لقد ولت الأيام التي كانت خلالها العملات الرقمية والبيتكوين تلعب أدوارًا ثانويةً. وشيئا فشيئا، بدأت هذه التكنولوجيا تكتسح مختلف الميادين، حتى وصلت إلى مجال الرياضة.
إن الجانب المقصود هنا من الرياضة ليس منصات القمار الإلكترونية فقط، وإنما الاهتمام الحقيقي الذي تحظى به هذه العملة في مجال الرياضة في العالم الحقيقي، والأسماء المشهورة التي تتطلع بفضول إلى كيفية إدماج تقنية البلوكتشين في هذه الصناعة السريعة.
وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، أبرم نادي أرسنال المنتمي إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، عقد رعايةٍ مع منصة كاش بات. كما أبدى النجم الأرجنتيني، ليونيل ميسي، حماسه للبيتكوين، حيث اعترف هذا النجم الحائز على جائزة الكرة الذهبية في خمس مرات، بأنه “بحث بعمق في تكنولوجيا البلوكتشين والأنظمة اللامركزية”. وقد أبرمت المنصة اللامركزية المختصة في الاستثمار الرياضي “سبورتي كو” عقد رعايةٍ مع نادي إسبانيول. إلى جانب ذلك، تحظى هذه المنصة بدعم مشاهير كرة القدم، على غرار روبرتو كارلوس ورونالدينيو.
هل يمكن أن تكون تكنولوجيا البلوكتشين مصدرا لكسب المال؟
كما هو الحال في معظم الصناعات، يمكن أن تقدم تكنولوجيا البلوكتشين الإضافة لمجال الرياضة بالنظر إلى خصائصها الجوهرية مثل الأمان والثبات. وقد صرح خبير كرة القدم لدى شركة سبورت “إنفستمنت بارتنرز”، مايكل بروتون، بأن “الرياضة بما في ذلك كرة القدم تملك فرصةً كبيرةً للاستفادة من هذه التكنولوجيا الجديدة واستخدامها في المستقبل. ويمكن أن تساعد البلوكتشين على تقديم خدمات أفضل وكسب المزيد من الايرادات، لكن يجب تقديمها إلى الأشخاص المنتمين للمجال الرياضي بطريقةٍ تؤكد أنهم سيخوضون تجربة استخدام هذه التقنية كسائر المستخدمين، وأن معطياتهم الشخصية والمالية ستكون محمية بشكلٍ أكبر”.
يمكن أن يكون الثبات ميزةً أساسيةً في المراهنات الرياضية، حيث قال بروتون إنه “إذا كنت تعرف أن الرهانات مشروعة، فإن نظام المراهنات سيكون آمنًا، وهذا المعطى يمكن أن يكون جيدًا بالنسبة لشركات القمار وصناعة الرهانات الرياضية. وفي هذه الحالة، سيتسنى لك إجراء المزيد من المراهنات، التي من المرجح أن تكون قانونيةً”.
ولكن، بالنسبة لمؤلف كتاب “اعتداء من 50 قدما من البلوكتشين”، ديفيد جيرارد، الذي عرف عنه انتقاده للعملة الرقمية، فإن هذه التكنولوجيا يمكن أن تشكل نقطة ضعفٍ في صلب صناعة الرياضة. وأوضح ديفيد جيرارد أن “الإشكال يكمن في أن الطبيعة الثابتة للعقود الذكية تجعلها غير قابلةٍ للتغيير. ويتمثل الجانب السلبي من العقود الذكية في الناحية العملية، إذ أن محاولة إحداثٍ تغييرات على هذه العقود سيكون بمثابة محاولة إعادة برمجة صاروخٍ فضائي ضخمٍ بعد إطلاقه، علما بأن هذه العملية قد تستغرق من وكالة ناسا وعلمائها حوالي ستة أشهرٍ”.
التسويق الموجه وحماية البيانات
تعد تقنية البلوكتشين الخيار الأفضل بالنسبة للقطاعات التي تعتمد آلية حفظ المعلومات والبيانات، لهذا السبب يمكن اعتمادها بشكلٍ ملائم في عملية حجز تذاكر المباريات. فعلى سبيل المثال، يتسع الملعب الخاص بنادي مانشستر يونايتد “أولد ترافورد،” لحوالي 75 ألف متفرجٍ، لذلك يعد تتبع البيانات المرفقة بهذه التذاكر، لأغراض أمنيةٍ وتسويقيةٍ، كابوسًا لوجستيًا.
