في مجال لطالما عُرف بالتعهد بالتحوّل الجذري دون تقديم شيء سوى نماذج أولية في الغالب حتى الآن، ينفرد مدير العمليات بمنصة وي تريد we.trade، روبرتو مانكون، بسجل حافل بالتعهدات التي وفى بها.   

إذ وعد روبرتو مانكون في مطلع العام الماضي، 2018، أن تدخل منصة وي تريد، وهي منصة بلوكتشين لخدمات التمويل التجاري، حيز التشغيل بحلول منتصف العام ذاته؛ وهذا ما حدث فعلاً، وتركّز عمل المنصة على التجارة بين الشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) في عدد من البلدان الأوروبية المختلفة.

كذلك، تعهدت منصة وي تريد في وقت لاحق من العام نفسه، 2018، بتنفيذ أولى خطوات التوسّع إلى خارج قارة أوروبا، وقد حدث هذا فعلاً: فقد أعلنت المنصة عن مشروع لدراسة إمكانية التشغيل المتبادل مع منصة إي تريد كونكت eTradeConnect في هونغ كونغ والانتقال إلى قارة آسيا.

ولا شك أنَّ متابعي أخبار البلوكتشين المؤسسية يتذكرون أنَّ مانكون قد تنبأ بأنَّه من المحتمل أن تعقد منصة البلوكتشين الأخرى لخدمات التمويل التجاري، والمبنية على نظام فابريك Fabric من تحالف هايبر ليدجر Hyperledger، باتافيا Batavia، تحالفاً مع منصة وي تريد، وهو ما حدث فعلاً إلى حد ما؛ إذ لم يعد لمنصة باتافيا وجود الآن، وقررت ثلاثة بنوك من أصل البنوك الخمسة التابعة لها الانضمام إلى منصة وي تريد (بغض النظر، تزايد عدد البنوك المساهمة بمنصة وي تريد من سبعة بنوك إلى 12 بنكاً على مدار العام الماضي، ليصل مجموعها بذلك إلى 14 بنكاً مرخصاً).

وعليه، إذا أخذنا في الاعتبار ما يتمتع به مانكون من بُعد نظر، فالأحرى بنا أنَّ نولي عناية بالغة إلى تصريحاته حول العام المقبل: ووفقاً له، سيكون عام 2019 عاماً حافلاً بعقد الشراكات بالنسبة لمنصة وي تريد.

قال مانكون في تصريح لموقع كوين ديسك CoinDesk: “إلى جانب استقطاب الكثير من العملاء إلى المنصة، يتمثل هدفنا في مواصلة التوسّع إلى قارة آسيا، مع عقد بعض الشراكات الإستراتيجية خارج سوق المال”.

الهدف من عقد هذه الروابط هو تسريع انتشار المنصة إلى مناطق جديدة والتوسّع بعيداً عن جوانب التمويل التجاري التي تدعمها البنوك، في سبيل تطوير تجربة مستخدم تتميز بالسهولة والسلاسة للعملاء المشاركين في التجارة العالمية بجميع مجالاتها؛ فكما قال مانكون: “إنَّ الرحلة النهائية للعملاء ليست التعاون مع جهة كبرى واحدة تتولى تنفيذ كل شيء بالضرورة، ولكن أيضاً التعاون مع مجموعة من الجهات بما يسمح برحلة تتميز بالسلاسة”.

أما في ما يتعلق باهتمام منصة وي تريد بالارتباط مع منصة إي تريد كونكت، قال مانكون مفسّراً: “بدلاً من أن نتولى التطوير أو الترخيص بأنفسنا، أردنا أن نرى إن كان بإمكاننا الارتباط بمنصات مشابهة لنا من حيث المنتجات؛ إذ أنَّ ذلك سوف يوفر لنا الكثير من الوقت والجهد”.

لابد أنَّ نشدد على أنَّ دخول منصة البلوكتشين الخاصة بالقطاع المصرفي إلى مرحلة الإنتاج يظل إنجازاً نادراً في حد ذاته في يومنا هذا؛ مما يجعل من منصة وي تريد نجماً ساطعاً، في عالم البلوكتشين المؤسسية على الأقل.

بالنسبة لعام 2019، سيكون محور تركيز التوسّع الجغرافي هو “الامتداد إلى بقية دول آسيا”، وهو ما قد يشمل سنغافورة ومنطقة جنوب شرق المحيط الهادي والهند والإمارات العربية المتحدة، على حد قول مانكون. أما في ما يتعلق بتوقيت إثبات المفهوم (PoC) في هونغ كونغ، صرّح مانكون قائلاً: “نتوقع الانتهاء من هذا الاختبار بحلول نهاية الربع الأول من عام 2019. وما إن نطمئن إلى النتائج، سوف نجرّب الانتقال إلى مرحلة الإنتاج”.

