بعد مناقشات حادة دامت سنة كاملة تقريباً، قررت بلوكتشين السيا Sia البدء باستبعاد شركات تعدين العملات المشفرة الكبرى.
كان ديفيد فوريك، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة نيبيلوس Nebulous، وهي الشركة الهادفة للربح المسؤولة عن بروتوكول السيا للتخزين الموزع والذي تبلغ قيمته 233 مليون دولار أميركي، قد قال في تصريح لموقع كوين ديسك CoinDesk إن منصة السيا سوف تبدأ في القريب العاجل بإجراء تغيير لبرمجياتها يمنع استخدام أنواع معينة من أجهزة التعدين المخصصة لعملتها على المنصة، وإن كانت ستسمح للأجهزة المصنعة من قبل شركة أوبليسك Obelisk التابعة لشركة نيبيلوس بأن تظل واحدة من الطرق الوحيدة المتاحة للحصول على مكافآت العملات المشفرة المجزية التي تقدمها البلوكتشين. وأضاف فوريك قائلاً: “لقد قررت منصة السيا أن تجري عملية فورك لكي تبطل العمل بأجهزة شركتيّ إينو سيليكون Innosilicon وبتماين Bitmain وتعطّلها”، في إشارةٍ إلى الشركتين المنافستين لشركة أوبليسك في تصنيع أجهزة التعدين المعدّلة (ASIC).
من جانبه، حصل موقع كوين ديسك أيضاً على مسودة بيان حول القرار قال فيها فوريك إن الشركة ترغب بتنفيذ “احتكار على أجهزة التعدين المعدّلة” وزعم أن ترقية النظام بأكمله، أو عملية هارد فورك، “ستكون أفضل من معارضة استخدام أجهزة التعدين المعدّلة كلياً”، على حد تعبيره. بيد أن فوريك استطرد قائلاً: “من جانبنا، لا نعتقد أن هناك حاجة إلى أن تقبل أي عملة مشفرة بالاحتكار الطفيلي والتعسفي لأجهزة التعدين المعدّلة”.
وواصل فوريك حديثه بأن شدد على أن تغيير الكود أمر اختياري وأنه مهيأ بحيث “يسمح لأي مجموعة من المعارضين بالانفصال عن المنصة والانتقال إلى بلوكتشين منفصل لم يمر بعملية الهارد فورك قط”. ووفقاً للمنشور الذي نُشر على المدونة الخاصة بالمنصة، فإن هذا الانفصال لن يؤثّر في فعالية شبكة السيا.
ومع ذلك، وصف فوريك عملية تغيير الكود بأنها قرار شبه جماعي من مجتمع عملة السيا؛ وبالاطلاع على هذا الموضوع المنشور على موقع ريديت Reddit، الذي يعد أقرب ما يمكن للتصويت الرسمي على هذه القضية وسط مجتمع العملات المشفرة، سنجد أنه يبين أن القرار يحظى بدعم واسع من المجتمع. هذا الشعور الذي يعبر عنه التصويت مغاير تماماً للشعور الذي ساد المجتمع بعد فشل مقترح آخر مشابه بإجراء فورك لعملة السيا كوين (SC) في يناير/كانون الثاني 2018.
على أنه خلال أشهر التردد في القرار تلك، ظهر بعض الأشخاص ضمن مجتمع العملات المشفرة الذين شعروا بالقلق من مساعي شركة نيبيلوس لتوطيد نفوذها بقدر ما كانوا قلقين بشأن شركة بتماين أو إينو سيليكون (لا سيما وأن فوريك قد أوضح أنه كان يقصد شركة إينو سيليكون حين تحدث عن “الاحتكار”).
في الوقت نفسه، رأى آخرون أن عملية الفورك ليست سوى وسيلة من طرف شركة نيبيلوس لإنقاذ شركة أوبليسك وتدارك ما حدث من تأخيرات في الإنتاج وشقاق سياسي وتهديدات باتخاذ إجراءات قانونية. لكن المنشور الذي يتضمن المقترح المذكور، والذي نُشر على موقع ريديت، قد زعم أن هدف شركة نيبيلوس من وراء ذلك هو “حماية أعضاء مجتمع العملات المشفرة الذين قد استثمروا في وحدات أجهزة التعدين المعدّلة التي تنتجها شركة أوبليسك” وليس حماية الشركة بحد ذاتها.
