“لا أثر لعملة البترو هنا”: الغموض والحيرة يعصفان بثورة العملات المشفرة في فنزويلا

نشرت وكالة رويترز اليوم، 30 أغسطس/آب، تقريراً استقصائياً عن العملة المشفرة الوطنية المدعومة بالنفط في فنزويلا، عملة البترو (PTR)، في محاولة لمواجهة مزاعم الحكومة بحقائق وأدلة عن تاريخ معاملات عملة البترو حتى الآن.

أرسلت رويترز مراسلين إلى قرية أتابيرير المركزية الفنزويلية، التي تقع في قلب أرض تبلغ مساحتها 380 كيلومتر مربع قال عنها الرئيس الفنزويلي أن بإمكانها توفير 5 مليارات من براميل النفط، وهي الكمية المطلوبة لدعم العملة المشفرة الجديدة.

وفي خضم التضخم المفرط الذي يعاني منه اقتصاد فنزويلا، أصدر الرئيس نيكولاس مادورو الأسبوع الماضي عملة نقدية جديدة – عملة البوليفار السيادية، التي تحذف خمسة أصفار العملة السابقة المتعثرة البوليفار القوي (VEF). وقد تم ربط العملة الجديدة بعملة البترو التي تساوي نحو 66 دولار- وهو سعر برميل النفط الفنزويلي.

وقال فرانسيسكو مونالدي، خبير الطاقة الذي وُلد في فنزويلا، لوكالة رويترز إن الأرض الغنية بالنفط “تفتقر للبنية التحتية الأساسية”، بما في ذلك الطرق والأنابيب ومرافق توليد الطاقة، حتى تستطيع استخراج المخزون. وأشار مونالدي إلى أنه “لا توجد خطط للاستثمار في المنطقة، ولا يوجد سبب يدفع للاعتقاد بأنه سيتم تطويرها قبل حقول أخرى تتمتع بظروف أفضل”.

ويزعم محققو وكالة رويترز أن هناك آثاراً طفيفة لنشاط صناعة النفط في المنطقة، وأنهم رأوا القليل من المعدات المتناثرة في الموقع.

وأشار المقال أيضاً إلى مقال رأي كتبه وزير النفط السابق رافاييل راميريز الذي توقع أن يتكلف إحياء المنطقة 20 مليار دولار على الأقل، وهو مبلغ فلكي بالنسبة لشركة النفط المملوكة للدولة المثقلة بالديون PDVSA. وقال راميريز في مقاله إن “عملة البترو تُقدر بقيمة اعتباطية، موجودة فقط في خيال الحكومة”.

وفقاً لرويترز، فإنه لا يتم تداول عملة البترو في أي من المنصات الرئيسية العالمية لتداول العملات المشفرة. فقد أخبرت سوق بِت فينكس Bitfinex في هونغ كونغ وكالة رويترز بأنها حظرت تداول التوكن رسمياً على منصتها على خلفية العقوبات الأميركية. بينما رفضت أسواق أخرى – بما فيها كوين بيس Coinbase وبيتريكس Bittrex وكراكن Kraken التعليق على سبب رفضهم إدراج عملة البترو.

ومن بين ستة عشر منصة تداول صغيرة يُزعَم أنها تدعم تداول البترو، لم تجد رويترز أي أثرٍ على الإنترنت لسبع منها. وأفاد التقرير بأن سبع منصات أخرى لم ترد على مراسلات الوكالة. فقط منصة كوين سيكيور Coinsecure الهندية تعهدت علناً بدعم عملة البترو مقابل أتعاب ستتقاضاها من فنزويلا.

وبذلت وكالة رويترز جهوداً أخرى للتحقق من صحة تصريحات رسمية من الرئيس مادورو بأن مبيعات عملة البترو قد ارتفعت إلى 3.3 مليار دولار حتى الآن. وفقاً للورقة البيضاء للبترو، فإن توكن النيم (NEM) الذي تم تطويره في سنغافورة يعتبر “التوكن الأولي” للمبادرة، وستحل محله عملات البترو في وقت لاحق.

وأفادت وكالة رويترز بأن سجلات شهر مارس/آذار تظهر أن حساب لتوكنات النيم يُزعم إدارته من قبل حكومة فنزويلا قد أصدر 82.4 مليون توكن في إطار عرض أولي للعملة تم الإعلان عنه لأول مرة في نهاية شهر فبراير/شباط. وحول الحساب نحو 2300 توكن منهم إلى 200 حساب مجهول في بداية شهر مايو/آيار بقيمة إجمالية تبلغ 150 ألف دولار، وفقاً لحسابات رويترز.

وفي شهر أبريل/نيسان، أشارت تقارير أن السجلات أظهرت أن حساب توكنات النيم أصدر نحو 13 مليون توكن إلى عشرات الحسابات مما قد يكون جمع نحو 850 مليون دولار بحسب حسابات رويترز. وبينما يقال إن إصدار التوكن المذكور استهدف “كبار المستثمرين”، فلم يؤكد أحدهم علناً أنه قام باستثمار بهذا الحجم في عملة البترو.

وأخبر طوم روبينسون من شركة بيانات البلوكتشين البريطانية إليبتيك Elliptic رويترز بأنه: “لا يبدو ذلك بالتأكيد كعرض أولي تقليدي للعملة، نظراً لمستوى نشاط المعاملات المنخفض. لم نجد أية أدلة تشير إلى أن أحدهم أصدر عملة البترو، أو تداول العملة بشكل نشط في أي منصة لتداول العملات المشفرة”.

وأخبر الوزير هاغبل روا وكالة رويترز الأسبوع الماضي بأن التقنية المستخدمة في هذه العملة لازالت قيد التطوير وأنه ” لم يتمكن أحد من استخدام عملة البترو.. ولم يتلقى أحد أيّة براميل بترول”.

وقد استنكرت شخصيات مهمة في مجتمع العملات المشفرة الفنزويلي هذا الشهر، قبل تحقيق رويترز، عملة البترو واعتبرتها مجرد حيلة مبهمة مدعومة من كيان مركزي مثقل بالديون.