بدأت موجةٌ من الأبحاث وأعمال التطوير المتعلقة بإيثريوم وان إكس ethereum 1x، وهو تحديثٌ مقترحٌ يهدف إلى التحسين السريع لقابلية استخدام ثالث أكبر شبكات البلوكتشين في العالم.

وبينما لم يتفق المطورون بعدُ على التعديلات الكودية المحدَّدة التي يرتكز عليها التحديث، فإن المناقشات النشطة توحي بإمكانية تفعيل عديدٍ من المقترحات المختلفة بحلول شهر يونيو/حزيران 2019، في حال الوقوف على مقترحٍ نهائيٍّ مطروحٍ من مستخدمي الشبكة ومعتمد منهم.

وما زالت الخطة، التي كان لموقع كوين ديسك CoinDesk السبق في الكتابة عنها الأسبوع الماضي، في مراحل التطوير الأولى.

وبالفعل صدر اقتراحٌ من آفري شويدون، مدير الإطلاق لدى شركة باريتي Parity، العميلة لدى الإيثريوم، بإصدار التحديث مستَقِلاً على شبكة بلوكتشين منفردةٍ. ومع ذلك، هناك أصواتٌ عديدةٌ تنادي بتفعيل إيثريوم وان إكس على شبكة البلوكتشين الحالية، وبسرعةٍ.

يُذكَر أن الاعتقاد العام كان أن هذا التحديث هو إضافةٌ لتحديثٍ آخر يُدعى إيثريوم 2.0، وأشار له مبتكر الإيثريوم فيتاليك بوتيرين حديثاً باسمه الأقدم “سيرينيتي Serenity”، وطرأ تعديلٌ على خارطة طريق هذا التحديث في يونيو/حزيران الماضي لأجل ضمِّ مواصفاتٍ تصميميةٍ جديدةٍ من المتوقع أن تؤخر موعد التفعيل.

وكما شرح شويدون لموقع كوين ديسك، فإن المطوِّرين الآن أكثر ثقةً من أن إيثريوم 2.0 لن يبدأ إنتاجه قبل عام 2020. وقال شويدون إن المطورين “انتابهم الفزع وراحوا يقولون: ’علينا حقاً أن نجد حلولاً وسطاً‘”، مما دفعهم إلى المجيء بأفكارٍ جديدةٍ يمكن تنفيذها على المدى القريب.

ومع أن أفكار إيثريوم وان إكس قد “تبدو متطرفةً أو مثيرةً للجدل أكثر مما يجب” في الوقت الحاليِّ، فقد صرَّح شويدون بأن الهدف المنشود هو مناقشة كافة الأفكار دون استثناءٍ مع أفراد المجتمع المساهمين لكيلا “يثير أيٌّ من التحديثات في النهاية أيَّ جدلٍ”.

وبعد أن نوقشت خطط إيثريوم وان إكس أثناء اللقاءات الشخصية التي عُقِدَت في مؤتمرٍ مطوري الإيثريوم Devcon4، في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر، فقد أعرب عددٌ من أعضاء المجتمع عن استيائهم حيال قلة المشاركة الجماهيرية. ولكن هذه البلبلة قد خمدت بصورةٍ مؤقتةٍ بعد إنشاء منتدياتٍ عامةٍ لمناقشة إيثريوم وان إكس على الملأ.

إلى جانب ذلك، من المتوقع أن تستمر الاجتماعات لتنسيق الجهود العاملة على هذا التحديث المقترح وفقاً لقواعد تشاثام هاوس (المعهد الملكي للشؤون الدولية)، أي أن الكشف عن فحوى هذه النقاشات يجب ألا ينسب موقفاً أو تصريحاً بعينه لأيٍّ من المتحدثين.

وسيُقام أول هذه الاجتماعات يوم 1 ديسمبر/ كانون الأول في تمام الساعة الثانية ظهراً بتوقيت غرينتش، بهدف التشجيع على المناقشات المفتوحة بين المطوِّرين.

