يغطي الماء حوالي 70 بالمائة من مساحة كوكب الأرض. وعلى الرغم من ذلك، تقدر نسبة المياه العذبة الصالحة للشراب بأقل من 3 بالمائة، في حين أن حوالي 1 بالمائة فقط من تلك المياه العذبة يمكن للبشر الوصول إليها بسهولة. وفي الوقت الذي قد لا يفكر فيه الأفراد في الولايات المتحدة الأمريكية كثيرا عند فتحهم حنفيات الماء، تواجه مناطق أخرى من العالم تحديات كبيرة فيما يتعلق بالموارد المائية المتاحة.

لا يعتبر الماء مجرد حاجة إنسانية أساسية، حيث ينظر إليه أيضا على أنه ضرورة تجارية وسلعة يتم شراؤها وبيعها، الأمر الذي ينتهي بخلق نزاعات ومناقشات حول أفضل السبل لاستخدام الموارد المائية القيمة. ومع تزايد ندرة المياه، سيكون من الضروري تطوير نظام لتتبع استخدام المياه وحقوق مختلف الجهات.

تتواتر العديد من التحديات عندما يتعلق الأمر بتتبع استهلاك المياه وتحفيز الجهات الفاعلة للعمل من أجل مصلحة السكان ككل. ولكن من المرجح أن تلعب البلوكتشين دورا رئيسيا في إطلاق نظام مستدام لاستهلاك المياه.

تعقب المياه يبدأ من خلال فهم التحديات

يعتبر الماء حاجة إنسانية أساسية، ولكن عندما تتعارض هذه الحاجة مع متطلبات عدد كبير من السكان والمصالح الزراعية والاستخدامات الصناعية، تصبح القرارات بشأن من يمكنه الوصول إلى هذه الموارد غامضة إلى حد ما.

وثق فيلم، “الماء والطاقة: سرقة في كاليفورنيا” الذي حاز على قدر كبير من الثناء، جملة من التحديات التي تواجه الحكومات ومالكي الأراضي الذين يحاولون تنظيم تدفق المياه الصالحة للشراب، والتحكم فيه. ويبين الفيلم كيف استطاع بعض مالكي الأراضي الاستيلاء على مصادر المياه لصالحهم على حساب العديد من المدن في جميع أنحاء ولاية كاليفورنيا.

لا يمكن اعتبار الصفقات المشبوهة التي تشمل إمدادات المياه بمثابة حوادث معزولة، حيث تمتلك شركة نستله تاريخا مُوثقًا في الاستفادة من المياه التي توفرها للأشخاص في البلدان التي تواجه شحا في هذه الموارد. كما تؤثر قرارات الشركات والسياسات غير الرشيدة والجفاف الشديد على قدرة المجتمع على توفير المياه العذبة.

على سبيل المثال، يواجه السكان في مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا، خطر نفاد المياه. وغالبا لا يتجاوز استهلاك الأشخاص هناك على 6.6 غالونات من الماء، التي يجب الحصول عليها من مراكز التوزيع في جميع أنحاء المدينة. وعلى سبيل المقارنة، يستخدم المواطن الأمريكي العادي بين 60 و80 غالون في اليوم.

وتجدر الإشارة إلى أنه بحلول سنة 2025، قد يواجه ثلثا سكان العالم نقصا في الموارد المائية. كما تعتبر الحلول المتعلقة بأزمات المياه معقدة نظرا لأنها تشمل العديد من الأطراف الفاعلة المشاركة، بدءا من المستخدمين الفرديين وصولا إلى الشركات متعددة الجنسيات.

عند معرفة التحديات، يصبح الأمر مرتبطا بتوظيف المحفزات المناسبة

لن تحل هذه المسألة دون مشاركة العديد من الأطراف الذين يعملون على تطوير مصادر المياه العذبة والتحكم فيها والحفاظ عليها في جميع أنحاء العالم. كما يتعين على المسؤولين عن البنى التحتية والحكومات والشركات أن يتوحدوا لوضع حد لهذه المشكلة والعمل على جعل استدامة المياه على المدى الطويل أمرا ملموسا وفعليا. ولعل المشكلة الأبرز، في هذا الصدد، تتمثل في أن كل طرف فاعل في هذه المسألة لديه محفزات فردية لإدارة إمدادات المياه.

