لقد استنزف رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات العاملة في قطاع التكنولوجيا الكثير من الثروة التي تم إنشاؤها بواسطة العملة الرقمية. وقد جنى التوأم وينكلفوس وكريس لارسن، الذين رأوا الازدهار قادمًا وكان لديهم المال اللازم للاستثمار، من هذا العالم أكثر من غيرهم.

كان راي يوسف، المؤسس المشارك للمنصة المباشرة لتداول البيتكوين “باكسفل” مختلفا قليلًا. وفي حين أن مواقفه الذاتية المتعجرفة مازلت لم تنضج بعد مثل العديد من رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا، إلا أنه يرى نفسه روبن هود وليس موظفًا محترفًا ماكرًا في وادي السيليكون. ربما كان سبب ذلك أنه أكل من صناديق القمامة ونام على مقاعد الحديقة. وقبل أن يؤسس إحدى أكبر منصات التبادل الند للند للعملة الرقمية في العالم، دفعت العملة الرقمية يوسف إلى التشرد.

يجسد يوسف اليوم قصة نجاح شخصٍ ذي تكوين عصامي في مجال تبادل البيتكوين. ومع ذلك، يدعي يوسف أن الهدف من تأسيس “باكسفل” منذ البداية لم يكن كسب المال وإنما مساعدة الشباب الصاعد ورد الجميل من خلال نجاحه، وتحديدًا في العالم النامي. إنه رجل لا يخشى تجاهل القواعد إذا رأى أنها غير عادلةٍ، وتمثل قصته صورةً مصغرةً لصراعٍ أوسع نطاقًا بين النجاح والمسؤولية اللذين أصابا وادي السيليكون.

متسول البيتكوين

انطلقت مسيرة مؤسس باكسفل، ريام عزاب يوسف، في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، عندما بدأ في تأسيس الشركات الناشئة والمشاريع غير التقليدية. لقد ترأس يوسف شركة رناتٍ متعددة الألحان الناجحة “ماتريكس إم”، ثم أسس شبكةً اجتماعيةً ومنصة تعارفٍ أقل نجاحًا تدعى “فانهاي”. كما انضم يوسف إلى حركةٍ لإعادة تكنولوجيا العصر الفيكتوري المستوحاة من أعمال نيكولاي تسلا، وعمل ممثلًا، وأصبح محترفا في فنون القتال المختلطة، بعد أن غير اسمه إلى راي سافانت، ثم إلى محمد يوسف، خلال مسيرته. ولكنه يعرف الآن باسم راي يوسف.

من الواضح أن يوسف لا يخشى أن يكون أول من يتبنى الأفكار الجديدة ليدفعها إلى الأمام بميزاته الخاصة من المثابرة والإيمان بذاته. لقد تحول اهتمام يوسف نحو العملة الرقمية سنة 2012، عندما عرض دراجته النارية للبيع في منتدى على الإنترنت، حينها اقترح عليه أحدهم أن يسلمه المبلغ بعملة البيتكوين.

قال يوسف لديجتال تراندز بضحكةٍ خافتةٍ “لم أفكر في البيتكوين بجدية،…. لكنني ظللت أبحث في هذا الموضوع لبضعة أشهرٍ، وبدأت فعلا بالإعجاب بكل جوانبها. لقد كانت تكنولوجيا مذهلةً، ولكن شغف المجتمع هو الذي جذب انتباهي”.

يبدو أن هذا الافتتان الذي يقوده المجتمع هو ما دفع يوسف إلى إطلاق برنامج “إيزيبيتس” بعد عامين مع أرتور شاباك، وهو صديقٌ التقى به في مؤتمر البيتكوين. بعد ذلك، قام الإثنان بتأسيس “باكسفل”، لكن “إيزيبيتس” كانت أول مشروعٍ مشتركٍ بينهما. كان ذلك البرنامج عبارةً عن مزود لخدمة الدفع للشركات الصغيرة والباعة المتجولين والفنانين المستقلين، وقد تم تصميمه لتسهيل قبولهم لمدفوعات البيتكوين من العملاء. لكن الشركة واجهت مشكلةً صغيرةً على الفور، وهي عزوف الأشخاص عن استخدام البرنامج.