ويعتقد بروتون أن الفرق تجلى بوضوح هنا: “ففي الوقت الحاضر، لا تكون معظم إدارات الملاعب الرياضية على درايةٍ مسبقةٍ بالجماهير القادمة إلى مدرجاتها. أما بالنسبة لمباريات الأندية المشاركة في الدوري الإنجليزي الممتاز، فليس من الغريب سماح بعض الأشخاص لأصدقائهم باستخدام تذاكر الموسم عندما يتعذر عليهم حضور المباراة. وقد يتمكن منظمو المباريات من معرفة ما إذا استُخدمت التذكرة سابقاً، لكن دون معرفة من قبل من غالباً”.
وحسب بروتون، “لا يمكن توجيه الحملة التسويقية للنادي نحو هؤلاء المتفرجين، وسينجم عن هذا تفاعلٌ أقل من قبل المعجبين. وفي الحقيقة، تعاني معظم النوادي والملاعب من هذه المشكلة. ولكن، عند إدماج نظام التذاكر الخاص بك مع تقنية البلوكتشين، ستتمكن حينئذ من التحقق مما إذا قام الأشخاص بحضور المباراة أو أن هناك من استخدم التذكرة عوضًا عنهم في حال أراد الأشخاص إعارة هذه التذاكر إلى الأصدقاء أو غيرهم، لهذا السبب لابد من تسجيل التذاكر على البلوكتشين”.
وأشار بروتون أيضاً إلى كيفية التسريع في عملية تبني البلوكتشين من خلال اعتماد اللوائح التنظيمية الجديدة المعنية بحماية البيانات العامة للاتحاد الأوروبي: “أعتقد أن اللوائح التنظيمية الجديدة المعنية بحماية البيانات العامة للاتحاد الأوروبي ستسرع في تبني بعض استخدامات البلوكتشين الأخرى. ففي حال قرر العميل عدم استخدام بياناته، فسيتم حفظ تلك المعلومات في كتل بلوكتشين خاصة بهم. كما لا يمكن استخدامها حين تكون مخزنة، حتى يتم منح الإذن بذلك. وهذا من شأنه أن يساعد على منع الشركات من إعادة بيع بياناتك”.
هناك مكانة للعقود الذكية في الفريق
أوضحت المحامية كريستينا هنري من شركة “ويجين إل إل بي”، كيف يمكن لتكنولوجيا البلوكتشين المساعدة على تبسيط الأعمال المتعلقة بحقوق البث الرياضي. كما أشارت هذه المحامية إلى أن “هناك العديد من التعقيدات المتعلقة بتقسيم هذه الحقوق. وبإمكان شبكة البلوكتشين مساعدة الهيئات الرياضية ومحطات البث على تتبع الحقوق المرخص لها، وتحديد الحقوق غير المستغلة. كما يمكن أن تساعد العقود الذكية التابعة لشبكة البلوكتشين على دعم تسهيل الدفع التلقائي من خلال سلسلة مالكي الحقوق عندما يتم استغلالها”.
يمكن لهذه التكنولوجيا أن تشمل أيضا اختبار المنشطات في مجال الرياضة، حيث بينت هنري قائلةً “من الممكن استخدام تكنولوجيا البلوكتشين كنظامٍ آمنٍ لإدارة السجلات يعمل على تسجيل الوصفات العلاجية ونتائج الفحوصات. ولكن في ما يتعلق بنتائج اختبار المنشطات، سيكون العمل على شبكة بلوكتشين خاصةٍ أكثر ملاءمة”.
البلوكتشين ليست للجميع
لا تعتبر تقنية البلوكتشين الحل الوحيد الذي يناسب الجميع، لذلك يجب إجراء البحوث المناسبة لتحديد ما إذا كانت هذه التكنولوجيا ستعمل بالفعل على تبسيط العمليات الحالية وجعلها أكثر كفاءةً. ووفقا لهنري، “على الأندية أن تفكر في السبب الذي يدفعها إلى تبنى هذه التقنية، وما إذا كان استخدام البلوكتشين الحل الأنسب بالنسبة لها”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.