنه من الصعب على الآخرين منافستها لأن هناك بعض الأشخاص يريدون تجنب هيئات منظمة للتصديق على عملاتهم”.

 

رفضت شركة جيميني التعليق على البرنامج التحفيزي أو حجم المعاملات على المنصات العالمية. وبحسب مدونة الشركة والحملة الدعائية المتوافقة مع التنظيم، فإن الشركة تسعى للتميز بعيداً عن المنافسين بأن تكون “شركة مركزية الالتزام”.

 

وحين سُئلت عن التضخم الذي أحدثته البرامج التحفيزية في رأس المال السوقي للباكسوس، ردت تشانغ قائلة: “قد يحمل هذا جزءًا من الصحة، لكننا لا نسعى لزيادة رأس المال السوقي فقط لأنه بشكل منفرد ليس له معنى. فالمهم بالنسبة لنا هو حجم المعاملات وبرامجنا التحفيزية كانت تهدف لصناعة عمق في السوق”.

 

منافذ الفرص

 

وقال أحد المتداولين خارج منصات التداول، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، لموقع كوين ديسك إن طارحي العملات المستقرة تحمسوا لبدء هذه الحملة قصيرة الأجل حين لم يكن هناك طلبٌ أصيلٌ على أصولهم.

 

ثم قال: “البنوك ومكاتب التداول خارج البورصة التي نعمل معها مرنة للغاية، فمن الأسهل لي القيام بهذا (العمل مع البنك) بدلاً من استعادة هذه التوكنات بكل ما تجلبه من التزامات دون الحصول على فوائد”.

 

على الجانب الآخر، صرح برودمان من شركة ستريكس ليفياثان لموقع كوين ديسك أن شركته تستخدم الباكسوس في المعاملات كبيرة الحجم على منصة بينانس دون تطبيق تخفيضات خفية. لأنه يفضل حيازة أصول منظمة يمكن تحويلها لدولارات.

 

وقال برودمان: “اخترنا عدم استخدام البرامج التحفيزية التي تطلقها الشركات على العملات المستقرة” مضيفاً أن شركته تستخدم العملات المستقرة في الثنائيات التجارية المتعلقة بالبتكوين (BTC) والإيثريوم (ETH) وغيرها. وأضاف: “من موقعنا كمتداولين، فإننا نفضل استخدام العملات التي نشعر بارتياح تجاهها عن تلك التي لا نشعر بارتياح تجاهها”.

 

بالرغم من ذلك، بينما تشترط الشركات التي تصدر العملات المستقرة توافر قدر معين من معلومات معرفة العملاء (KYC) قبل استبدال الدولارات الأميركية بالتوكنات، قال المتداول المجهول إن مكاتب التداول خارج المنصات التي شاركت في هذه الذروة قد تكون كشفت بعض المعلومات لمنصات التداول عن شركائها وأحجام المعاملات، بالأخص لمنصتي جيميني وباكسوس، وهو تقييم عارضته باكسوس عقب نشر التقرير، قائلة إن هذه المعلومات لا تستخدم إلا لأغراض الالتزام باللوائح وأن المنصة لن توظفها بشكل تنافسي.

 

وقال برودمان: “بعض المكاتب الصغرى لا تستطيع التعامل مع البنوك التي تسمح بالتحويل الفوري للدولار، لذا فهم يضطرون للتخلي عن بعض الخصوصية”.

 

واتفق المتداول المجهول الآخر أن هذه الفرصة كانت مغرية لمكاتب التداول خارج المنصات التي تواجه بعض التحديات التي تخص السيولة والشرعية. لأنه يتوقع أن الشركات ستستمر في إصدار العملات المستقرة بتخفيضات تحفيزية في عام 2019.

 

ثم قال: “اعتقد أنه لا يوجد فائز مطلق حتى الآن، سواء في ملعب متداولي أو مصدري العملات”.

 

وبحسب كيلفي كو، تلاشت فرص المتاجرة المنظمة للعملات المستقرة بعد عدة أسابيع لأنه “بمجرد تطبيق الفوائد قصيرة الأجل، فهم لا يريدون الإبقاء على التخفيضات التحفيزية القاسية”.

 

بالإضافة إلى ذلك، أخبر الممثل عن شركة هوبي غلوبال Huobi Global موقع كوين ديسك أن المنصة وضعت حداً أقصى للسحب اليومي خلال فترة الذروة.

 

بالنسبة للباكسوس، فإن الحد الأقصى يساوي 20,000 دولار للحسابات الموثقة و1000 دولار للحسابات غير الموثقة. ومن المحتمل أن ذروة المتاجرة قد تكون أثرت على خزائن هوبي، إذ تضم ثلاث محافظ تابعة لمنصة هوبي ما يقارب 87% من إجمالي عملات الجيميني دولار الموجودة. رفضت جيميني التعليق على السبب المحتمل لحدوث هذا.

 

ثم أضاف ممثل هوبي أن المنصة تخطط للتطوير المستمر لحل العملة المستقرة خلال عام 2019 بهدف تحسين تجربة المستخدم UX ومنع الاستخدام السيئ للنظام.

 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.