استعانت شركة ستاسيس Stasis، وهي شركةٌ مصدرة للعملات المستقرة تقع في مالطة، بخدمات مكتب المحاسبة بي دي أوه مالطة BDO Malta لأجل إجراء مراجعاتٍ حسابيةٍ سنويةٍ وربع سنويةٍ لسجلَّاتها المالية، بما فيها مخزون اليورو الداعم لتوكن الإي يو آر إس (EURS) الخاص بالشركة الناشئة.
وتهدف هذه الخطوة إلى إزالة أية شكوكٍ في كَونِ توكنات EURS المستقرة مدعومةً باليورو بنسبة واحدٍ إلى واحدٍ. إذ يحذَر كثيرٌ من مستثمري العملات المشفرة وتجَّارها أية مزاعمٍ كهذه من مُصَدِّرات العملات المستقرة، بسبب التساؤلات اللحوحة حول كبرى الشركات المصدر للعملات المستقرة، وهي شركة تيثر Tether.
لقد فقدت توكنات التيثر (USDT) تكافؤَها مع الدولار الأميركي بصورةٍ دراميةٍ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بداعي انتشار الشكوك في امتلاك الشركة دولاراً أميركياً في ودائعها البنكية مقابل كل توكن يجري تداوله.
منذ أكثر من عامٍ، ردَّدت تيثر وعدها بإجراء مراجعاتٍ حسابيةٍ دوريةٍ لإثبات امتلاكها قدراً كافياً من ضمانات العملات النقدية، ولكنها لم تُحَقِّق ذلك الوعد حتى الآن. بل إنها قطعت علاقتها مع مكتب فريدمان Friedman LLP للمحاسبة في يناير/كانون الثاني من العام الجاري، وقدَّمت عوضاً عن ذلك وثائق أعدَّها أحد مكاتب المحاماة في يونيو/حزيران ووثائق أخرى أعدَّها مصرفها في نوفمبر/تشرين الثاني، ويضمن كلاهُما وجود ودائع كافيةٍ.
وفي ما تبدو إشارةً إلى الجدل المحيط بتيثر، قال المدير المالي لستاسيس، فياتشسلاف كيم، في بيانٍ له الأسبوع الماضي: “ارتكزت النقاشات الأخيرة حول العملات المستقرة على جانبين: الالتزام باللوائح والشفافية. وعن طريق تقديم التوثيق من طرف أحد أكبر مكاتب المحاسبة، بالإضافة إلى امتثال توكن EURS للَّوائح التنظيمية وفقاً لقانون مالطة، نكون قد أثبتنا أن توكن EURS خيار مميز للمستثمرين الأوروبيين”.
وفضلاً عن المراجعات الحسابية، فإن بي دي أوه مالطة -أحد أعضاء شبكة “بي دي أوه” الدولية لمكاتب المحاسبة، التي تمارس أنشطتها في أكثر من 160 دولة وفقاً لموقعها الرسمي– سوف “يقدِّم توثيقاً أسبوعياً للمخزون النقدي” من ضمانات العملات النقدية الداعمة لتوكن EURS، حسب ما قالته شركة ستاسيس. وقد نُشِرت أولى تلك التقارير يوم الخميس 6 ديسمبر/كانون الأول. وهو يوضِّح أن الوثيقة لا تُمَثِّلُ مراجعةً حسابيةً.
إن إصدار العملات المستقرة هو أحد الأركان المتزايدة في الإقبال والتنافسية من قطاع العملات المشفرة، وتسعى عدة شركات مصدرة للعملات المستقرة إلى طمأنة السوق المتشكِّكَة في صلاحية العملات المستقرة عن طريق الترويج لعلاقاتها مع مكاتب المحاسبة البارزة.
وخلال الشهر الماضي، نشرت شركة سيركل Circle -المصدرة لعملة كوين الدولار الأميركي (USDC) المقترنة بالدولار الأميركي- إقراراً بضماناتها من الدولار أعدَّه مكتب غرانت ثورنتون Grant Thornton، بينما فعلت شركة جيميني Gemini –الشركة المصدرة للجيميني دولار (GUSD) المقترن بالدولار الأميركي- الأمر ذاته بإقرارٍ من مكتب بي بي إم BPM، في حين نشرت باكسوس Paxos -صاحبة عملة الباكسوس ستاندرد (PAX) المقترنة بالدولار- إقراراً من مكتب ويثوم Withum.
المراجعات الحسابية أهم من الإقرارات
إلا أن ستاسيس تتفوَّق على أقرانها بوعدها بإجراء مراجعاتٍ حسابيةً كاملةً.
