يعرف أي شخص معني بالتسويق القول المأثور القديم قدَم الدعاية نفسها: “نصف المال الذي أنفقه على الإعلانات يضيع هباءً، المشكلة هي أنني لا أعرف أي نصف”. لكن قد يكون الواقع أسوأ من ذلك -ليس فقط النصف، بل الغالبية المطلقة من ميزانيات التسويق تنفق هباءً على العملاء الذين لا يدّرون ما يكفي من الأرباح، كما يقول بيتر فيدر من كلية وارتون للاقتصاد بجامعة بنسلفانيا.
ويَعِد ظهور تكنولوجيا البيانات الضخمة والتحليلات بتغير ذلك الوضع. اليوم، يتمتع صانعو القرار بقدرة متزايدة على التمييز بين ميزانية التسويق الفعّالة والمُهدرة.
ومع ذلك نجد القليل من الشركات لديها ما يلزم للاستفادة من ثروات البيانات الضخمة، وقد تكون عواقب ذلك وخيمة. تقول شركة داتافولت DATAVLT، وهي شركة علوم بيانات مقرّها سنغافورة، إن 99% من بيانات الشركات تضيع هباءً ولا تستخدم أبداً لاستخلاص المعرفة منها. ويتم تحليل 1% فقط من البيانات التي تجمعها وتخزنها الشركات. سيؤدي ذلك، وفقاً لداتافولت، إلى انهيار 96% من الشركات الموجودة اليوم خلال 10 سنوات.
بدأت الشركات الكبرى في جميع أنحاء العالم تدرك أهمية تحليل البيانات. ووفقاً لدراسةٍ قامت بها شركة غارتنر Gartner عام 2017 فإنه “من أصل 13 قدرة من القدرات التسويقية، يخصص كبار مسؤولي التسويق [الذين شملهم استطلاع غارتنر] 9.2% من إجمالي ميزانية نفقات التسويق الخاصة بهم لتحليلات التسويق، أي أكثر من أي قدرة أخرى”. وقد احتلت التحليلات قبل عامين فقط المركز الرابع فيما يتعلق بالإنفاق على التسويق.
إن إنفاق 9.2% من ميزانية التسويق، أي على سبيل المثال 920 ألف دولار من ميزانية قيمتها 10 ملايين دولار، أمرٌ عادي بالنسبة لمشروعات تحليل البيانات. تنفق شركة أمازون Amazon ما يصل إلى 7.2 مليار دولار على التسويق في جميع أنحاء العالم، وتحليل البيانات هو من الكفاءات الأساسية لأمازون. أصبحت علوم البيانات حقاً السلاح السري للشركات الكبيرة لخفض التكاليف والتنبؤ بتوقعات العملاء.
الشركات الأصغر في خطر
ولكن أي نوع من التبصرات يمكن شراؤها بخمسة آلاف دولار، أي 10% من ميزانية تسويق بقيمة 50 ألف دولار على سبيل المثال؟ في الوقت الحالي، ليس كثيراً منها. قالت ميشيل يو إحدى مؤسسي شركة داتافولت لموقع كوين تليغراف Cointelegraph: “إذا لم يكن لديك ميزانية تصل إلى مئات الآلاف أو الملايين، فلن تحصل على شيء ذي قيمة من البيانات”.
وفقاً لموقع باي سكيل PayScale، فإن متوسط راتب محلل البيانات في شنغهاي الصينية يبلغ حوالي 14 ألف دولار أميركي سنوياً. في سنغافورة، تقدر قيمة نفس المجموعة من المهارات بحوالي 33,839 دولار في السنة، دون المكافآت. هذا هو أقل قدر من التكلفة اللازمة لتصبح قادراً على تحليل البيانات بقدر من التعقيد على الأقلّ. تضيف أدوات التحليل باهظة الثمن المزيد من التكلفة، دون أي نتائج كبيرة مضمونة.
تقول شركة داتافولت إن أوائل المرشحين للفناء هم الشركات الصغيرة والمتوسطة، إن صحت توقعات الشركة.
استخبارات بأسعار معقولة
رغم التشاؤم ترى شركة داتافولت فرصةً لنفسها. توجه الشركة خدمتها البرمجية لتحليل البيانات المتوفر بأسعار معقولة خصيصاً للشركات الصغيرة والمتوسطة، وترى أن معظم الطلبات المحتملة ستأتي من منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وهي تراهن على البلوكتشين كأداةٍ لخفض التكلفة. وبرغم حصتها التي تقل عن 0.01% من السوق الحالي، تخطط داتافولت لتحقيق إيرادات تبلغ حوالي 50 مليون دولار خلال سبع سنوات.
تقوم منصة شركة داتافولت في واقع الأمر بمقارنة جميع البيانات المتاحة وذات الصلة بالعملاء، على سبيل المثال استهلاك الخدمات والتواصل والسلوك، بمصادر بيانات خارجية ومفتوحة مختلفة. يأخذ محرك البحث في الاعتبار المعلومات الاقتصادية والاجتماعية والأنثروبولوجية، ثم يربط البيانات مع المدخلات السلوكية مثل الشخصية والنبرة والمشاعر. تقول الشركة إن نتيجة هذا الربط هو بيانات أعمق وتحليل أكثر معنىً.
وتقول ميشيل يو “تتعلق المسألة بالتمكين. ففي عصرٍ القاعدةُ فيه هي هيمنة الشركات الكبيرة، يمكننا بناء شيء شامل حيث يمكن للعلامات التجارية المستقلة أن تزدهر وأن تلعب دوراً في بناء المجتمع معاً كبديل. وليحدث هذا، علينا فعلاً مساعدة بعضنا البعض”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.