شخصٌ خطر، ومصابٌ بجنون الاضطهاد، وغريب الأطوار.

هذه بعض الكلمات التي تظهر حين تُجري بحثاً سريعاً عن جون ماكافي، وهي أوصاف جريئة بالنسبة لمبرمج حاسوب ومؤسس شركة برمجيات.

في عالم غريبي الأطوار والطموحين، تفصل شعرةٌ بين غير التقليدي والمجنون. وحياة جيمس ماكافي لا تتأرجح على تلك الشعرة فقط، بل تعدُّ مثالاً نموذجياً لحياة المليونير المخبول.

أضِف إلى هذا فهمه العميق للأمن السيبراني وارتيابه الفطري في أي مؤسسةٍ مركزية، وستحصل على رمزٍ مؤثر جداً في عالم العملات المشفرة.

[/beforeafter]

وُلِد جون في الثامن عشر من سبتمبر/أيلول عام 1945 في المملكة المتحدة، ومر بتجارب متنوعة شكلت شخصيته. لقد فعل كل شيء، من العمل لحساب ناسا وصنع برنامج مسح الفيروسات الأكثر شعبية وفقاً للبعض، إلى عمله مدرب يوغا معتمد ومواجهاته مع رجال العصابات في بيليز.

ومن أجل توضيح هذه النقطة أكثر، يجدر بك أن تلقي نظرةً على المعايير التي يرى ماكافي أنها تجعله من “أروع الأشخاص على الكوكب”.

عقلية ماكافي الخارجة عن المألوف ونمط شخصيته الشاذ ساقه حتماً إلى تبني العملات اللامركزية مثل البتكوين ومجموعة متنوعة من العملات المشفرة الأخرى.

ماكافي ناشطٌ سياسي مثيرٌ للجدل أيضاً، ومن أبرز رموز الحزب التحرري الأميركي. وإن شكَّل الحزب التحرري وحدةً من الأبطال الخارقين على غرار منتقمي مارفل، سيلعب جون ماكافي دور طوني ستارك يبلغ من العمر 72 عاماً ومصنَّفٌ للبالغين فقط. حاول ماكافي مؤخراً الفوز بترشيح الحزب التحرري لرئاسة الولايات المتحدة في 2016، لكنَّه خسر أمام غاري جونسون.

أيامه الأولى: ماكافي هذا وماكافي ذاك

عمِل ماكافي في الأيام الأولى لمسيرته المهنية مبرمجاً في معهد ناسا لدراسات الفضاء بمدينة نيويورك بين عامي 1968 و1970. ثم تنقَّل بعدها من شركة Univac التي عمل بها مصمماً للبرمجيات، إلى شركة زيروكس كمهندسٍ لأنظمة التشغيل، إلى شركة Computer Sciences Corporation في 1978 كمستشار برمجيات، ثم إلى شركة الخدمات الاستشارية Booze Allen Hamilton بين عامي 1980 و1982. وبدأ ماكافي أثناء عمله لحساب شركة Lockheed في الثمانينينات تطوير برنامج لمحاربة الفيروسات بعد تلقيه نسخة من فيروس Brain الحاسوبي. وفي 1989، غادر ماكافي شركة Lockheed ليركز بالكامل على تطوير برنامج McAfee.

أسس ماكافي شركة McAfee Associates في 1987، وشهِد شيئاً من النجاح المبكر حين صنع McAfee، أول برنامج تجاري لمحاربة الفيروسات. واستقال ماكافي من الشركة في 1994، وتغير اسمها إلى Intel Security بعد أن اشترتها شركة Intel في 2010، غير أنَّ البرنامج ظل يحمل اسمه حتى عام 2014. وعبر ماكافي عن سعادته بأنَّ اسمه لم يعد مرتبطاً بالبرنامج.

حياة ماكافي بعد البرنامج

بعد عامين من الطرح الأولي لأسهم شركة McAfee Associates للاكتتاب العام، باع ماكافي حصته المتبقية من الأسهم. ويظنُّ كثيرون أنَّ ثروة ماكافي وصلت إلى أعلى مستوياتها في 2007 لتبلغ نحو 100 مليون دولار، قبل أن تنخفض انخفاضاً حاداً في أثناء الأزمة المالية العالمية (أفادت صحيفة نيويورك تايمز بأنَّ ثروته الشخصية تراجعت إلى 4 ملايين دولار فقط).

انخرط جون بعد مغادرته شركة ماكافي في كل شيء، من الرسائل النصية (برنامج PowWow من شركة TribalVoice)، إلى برامج الحوائط النارية (كعضو مجلس إدارة شركة Zone Labs) إلى التكنولوجيا الحيوية (إنتاج أجسام مضادة باستخدام تكنولوجيا استشعار النصاب عبر شركة QuorumEX)، ثم عاد إلى عالم الأمن المعلوماتي الشخصي بشركة Future Tense Central (التي تقدم أجهزة شبكات آمنة للحاسوب مثل D-Central) وشركة Cognizant (التي تقدم تطبيقاً للهواتف الذكية يظهر كل إذن حصلت عليه التطبيقات الموجودة على الهاتف).

وفي مايو/أيار 2016، عُيِّن ماكافي مديراً تنفيذياً ورئيساً لمجلس إدارة شركة تقنية قابضة تُدعى MGT Capital Investments.