تعطيل أجهزة شركة إينو سيليكون
في البيان الصادر عنه وحواره مع موقع كوين ديسك، وصف فوريك أيضاً الدافع والمنهجية الكامنين وراء تعطيل أجهزة التعدين المعدّلة التي تنتجها شركة إينو سيليكون.
صرّح فوريك بأن شركة إينو سيليكون تمتلك 37.5 بالمائة من قدرة التعدين الإجمالية للشبكة متمثلةً في عمليات التعدين الخاصة بالشركة نفسها، فضلاً عن أن الشركة تبيع أجهزة التعدين المعدّلة للمعدنين الآخرين. ولأن “معدات الشركة هي المعدات الوحيدة القادرة على المنافسة”، على حد قول فوريك في البيان الصادر عنه، يمكن هذا شركة إينو سيليكون من مضاعفة سعر بيع أجهزتها بنسبة تقدّر بـ100 بالمئة.
وفي حواره مع موقع كوين ديسك، وصف فوريك المنهجية المتبعة في ما يُسمى بـ”قرار إيقاف العمل بأجهزة التعدين المعدّلة”، أو عملية تغيير البرمجيات الذي ستخضع لها منصة سيا لإبطال العمل بأجهزة التعدين، الذي سيدخل حيز التفعيل بفضل عملية الفورك. قال فوريك: “ببساطة، بلايك تو بي blake2b (خوارزمية الهاش على شبكة السيا) عبارة عن دائرة. ما سيحدث هو أنه سيُضاف إليها ملحق صغير في موقع مختار بعناية؛ فلا يظن أحد أن ذلك الملحق سيُضاف اعتباطياً. وعليه، سنكون قد جعلنا دورتنا أكثر تعقيداً قليلاً بطريقة عشوائية للغاية؛ وهذا ما لا نتوقع أن يكون أي أحد آخر قد توقعه”.
نتيجةً لذلك، بمجرد أن تتبنى عُقد الشبكة هذا التحديث، سوف تصبح الرقائق الإلكترونية المصممة لتشغيل خوارزمية بلايك تو بي في صورتها قبل التعديل غير صالحة لتعدين عملة السيا كوين.
تعقيباً على ذلك، قال فوريك: “نحن نعتقد أن هذه الخطوة سوف تؤدي إلى تعطيل أجهزة تعدين معدّلة بقيمة عشرات الملايين من الدولارات”.
هذا ومن الجدير بالذكر أن هناك شبكات أخرى نظرت في إجراء عمليات فورك مشابهة، أو نفذتها فعلاً، بهدف إبطال العمل بأجهزة التعدين المعدّلة: منها، على سبيل المثال، شبكة المونيرو (XMR) التي نفذت هذه الخطوة في شهر أبريل/نيسان 2018. ولا شك أن الحماسة قد بدأت تتصاعد نحو إجراء تغيير مشابه في منصة الإيثريوم (ETH)، ثاني أكبر منصة بلوكتشين من حيث رأس المال السوقي.
بيد أن قرار منصة السيا يتفرد عن سواه بأن الهدف من ورائه ليس استبعاد أجهزة التعدين المعدّلة من الشبكة كلياً، فقد كتب فوريك قائلاً إنها معركة خاسرة تقيد من أمان عملة السيا نفسها، بل منع أجهزة التعدين المعدّلة التابعة لشركات بعينها.
وقد صرّح فوريك لموقع كوين ديسك أيضاً بأن شركتي إينو سيليكون وبتماين قد تتمكنان من استبدال أجهزة التعدين المعدّلة في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر إذا ما تحركّتا بأسرع ما يمكن لإنتاج أجهزة جديدة. لكن في هذه الأثناء، سوف تخلو الشبكة تماماً أمام أجهزة التعدين التي تنتجها شركة أوبليسك، الشركة الشقيقة لمنصة السيا.
إلا أن عملية الفورك هذه لا تخلو من بعض المخاطر بطبيعتها.
فقد ذكر فوريك في منشور على المدونة الخاصة بالمنصة أن هذه الخطوة نحو إزالة الأجهزة من على الشبكة سوف يكون لها “أثراً رجعياً” في أمان منصة السيا على المدى القصير؛ لا سيما وأن هذه الأجهزة تشكل الغالبية العظمى من معدل الهاش على الشبكة. بيد أن المطوّر قد واصل حديثه بأن زعم أن هذه الجهود سوف تؤدي إلى “خلق مجتمع تعدين صحي وزيادة مستوى الصعوبة بوجه عام” على المدى الطويل، على حد تعبيره.
