مضت ستة أيامٍ منذ انقسام البتكوين كاش، ولا يبدو أيٌّ من الجانبين على استعدادٍ للتنازل.
علاوةً على ذلك، فإن منصات تداول العملات المشفرة التي جمَّدت أرصدة البتكوين كاش خلال الأيام السابقة لتفعيل الهارد فورك المثير للجدل الذي حدث يوم الخميس 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قد بدأت فكرة بقاء البتكوين كاش على صورة عملتين مشفرتين منفصلتين تروق لمنصات التداول.
وقد أكدت كوين بيس Coinbase، إحدى أكبر منصات تداول العملات المشفرة الأميركية، يوم الثلاثاء 20 نوفمبر/ تشرين الثاني أنها “الآن على استعدادٍ لمواصلة التداول المحدود في (البتكوين كاش)”، وربطت بلوكتشين البتكوين كاش إيه بي سي، أو Bitcoin “Adjustable Blocksize Cap” برمز البتكوين كاش (BCH).
وكذلك، أضافت كوين بيس أن هدفها النهائي هو “دعم خدمات السحب لبلوكتشين (البتكوين كاش إس في، أو Bitcoin Cash “Satoshi Vision”)، ولكن من المرجَّح أن تستغرق أعمال التطوير المطلوبة لأجل هذا “بضعة أسابيع على الأقل”.
أما منصات التداول الأخرى مثل بولونييكس Poloniex وبيتفاينكس Bitfinex فقد بدأت بالفعل دعم التداول النشط لكلتا الشبكتين، عن طريق التخلص ببساطةٍ من رمز BCH الأصلي للبتكوين كاش بالكامل، والتمييز بين العملتين المشفرتين برمزَي BCHABC أو BAB، وBCHSV أو BSV.
بالإضافة إلى هذا، تشير بيانات مؤشر كوين دانس Coin Dance إلى أن بلوكتشين البتكوين كاش إيه بي سي يتقدم على البتكوين كاش إس في من ناحية تعداد البلوكات وكذلك إثبات العمل.
وعلى الرغم من العقبة الواضحة أمام البتكوين كاش إس في المتمثلة في سعر السوق وعدد البلوكات التي جرى تعدينها، فإن أنصار البتكوين كاش إس في يؤكِّدون أنهم لن يتراجعوا عن الخطة الهادفة إلى أن تسبق العملة نظيرتها البتكوين كاش إيه بي سي.
ومن ناحيته، صرَّح كرايغ رايت، وهو أحد أهم مؤيِّدي البتكوين كاش إس في ورئيس فريق العلماء في إن تشين nChain، التي وضعت خارطة طريق البتكوين كاش إس في، صرَّح إلى موقع كوين ديسك CoinDesk قائلاً: “ما زلنا نتنافس. سيستغرق هذا بعض الوقت. ليس هذا انقساماً، بل هو صراعٌ مستمرٌّ حتى الموت، ولن نكون نحن المهزومين”.
وأوضح رايت أن بلوكتشين البتكوين كاش إس في ستكون المنتصرة في النهاية عن طريق “إفلاس” الجانب الآخر، إذ يرى أن طاقة الحوسبة الحالية أو “قوة الهاش” التي تدعم شبكة البتكوين كاش إيه بي سي غير مستدامةٍ. وتنبأ بأن تباطؤ قوة الهاش في النهاية سيمكِّن البتكوين كاش إس في من التغلب على بلوكتشين الإيه بي سي والقضاء عليها بصورةٍ تامةٍ. ووصف رايت تكتيكاته بأنها “عملية صيدِ مثابرة”.
ومع ذلك، على جانب البتكوين كاش إيه بي سي، يزعم الأنصار أمثال روجر فير، الرئيس التنفيذي لتجمع التعدين bitcoin.com أن قوة الهاش الحالية المخصَّصة لتعدين البلوكات على البتكوين كاش إيه بي سي يمكنها أن تعمل بثباتٍ لمدة أشهر.
وفي موجزٍ أسبوعيٍّ لأخبار البتكوين كاش على قناة Bitcoin.com الرسمية على موقع يوتيوب YouTube، قال فير: “ليس من شأنكم من أين أتى معدَّل الهاش، وهو لن يستمر يوماً واحداً، بل المدة التي نرغب فيها. يمكننا المواظبة حتى عِقدٍ من الزمان إذا التزم الأمر، لذا أروني أفضل ما لديكم”.
الصيد المُثابِر
في حد ذاتها، المنافسة بين البتكوين كاش إيه بي سي والبتكوين كاش إس في بعيدةٌ كل البعد عن نهايتها، في ظل الشعور الملحِّ بأرجحية أن تقهر أي من البلوكتشينين الأخرى.
ويزعم رايت أنه على المدى البعيد، ستجمع شبكته قوة هاش كافيةً لشن هجومٍ هادفٍ إلى الحصول على نسبة 51 بالمئة، والتي ببساطةٍ تشير إلى الاستحواذ على أغلبية طاقة الحوسبة على شبكة البتكوين إيه بي سي لأجل صنع معاملات وبلوكات غير صالحةٍ.
