كان من المفترض بشركة سيفيل Civil أن تخلق نموذجاً أكثر شفافيةً وديمقراطيةً للصحافة. مع ذلك، حتى الآن، لم يحصل الصحفيون الذين يعملون لصالح منصتها على التعويضات

التي وعدتهم بها الشركة عند التعاقد معهم كاملةً.

وفقاً لعدد من الموظفين الحاليين والسابقين بمنظمات إخبارية ترعاها الشركة الناشئة في مجال البلوكتشين، فقد أخبرت الشركة صحفييّ غرف الأخبار التابعة لها في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية (وعددها 18 غرفة) أن قيمة عملتها المشفرة (CVL)، التي كان من المفترض عند إصدارها أن تشكّل جزءاً من رواتبهم، من المحتمل أن تصل إلى أضعاف القيمة المقدّرة في التقييمات التي ذكرتها الشركة في الاجتماعات معهم وفي إقراراتها الضريبية

في نهاية المطاف.

إلا أن توكنات المنصة لاقت طلباً فاتراً تسبب في إلغاء المزاد العلني الذي كانت المنصة قد قررت إجراءه الشهر الماضي، أكتوبر/تشرين الأول 2018. والآن، لم يعد لدى الصحفيون أدنى فكرة عن متى سيحصلون على التوكنات التي كان من المفترض أن تكون جزءًا من تعويضاتهم، ولا ما إذا كان ذلك سيحدث من الأساس.

وبما أن المنصة صُممت كشبكة تعاونية تقوم فكرتها على أن يدفع القرّاء مقابل الحصول على صحافة عالية الجودة بينما يجني الصحفيون مقابل ما ينشرونه من محتوى، فإنها ستظل غير مكتملة في هذه الأثناء: إذ تؤدي غرف الأخبار، التي تضم عشرات الصحفيين، عملها طبيعياً لكن دون استخدام التوكنات التي كان الغرض منها في الأصل هو أن تكون قيمةً إضافيةً مغريةً للمستخدمين.

في هذا الصدد، قال جاي كاسانو، وهو صحفي سابق في وكالة سلادج الإخبارية Sludge التابعة لمنصة سيفيل ترك الوكالة بتاريخ 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 بسبب أن توكنات السيفيل كانت تشكّل 70% تقريباً من راتبه ولكنه لم يحصل عليها طوال 5 أشهر: “فلتقل سيفيل ما تريد عن خلق مستقبل جديد لوسائل الإعلام! واقع الأمر هو أنها تبني منصتها بدفع صحفييها إلى الاستدانة”.

واستطرد كاسانو حديثه مع موقع كوين ديسك CoinDesk قائلاً: “أنا نفسي اضطررت إلى اقتراض الأموال لكي أدفع إيجار منزلي وأسدد قروضي الطلابية”.

من جانبه، شكك المدير التنفيذي لمنصة سيفيل، مات إيليس، في صحة مزاعم موظفيه السابقين والحاليين.

فقد أدلى إيليس بتصريح لموقع كوين ديسك جاء فيه: “نحن لم نَعِد أحداً بأن التوكنات ستحقق قيمةً معينةً: كلما كنّا نناقش موضوع القيمة المحتملة للتوكن مع أعضاء غرف الأخبار، كنّا نوضح لهم أنها مجرد تقديرات من جانبنا وأن الموضوع يحتمل بعض المخاطر”.

ورد إيليس على تلك المزاعم بأن شركة سيفيل اتخذت خطوات لمنع الشراء المحموم لتوكناتها

(CVL) الذي كان من الممكن أن يؤدي إلى حدوث ارتفاع حاد في أسعارها في حال طرحها للجمهور؛ إذ صرّح إيليس لموقع كوين ديسك قائلاً: “إنَّ نظام المستهلكين الذي وضعته سيفيل للتوكن يحد من السيولة وتقلّبات الاسعار كوسيلة لإبعاد المضاربين وضمان أن يشتري الناس توكن السيفيل فقط لأنهم يريدون المشاركة في الشبكة”.

وبالفعل، وضعت منصة سيفيل إجراءات صارمة لمعرفة العميل، وعقدت شراكة مع منصة تداول العملات المشفرة الناشئة آير سواب AirSwap لاستحداث وسيلة لتقييد حرية الوصول إلى عمليات شراء التوكن.

لكن بحسب كاسانو ومصادر مطّلعة أخرى، ما قيل لموظفي سيفيل عن السعر المتوقع للتوكن كان مختلفاً تماماً.

الترويج للتوكن داخل المنصة

على وجه الدقة، قال كاسانو إن منصة سيفيل أخبرت المراسلين الذي يعملون لدى عمليات الأخبار التي ترعاها أن توكن السيفيل الذي سيحصلون عليه كجزء من رواتبهم سوف يساوي 0.75 دولار أميركي تقريباً على الأرجح.

لكنها قدّرت قيمة التوكنات في وثائقها الضريبية بأقل من سنت واحد. من جانبه، رفض مات إيليس التعليق على هذا التباين.

تعقيباً على ذلك، قال كاسانو: “لقد بالغوا في الترويج للتوكن داخلياً ليسيطروا علينا: قالوا لنا إنه سوف يتعدى قيمته المقدّرة حتى، بل إن إيليس قال ذات مرة إنه يتوقع أن تصل قيمة التوكن إلى ضعف أو أربعة أضعاف القيمة المذكورة في عقود عملنا”.