اعترف يوسف قائلًا “في ذلك الوقت، لم يكن لدى أي شخصٍ عملة بيتكوين لإنفاقها. وبقدر ما حاولنا جعل استخدامه بسيطًا، كان الأمر معقدًا للغاية، ولم يكن تجار التجزئة في نيويورك في الحقيقة منسجمين مع هذا النوع من البرمجيات”.

لم يتردد يوسف أمام هذه الصعوبات المبكرة، بل دفع بقوةٍ أكبر إلى الأمام، مستخدمًا الإستراتيجية العدوانية للتخلي عن البيتكوين في محافظ رقميةٍ خزنت فيها العملة سلفًا، إلا أن هذا لم ينجح أيضًا. “أتذكر أنني كنت في واشنطن سكوير بارك، وذهبت إلى الموسيقيين هناك فقلت لهم “مهلًا، يجب أن تقبلوا تبرعات البيتكوين”، وأعطيتهم هذه البطاقة مع رمز شريطي عليها وبعض التعليمات حول كيفية قبولهم العملة الرقمية. وقد وضعت فيها ما قيمته 100 دولار من البيتكوين، والتي قد تبلغ قيمتها الآن حوالي خمسة آلاف دولارٍ. لقد رفضوا ذلك! ما كان لأحد أن يأخذها!”.

دعم كلٌ من يوسف وشاباك برنامج “إيزيبيتس” لمدة سنةٍ كاملةٍ، وسرعان ما وجدوا أنفسهم أمام طريقٍ مسدود. لقد أصبح المال نادرًا، وفي النهاية، لم يتمكن الثنائي من دفع الإيجار. شرح يوسف ما حصل قائلًا “لقد انتقل أرتور إلى العيش مع صديقي المفضل جورج. وبعد ذلك بشهرٍ واحدٍ، اضطررت إلى ترك مكاني لأن أمي كانت بحاجة إلى المساعدة، لذا قمت باستئجاره. بقيت بلا مأوى لمدة ثلاثة أشهرٍ، أنتقل من خيمةٍ متنقلةٍ إلى أخرى، رفقة فتيات أعرفهن في الماضي، وأتجول رفقة أشخاصٍ لا أعرفهم. لقد مررت بأيام قررت فيها فقط “البقاء في الخارج” والتخييم في الحديقة”.

كانت الحيلة التي أبقته قادرًا على الانتقال من شركةٍ ناشئةٍ إلى أخرى بشكلٍ جيدٍ خلال تلك الفترة في حياته، على الرغم من فقره، أنه “سرعان ما اكتشفت أن التشرد في مدينة نيويورك يعني أنك لم تعد مضطرًا لتنام جائعًا في الليل. لقد أكلت الطعام بنهمٍ عندما اكتشفت أين تلقي أفضل المطاعم قمامتها. ويمكن العثور على قطعٍ كبيرةٍ من الساشيمي في تريبيكا. أما في سوتون بليس، فقد اكتشفت إمدادًا لا ينقطع من عجينة البيتزا في دومينوس بيتزا، وقد أصبح مكانان يونانيان في موراي هيل المفضلين أسبوعيًا لدي، بما يتوفر من سلطة جبنة فيتا وبعض بقايا الأسماك المذهلة”.

على الرغم من أن وضعه المالي كان مزريًا، إلا أن يوسف رفض أي تبرعاتٍ ماليةٍ أثناء فترة تشرده. لقد كان يعمل في النهار في المقاهي ويستمر في العمل على “إيزيبيتس” عندما يكون ذلك ممكنًا. بعد ذلك، التقى شريكه في العمل شاباك مع صديق لديه فكرةٌ سرعان ما ستمكنه من الوقوف على قدميه.

ارتفاع قيمة البيتكوين

سنة 2015، كانت لا تفصلنا سوى سنتين فقط عن بلوغ البيتكوين ذروتها المالية، ولكن، كان الاهتمام في تزايدٍ في ذلك الوقت. كان الكثير من الناس على استعدادٍ لدفع قسطٍ من المال لامتلاك البيتكوين.