تعمل بعض الشركات بالفعل على حل القضايا المتعلقة بالمياه. ولكن في نهاية المطاف، قد تتولد المسؤولية التي تتخذها الشركات على عاتقها من مجموعة من المطالب العامة، أو إعفاءات ضريبية، أو حتى ضرائب شبيهة بتلك المفروضة على الكربون، التي تهدف إلى تقليل هدر المياه أو تلوثها.

كما يلعب المسؤولين على البنية التحتية دورا هاما في هذا الشأن. ويعود ذلك  لطريقة بناء وتصميم البنية التحتية للدول التي سيكون لها تأثير كبير على توزيع المياه واستهلاكها في المستقبل. وستحتاج الحكومات أيضا إلى التطرق إلى هذه المسألة والعمل على حل هذه القضايا. في كثير من الأحيان، تكون الإجراءات التشريعية ضرورية لإرساء تغييرات على مستوى سبل استخدام المياه من قبل الأشخاص والحفاظ عليها. كما يجب على الرؤساء المنتخبين تنفيذ خطط تتعلق بالبنية التحتية ومبادرات جديدة وفرض جملة من الضرائب.

يمكن أن تساعد تقنية البلوكتشين في إيجاد حلول للتحديات وتقديم المحفزات المطلوبة

لا يمكن للبلوكتشين تتبع تدفق المياه، ولكن يمكنها أن تزيد من الكفاءة وتقلل التكاليف وتعمل على تطوير كيفية توزيع السلع العينية على غرار الماء. كما تدرس الحكومات في جميع أنحاء العالم بالفعل كيف يمكن استخدام تكنولوجيا البلوكتشين لإنشاء مدن ذكية تعمل على توزيع الموارد بكفاءة.

تستعد مدينة فريمانتل الأسترالية حاليا لتجربة نظام يعتمد على البلوكتشين لتوزيع الطاقة والمياه. تهدف هذه الخطوة إلى إرساء نظام مرن وغير مكلف وموفر للطاقة يستند على شبكة البلوكتشين. وفي الوقت نفسه، عقدت مدينة ملبورن الأسترالية، شراكة مع “سيفيك ليدجر“، الشركة الناشئة لاستخدام تطبيقات تعتمد على البلوكتشين بغية تحسين السوق التجارية للمياه في أستراليا.

ولا تعتبر المدن الكيانات الوحيدة التي تستخدم البلوكتشين لحل المشاكل على مستوى إمدادات المياه. فقد أنشأت مجموعة جنيسس للأبحاث والتكنولوجيا نظاما جديدا لتطهير المياه يعمل على تصفية المياه المستعملة التي تم تجميعها بعد عملية التنقيب عن النفط والغاز. كما أنهم يعملون على صنع مستشعر لجودة الماء قائم على إنترنت الأشياء، حيث سيكونون قادرين على تخزين سجلات جودة المياه على بلوكتشين الإيثريوم. وتتمثل أهدافها في جعل المياه غير الصالحة قابلة للاستخدام مرة أخرى وتقليص الطاقة اللازمة لنقل المياه إلى مواقع التخزين.

تتمحور كل هذه الجهود حول استخدام البلوكتشين لزيادة سرعة وكفاءة المشاريع. كما توفر هذه الخطوة الوقت والمال، وتعتبر خطة عملية للحكومات والشركات لمتابعة الحلول المقترحة. في الأثناء، لا بد من عمليات متابعة، نظرا لأن الطريقة الوحيدة لإدارة إمدادات المياه الخاصة بنا تكمن في تشجيع التعاون بين العديد من الأطراف الفاعلة التي تقتضي مصلحتها مراقبة الطريقة التي يستخدم من خلاله الأفراد أثمن مورد على وجه الأرض.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.