يبدو أن عاماً من انخفاض أسعار العملات المشفرة أو ما يعرف بسوق الدببة سيحمل تأثيراً سلبياً على التربح من تعدين العملات المشفرة. ومع ذلك، تمكن معدنو البتكوين من جني أرباح تقدر بـ4.7 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى من عام 2018. والمنافسة المتصاعدة بين تجمعات التعدين الكبرى، إضافةً إلى تزايد صعوبة خوارزمية البتكوين، تجعل الحصول على العملة المشفرة الأولى أقل ربحية، وترجح كفة اللاعبين الكبار في مواجهة الصغار.

 

أغلق المعدنون أجهزتهم، وعانى مصنعو البطاقات من الخسائر. وبالأخص ممثلي شركة إيه إم دي AMD، التي يظهر تقريرها عن الربع المالي الأخير المنشور في الرابع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول، أن عائدات بيع وحدات معالجة الرسوميات (GPU) كانت “زهيدة”. ومن المحتمل أن تكون شركتا إنفيديا Nvidia وبتماين Bitmain في المحنة نفسها عند هذه النقطة. ويتساءل المستثمرون، والمعدنون وصناع بطاقات معالجة الرسوميات عن متطلبات إخراج سوق العملات المشفرة من الكبوة الحالية.

حمى الذهب في 2017

 

كان الوضع في سوق معدات التعدين مختلفاً قبل عام. إذ أظهرت شركة جون بيدي للأبحاث Jon Peddie Research أنَّ المعدنين في عام 2017 اشتروا ثلاثة ملايين جهاز تعدين بأكثر من 700 مليون دولار أميركي، وبلغت حصة شركة بتماين من المبيعات ما يقدر بثلاثة إلى أربعة مليارات دولار، متجاوزةً عائدات إنفيديا وإيه إم دي في المدة نفسها.

ويمكن ربط زيادة المعروض من بطاقات الرسوميات، في الربع الثاني من العام المالي الماضي، بشكلٍ رئيسي بالطلب المتزايد على البطاقات في أوساط معدني عملة الإيثريوم (ETH)، وفقاً لشركة جون بيدي. وقد رأينا قفزة مشابهة سابقاً في 2013، نتيجة شراء المعدنين كميات ضخمة من عملات البتكوين (BTC) واللايتكوين (LTC).

 

وقاد الطلب على الإيثريوم إلى تطور في سوق بطاقات الرسوميات، مع انتقال معدني البتكوين المحترفين من استخدام بطاقات الرسوميات إلى استخدام أجهزة التعدين المعدلة، ما أدى إلى وجود فائض أكبر من بطاقات الرسوميات المخصصة للتعدين في السوق الثانوية.

ومع تزايد الطلب، ارتفعت أسعار معدات التعدين كثيراً، إذ ارتفعت تكلفة الشرائح الرئيسية بنسبة 25%، وبلغ سعر بطاقة إنفيديا جيفورس 1080 أكثر من ألف دولار عندما بلغت الأسعار أعلى مستوياتها.

 

2018: هبوط سوق العملات المشفرة

 

منذ انهيار قيمة البتكوين (BTC)، حين هبطت العملة المشفرة في شهرٍ واحد إلى نصف قيمتها، من قمتها التي بلغت 20 ألف دولار، ازداد وضع المعدنين سوءًا. إذ كسر سعر العملة حاجز 5,800 دولار هبوطاً، وأعلن مصنعو البطاقات تراجع عائدات بيع معدات التعدين.

 

قادت هذه العوامل إلى انخفاض أسعار أجهزة التعدين. أفاد موقع كوين تيليغراف في تقريرٍ سابق بأن سعر مجموعة من ستة بطاقات إيه إم دي آر إكس 580 بسعة 4 غيغابايت في يوليو/تموز كان 2,500 دولار، في حين أتيحت للبيع في إبريل/نيسان بسعر 3,600 دولار. أما بطاقة إنفيديا جيفورس جي تي إكس 1080، نسخة المؤسسين، بسعة 8 غيغابايت وذاكرة GDDR5، فكان سعرها 1,050 دولار في إبريل/نيسان، لكنه انخفض في يوليو/تموز إلى 709 دولار.

