بدأت إحدى عمالقة قطاع العملات المشفرة تجربة وسائل جديدةٍ لمنح مستخدميها مزيداً من التحكم في بياناتهم الشخصية.
إذ أوكلت منصة كوين بيس Coinbase لتداول العملات المشفرة، الشركة التي تخطت قيمتها مليار دولار، إلى فريقٍ متكوِّنٍ من 17 عضواً مهمة البحث عن حلولٍ لامركزيةٍ للهويات الشخصية. وصرح بي بيرن، مدير المنتجات في فريق كوين بيس، إلى موقع كوين ديسك CoinDesk برغبته في “مساعدة الناس على امتلاك جزءٍ أكبر من هوياتهم على الإنترنت”.
وفي تصريحٍ حصريٍّ لموقع كوين ديسك، كشف بيرن عن أن نهجه يعتمد على خلق جسورٍ بين منتجات كوين بيس، مثل محفظتها المحمولة، عبر إنشاء تطبيق لامركزي مدمج (DApp). وشرح قائلاً: “أضع نصب عيني التطبيقات اللامركزية، وأي من عملائنا يستخدم التطبيقات اللامركزية. فهذا على الأرجح مؤشِّرٌ جيدٌ لمعرفة أنواع الأنشطة التي يرغب (عملاؤنا) في ممارستها عبر البلوكتشين”.
وبرأي بيرن، تَكمُنُ الطريقة المثلى للبدء في التعرف على قطاعٍ صغيرٍ من مستخدمي كوين بيس الذين من شأنهم اكتساب قيمةٍ حقيقيةٍ من التحكم في مزيدٍ من بياناتهم الشخصية، عوضاً عن تولِّي كوين بيس باستمرارٍ تحصيل بيانات معرفة العملاء (KYC) وتخزينها عبر منتجات المنصة.
وتابع بيرن أنه على مدار الأشهر الاثني عشر المقبلة، سيسعى فريقه إلى توسيع نطاق هذه التجارب من العمل على بضعة مستخدمين فحسب إلى “مجموعةٍ هادفةٍ” من مستخدمي التطبيقات اللامركزية. وبالإضافة إلى المستخدمين البارعين في التكنولوجيا، قال بيرن إن حلول الهويات الشخصية يمكن أن يكون لها مردودٌ فوريٌّ تقريباً على العملاء الذين “لا يملكون سبيلاً للوصول إلى بعض الأشياء لأن الأمر بالفعل صعبٌ أكثر مما ينبغي”.
وأضاف بيرن: “نرى أنه جزءٌ مهمٌّ من مستقبلنا ونفكِّر في الأدوات التي نحتاج إلى تسخيرها لأجل ذلك”.
وبناءً على ذلك، أوضح بيرن أن فريقه يُجري محادثاتٍ مع مشاريع مثل W3C Credentials Community Group. ومن جانبه صرح عضو W3C كريستوفر آلين -المخضرم في مجال العملات المشفرة- إلى كوين ديسك بأن المجموعة تسعى لتكوين فريق عملٍ على أدوات التعرُّفٍ اللامركزيةٍ (DIDs) في يناير/كانون الثاني المقبل، فريقٍ بإمكانه ترشيح المعايير اللازمة من خلال رابطة الشبكة العالمية World Wide Web Consortium الواقعة في ولاية ماساتشوستس الأميركية.
ومع أن آلين يحثُّ الشركات مثيلة كوين بيس على لعِب دورٍ أكثر فعاليةً في جهود بناء المعايير هذه -إذ يرى وجوب تخصيص 5 بالمئة على الأقل من ميزانيات الشركات لصالح المساهمات المجتمعية- فقد قال بيرن إن كوين بيس متردِّدةٌ لأن هذه المجهودات أكاديميةٌ أكثر من اللازم وقد تصرف الانتباه عن الأولويات اليومية لخدمة العملاء.
وفي السياق ذاته صرحت إيميلي تشوي، نائبة رئيس كوين بيس لتطوير المؤسسة والأعمال، لموقع كوين ديسك بألا توجد خططٌ حتى الآن بتحويل حصَّةٍ من الـ300 مليون دولار المخصَّصة لمشروع سيريز إي Series E -الذي أطلقته كوين بيس في أكتوبر/تشرين الأول- إلى فريق الهويات الشخصية أو المشاريع المجتمعية ذات الصلة، باستثناء ربما تعيين ثلاثة خبراء إضافيين في الهويات الرقمية.
هذا وقد صرح رئيس شبكة البيانات شيفت Shyft، جوزيف واينبرغ إلى كوين ديسك بأن القطاع بأكمله يحتاج إلى “التوصُّل إلى وسائل أفضل” لتوحيد نماذج التطوير المرتبطة بالهويات الرقمية. وذكر أن شيفت تعمل بالفعل مع جهاتٍ حكوميةٍ في برمودا وموريشيوس على اختبار تكنولوجياتٍ لتحسين الخصوصية ومشاركة البيانات.
وأضاف واينبرغ: “علينا كذلك التركيز على جزئية الإدارة (في التطوير) لأن هذه أنظمةٌ يعمل بها الناس. تلك هي المشكلة التي لا نجيد التعامل معها في قطاعنا”.
طَورُ التجارب
بدءاً ببضعة مستخدمين لمحافظ كوين بيس، يأمل فريق بيرن في إيجاد مجموعاتٍ متخصِّصةٍ يمكنها الاستفادة من حلول الهويات اللامركزية جزئياً في سياقاتٍ محدَّدةٍ ممتثلةٍ إلى اللوائح التنظيمية. ولنَضَع خطاً تحت كلمة “جزئياً”.