وكان هذا تهديداً مستمراً حتى قبل تفعيل الهارد فورك يوم الخميس، 15 نوفمبر/تشرين الثاني.
ومع أن معظم الناس افترضوا حتمية حدوث هجومٍ كهذا بعد أن اعتلت البتكوين كاش إيه بي سي الصدارة في صنع بلوكتشين البتكوين كاش الأطول استمراراً، فقد شرح رايت إلى كوين ديسك أن أسلوب القتال الذي يتبعه -الذي سمَّاه “الصيد المثابر”- لا يُعنَى على الإطلاق بـ”الجرعات السريعة” من النشاط.
إذ قال رايت: “نتبعهم من الخلف، ونتقفى آثارهم، ونُبقيهم في حالة ترقُّبٍ، في الأساس، نجعلهم يستنفذون أموالهم حتى يفلسوا”.
ولكن أثناء الحديث عن احتمالية شن هجومٍ للاستيلاء على 51 بالمئة، شدَّد مطوِّر البتكوين كاش ومؤيد البتكوين كاش إيه بي سي، كريس باسيا، أن إجراءاتٍ معيَّنةً قد نُفِّذت بالفعل لمنع عمليات إعادة التنظيم الضخمة للبلوكات المُصَدَّق عليها على بلوكتشين الإيه بي سي، في منشورٍ على موقع يورز Yours يوم السبت الموافق 17 نوفمبر/تشرين الثاني.
وتُدعى هذه البرمجية الإضافية “نقاط التفتيش”، وهي مصنوعةٌ خصيصاً لشبكة البتكوين كاش إيه بي سي، وتضمن عدم التصديق على أي اقتراحاتٍ باستبدال البلوكات أو “إعادة تنظيمها” قبل التصديق على “نقاط تفتيش” محددة على البلوكتشين، بغض النظر عن كون الاقتراح مُقَدَّماً من البلوكتشين الأطول استمراراً.
ومع أنها تعرَّضت لانتقاداتٍ بسبب كونها منافيةً للمبادئ الأساسية للوصول إلى الإجماع على البلوكتشين، يؤكِّد باسيا أن تكنولوجيا نقاط التفتيش مُستَعمَلةٌ على نطاقٍ واسعٍ منذ عام 2010، حتى أن مبتكر البتكوين المجهول، الذي يحمل الاسم المستعار ساتوشي ناكاموتو، قد استعملها لأجل حماية البلوكتشين ضد هجمات الـ51 بالمئة.
أسلوبٌ ثلاثي الأطراف
من الجدير بالذكر أن نقطة التفتيش المُطَبَّقة على البتكوين كاش إيه بي سي لا تمنع عمليات إعادة التنظيم المحتملة للبلوكات المصنوعة بعد تفعيل الهارد فورك.
وحدها البلوكات المصنوعة قبل نقطة التفتيش هي التي بمأمنٍ من الهجمات الخبيثة من طرف البلوكتشينات المنافسة، أي أنها، كما ينوِّه باسيا في مقاله، مفيدةٌ في الوقاية من هجمات الـ51 بالمئة من طرف مُعَدِّني البتكوين كاش إس في “الذين يُعَدِّنون بلوكتشين خفيةً” منذ ما قبل انقسام البتكوين كاش.
وفي ظل إنشاء مزيدٍ من البلوكات يومياً على البتكوين كاش إيه بي سي، فإن احتمال حدوث هجوم 51 بالمئة في الوقت الحاليِّ لإتلاف أيٍّ من هذه البلوكات بواسطة قوة هاش البتكوين كاش إس في ليست أمراً مُستَبعَداً.
إلا أن مطوِّر الإيه بي سي ومُعَدِّنها جوناثان توميم قد أخبر كوين ديسك بوجود سلسلةٍ من الاختيارات.
أولاً، يمكن لبلوكتشين البتكوين كاش إيه بي سي الاستمرار في التعدين بخسارةٍ ضد بلوكتشين البتكوين، كما اقترح روجر فير. وكذلك يمكن للبتكوين كاش إيه بي سي إرجاع قوة الهاش إلى البتكوين وإعادة توجيهها فقط عند الحاجة إلى الشبكة إذا ظهر تهديدٌ بوقوع هجومٍ وشيكٍ من البتكوين كاش إس في. وأخيراً، تعليقاً على مسألة عمليات إعادة تنظيم البلوكات، يقترح تومن الآتي: “هناك أيضاً بعض الحلول الفنية للوقاية ضد هجمات إعادة التنظيم حتى من دون مُعَدَّل الهاش، ككتابة كودٍ يمنع ببساطةٍ عمليات إعادة التنظيم التي يتعدَّى عمقها ستة بلوكاتٍ. إذا نفَّذنا أياً من هذين الأمرين، سنستطيع تحقيق أرباحٍ مكافئةٍ للبتكوين، بينما نحفظ البتكوين كاش إيه بي سي في الوقت ذاته من الهجمات”.