 

يزداد الأثرياء ثراءً – وجهة نظر المعدنين

 

ومع أن الأسعار تهبط في سوق العملات المشفرة، بلغت عائدات معدني البتكوين في الأرباع الثلاثة الأولى من العام المالي 2018 رقماً قياسياً، 4.7 مليار دولار، بأرباحٍ شهرية بلغت 57 ألف بتكوين. أما عام 2017 كله فقد جلب للمعدنين عائداتٍ أقل بمليار وأربعمئة مليون دولار. غير أن المنافسة المتصاعدة والتعقيد المتزايد في شبكة البتكوين جعل تعدين العملة أقل ربحية، خاصة لصغار المعدنين، وفقاً لدراسة نشرتها شركة ديار Diar التحليلية مؤخراً.

ومع ذلك، يقول المحللون إن شهر سبتمبر/أيلول كان أول شهرٍ يخسر فيه المعدنون لحسابهم الخاص، بسبب تزايد القوة الحاسوبية المطلوبة.

 

وفقاً لدراسة شركة ديار Diar، فإن التجمعات الكبرى فقط هي التي يمكنها أن تربح من تعدين البتكوين في الظروف الحالية. تقول الدراسة: “مع استمرار عمليات التعدين الكبرى بتكاليف كهربية منخفضة في جمع ربحٍ صافٍ يتراوح بين 50 و60% من عائدات البتكوين، فإن السوق ما زال بها مساحة للنمو وما زال بها أرباح يمكن اعتصارها. لكن تعدين البتكوين، على الأقل الآن، وعلى الأرجح في المستقبل أيضاً، قد صار في يد كبار اللاعبين من ذوي الجيوب الممتلئة”.

 

ولم يكن إجمالي دخل المعدنين ينمو في تلك الفترة هو الآخر، إذ أن إحصاءات 2018 (11.5 مليون دولار) تقل بنسبة 21% عن إجمالي دخل المعدنين في الفترة نفسها من العام الماضي، عام 2017، والذي بلغ 14.7 مليون دولار، أقل بكثير من الحد الأقصى للعائد الذي وصل إلى 53 مليون دولارٍ في فترة برنامج العائد المرتفع على الاستثمار (HYIP)، في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2017.

ومن المحتمل أن معدني البتكوين يديرون تجارةً خاسرة منذ نهاية سبتمبر/أيلول، وقد توصل إلى هذا الاستنتاج المحلل باركلي جيمس، الذي وضع معادلة خاصة لمعرفة سعر البتكوين الذي يتوقف عنده المعدنون عن توليد أرباحٍ كافية لتغطية تكاليف العمليات. والقيمة التي خرجت بها هذه المعادلة هي 6,400 إلى 6,500 دولار أميركي للبتكوين الواحدة. لكن حاجزاً أقل قدمته شركة تحليلاتٍ أخرى تُدعى Fundstrat، إذ أشار محللوها إلى أن أغلب المعدنين سيهجرون أجهزتهم إن انخفض البتكوين إلى 3,000 – 4,000 دولار أميركي للبتكوين.

 

ويمكن أن نستشف الكثير عن تراجع اهتمام المعدنين لحسابهم الخاص بالمجال، من مغادرة أعدادٍ ضخمة من مالكي مزارع التعدين الصغيرة في الصين بسبب طول أمد انخفاض الأسعار، أو سوق الدببة في ما يخص العملات المشفرة.

 

يقول أحد هؤلاء المعدنين إنه في النصف الثاني من عام 2017، حين بلغت أسعار العملات المشفرة أعلى مستوياتها التاريخية، استثمر مئات الآلاف من عملات اليوان الصيني في شراء نحو مئة جهاز. لكنه يعترف أنه لم يحقق العائد المتوقع، إذ يقول: “بحلول منتصف يونيو/حزيران، هبط هامش الربح من أعمالي التعدينية بنسبة 90%. وقد تكبد أحد أصدقائي ممن يعدنون العملات المشفرة البديلة خسائر أكبر، وخسِر استثماره كله تقريباً”.