كذلك، فقد أعلن مانكون بصراحةٍ غير معهودة عن هوية الجهات التي يرغب أن تعقد منصة وي تريد شراكة معها.

شركاء محتملون

من بين المنصات التي يضعها مانكون نصب عينيه منصة سلاسل التوريد قائمة على تقنية السجلات الموزّعة (DLT) من شركتيّ آي بي إم IBM وميرسك Maersk، تريد لينز TradeLens، المبنية هي الأخرى باستخدام نظام فابريك من تحالف هايبر ليدجر. ولمّا كان محور التركيز هو التجارة العالمية، وفي ضوء حقيقة أنَّ شركة آي بي إم هي الشريك الأساسي المطوّر لمنصة وي تريد، فلا عجب بتاتاً أنَّ يكون هناك شكل من أشكال التعاون مع شركة آي بي إم.

تعني منصة تريد لينز بالاحتفاظ بوثائق رقمية لسلسلة التوريد بأكملها، في حين تتولى العقود الذكية الخاصة بمنصة وي تريد التشغيل الآلي للمعاملات بين بنوك الشركات الصغيرة والمتوسطة المعنية باستيراد وتصدير السلع في ما بينها، وضمان تلك المعاملات.

سبق أن ربطت شركتيّ آي بي إم وميرسك بين عدد من هيئات الجمارك والموانئ وشركات النقل وشركات الشحن وشركات الخدمات اللوجستية بجميع أنحاء العالم، من خلال منصة تريد لينز. لذلك، فإنَّ الجمع بين منصة تريد لينز ومنصة وي تريد من شأنه أن “يقلب الموازين”، على حد تعبير مانكون.

تعقيباً على ذلك، قال مانكون: “لا شك أننا نعتبر مشروع كمنصة تريد لينز مشروعاً مثيراً للاهتمام للغاية، لا سيما إذا أخذنا في الاعتبار طبيعة المنظومة التي نرغب ببنائها؛ إذ أنَّ منصتنا ليست منصة لخدمات التمويل التجاري، بل منصة تجارية”.

من الناحية الأخرى، اعترف مانكون أنَّ عقد شراكة كهذه يتطلب إجراء محادثات جادة أولاً، واستطرد قائلاً: “نحن نتابع بعضنا باستمرار، ونجري الحوارات باستمرار من أجل فهم ما هي المرحلة التي وصلت إليها تلك المشاريع الأخرى”.

ويبدو أنّّه شعور متبادل بين الطرفين؛ إذ صرّح نائب رئيس شركة آي بي إم للتجارة العالمية باستخدام تقنية البلوكتشين، تود سكوت، لموقع كوين ديسك قائلاً: “من المتوقع لكلاً من منصة تريد لينز ووي تريد أن تُحدِث تحولاً في قطاعها. وعليه، نعتقد أنَّ هناك إمكانيات وقيمة بالغتين في عقد تعاون بينهما”.

من المنصات المقترحة الأخرى التي يتابعها مانكون أيضاً منصة تريد شفت TradeShift: وهي عبارة عن منصة معنية بتبسيط عمليات الدفع والشراء على طول سلسلة التوريد أمام عملائها من الشركات الكبرى، وتضم شبكتها ما يصل إلى 1.5 مليون مستخدم.

من جانبها، رفضت منصة تريد شفت الرد على طلبات التعليق التي تقدّم بها موقع كوين ديسك حتى وقت نشر هذه السطور، فضلاً عن كونها التزمت الصمت نسبياً بشأن تقنية البلوكتشين، مع أنَّها انضمت إلى تحالف هايبر ليدجر كعضو رئيسي في عام 2017.

تعقيباً على ذلك، قال مانكون: “لقد خاطبناهم في الأمر؛ إذ أنَّ تريد شفت ستكون حليفاً مثالياً لوي تريد بفضل تكامل أدوارهما. لذلك، أظن تريد شفت أحد الشركاء المحتملين عند الحديث عن عام 2019 كعام حافل بعقد الشراكات”.

واستطرد مانكون قائلاً، في إشارةً إلى القدرات الخاصة بكل منصة: “لدينا منصة تريد لينز المعنية بالاحتفاظ بنسخ رقمية لوثائق سلسلة التوريد بأكملها، ولدينا منصة تريد شفت المعنية بعمليات الشراء في المقام الأول، بينما تعني منصتنا بالمدفوعات المشروطة والعقود الذكية. وعليه، إذا جمعنا كل هذه المهام معاً، سوف يصبح لدينا نموذج جيد”.