في حين قال مراسل آخر تابع لشركة سيفيل مازال يعمل لصالح إحدى غرف الأخبار التي ترعاها الشركة الناشئة لموقع كوين ديسك إنَّ قيادة المنصة الناشئة بالغت “بشدة” في حديثها عن النمو المحتمل للتوكن مع موظفيها.

إذ صرّح ذلك المصدر قائلاً: “كان التوقع السائد بين الموظفين آنذاك هو أنهم سيجنون ثروة طائلة من وراء التوكن”.

ووفقاً لذلك المصدّر المطّلع الذي اشترط عدم ذكر اسمه، قبل أيام من فشل مبيعات التوكن، ردت سيفيل على مخاوف مراسليها من حدوث ذلك بأن قالت إن “حيتان” العملات المشفرة سوف يشترون التوكنات المتبقية من عمليات البيع لمساعدة المنصة الناشئة في تحقيق الحد الأدنى المنشود من المبيعات.

أما إيليس، فقد نفى أن الشركة قطعت أي وعود، لكنه أقرّ بأنها حاولت إشراك المشترين الكبار عندما تراجعت مبيعات التوكن.

وقال إيليس: “حين انخفضت المبيعات، بدا جلياً للجميع أن الوسيلة الوحيدة لتحقيق الهدف المنشود هي جذب كبار المشترين للتوكن. وبطبيعة الحال، ظللنا في الأيام الأخيرة نعمل جاهدين لجذب المستثمرين المهمين، وكنّا نُبلِغ موظفينا بجهودنا المستمرة على هذا الصعيد، لكننا لم نقدم لهم أي وعود أو ضمانات مطلقاً”.

وأجبر فشل مبيعات توكن سيفيل الشركة على رد 8 ملايين دولار أميركي إلى “مجريّ عمليات الشراء”، من بينها 1.1 مليون دولار أميركي هي قيمة التوكنات التي اشترتها شركة كونسنسيس ConsenSys، شريكة منصة سيفيل التي يترأسها المستثمر الرئيسي بها جو لوبين، في شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

وفي حين أن إيليس أكّد أن لوبين استرد أمواله فوراً، قال المراسلون الصحفيون العاملون بغرف الأخبار التابعة لمنصة سيفيل إنهم لا يدرون متى سيحصلون على التوكنات المستحقة لهم بموجب حزم التعويضات الخاصة بهم.

أما إيليس نفسه، فقد أكّد صحة تقرير موقع كوارتز Quartz الذي أفاد بأنه سوف يمتلك في نهاية المطاف ما يصل إلى 5 ملايين توكن سيفيل عند توزيعه.

متى سيوزع التوكن؟

وفي ما يتعلق بالموعد المتوقع لحدوث ذلك، قال كاسانو ومصدر مطلّع آخر إن المنصة لم تفصح لهما عن أي جدول زمني، وإن كان إيليس قد صرح بخلاف ذلك.

فقد صرَّح إيليس قائلاً: “لقد أبلغنا غرف الأخبار بالمواعيد المحددة ونعتزم تأكيد التفاصيل في غضون الأسابيع القليلة القادمة، لكننا لن نفصح عن تلك التواريخ علناً إلا بعد أن نتحدث مع غرف الأخبار أولاً”.

بالإضافة إلى ذلك، قال إيليس إن منصة سيفيل لديها مشروع نشط لإنشاء تطبيق مفتوح المصدر ومنصة للنشر على منصة استضافة الأكواد غيت هاب GitHub يجمع عادةً عشرات المساهمات أسبوعياً.

إنَّ الجدل حول تعويضات الموظفين بمنصة سيفيل يثير تساؤلات قانونية مختلفة عن التساؤلات التي تُطرح عادةً عند مناقشة التوكنات، وتدور عادةً حول ما إذا كانت عمليات العرض الأولي للعملة (ICOs) تُعد أوراق مالية غير مرخصة أم لا.

في هذا الصدد، صرّح بريستون بيرن، الشريك في شركة بيرن آند ستورم الخاصة للمحاماة Byrne & Storm، لموقع كوين ديسك أن القوانين التي تنطبق على العروض الخاصة عن طريق عقود العمل قد تكون مختلفة عن القوانين التي تنطبق على العروض العامة فقط.

قال بيرن: “هناك أشياء متزايدة في القيمة يمكن الحصول عليها أو امتلاكها ولا تُعد أوراق مالية. من ثم، يجب على منصة سيفيل أن تدفع لموظفيها مستحقاتهم وأن تكون صريحة معهم، وإلا فسيثير الأمر تساؤلات مختلفة تماماً”.

وأضاف بيرن أن تلك التساؤلات القانونية المحيطة بالتوكنات سوف تكون مدفوعةً بحقائق وظروف محددة. أما في حالة توكن السيفيل، فقد استرد المشترون في العرض العام أموالهم بالفعل. وعليه، فلا يوجد لدى منصة سيفيل ما تقلق بشأنه سواءً بالنسبة لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC) أو بالنسبة “لمجريّ عمليات الشراء”.

قال بيرن: “هناك بند في قوانين الأوراق المالية يسمح لمن شارك في بيع الأوراق المالية غير المرخصة بإلغاء التزاماتها المالية بالنسبة لأولئك الأشخاص عن طريق منحهم الحق في التراجع”.

واختتم حديثه قائلاً: “أما في ما يتعلق بالموظفين، فإن الأمر يتوقف على كيفية حصولهم على التوكنات وما إذا كانت تُعد جزءاً من العرض أم لا”.

 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.