 

أسهم إيه إم دي تنخفض بنسبة 22%، وإنفيديا بنسبة 30%، فلماذا؟

 

تراجع اهتمام المعدنين ببطاقات الرسوميات ليس هو السبب الوحيد في تراجع سوق إنتاج معدات التعدين، كما يشرح محللو شركة جون بيدي للأبحاث. فقد نشرت الشركة تقريرها للربع الثاني من العام المالي 2018، الذي يحتوي بياناتٍ عن سوق بطاقات الرسوميات عموماً، وشريحة بطاقات الفيديو المميزة خصوصاً. وكانت أرقام شهري إبريل/نيسان ويونيو/حزيران أكثر تواضعاً من أرقام الربع السابق، وهو ما يمكن تفسيره أيضاً بالعامل الموسمي، إذ يشير المحللون إلى أن أرقام الربع الثاني تقل عادةً عن أرقام الربع الأول.

 

وقد زاد إجمالي شحنات بطاقات الرسوميات بنسبة 0.2% عن الربع السابق، وقلت شحنات إيه إم دي بنسبة 1%، وشحنات إنفيديا بنسبة 7.5%، بينما زادت شحنات بطاقات إنتِل بنسبة 2.6%.

 

وهذا الانخفاض يظهر أيضاً في أرقام هذا العام مقارنة بالعام السابق، إذ قل إجمالي شحنات بطاقات الرسوميات بنسبة 3.3%، وانخفضت بطاقات الرسوميات المميزة تحديداً بنسبة 4% عن الربع السابق.

 

هل أثر هبوط الأسعار في سوق العملات المشفرة على أسعار أسهم الشركات العملاقة في مجال معدات التعدين؟ حين نُلقي نظرة عن قرب على الرسوم البيانية الخاصة بشركتي إيه إم دي AMD وإنفيديا Nvidia، يظهر أن التراجع في قيمة أسهم الشركتين قد سببه تراجع المبيعات، وليس موجة تصحيح سوق العملات المشفرة.

 

هبطت أسهم شركة إيه إم دي بنسبة 9%، بعد أكتوبر/تشرين الأول من العام الحالي، ثم نشرت الشركة تقريرها الربع سنوي. وفي غضون شهر، انخفض سعر أسهم الشركة بنحو 48% ويعتقد الخبراء أن السبب الرئيسي في ذلك الهبوط هو تراجع اهتمام المعدنين ببطاقات الفيديو.

 

وقال كينغاي تشان، المحلل بمجموعة ساميت إنسايتس الاستشارية Summit Insights Group، لوكالة رويترز إن “شركة إيه إم دي قد تعرضت أكثر من اللازم لسوق العملات المشفرة”، مما يعني أن عمليات الشراء من جانب المعدنين أدت إلى ارتفاع عائدات الشركة ارتفاعاً هائلاً.

 

وقد أظهر التقرير المالي لشركة إيه إم دي أن التراجع الفعلي في العائدات وصل إلى 150 مليون دولار، في مقابل 50 مليون دولار متوقعة. وقد تكون فائض بطاقات الرسوميات نتيجةً للانتشار السريع للعملات المشفرة في النصف الأول من العام، ما أجبر الشركة على زيادة معدلات إنتاج منتجاتها الأساسية.

 

ومع أن التعدين يمثل “نسبة ضئيلة جداً” من الأعمال التجارية لشركة إيه إم دي، وفقاً لمديرتها التنفيذية ليزا سو، فإن الشركة قد أعلنت شراكة مع سبع شركات كبرى في مجالات التقنية بهدف إنتاج 8 أجهزة جديدة لتعدين العملات المشفرة تتميز بـ”الاستقرار الفائق”، و”الأداء الرفيع على مدار 24 ساعة لسبعة أيام في الأسبوع”، وبـ”جودة تناسب الشركات”. والسبب الرئيسي وراء إنتاجها هو تلبية طموحات “منصات البلوكتشين المبتكرة”، وهو ما يمكن أن يرتبط أيضاً بتوقعات الشركة لمبيعات بطاقات الرسوميات للمعدنين في 2019.