وتعليقاً على الأمر، صرَّح شويدون لموقع كوين ديسك قائلاً: “يجب أن نكون متعقِّلين بشأن كيفية المضيِّ قدماً في هذا الأمر”، مضيفاً: “يجب أن نأخذ بآراء جميع أفراد المجتمع وأن نلتزم بالصراحة والشفافية أثناء الحديث عن الأفكار قاطبةً ومناقشة الطريقة الأمثل لتنفيذها”.

حالة كبيرة

وفقاً لمحضر وقائع اجتماعات المناقشات التي جرت مسبقاً في مؤتمر DevCon4، والتي نشرها دان هايمان، مدير برنامج مجموعة بيغاسيس PegaSys لتطوير بلوكتشين الإيثريوم، فإن هناك في الوقت الحالي أربع مجموعات عملٍ مختلفةٍ منوطةٍ بتطوير إيثريوم وان إكس.

وإحدى هذه المجموعات يرأسها آليكسي آخونوف، أحد المطورين الأساسيين للإيثريوم، وهي تقود الجهود نحو تقديم خاصية تأجير مساحة التخزين في منصة الإيثريوم. وتأجير مساحة التخزين هي آليةٌ ناقشها المطورون بالتفصيل في مارس/آذار الماضي. والغرض منها هو الحد من نمو “حالة” الإيثريوم، وهو مصطلحٌ يشير إلى جميع التطبيقات والحسابات النشطة على شبكة البلوكتشين.

وبالنظر إلى الانتشار السريع للتطبيقات اللامركزية DApps المصمَّمة على الإيثريوم من خلال العقود الذكية -وهي سطور أكوادٍ ذاتية النشر-، فهناك كذلك ازديادٌ في كمية البيانات المخزَّنة على البلوكتشين لدعم هذه العقود.

ويمثِّل هذا مشكلةً أمام المستخدمين الجدد الراغبين بالمشاركة في الشركة عن طريق نشر برمجياتٍ تُدعَى عُقَد nodes مهمتها تحميل نسخةٍ كاملةٍ من حالة البلوكتشين النشطة والاحتفاظ بها.

وكما صرَّح آخونوف لموقع كوين ديسك، كلما نمى حجم “الحالة”، استغرقت الحواسب الجديدة وقتاً أطول في الانضمام إلى شبكة الإيثريوم لأجل تحميل هذه النسخ والاحتفاظ بها.

واستطرد شويدون في الحديث عن هذا، مُقَدِّراً أن الحجم الحالي لبيانات بلوكتشين الإيثريوم يساوي 125 غيغابايت تقريباً، بينما يبلغ حجم حالة الشبكة النشطة ما يقرب من 10 غيغابايت.

وفي حديثه عن الأمر، قال شويدون: “إنها تنمو بسرعةٍ تجعلنا نتوقع وصولَ حجم بيانات البلوكتشين إلى ما يتراوح بين 200 و300 غيغابايت بحلول نهاية العام القادم، لتصبح حالةً مهولةً”.

لذلك، فإن اقتراح اقتطاع رسومٍ من المستخدمين الذين يخزِّنون بيانات عقودٍ ذكيةٍ على البلوكتشين يسعى نحو معالجة السرعة التي تنمو بها بلوكتشين الإيثريوم حالياً، وبهذا يضمن قابلية الوصول إلى الشبكة لجميع المستخدمين على الأقل على المدى القريب.

إلا أن هذا ليس الاقتراح الوحيد الذي يناقشه المطورون في الوقت الحالي. فثمة اقتراحٌ آخر بنقل نِسَبٍ معينةٍ من بيانات العقود الذكية إلى خارج البلوكتشين. وفي حال تطبيق هذا، سيلقي بمسؤولية تخزين البيانات على عواتق مطوري التطبيقات اللامركزية.