هل عملية الفورك “سياسة حمائية” فعلاً؟
يرى البعض أن قرار تعطيل بعض أجهزة التعدين المعدّلة محاباةً لأجهزة أخرى صنّعتها شركة تابعة لشركة نيبيلوس هو قرار مثير للريبة. في هذا الصدد، قال فوريك إن القرار “قد جاء في الأصل من المجتمع نفسه” وأنه “لم يواجه أي معارضة تُذكر”، لكن من المرجح أن يراه البعض قراراً اتخذته شركة نيبيلوس لمصلحتها بلا شك.
وفي منشور كتبه أحد مستخدمي موقع ريديت بتاريخ أغسطس/ آب 2018، حين كانت عملية الفورك لا تزال قيد المناقشة، قال إن “عملية الفورك التي أجرتها شركة أوبليسك تعد مثالاً على ما يحدث حين يصبح فريق التطوير هو المؤثر المركزي في تعديل بروتوكول الشبكة لإنقاذ استثمارهم فيها؛ لكن هذا التأثير المركزي بالضبط هو ما نبذل قصارى جهدنا لتفاديه في عالم البلوكتشين”.
بينما وصف مستخدم آخر بموقع ريديت عملية الفورك المتقرحة آنذاك بأنها “سياسة حمائية”.
ولكي نفهم هذا الجدل الذي أثاره القرار، والذي ما زلنا لا نعلم بعد إن كان القرار سيضع حداً له أم لا، يتعين علينا أن نعود بذاكرتنا إلى يونيو/حزيران 2017، عندما كُشف علناً عن شركة أوبليسك ومخططاتها لبيع أجهزة تعدين معدّلة لعملة السيا.
وفقاً لفوريك، بحلول ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، كانت هناك معلومات “لا يمكن التحقق من صحتها” (ذكرها بالتفصيل أحد أفراد مجتمع عملة السيا على موقع ميديام Medium) تصل مطوّري منصة سيا تفيد أن هناك شخص ما صنع جهاز تعدين معدّل بنفسه واستخدمه لتعدين عملة السيا كوين. وفي الشهر التالي، يناير/كانون الثاني 2018، كشفت شركة بتماين علناً النقاب عن جهاز تعدين معدّل لعملة السيا من صنعها، وسرعان ما أصبح من الجلي أن الشركة كانت تستخدمه للتعدين على الشبكة منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
بعد ذلك، أعلنت شركة إينو سيليكون هي الأخرى عن أنها صنعت جهاز تعدين معدّل لخوارزمية بلايك تو بي (خوارزمية شبكة السيا) في أبريل/نيسان 2018، وهو الجهاز الذي سرعان ما حل محل الجهاز الذي أنتجته شركة بتماين.
وكأن هزيمتها من منافسيها في السوق مرتين لم تكفيها، لم تتمكن شركة أوبليسك من الوفاء بالموعد النهائي لشحن أول دفعة من أجهزة التعدين المعدّلة الخاصة بها، بتاريخ 30 يونيو/ حزيران 2018، بل وتجاوزته بعدة أسابيع. وبطبيعة الحال، أدى ذلك إلى تلقيها تهديدات باتخاذ إجراءات قانونية من طرفين على الأقل، بحسب ما جاء في الخبر الذي نشره موقع كوين ديسك في أغسطس/آب 2018.
تعقيباً على هذه التهديدات، قال نائب رئيس شركة أوبليسك للعمليات، زاك هربرت: “تواجه شركة أوبليسك أقل من خمس دعاوى تعويض ومطالبات بالتحكيم في ولايات قضائية مختلفة. صحيح أننا قد تلقينا تهديدات قضائية من عدد من عملائنا، لكن لم يرفع أي أحد منهم دعوى قضائية ضد شركة أوبليسك أو شركة نيبيلوس”.
أما في ما يتعلق باحتمال أن تكون شركة نيبيلوس تحاول إجراء عملية الفورك من أجل أن تحد من التهديدات القضائية التي تواجهها شركة أوبليسك التابعة لها، فقد استبعد هربرت هذه الفكرة تماماً.
وفسّر هربرت ذلك لموقع كوين ديسك بقوله: “لا نعتقد أن عملية الفورك الخاصة بمنصة السيا سوف يكون لها أثر كبير على الإجراءات القانونية الجارية”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.