 

ليست شركة إيه إم دي الجهة الوحيدة المنتجة للشرائح التي تأثر سعر أسهمها بحالة سوق العملات المشفرة. فقد تراجعت أسهم إنفيديا بنسبة 4% بعد نشر تقديراتها للربع الثالث من العام المالي، في السادس عشر من أغسطس/آب، التي أظهرت أن عائدات الشركة من مبيعات بطاقات الفيديو في الربع الثاني من عام 2018 بلغت 18 مليون دولار، بدلاً من 100 مليون دولارٍ حسب توقعات الشركة. وفي المجمل، مثَّل تراجع المبيعات في أكتوبر/تشرين الأول نسبة تبلغ نحو 36%، وهبطت أسعار الأسهم من 289 دولار في الأول من أكتوبر/تشرين الأول إلى 185 دولار في التاسع والعشرين من الشهر نفسه. وقد صرَّحت كوليت كريس، المديرة المالية لشركة إنفيديا، لصحيفة وول ستريت جورنال قائلة: “في حين توقعنا سابقاً أن تدر سوق العملات المشفرة أرباحاً مجدية هذا العام، نتوقع الآن انعدام إسهامات المجال في ما تبقى من العام”.

 

وقد كشف التقرير المالي النهائي في الربع الثالث، الذي نشرته الشركة في 15 نوفمبر/تشرين الثاني، أن الطلب على بطاقات إنفيديا في أوساط معدني العملات المشفرة قد جفت منابعه، كما أفاد موقع كوين تيليغراف سابقاً. وقد كانت العائدات الإجمالية في الربع الثالث من العام المالي 3.18 مليار دولار، أعلى بنسبة 21% بالمقارنة بعائدات الشركة في العام الماضي، 2.64 مليار دولار، وأعلى بنسبة 2% من عائدات الربع المالي السابق. غير أن الأرقام الأخيرة أقل مما توقعته الشركة. فقد توقع محللو إنفيديا في أغسطس/آب الماضي أن عائدات الربع الثالث ستتراوح بين 3.19 مليار دولار و3.32 مليار دولار.

 

وقد أضاف مؤسس الشركة جنسن هوانغ أن عائدات الشركة في العام القادم يمكن إعادة النظر فيها إذ أن “النتائج على المدى القريب تُظهر فائضاً في كم المنتجات بعد انتهاء موجة انتشار العملات المشفرة، وهذا سيتم تصحيحه”.

 

ويمكن أن يكون انخفاض العائدات مدفوعٌ أيضاً بالمنافسة المتزايدة من شركة بتماين. ففي مارس/آذار، غيرت شركة سوسكويهانا Susquehanna لتحليلات الأسواق في وول ستريت تصنيف شركة إيه إم دي من محايد إلى سلبي، وقللت من توقعاتها لأسعار أسهم شركة إنفيديا المصنعة لمعالجات الرسومية، معللة ذلك بالمنافسة المتزايدة من أجهزة تعدين الإيثريوم المعدلة الخاصة بشركة بتماين. وقد تمت مراجعة السعر المستهدف لأسهم إيه إم دي، لينخفض من 13 دولار إلى 7.5 دولار، بينما انخفضت التوقعات لأسهم إنفيديا من 215 دولار إلى 200 دولار في ختام التداول يوم الجمعة.

 

يمكن أن تؤثر هيمنة أجهزة تعدين الإيثريوم المعدلة سلبياً على شركتي إيه إم دي وإنفيديا، وفقاً للمحل كريستوفر رولاند من شركة سوسكويهانا فاينانشيال. وتشكل مبيعات بطاقات الرسوميات المخصصة لتعدين الإيثريوم 20% من عائدات شركة إيه إم دي و10% من عائدات إنفيديا.

 

سعر جهاز أنتماينر من بتماين ينخفض

 

وفي حين لم تنخفض أسعار بطاقات الرسوميات انخفاضاً كبيراً، تتعمد بتماين بيع أحدث أجهزتها وأبرزها، جهاز تعدين البتكوين المعدل أنتماينر إس ناين Antminer S9، بتخفيضاتٍ في السعر، وفقاً لما نقلته مدونة شركة بت ميكس BitMEX المختصة بالأبحاث.