تُعرَف هذه الآلية باسم “العقود عديمة الحالة”، وهدفها تسهيل تخزين بيانات العقود الذكية خارج البلوكتشين، ويرى آخونوف أن تطبيقها سيكون أبسط من آلية تأجير مساحة التخزين.

إلا أن هناك مخاوف بشأن هذا الاقتراح لأنه متعلِّقٌ بكيفية مشاركة مطوري التطبيقات اللامركزية للبيانات خارج البلوكتشين وتحديثهم إياها.

فقال آخونوف: “عندي مشكلةٌ مع العقود عديمة الحالة في الوقت الراهن. يخال الناس أن تنفيذها أسهل، وهذا صحيحٌ من ناحية تحديث البروتوكول. ولكن تدعيمها سيكون أصعب بكثيرٍ على مطوري التطبيقات اللامركزية”.

يداً بيدٍ

بالإضافة إلى تأجير مساحة التخزين، تبحث مجموعة دراسةٍ أخرى لإيثريوم وان إكس في مقترحاتٍ بأرشفة البيانات القديمة المخزَّنة على البلوكتشين سعياً وراء تخفيف أحمال نمو الحالة.

ولكن بعيداً عن آليات تخزين بيانات الإيثريوم، هناك فريقٌ ثالثٌ من المطورين -تحت اسم “مجموعة المحاكاة”- يسعى نحو “تحليل المشاكل التي تحدث في البلوكتشين حين تزداد مساحة البلوكات أو حين يمتدُّ زمن الانتقال”، على حد قول آخونوف.

ويُعتَبَر هذا على صلةٍ وثيقةٍ بتحسينات الكود التي رفعت من سرعة انتشار البلوكات على الإيثريوم حالياً. ونتيجةً لنقل البلوكات الجديدة بسرعةٍ أكبر عبر الشبكة، من المتوقع أيضاً أن يستطيع معدِّنو الإيثريوم تنفيذ عددٍ أكبر من المعاملات في البلوك الواحد، وتحصيل كميةٍ أكبر من رسوم المعاملات.

وتابع آخونوف بأن الدراسات المشيرة إلى نسبة الزيادة الممكنة في الحد الأقصى لرسوم المعاملات التي يُحَصِّلها المعدِّنون -واسمه “حَدُّ وقود الإيثريوم”- هي دراساتٌ قليلةٌ ومتباعدةٌ.

وأوضح آخونوف قائلاً: “لا توجد سوى دراساتٍ قليلةٍ أُجرِيت لتحليل كيفية انتشار البلوكات عبر الشبكة وما عواقب رفع حد الوقود”.

ومن الجدير بالذكر أن بعض مجهودات المطورين العاملين على إيثريوم وان إكس تركِّز على عمليات المحاكاة لاختبار حدود الوقود المرفوعة، نظراً لكونها موضوع بحثٍ محوريٍّ حول التقدم الأكبر نحو تخفيف حمولات التوسع التي تواجهها الشبكة اليوم.

ولذلك، فمن المتوقع لإيثريوم وان إكس -إلى جانب مخاطبة المشاكل المتعلقة بحجم حالة البلوكتشين- أن يحتوي أيضاً على تحسيناتٍ في خصائص الطاقة الإنتاجية للمعاملات على الإيثريوم. ومن المؤكد أن المشكلتين بينهما صلةٌ وثيقةٌ في سياق تدعيم نشاطٍ أكبر للشبكة.

ووفقاً لتصريحات آخونوف، إيثريوم وان إكس هو حصيلة “مجموعة” من المقترحات المختلفة التي لن تكون فعالةً إلا عند تطبيقها معاً.

إذ نقل عنه كوين ديسك قوله: “نرغب في حل هذه المشاكل مجتمعةً، لا فرادى. يجب أن تُحَلَّ ككتلةٍ واحدةٍ بدلاً من حل مشكلةٍ واحدةٍ كل مرة”.