وأوضح بيرن: “نرغب في حماية مستخدمي (كوين بيس) والحرص على سلامة الوضع. أنا أُمضي الوقت في التفكير بشأن إدارة الضمان الاجتماعي أو إدارة ترخيص المركبات DMV، لأنهما جِهَتان تتولَّيان إدارة كَمٍّ كبيرٍ من البيانات اليوم”.
وبناءً على تجاربه الشخصية في بناء حلولِ دوليةٍ وقانونيةٍ للخصوصية، أفاد واينبرغ رئيس شبكة شيفت إلى كوين ديسك أنه لا يرى أن الحلول اللامركزية للهويات الشخصية ستسمح أبداً لمستخدمي منصات تداول العملات المشفرة بالتحكم في جميع بياناتهم الشخصية.
ولكن بغض النظر عن ذلك، قال واينبرغ إن الشركات بإمكانها التعاون مع بعضها البعض لمنح المستخدمين الحق في اختيار كيفية مشاركة البيانات، مضيفاً: “ليس لديَّ مانعٌ في أن أدفع مقابل خدمةٍ أعلم كيف تُستَخدَم (بيانات الهوية) فيها”.
ومن ناحية بناء هذه الأنظمة، شدَّد آلين، الشريك المؤسِّس لـW3C، على أهمية التمييز بين التوثيق authentication -“العلاقة بين البيانات الرقمية والشخص الحقيقي”- والترخيص authorization -“القدرة على تنفيذ أمورٍ متنوعةٍ”، مثل شراء الأوراق المالية.
وفي العموم اتَّفق معه بيرن في هذه التفرقة، مضيفاً أن “في هذه المرحلة، لا نشعر بوجود معيارٍ واضحٍ متَّفقٍ عليه لحلِّ المشاكل”. وتابع أنه سيكون التزاماً شديداً أن تشترك كوين بيس مع كل فريقٍ يعمل حالياً على معاييره الخاصة للهويات الشخصية.
إلا أن واينبرغ يرى أن التعاون قد يُسَهِّل بالفعل على الشركات التوسُّع في الخدمات عبر مختلف السلطات التشريعية، وهي أولويةٌ لدى كوين بيس.
فمثلاً، لو كانت منصة تداول العملات المشفرة كراكن Kraken تعمل بالفعل في دولةٍ ما من دول البحر الكاريبي، فإذا دخلت شركاتٌ مثل كوين بيس تلك المنطقة يمكنها ببساطةٍ الاستعلام من شبكة الهويات الدولية عن البيانات المتداخلة بدلاً من تعريف المستخدمين بالأمر من جديدٍ.
التعاون مطلوب
حتى إذا طوَّر فريق بيرن حلولاً للهويات الشخصية تعمل على الحدِّ من الاحتكاكات بين المنصات أو زيادة مقدار الخصوصية لدى العملاء، فمن المرجَّح أن تعتمد تلك الحلول على أدواتٍ وبروتوكولاتٍ عامةٍ توجد خارج نطاق كوين بيس.
وصرَّح بيرن قائلاً: “ليست حالة مجموعٍ صفريٍّ في هذه المرحلة. أياً كانت المعايير التي سنتفق عليها، ستكون حمايتها ضروريةً”.
ولإبراز هذه النقطة بالتحديد، ذكر آلين نقطة ضعف هارتبليد Heartbleed سيئة السمعة التي أثَّرت في أنواعٍ متعدِّدَةٍ من البرمجيات مفتوحة المصدر في عام 2014. وبدأ امتداد ذلك الأثر في أرجاء قطاع التكنولوجيا لأن شخصاً واحداً كان يُحَدِّث كود أوبن إس إس إل OpenSSL بعد ابتكاره لأول مرةٍ بسنواتٍ. وفي النهاية تسلَّل إلى الكود خطأٌ برمجيٌّ مُدَمِّرٌ.
وعلق آلين قائلاً: “لا أريد أن أشهد تكرار تلك المشكلة في عالم البتكوين. أودُّ أن يقول العملاء: لا أرغب في الاستعانة بوصيٍّ مؤهَّلٍ ما لم يَعُد ذلك بفائدةٍ على عامة الناس”.
وعلاوةً على ذلك، قال آلين إن فرق العمل الرسمية مثل التي يطمح مشروع W3C المجتمعي أن يصبح واحداً منها، يمكنها وضع معايير دوليةٍ تُمَثِّل سلطةً ترجع إليها الجهات التنظيمية وخبراء التكنولوجيا على حد سواء.
ومن دون التعليق على أية موارد أو أولوياتٍ محدَّدةٍ، اتَّفق بيرن مع وجهة النظر التي ترى أن كوين بيس من شأنها أن تحتاج إلى الالتزام بإبقاء البنية التحتية “صحيةً” لأجل الحلول المستقبلية. وأعرب بيرن كذلك عن فضوله حيال الكيفية التي يمكن بها لكوين بيس أن تلعب دوراً أكثر فعاليةً في الجهود المجتمعية يوماً ما.
إذ أوضح بيرن قائلاً: “إن النموذج السابق الفاشل للتفكير في حلول الهويات قد حاول الظفر بها وحيازة هويات الجميع على نحوٍ تامٍّ، بعكس العمل تبعاً لطرقٍ موحَّدةٍ توزِّع تلك القوة وتُكسِبُها صفة اللامركزية”، مضيفاً: “ما زال الجميع حتى الآن في بداية الطريق”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.