قال يوسف “جاء إلينا صديقنا ماكس وقال: ”يا رفاق، يمكنكم بالفعل بيع ما قيمته 250 دولارًا من البيتكوين والحصول على بطاقة هدايا بقيمة 500 دولارٍ من “باي بال ماي كاش” مقابل صرف الأرباح باستخدام بطاقة “باي بال فيزا” الخاصة بك” نظرنا إليه وفكرنا، لماذا قد يفعل أي شخصٍ ذلك؟”.

قد تكون على حق في افتراض أن أي شخص قادرٍ على دفع قيمةٍ مضاعفةٍ لشيء ما باستخدام خدمةٍ رقميةٍ، فإن ذلك سيكون حتمًا من خلال بطاقة ائتمانٍ مسروقةٍ أو حسابٍ مخترقٍ، لكن يصر يوسف على أن الأمر ليس كذلك.

شرح يوسف الخطر الذي كان موجودًا. كان الناس على استعدادٍ لدفع ضعف السعر الحالي لقاء شراء البيتكوين من خلال “باي بال”، لأن استخدام معالج الدفع كان خطيرًا جدًا بالنسبة لبائعي العملة الرقمية. وقد سمح نظام رد المبالغ المدفوعة من “باي بال” لمشتري البيتكوين بخداع البائع بشكلٍ فعالٍ عن طريق إرسال دفعةٍ واستلام البيتكوين الذي اشتروه، ثم الادعاء بأنهم تعرضوا للخداع، مما يدفع “باي بال” إلى إرجاع الأموال المستخدمة في عملية الشراء. ونظرًا للطبيعة اللامركزية للبيتكوين، فإنه لا توجد أي عملية إصلاحٍ، ما يترك البائعين مجبرين على تحمل الخسارة.

سرعان ما بدأ يوسف بتحقيق ربحٍ مقبولٍ عن طريق بيع البيتكوين إلى المشترين في “باي بال”، ما مكن يوسف وشاباك من استعادة حياتهما السابقة. كما تمكن الإثنان من توظيف أصدقائهم لإعداد نشاطٍ تجاري آخر لتسهيل عمليات شراء “باي بال” من العملة الرقمية.

ومع ذلك، كانت هناك حدودٌ لما يمكن أن تحققه الشركة على هذا النطاق. فقد منحهم بيع البيتكوين من خلال بيتكوين تالك ولوكال بيتكوين بداية جيدةً، لكن الموقعين لم يكونا مصممين للتداول الضخم، مما جعل عملية الشراء والبيع معقدةً. حينها، رأى يوسف فرصة إطلاق منصة تداولٍ خاصةٍ به. وترجمت تلك الفكرة إلى مشروع منصة “باكسفل”.

مساعدة “غير المتعاملين مع البنوك”

ما جعل منصة باكسفل مختلفةً عن منافسيها، التركيز على بطاقات الهدايا. لقد مثلت بطاقات الهدايا خلاص يوسف، وكانت تشبه إلى حدٍ كبيرٍ العملات الرقمية، إذ أن كليهما صالح للتعامل به خارج الهيكل القائم للمؤسسات المالية. ولعل ذلك ما يجعلها ذات قيمةٍ كبيرةٍ بالنسبة للأشخاص الذين ليس لديهم حسابٌ مصرفيٌ للإيداع أو إرسال الأموال، أي “غير المتعاملين مع البنوك” كما يصفهم خبراء المالية.

بعد ثلاثة أشهر من استئناف “باكسفل” نشاطها، تلقى يوسف مكالمةً من شخصٍ يعاني من ضائقةٍ ماليةٍ شديدةٍ. قال يوسف إنه كان مع أرتور في ذلك الوقت يعملان في سوهو، وكانت الساعة تناهز الثانية صباحًا. وأضاف المصدر ذاته “لقد وضعنا رقمنا على الموقع ولم يتصل بنا أحدٌ على الإطلاق. لكن فجأة، تلقيت مكالمةً  من امرأة قالت إنها بحاجة إلى بعض البيتكوين، حيث لم يتبق لديها سوى 13 دولارًا. ولقد كانت تتكلم بغضبٍ شديدٍ، حيث أخبرتني أن أطفالها سيصبحون بلا مأوى إذا لم تحصل على البيتكوين.