وعند سؤاله عن احتمال شن مُعَدِّني البتكوين كاش إيه بي سي هجوماً مضاداً بديلاً على شبكة البتكوين كاش إس في، أكَّد تومن أنه بينما “يمكن للإيه بي سي مداهمة الإس في بتفوقها في قوة الهاش… نحبِّذ ألا نفعل ذلك”.
وتابع تومن: “يؤمن فريق الإيه بي سي بأن أي أحدٍ يريد صكَّ عملةٍ ما وفقاً لقواعده الخاصة، فليتفضل بفعل ذلك. يمكنه أن يصنع ويبتكر بحُرِّيةٍ دون طلب الإذن من أي أحدٍ… البتكوين كاش إيه بي سي لم تستعمل قوة الهاش في تدمير البتكوين كاش إس في لأن ذلك يُعَدُّ منافاةً لمعتقداتنا. نُفضِّل ألا نشنَّ هجماتٍ وقائيةً”.
خسارات على كلا الجانبين
مع ذلك، فالواقع هو أن معدِّني كلتا البتكوين كاش إس في والبتكوين كاش إيه بي سي يُعَدِّنون بخسارةٍ.
فوفقاً للإحصاءات المعروضة على كوين دانس Coin Dance، يمكن لمعدِّني البتكوين كاش تحقيق أرباحٍ أكثر بنسبة 75 بالمئة عن طريق تعدين بلوكتشين البتكوين بدلاً من بلوكتشين أيٍّ من البتكوين كاش إس في أو البتكوين كاش إيه بي سي.
وهذا مرتبطٌ على وجه الخصوص بتجمعات التعدين مثل bitcoin.com التابع لروجر فير، الذي أعاد توجيه قوة الهاش عمداً بعيداً عن تعدين البتكوين (BTC)، لأجل تعدين البتكوين كاش (BCH).
ولكن على العكس من الفترة السابقة للانقسام، فإن سعر البتكوين كاش بعيدٌ تماماً عما كان عليه في السابق.
وفقاً لموقع بيانات الأسواق تريدنغ فيو TradingView، وصلت البتكوين كاش إلى أعلى سعرٍ لها قبل يومٍ من تفعيل الهارد فورك، وهو 504.04 دولار. أما منذ إنشائها، بالكاد تجاوزت البتكوين كاش إيه بي سي سعر 300 دولار.
فضلاً عن أنه رغم وصول سعر البتكوين كاش إس في إلى ذروته مقدَّراً بـ170.97 دولار بُعَيد إطلاقها، فقد انخفضت قيمة العملة المشفرة منذ ذلك الحين بثباتٍ على مدار الأيام الستة الماضية، لتصل إلى نحو 60 دولاراً.
ونتيجةً لهذا، يؤكد عديدٌ من أنصار الفضاء الأوسع للعملات المشفرة أن في الوقت الراهن، كلا الجانبين يتكبد خساراتٍ فادحةً.
وفي السياق ذاته، قال ريان إكس تشارلز -الرئيس التنفيذي لمنصة المدفوعات عبر الإنترنت ماني باتن MoneyButton- إن “الكل خاسرٌ”، وإن سمعة القادة على كلا جانبي الإيه بي سي والإس في قد تضرَّرت، وصرَّح لموقع كوين ديسك بأن الأحداث “لم تنتهِ بعدُ”.
واتفق معه على هذه النقطة طارق لويس، الرئيس التنفيذي لشبكة المدفوعات الرقمية بروميس بروتوكولز Promise Protocols، وشدَّد هو الآخر على أنه بينما ألحق الانقسام “الضرر بالقيمة الملموسة للعملة المشفرة” في الأسواق، فهو يتنبأ باستمرار كلٍّ من البتكوين كاش إيه بي سي وإس في في “الصمود”.
وأوضح لويس قائلاً: “ستصمدان كلتاهما. لقد صمدت الدوغ كوين (DOGE) وصمدت البتكوين غولد (BTG). لدينا سوابق تدل على أنه طالما كان لعملةٍ مشفرةٍ ما مجتمعٌ من المؤيدين، فهي لن تموت”.
ومن ثم، يبقى السؤال: هل ستستمر البتكوين كاش إيه بي سي في الحفاظ على الصدارة باعتبارها شبكة البتكوين كاش المهيمنة أم تتعثر وتعاني من هجمات الشبكة التي يتوعَّد بها مُعَدِّنو البتكوين كاش إس في، الذين هم أنفسهم ربما (وربما لا) يمتلكون الموارد اللازمة لدعم عملياتٍ كهذه على المدى البعيد؟
في نهاية المطاف، لا يبدو الناتج النهائي لنزاع البتكوين كاش المستمر “انتصاراً” لأيٍّ من الجانبين، كما أبرز روجر فير، الرئيس التنفيذي لـbitcoin.com، في تغريدةٍ كتبها: “لا أحد ينتصر في الحرب. بل خسارة بعضٍ أهون من البعض الآخر”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.