ونقل موقع كوين ديسك CoinDesk تصريحاً عن مايكل شوب، أستاذ أخلاقيات المراجعات الحسابية والمحاسبة بجامعة تكساس إيه آند إم Texas A&M، يقول فيه: “سأضع قدراً أكبر بكثيرٍ من الثقة” في العملات المستقرة بعد إجراء مراجعةٍ حسابيةٍ كاملةٍ للسجلات المالية للجهات المصدرة للعملات المستقرة، مقارنةً بالتوثيقات أو الإقرارات.
وقدَّم شوب شرحاً للفارق بين التوثيقات والإقرارات والمراجعات الحسابية، قائلاً إن المراجعات الحسابية “تُطَبَّق في الأعمِّ على البيانات المالية” -بما فيها بيانات الدخل، وبيانات التدفق النقدي، وكشوف الميزانية- بينما الإقرارات (من النوع الذي نشرته سيركل وجيميني وباكسوس) “هي قادرةٌ فقط على التمثيل محدود النطاق”. على سبيل المثال، كأن تؤكِّد وجود الودائع البنكية اللازمة في نقطةٍ زمنيةٍ ما.
وتابع قائلاً: “مستوى الضمان متشابهٌ جداً”، ولكن المراجعات الحسابية توفِّر سياقاً مهماً يتعدَّى تصويراً منفصلاً لنقطةٍ زمنيةٍ معينةٍ: “يمكنك أن تَخلُصَ إلى معرفة إن كانت تلك النقود ستظلُّ في المصرف غداً، وإن كانت موجودةً في المصرف بالأمس”.
أما التوثيق، على الناحية الأخرى، يوفِّر سياقاً أضيق بكثيرٍ، ولا يجب بالضرورة أن يتولَّى إعداده مُحاسِبٌ مؤهَّلٌ. وكما ذكرنا بالأعلى، فقد نشرت تيثر توثيقاً مُعَداً من مكتب المحاماة الخاص بها.
في عملية التوثيق، يختار المكتب ومُحاسِبُه (أو محاميه) اتِّخاذ إجراءٍ معيَّنٍ، وينفِّذها المحاسب كما هو متفقٌ عليه، وذلك يتنافى مع المعايير بالغة الدقة التي يتطلَّبها الإقرار أو المراجعة الحسابية.
وعلى سبيل المثال، ذكر شوب أن التوثيق لا يوضِّح بالضرورة إن كانت الودائع البنكية ليست مجرَّد قرضٍ يُسَدَّد على مرةٍ واحدةٍ، أو أنها لا يجري تناقلها بين حساباتٍ مختلفةٍ.
صعب المنال؟
صارت وعود ستاسيس بالمراجعات الحسابية -المتوقع إجراء أولاها في الربع الأول من 2019- أبرز بكثيرٍ نظراً لأن بعض الجهات المصدرة للعملة المستقرة، وليس تيثر وحدها، قد زعمت أن المراجعات الحسابية هي حالياً بعيدة المنال في سوق العملات المستقرة.
إذ قال كاميرون وينكلفوس، الشريك المؤسس لجيميني ورئيسها، على تويتر Twitter في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إنه “لا وجود لإطار عملٍ للتقارير المالية (فيما يتعلق) بمطابقة المراجعات الحسابية (مع) العملات المستقرة. لذا لا يمكنك إجراء ’مراجعة حسابية‘”.
وتابع بأن على الشركات المصدرة العملات المستقرة، بدلاً من ذلك، “الاعتماد على طرفٍ خارجيٍّ للشهادة على دقة الضمان (بأن هناك اقتراناً بنسبة 1:1)”.
ومع ذلك، وفقاً لمتحدث باسم ستاسيس، فإن “بي دي أوه مالطة سيُجري مراجعاتٍ حسابيةً كاملةً في كل ربع مالي، بالإضافة إلى توثيقاتٍ أسبوعيةٍ”.
وعند التواصل مع سام سبيريدونوف، الشريك المراجِع في بي دي أوه مالطة الذي وقَّع على أول توثيقٍ أسبوعيٍّ لشركة ستاسيس، صرَّح لموقع كوين ديسك قائلاً: “ستُغَطِّي المراجعات الحسابية جميع البيانات المالية لشركة ستاسيس STSS Limited (في مالطة)، بما في ذلك ودائع اليورو”.
وفي تلك الأثناء، فإن تيثر ماضيةٌ في الهيمنة على سوق العملات المستقرة، رغم الجدل المحيط بها.
ومع بلوغ قيمتها السوقية 1.9 مليار دولار، فإن عملة التيثر هي سابع أعلى العملات المشفرة قيمةً في المُجمَل. وعلى النقيض، تحتل عملة EURS التابعة لشركة ستاسيس المركز الثاني والثمانين، بقيمةٍ سوقيةٍ تساوي 35 مليون دولار فحسب، وفقاً لمؤشر كوين ماركت كاب CoinMarketCap.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.