لقد كان الأمر مبالغًا فيه عندما ازدادت رغبة الناس في شراء عملة البيتكوين عندما بلغت أسعارها الذروة سنة 2017. وفيما بعد اتضح أن للمرأة أسبابٌ حقيقيةٌ وحاجةً ملحةً دفعتها لشراء عملة البيتكوين. أوضح يوسف أن “هذه المرأة كانت بحاجة إلى البيتكوين من أجل نشر إعلان على موقع “باك بيج”، الذي يعد من المواقع السيئة السمعة التي تُيسر ممارسة البغاء. وقد تسببت السمعة المشبوهة للموقع السري في انسحاب شركتي ماستركارد وفيزا، الخاصة بنظام الدفع عن طريق بطاقة الائتمان، من عملية تجهيز المعاملات الخاصة بهذا الموقع. وقد ظل الموقع يقبل استخدام عملة البيتكوين في مبادلاته”.

لقد تمثلت المشكلة في أن الحصول على عملة البيتكوين لم يكن سهلًا، خاصةً إذا لم يكن لديك حسابٌ مصرفي. ووفقًا لما أفاد به يوسف خلال حديثه مع موقع “ديجتال تراندز”، فقد اضطر إلى إخبارها بالخطوات المطلوبة. لقد كانت غاضبةً للغاية، فقد قضت ثماني ساعات تتصفح شبكة الإنترنت وهي تبحث في كل مواقع البيتكوين وتحاول الحصول على البعض منها، غير أنها لم تنجح في ذلك لأن جميع مواقع البيتكوين تفرض عليها امتلاك حسابٍ مصرفي. وتابع المصدر ذاته أنها “كانت من الأشخاص الذين لا يتعاملون مع المصارف في الولايات المتحدة. لذلك سألتها كيف كانت تشتري هذه الإعلانات من قبل، فأجابت أنها كانت تشتري بطاقات الشراء من متاجر الأدوية”.

وأردف يوسف قائلًا “خلال الأشهر الثلاثة القادمة، كل يوم سنستقبل المكالمات، معظمها من النساء، اللواتي يبحثن عن البيتكوين ويكن جميعًا في وضعٍ يائسٍ، ولكن يكمن جمال هذه الحلقة بأكملها في أننا ساهمنا في جعل سوق منتجاتنا يزدهر. فإذا كان لدى شخص ما حسابٌ مصرفي، فيمكنه بسهولةٍ استخدام منصة كوين بايز. ولكن، إذا لم يكن لديه حسابٌ مصرفي أو لديه صعوبةٌ في الحصول على الخدمات المصرفية السائدة، فإن شركة “باكسفل” تعد الخيار المناسب له”.

لطالما كان يوسف فخورًا ببداية “باكسفل”، على الرغم من أن الظروف التي ساهمت في نجاح هذه الشركة قد انتهت في نهاية المطاف. فقد تعرضت شركة “باك بيج” لانتقاداتٍ لاذعةٍ خلال سنة 2017 بسبب مبادئ عملها المتساهلة، كما أن نشر الإعلانات السرية للعمل الجنسي أدى في النهاية إلى الاستيلاء على الموقع من قبل عدة وكالات اتحادية في الولايات المتحدة. وقد اتُهم سبعة أشخاص لهم صلةٌ بموقع “باك بيج”، بمن فيهم مؤسسوها، بتهمٍ تشمل غسل الأموال وتسهيل الدعارة.

يسمح تقرير حقوق الإنسان لسنة 1865، المعروف باسم “السماح للدول وضحايا الحرب لمحاربة الاتجار بالجنس عبر شبكة الإنترنت”، للسلطات بمساءلة المواقع التي تستخدم بطريقةٍ سيئةٍ الإعلانات المبوبة، وأجبرت كريغسليست على غلق حساباتها عندما قام الكونغرس بتمرير قانونٍ حيال هذا الشأن في وقتٍ سابقٍ من هذه السنة.

