وفقاً لتقريرٍ أعدته وكالة يوروبول Europol الأوروبية عام 2015، ورد البتكوين في أكثر من 40% من التحقيقات رفيعة المستوى بشأن عمليات الدفع التي يجريها المجرمون في الاتحاد الأوروبي.

 

وحتى نفهم السبب في ذلك، علينا أن نتناول ميزة السرية التي تقدمها تلك الخدمة.

 

تنشأ عملات البتكوين من خلال عملية “التعدين” من أجل التحقق من صحة كل معاملة على البلوكتشين. وبينما تُسجَّل المعلومات المتعلقة بكل معاملة على البلوكتشين، فإنَّها لا ترتبط مباشرةً بالأسماء أو العناوين الفعلية أو غيرها من معلومات تحديد الهوية. وهذا من شأنه أن يجعل المعاملات سريةً إلى حد ما، ويُعقد الجهود التي تبذلها وكالات إنفاذ القانون لتحديد المعاملات الفردية وربطها بالمستخدمين.

 

يستغل الإرهابيون نظام البتكوين في تحويلات الأموال غير المشروعة، إذ أنَّه يوفر لهم الأمن المالي. ويعمل البلوكتشين بصفته وسيطاً محايداً، مما يضمن أنَّ المعاملات لا يمكن إلغائها بمجرد صرف العملات. وتعيق الشبكة أي محاولةٍ لإبطال معاملة بتكوين مُتحقَّق منها إلا في حالة إعادة المستقبل للعملات إلى المُرسِل مرةً أخرى. وبذلك، فإنَّها تمنع صرف العملات أكثر من مرة وتضمن عدم تكرار نفس المعاملة داخل الشبكة. وعلاوةً على ذلك، تعمل شبكة من “المعدّنين” من أجل ضمان استثنائية كل معاملة بتكوين ومشروعيتها. وفي حال محاولة تكرار سحب العملات في أي معاملة، ترفض البلوكتشين المعاملة باعتبارها مُزوَّرة ومعيبة. وبالتالي، فإنَّها تفيد الإرهابيين والمجرمين الذين يشترون البضائع والخدمات على الإنترنت المظلم، الذين لولا وجود البلوكتشين قد يتعرضون للاحتيال من جانب منظماتٍ إجرامية منافسة.

 

على سبيل المثال، في أغسطس/آب 2015، أدانت السلطات الأميركية محمد الشناوي المقيم بولاية ماريلاند لتقديمه دعمٍ مالي إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وبحسب السجلات الرسمية، تلقى الشناوي حوالي 8700 دولار عبر قنواتٍ مالية مختلفة، بما فيها حساباتٍ على ويسترن يونيون Western Union وباي بال PayPal، من أشخاصٍ لديهم علاقات معروفة بداعش، لغرض تمويل عملياتٍ إرهابية. استلم الشناوي الأموال بين مارس/آذار ويونيو/حزيران 2015 من شركاتٍ أجنبية مختلفة موجودة في المملكة المتحدة وبنغلاديش، وكان يعتزم استخدامها لتمويل هجماتٍ إرهابية في الولايات المتحدة. ووفقاً لوزارة العدل الأميركية، استخدم الشناوي وآخرون من أعضاء داعش وسائل اتصال سرية مختلفة لإخفاء علاقاته الإجرامية وأنشطتهم عن أعين جهات إنفاذ القانون.

 

ومنذ عام 2014، نُشرت تقارير عن استخدام مقاتلين جهاديين رفيعي المستوى في مدينة الرقة -المعقل السابق لداعش في سوريا- لمكاتب تحويل الأموال من أجل عمليات الشراء الصغيرة أو المحلية، بينما كانوا يستخدمون تكنولوجيا حديثة متقدمة مثل نظام البتكوين من أجل المعاملات الدولية. وفي يناير/كانون الثاني 2015، أفادت تقارير بأنَّ داعش قد بدأت في جمع التمويل من خلال البتكوين، وهي خطوة كانت غير مسبوقة في ذلك الحين. وجادل أحد جامعي الأموال ويُعرف باسم أبو مصطفى أنَّ حملة القمع الهائلة التي شنتها هيئات إنفاذ القانون الأميركية على المنصات المالية المعروفة، إلى جانب نقص الموارد المالية وغيرها من الموارد المتاحة لمؤيدي داعش في الولايات المتحدة وأميركا الجنوبية، كل ذلك أدى إلى اللجوء إلى الإنترنت المظلم واستخدامه لجمع الأموال من خلال عملة البتكوين. جمع أبو مصطفى حوالي 5 عملات بتكوين، وكانت تُقدَّر قيمتها بحوالي ألف دولار (في ذلك الوقت) قبل إغلاق الحساب.

 

وبالمثل، في يونيو/حزيران 2015، أدانت السلطات في الولايات المتحدة شكري أمين (17 عاماً) من فيرجينيا، بتقديمه الدعم المادي لداعش. اتُهم أمين بمساعدة مؤيدي داعش في السفر إلى سوريا عن طريق استغلال الشبكات الاجتماعية لمطالبة المتبرعين بتقديم دعمٍ مادي للتنظيم بالبتكوين. وفي قضيةٍ أخرى، أُلقي القبض على امرأة في نيويورك في ديسمبر/كانون الأول 2017 بتهمة الحصول على مبلغ من البتكوين تصل قيمته إلى 62 ألف دولار عن طريق الاحتيال، وزُعم فيما بعد أنَّها حولت الأموال إلى داعش. فبعد محاولةٍ فاشلة منها للانضمام إلى التنظيم الإرهابي في يناير/كانون الثاني 2016، استخدمت المرأة معلوماتٍ مزورة للحصول على قروض وبطاقات ائتمان متعددة، ومن ثم حولتها إلى البتكوين وغيرها من العملات المشفرة، ثم أرسلت الأموال عبر باكستان والصين وتركيا لتمويل داعش. واتهم المدعون العموميون المرأة بالتزوير وتقديم الدعم المادي للتنظيم.

 

ورغم عدم وضوح مدى نجاح مواقع الإنترنت والشبكات غير المتصلة بالإنترنت في جمع عملات البتكوين لدعم الجماعات الإرهابية، فإنَّ تلك الأمثلة تكشف اهتمام وإدراك الجماعات مثل داعش بمزايا البتكوين كوسيلة يتسنى لهم من خلالها تمويل أنفسهم عبر الإنترنت.

 

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.