خارج الصندوق

تمتد طبيعة المجموعات الانسجامية كذلك إلى فريق العمل الرابع، الذي ينظر في الحد من تكاليف تطبيق العقود الذكية. تكمن الفكرة في أن هذه الجهود قد تتمخض عن طرقٍ جديدةٍ لموازنة الزيادة المحتملة في تكاليف تخزين العقود الذكية عن طريق مقترحاتٍ مثل مقترح التأجير.

فمن خلال تقديم نسخةٍ أوليةٍ من إيوازم eWASM -وهي آلةٌ افتراضيةٌ حديثةٌ وظيفتها معالجة كود العقود الذكية- يطمح مطورو الإيثريوم في استغلال التكنولوجيا الحديثة في صنع ما يُسَمَّى “التجميعات الاستباقية precompiles” بسهولةٍ أكبر.

التجميعات الاستباقية هي عمليات عقودٍ ذكيةٍ مطبَّقةٌ على نحوٍ مشتركٍ ومُحَسَّنةٌ لكي تعمل بصورةٍ أصليةٍ على الإيثريوم مقابل رسومٍ ثابتةٍ، أو رسوم وقود. وكما يشرح آخونوف، لا يوجد حالياً على شبكة الإيثريوم سوى عددٍ قليلٍ منها.

ولكن هناك طلبٌ متزايدٌ على إضافة المزيد لأجل تيسير تطوير العقود الذكية.

ويعترف آخونوف أنه في وجود “عددٍ محدودٍ من الأفراد في فريق التطوير الأساسي.. إذا حاولنا البدء في تطبيق كل هذه التجميعات الاستباقية التي يطلبها الناس، لن نستطيع أبداً أن نُنجِزَ أي شيءٍ آخر”.

ومن أكبر العوائق أمام تطوير التجميعات الاستباقية تحديد تكلفة رسوم الوقود العادلة لكل عمليةٍ ذكيةٍ.

عادةً، يضع المطوِّرون صِيَغاً لقياس الطاقة والزمن اللذين تستغرقهما التجميعات الاستباقية في تنفيذها. ولكن بواسطة استغلال محرك إيوازم، تجري عملية تحديد الأسعار أوتوماتيكياً.

وكما أبرز آخونوف: “سيؤدي محرِّك إيوازم وظيفةً تُدعى ’التمتير metering‘. إذ سيقيس العملية ويقتطع العمولة المناسبة لكمية الوقود التي تستهلكها العملية بالضبط”.

وتنبأ آخونوف بأن تصير عملية بناء التجميعات الاستباقية “أسهل” بكثيرٍ لمطوري الإيثريوم الأساسيين من خلال هذه التكنولوجيا، وأضاف كذلك أن بمجرد الانتهاء من اختبارها، “تنص الخطة على إتاحة محرك إيوازم لجميع مطوري العقود الذكية”.

ومن المؤكد أن الهدف بعيد المدى هو التخلص من الاحتياج لبناء التجميعات الاستباقية تماماً. ومن ضمن الفوائد التي ستعود على مطوري العقود الذكية، أنه من المتوقع كما أورد كوين ديسك في تقريرٍ سابقٍ أن يدير محرك إيوازم جميع عمليات العقود الذكية بالسرعات والكفاءة الأصلية للشبكة.

ولكن إلى حين تحقُّق الرؤية المستقبلية، فالهدف الحاليُّ لإيثريوم وان إكس هو تعزيز شبكة الإيثريوم بما يطلق عليه آفري شويدون، مطوِّر باريتي، حلولاً “خارج الصندوق”.

وبينما من المتوقع أن تُفَعَّل كل هذه الحلول في “إطارٍ زمنيٍّ متسارعٍ جداً”، يؤكد شويدون من ناحيته أنه لن تُنَفَّذ أية خطواتٍ على أرض الواقع حتى يتحقَّق “إجماعٌ شاملٌ بين أفراد المجتمع”.