أفاد يوسف بأنه يدعم الأفكار التي جاء بها القانون الجديد، لكنه قلقٌ من أن تكون له سلبياته أكثر من الإيجابيات نظرًا لأن الاتجار بالجنس مشكلةٌ يجب تسخير كل موارد الدولة من أجل معالجتها”. وتابع المصدر نفسه أن “عواقب مشروع القانون قد تركت مجتمعًا بأكمله في حالةٍ من الفوضى، ما جعل مصير الكثير من الأمهات العازبات في خطر”.

يعتقد يوسف أن أفضل ما يمكن لأي شخصٍ القيام به، سواءً كان صاحب شركةٍ أو حكومةً أو فردًا، هو محاولة تحسين الحياة اليومية للأشخاص العاديين. ولا يزال يصر على أن  باكسفل قد نجحت في هذه المهمة. ويبدو يوسف واثقًا من أنه حتى بعد مرور قانون حقوق الإنسان لسنة 1865-1865، سيعيد المشرّعون النظر في هذا القانون في نهاية المطاف. وخلال الحوار الذي أجراه مع موقع ديجتال تراندز، أشار يوسف إلى أن “هذا ليس من الفوارق اليومية التي نرغب في رؤيتها، ولكن ستفوز السوق الحرة في النهاية، ونعتقد أن هناك العديد من المشرعين الذي سيبحثون من أجل الوصول إلى طرق أفضل”.

البيتكوين خارج الحدود

أضحت شركة “باكسفل” منصة تبادل مباشرةٍ تملك قاعدة مستخدمين يصل عددهم إلى 1.5 مليون عميل، حيث تجري معاملات تجارية بالآلاف من البيتكوين خلال شهرٍ واحدٍ، وتقوم بنقل ملايين الدولارات من خلال الموقع بصفةٍ منتظمةٍ. وقد أصبحت هذه الشركة وجهة للكثير من المستخدمين في جميع أنحاء العالم، والأسواق الدولية التي كان يوسف متحمسًا للغاية لها.

يعتقد يوسف أن هذه الأسواق تحتاج إلى المزيد من السيولة المالية التي تستطيع العملات الرقمية توفيرها. وفي كثيرٍ من الأحيان، لا تزال الكثير من المعاملات تعتمد على بطاقات الشراء التي كانت سبب نشأة هذه المغامرة بأكملها.

أكد يوسف أن تطبيق “آي تيونز” يعد الطريقة التي يحصل بها معظم سكان نيجيريا وأفريقيا على عملة البيتكوين الخاصة بهم. وفي الوقت الحالي، في باكسفل، تذهب 11 مليون دولار من بطاقات شراء “آي تيونز” من نيجيريا إلى الصين كل أسبوعٍ”. وفي حين أن هذه الطريقة تعد معقدةً لتبادل الأموال، يرى يوسف أنها تمثل الحل الأنسب لأولئك الذين يعيشون في أوضاعٍ بائسةٍ.

وأوضح يوسف “على سبيل المثال في نيجيريا، يفضل هؤلاء الناس الاحتفاظ بأموالهم عن طريق العملات الرقمية. وحتى عندما انخفضت قيمة بعض العملات الرقمية خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول سنة 2017، بقي يحتفظ البعض يحتفظون بالعملات التي قاموا بشرائها في بداية السنة الحالية. وخلال السنتين الماضيتين، انخفضت العملة المحلية لنيجيريا بنسبة 90 في المائة، في حين انخفضت قيمة العملة التي تعتمدها الدول المجاورة لها بنسبة 40 في المائة خلال سنةٍ واحدةٍ”.

وبين المصدر ذاته أنه في الوقت الذي تنظر فيه الأسواق الغربية إلى البيتكوين بصفتها مستودعًا للقيمة، ووسيلةً للاستثمار وتنمية الثروة، فإنها تُستخدم في أماكن أخرى من العالم بشكلٍ أكبر كوسيلةٍ للدفع. فعلى سبيل المثال، تعد الشركات المستقلة في أفريقيا من بين أكبر مؤيدي استخدام عملة البيتكوين، حيث استفادت من شركتي باكسفل وبيتكوين من أجل تنمية ثروتها، مثلما فعل يوسف.