حقوق الملكية الفكرية

إذا عدنا قليلاً إلى الوراء، سنجد أن منصة وي تريد تختلف عن غيرها من الجهود في مجال البلوكتشين المؤسسية في أنَّها شركة وليست تحالفاً. ومن ثم، يبدو أنَّ بنيتها الإدارية تلائم البنوك المساهمة والمرخصّة، وتسمح للمنصة في الوقت نفسه بالمضي قدماً بسرعة أكبر من منافسيها. شرح مانكون ذلك قائلاً: “لقد أوضحنا تماماً أنَّ حقوق الملكية الفكرية الخاصة بالمنصة ليست للبنوك، وهذا فرق كبير بيننا وبين غيرنا من التحالفات: نحن جهة قانونية، وحقوق الملكية الفكرية مملوكة لهذه الجهة القانونية، ويمكننا منح ترخيص بها إلى أيّ من البنوك الأخرى أو الشركاء الآخرين دون أن نطلب منهم أن يصبحوا مساهمين. لدينا حالياً 12 بنكاً مساهماً؛ مما يعني أنَّ 9% في المتوسط تقريباً يتشاركون حقوق الملكية الفكرية”.

وأضاف مانكون أنَّ البنوك قانعة بعدم امتلاك حقوق الملكية الفكرية (طالما أنَّ منافسيهم لا يمتلكونها بدورهم) في مقابل الاحتفاظ بحصة متساوية من الشركة ذاتها.

وقال مانكون: “باستطاعة جميع الأطراف المهتمة بالشركة أو التي تعتقد أنَّ الشركة قد تعود عليها بالنفع المساهمة فيها: فلا يوجد حد أقصى لعدد للمساهمين؛ مما يخلق قبولاً أفضل لأننا جعلناهم كلهم سواءً من حيث المميزات والخواص والمنصة التي نقدمها”.

وفي حين أنَّ التحرك بسرعة نحو مرحلة الإنتاج يعد سبباً مقنعاً لتجنب نموذج التحالف التقليدي الذي يُهدر فيه الكثير من الوقت في إجراء المحادثات والمفاوضات، في وجود محامين أحياناً، فإنَّ الأسلوب الذي تتبعه شركة وي تريد يعدّ مخالفةً هائلةً للأسلوب الذي تتبعه منصة تريد لينز، والذي يقوم على تقسيم حقوق الملكية الفكرية بين شركتيّ ميرسك وآي بي إم؛ إذ أنَّ مثل ذلك الأسلوب يشكّل عقبةً في طريق جذب شركات الشحن الأخرى للانضمام إلى الشبكة.

تجدر الإشارة إلى أنَّ شركة وي تريد تستعين حالياً بشركة آي بي إم في تطوير المنصة وتصميم الحوسبة السحابية الخاصة بها، وهو ما برره مانكون بقوله: “نحن نسعى إلى أنَّ نكون شركة بسيطة للغاية لديها شريك قوي في البداية، ثم نستقطب مزيداً من الشركاء في ما بعد”.

لكنه استطرد قائلاً إنَّ الشركة سوف توظف الخبرات الفنية اللازمة، لاسيما وأنَّها تعتزم إنشاء واجهة برمجة تطبيقات (API) لتكون بمثابة بنية تحتية تمكّن شركات التكنولوجيا المالية من الاستفادة من المنصة والمساعدة في تحسينها.

وأضاف أنَّه من شأن ذلك أن يقلل الاعتماد على مورّد واحد ويعزز إنشاء منظومة واحدة. أما في ما يتعلق بعقد شراكات أوثق مع شركة آي بي إم، فقد قال مانكون إنَّ هناك اختلافات واضحة بين المكوّنات والأنشطة التي تطوّرها وتمتلك حقوقها الفكرية شركة آي بي إم، الشهيرة باسم “بيغ بلو” Big Blue، وبين منصة وي تريد في حد ذاتها.

وشرح مانكون ذلك بقوله: “من الناحية الأخرى، بُنيت المنصة بأكملها بحيث تكون شركة وي تريد هي مالكة حقوقها الفكرية. إذن، من الواضح أنَّ هناك فرق بين حقوق الملكية الفكرية للمكوّنات المنفردة التي تمكّننا من بناء المنصة، وهي ملك شركة آي بي إم، وحقوق الملكية الفكرية للمنصة ذاتها، وهي ملك شركة وي تريد”.

 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.