 

وإجمالاً في العام الماضي والربع الأول من عام 2018، تُفيد التقارير أن بتماين باعت نحو مليوني جهاز أنتماينر إس ناين. وقد حققت أجهزة أنتماينر إس ناين هامش خسارة بنسبة 11.6%، وفقاً للباحثين الذين قارنوا هامش الربح الصافي الذي أعلنته الشركة في 2017 بالتكلفة المحسوبة لكل شريحة تعدين معدلة.

 

وقد أظهرت حسابات سامسون مو، المحلل في مجال العملات المشفرة والمنتقد لأنشطة شركة بتماين، أن أسعار أجهزة أنتماينر إس ناين انخفضت بنسبة 85%، وخسرت الشركة ما يتراوح بين 600 و700 مليون دولار في الربع الثاني من العام المالي.

 

ونشر مو تغريدة في 13 أغسطس/آب يقول فيها: “لماذا تجمع بتماين رؤوس الأموال من المستثمرين بهذه السرعة وتُظهر نتائج الربع الأول من العام المالي فقط للمستثمرين في مرحلة ما قبل الطرح الأولي للأسهم؟ نحن في الربع الثالث من العام المالي الآن. والسبب أن الربع الثاني كان كارثة. تتكتم بتماين على مخزونٍ غير مُباعٍ من الأجهزة يبلغ 1.24 مليار دولار، وانخفضت أسعار أجهزة إس ناين بنحو 85%! وتتراوح خسائر الربع الثاني بين 600 و700 مليون دولار”.

 

غير أن التراجع في الأسعار لا علاقة له بتراجع اهتمام المعدنين بأجهزة بتماين، إذ يُشير المحللون إلى أن الشركة تطبق إستراتيجية للتفوق على منافسيها وإبعادهم عن السوق عبر تخفيض أسعار منتجاتها. يقول المحللون: “هذه الأسعار المنخفضة هي على الأرجح إستراتيجية متعمدة من بتماين، من أجل إبعاد المنافسين عن السوق عبر التسبب في انخفاض مبيعاتهم ومن ثمَّ معاناتهم من الصعوبات المالية. وهنا يكمن مفتاح واحدة من القوى الرئيسية التي دفعت ببتماين إلى اتخاد قرار طرح أسهمها للاكتتاب العام. فطرحٌ أولي ناجحٌ للأسهم قد يزيد من الترسانة المالية المتاحة للاستمرار في هذه الإستراتيجية والقضاء على الأفضلية التي قد يحظى بها المنافسين عبر طرح أسهمهم أولاً”.

 

هناك تهديدٌ أكبر قد يؤثر على فعالية أجهزة التعدين المعدلة، ومبيعات شركة التعدين العملاقة، ألا وهو عمليات الهارد فورك للعملات القابلة للتعدين، التي تنفذها شركات متزايدة مع الوقت. في 2018، نفذ مشروعان على الاقل عملية هارد فورك من أجل حماية الشبكات من هجمات 51%، وهذا يهدد احتكار بتماين للسوق، خاصة مع تخطيط مشروعين إضافيين لعمليات هارد فورك في المستقبل القريب.

 

وفي إبريل/نيسان، عطل فورك في عملة المونيرو (XMR) التعدين بأجهزة أنتماينر إكس ثري Antminer X3، وفي أكتوبر/تشرين الأول، عطل فورك في عملة السيا كوين (SC) أجهزة أنتماينر إيه ثري Antminer A3. وهذه الترقيات تبعتها عملية هارد فورك لعملة البتكوين كاش (BCH) في 15 نوفمبر/تشرين الثاني، وسيتبعها هارد فورك مخطط له للإيثريوم (بداية 2019)، والتي من الممكن أن تنتقص من قيمة أجهزة أنتماينر إس ناين وإي ثري، المصممة لتعدين هاتين العملتين.