أشار يوسف إلى أنه “عندما ذهب إلى نيجيريا، التقى بامرأة جميلةٍ وساحرةٍ، كانت تلبس ملابس فاتنة وكان لديها حساب على إنستغرام” ولكن لم يكن لديها عربة تسوقٍ. لذلك أرسل العملاء الأموال إلى صديقتها التي توجد في الولايات المتحدة التي تملك حسابًا مصرفيًا نيجيريًا ومن ثم قام هو بتحويل الأموال إليها”.

تمكن يوسف من جذبها إلى “باكسفل”، وبذلك أصبح يمكن لهذه المرأة الحصول على البيتكوين مقابل الملابس ثم بيع وحدات هذه العملة بنفسها. كما أشار يوسف إلى أنه جعل هذه العملية تعمل عن طريق استخدام بروتوكول الند للند، حيث أصبح يمكن لأي شخص مساعدتها على ذلك دون الحاجة إلى تقديم ضمانٍ في المقابل.

يأمل يوسف أن تركز شركته على تحقيق مساعي خيرية. وبما أنه متحمسٌ من قدرة “باكسفل” على استيعاب المزيد من العملات الرقمية في المستقبل، فإنه يقضي الكثير من الوقت في العمل مع المؤسسات الخيرية، حيث يريد مساعدتهم على قبول التبرعات عن طريق استخدام البيتكوين ليدفعهم إلى الحصول على المال بالعملة المحلية عبر “باكسفل”. كما أوضح يوسف أنهم يطلقون على هذه المبادرة اسم “بيلت ويذ بيتكوين”، مشيرًا إلى أنه أنشأ مدرسةً واحدةً حتى اللحظة الراهنة، فضلا عن أنه يخطط لتركيز ثلاث أخرى في إفريقيا إحداها في فنزويلا والأخرى في نيجيريا”.

تم إطلاق المشروع عن طريق تبرع قدمتة شركة “باكسفل”، تبلغ قيمته 50 ألف دولارٍ إلى منظمة “زمزم ووتر”، وهي منظمةٌ خيريةٌ تطوعيةٌ تعمل على بناء الآبار والمدارس في بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا مثل أفغانستان ورواندا. وتنض هذه الجمعية إلى قائمة الجمعيات الخيرية التي ركز عليها يوسف وتقبل التبرعات عن طريق البيتكوين والإيثريوم. كما يسعى يوسف إلى استقطاب المزيد من المؤسسات الخيرية وحثها على اعتماد هذه الإستراتيجية.

يشجع يوسف الناس على الالتفاف حول مبادرة “بيلت ويذ بيتكوين” لأنه بمجرد تثقيف هذه الجمعيات الخيرية حول البيتكوين، سيشعرون بالاندهاش، لأنه سيصبح بإمكانهم الحصول على الأموال فورًا، أو سحب الأموال من حساباتهم البنكية في أي مكان في العالم، على الفور، عن طريق الخدمات التي توفرها شركة “باكسفل”.

المرآة

مكنت عملة البيتكوين يوسف من أن يتعرف على العديد من الأبعاد المالية وتعزيز الحرية المالية، فضلًا عن تحقيق الكثير من الأهداف الخيرية والسيئة. وهو لا يخجل من الغموض الأخلاقي الذي يكتنف شركته، والذي يمكن استخدامه لتحقيق الاستقرار لمدخرات المزارعين في رواندا أو ببساطةٍ لشراء حسابات “باي بال” التي تم اختراقها.

ورغم التناقض الذي تتسم به شركة “باكسفل”، يسعى يوسف إلى تحقيق أهدافٍ خيريةٍ. وهو لا يأبه كيف يمكن استخدام شركته من أجل أغراضٍ دنيئةٍ، ولكن بدلاً من ذلك يحاول استخدامها بشكلٍ جيدٍ. وقد يعتبر البعض “باكسفل” من الشركات الشريفة، في حين قد ينظر إليها البعض الآخر بأنها ساذجةٌ. لكن ما هو مؤكدٌ أن “باكسفل” تسير على خطى عملة البيتكوين.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.