 

ومن أجل تقوية موقفها في السوق، تستمر بتماين في التنافس مع منتجين آخرين لأجهزة تعدين العملات المشفرة. فقد أطلقت الشركة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني طرازين جديدين من أجهزة أنتماينر، مزودين بجيل جديد من أحدث الشرائح المعدلة لضمان “معدلات هاش تتصدر المجال”. ويمكن أن تزيد عائدات الشركة في الربع الثالث من العام 2018 عن طريق ترقية Overt ASICBoost المُعلن عنها في 22 أكتوبر/تشرين الأول، المصممة لزيادة فاعلية أجهزة التعدين، إلى جانب تشغيل الشركة 90 ألف جهاز أنتماينر إس ناين من أجل هيمنة تجمع تعدينها على شبكة البتكوين كاش.

 

بطاقات رسوميات أخرى

 

ويؤكد التراجع في الطلب أيضاً أداء شركات أصغر لتصنيع بطاقات الرسوميات. إذ نشرت شركة غيغابايت Gigabyte مؤخراً تقريراً مالياً للعام الماضي، أظهر أن عائداتها هبطت في يونيو/حزيران بنسبة 31% مقارنة بالعام الماضي، وبنسبة 30% مقارنة بالشهر الماضي. إضافةً إلى ذلك، هبطت عائدات الشركة في الربع الثاني من العام 2018 بنسبة 33% مقارنة بالربع الأول، وفقاً للتقرير.

 

وتواجه شركة تول TUL Corporation موقفاً مماثلاً، وهي الشركة التي تنتج بطاقات الفيديو الحاملة للعلامة التجارية باوركلر PowerColor. اتضح أن عائدات الشركة في يونيو/حزيران أقل بنسبة 28% من عائداتها في مايو/أيار. وفي الربع الثاني بأكمله، بلغت نسبة التراجع 59% بالمقارنة بالربع الأول. الأرقام ضخمة، نظراً إلى أن 95% من عائدات الشركة تأتي مباشرة من بيع بطاقات إيه إم دي.

 

أما شركة هات إيت Hut 8 الكندية لإنتاج معدات التعدين فقد قدمت في 8 نوفمبر/تشرين الثاني نتائج مالية في الاتجاه المعاكس تماماً، إذ تقول الشركة في مستندها المالي إن عائداتها حققت رقماً قياسياً بلغ 13.5 مليون دولار في الربع الثالث (أعلى بنسبة 126% من المدة نفسها في 2017)، و27.7 مليون دولار في الأرباع الثلاثة الأخيرة.

 

أعزت هات إيت الزيادة إلى تنصيب 16 جهاز بتفيوري بلوك بوكس Bitfury Blockbox في سبتمبر/أيلول في منشأتها التعدينية بمدينة ميديسن هات، ليبلغ الإجمالي 56 جهاز بلوك بوكس في المنشأة. وكل جهازٍ يحتوي 176 خادم تعدين ويضيف معدل هاش يبلغ 13.7 بيتا هاش في الثانية، وفقاً للتقارير.

 

ومن بين الأسباب التي قدمتها الشركة في تقريرها للنتائج المالية المنخفضة في 2017 انخفاض سعر البتكوين (BTC)، والمنافسة المتزايدة، ودرجات الحرارة في مدينة ألبرتا التي ارتفعت إلى أرقام قياسية. وتتوقع شركة هات إيت ايضاً أن كفاءة شرائح التعدين المعدلة ستزيد في الأشهر الباردة، ما سيحسن من الأداء المالي للشركة في الربع القادم.

 

وقالت شركة مصنعة أخرى إن الأرباح التي تلقتها في الربع الثالث من العام 2018 تخطت الأرباح في المدة نفسها من العام الماضي، مع أن عائدات تعدين العملات المشفرة انخفضت بسبب “البيئة الخارجية المتزايدة في السوء” و”التكاليف المتزايدة بسبب الانخفاض في أسعار العملات”.

 

وفي 12 نوفمبر/تشرين الثاني، نشرت شركة تكنولوجيا المعلومات اليابانية العملاقة جي إم أو إنترنت GMO Internet تقريرها المالي للربع الثالث، الذي يكشف أن أنشطة الشركة المتعلقة بالعملات المشفرة، ومن ضمنها إنتاج معدات التعدين وتشغيل منصات تداول العملات المشفرة، جلبت عائدات بلغت نحو 22.8 مليون دولار على مدار الربع الثالث “في غضون عامٍ من انطلاقها”.

 

توقعات لسوق منتجي معدات التعدين

 

إن صحت البيانات التي قدمها الباحثون والمحللون، نستنتج أن معدني البتكوين يديرون عملياتهم بخسائر كبيرة منذ شهر يونيو/حزيران الماضي، وكثيرٌ من المعدنين الأفراد قد غادروا المجال تماماً. ستظل قوة الهاش المتنامية للبتكوين مربحة للمعدنين على نطاقٍ صناعي أو المشتغلين في بلادٍ لا تحمِّل المعدنين الكثير من التكاليف التشغيلية وتكاليف الطاقة. إن بقاء البتكوين، وثبات معدل هاش الشبكة بين 40 و50 مليوناً، أمران يُظهران أنه ما يزال هناك نشاطٌ ضخم في القطاع العالمي لتعدين العملات المشفرة، وأن ثقة المعدنين ربما تعود عاجلاً أو آجلاً. ويفر صغار المعدنين من المجال أفواجاً، ويستعيد توزيع اللاعبين في المجال اتزانه مع ظهور مزارع التعدين وترسيخها في المجال، وفقاً لخبراء بشركة ديار Diar. ويقولون أيضاً: “إن تعدين البتكوين، على الأقل الآن، وعلى الأرجح في المستقبل أيضاً، قد صار في يد كبار اللاعبين من ذوي الجيوب الممتلئة”.

 

ومن ثمَّ، فإن “عمليات التعدين الكبرى بتكاليف كهربية منخفضة التي تجمع ربحاً صافياً يتراوح بين 50 و60% من عائدات البتكوين” ستستمر في جني أرباحٍ كبيرة، ويؤمن المحللون بأن “السوق ما زال بها مساحة للنمو وما زال بها أرباح يمكن اعتصارها”.

 

ولا تتوقع شركة جون بيدي للأبحاث انخفاضاً كبيراً في أسعار بطاقات الفيديو، إذ تقول في تقريرها: “نؤمن بأن المخاوف المتعلقة بتراجع الطلب على بطاقات الرسوميات المخصصة لإنتاج عملات الإيثريوم والعملات المشفرة الأخرى، إضافةً إلى أهمية هذه العمليات لحيوية الشركة وتأثيرها على أعمالها، مبالغٌ فيها بقدرٍ كبيرة، وستتمكن شركة إنفيديا على الأرجح من التغلب على هذه الأوقات العصيبة عبر صب تركيزها في اتجاهات أخرى”.

 

في الوقت الحالي، ورغم هبوط أسعار العملات المشفرة هبوطاً ضخماً، يظل الطلب على العملات المشفرة مرتفعاً بقدرٍ ما، كما نرى في زيادة معدل هاش شبكة البتكوين وتوسع عمليات شركات سامسونغ وجي إم أو وبتماين، التي لم تتأثر أنشطتها بالتعريفات الجمركية المتزايدة على الشحنات وتشديد اللوائح التنظيمية.

 

وفي الربع الأخير من عام 2018 في عام 2019 ربما نرى استمرار الطروحات الأولية للأسهم، التي أعلنت عنها شركة تلو الأخرى مثل كنعان كرييتيف Canaan Creative، وإي بانغ للاتصالات Ebang Communication، وبتماين Bitmain، وبتفيوري Bitfury هذا العام.

 

والمبالغ المتوقعة التي ستجمعها هذه الشركات وتصل إلى 20 مليار دولارٍ في مراحل الطروحات، والقيمة التي وصلت لها شركة بتماين (14 مليار دولار) وشركة بتفيوري (80 مليون دولار) بالفعل في جولات التمويل الأولية، تُشير إلى أن الشركات المنتجة لأجهزة التعدين المعدلة ربما قد وجدت طريقةً بديلة لكسب الأموال، حتى مع تراجع مبيعات الأجهزة.

هذا المقال مترجم من المصدر

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.