نقل ماكافي عمل MGT إلى مجال تعدين العملات المشفرة، وساعد الشركة في معرفة المزيد عن البلوكتيشن الذي اعتبره مهماً في مجال الأمن السيبراني. وتنحى في أغسطس/آب 2017 عن منصب المدير التنفيذي للشركة مؤقتاً، وشغل منصب “واضع رؤية الأمن المعلوماتي” لعدة أشهر، قبل أن يغادر الشركة تماماً بقرارٍ ودي برضا الطرفين ليكرس نصيب الأسد من وقته للعملات المشفرة.

سيئ السمعة

كان ماكافي دائماً بطلاً مخالفاً للعرف من نوعٍ ما على ساحات الأمن المعلوماتي والاقتصاد والسياسة العالمية.

فمهاراته التقنية بصفته هاكر أخلاقي إلى حد ما، إضافةً إلى خلفيته كمليونير غريب وسمعته المشينة، حجزت له مكاناً بين أكثر الشخصيات إثارةً للاهتمام في مجال التكنولوجيا والعملات المشفرة.

المرات التي سُلِّطت فيها الأضواء على ماكافي من بينها:

    1. تطوعه العلني لفك تشفير هاتف آيفون الخاص بالارهابى سيد فاروق المنفذ لهجوم سان برناردينو، في حركةٍ استعراضية دعائية يُظهر فيها بساطة اختراق هاتف آيفون.
    1. زعمه أنَّه وفريقه في MGT وجدوا طريقةً لاستغلال ثغرة في نظام أندرويد مكنتهم من قراءة رسائل WhatsApp المشفرة.
    1. مداهمه شرطة بيليز لمجمعه السكني، حيثُ وجدت الشرطة 200 ألف دولار نقداً وترسانة من الأسلحة النارية تضم سبع بندقيات ومسدسين عيار 9 مم (كلها مرخصة وقانونية).
    1. صنع مقطع تعليمي ساخر بعنوان “كيف تحذف McAfee Antivirus”، يظهر فيه جون ماكافي عاري الجذع مسلحاً بمسدس، تحيط به فتيات بثيابٍ كاشفة، بينما يستنشق مادة بيضاء مكتوب عليها “أملاح استحمام”.
  1. كان ماكافي المشتبه به الرئيس في جريمة قتل جاره في بيليز.

ماكافي في مجال العملات المشفرة

تراوحت النظرة العامة لجون ماكافي في 2017 و2018 فبينما اعتبره البعض من المبشرين بالبلوكتشين، بينما اعتبره البعض الآخر القديس الحامي للعملات الرديئة والفاشلة.

وفي القلب من سيرة ماكافي المشينة حسابه على تويتر. إذ بدأت الشائعات تتناثر بعد دعم ماكافي لعددٍ من العملات المشفرة عبر حسابه عن أنَّ دعم ماكافي خدمة يمكن شراؤها مقابل 25 بتكوين و15% من التوكنات.

لكن، إن كانت هناك عملة مشفرة نثق تماماً في أنَّ ماكافي يدعمها، فهي البتكوين. إذ صرَّح ماكافي في يوليو/تموز 2017 أنَّ البتكوين إن لم تصل قيمته إلى 500 ألف دولار أميركي في غضون ثلاثة أعوام، فسيأكل قضيبه على شاشة التلفاز، وهي حركة جريئة بالنظر إلى أنَّ قيمة البتكوين استقرت بالقرب من حاجز 2100 دولار بعد “تصحيح تقني” لحظي.

ولاحقاً في هذا العام في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، ضاعف ماكافي رهانه وتوقع أن يصل سعر البتكوين إلى مليون دولار بنهاية 2020. وقال: “لا يمكنك إيقاف شيء مثل البتكوين … كأنَّك تحاول منع البارود من الاشتعال”.

وكتب على تويتر: “حين توقعتُ أن يصل سعر البتكوين إلى 500 ألف دولار بحلول نهاية 2020، استخدمتُ نموذجاً توقع وصول سعرها إلى 5 آلاف دولار بحلول نهاية 2017. لكنَّ سعر البتكوين زاد بوتيرةٍ أسرع بكثير من توقعات نموذجي. أتنبأ الآن أن يصل سعر البتكوين إلى مليون دولار بحلول عام 2020، وما زلتُ سآكل قضيبي إن خسرت الرهان”.

هل تعني هذه الجرأة بالضرورة أنَّ عليك اتباع تصريحات ماكافي البراقة على تويتر؟ على الأرجح لا.

لكن من المنافي للحكمة ومن الظلم ألا ننسب الفضل لماكافي ودوره في تطوير عالم العملات المشفرة، ذلك المجال الذي نجا من الموت في مهده على يد السياسيين ووسائل الإعلام الرئيسة والمليارديرات في أنحاء العالم.

ملاحظات أخيرة

العديد من رجال الأعمال المتمردين في مجال التقنية الذين خسروا ثروتهم يطمحون إلى سمعة مثيرة للجدل مثل سمعة ماكافي، لكن هناك شك في أن يقدر أيٌ منهم على مضاهاة ماكافي في اتساع تجاربه واستمرارية شخصيته.

لقد مهد طريق ماكافي المهني عمرٌ من التجارب، التي أدى فيها ماكافي دوراً مهماً أو على الأقل كان قريباً من بؤرة الابتكار.

وبينما كان جون ماكافي شخصيةً أسهمت في تشكيل عالم ما بعد الإنترنت، فهو أيضاً تجسيد لأيديولوجيةٍ تحررية خارج نطاق الأنظمة المركزية، جذبت الكثيرين في أنحاء العالم إلى العملات اللامركزية مثل البتكوين.

وقال ماكافي في مقابلةٍ مع محطة Katu الإخبارية بمدينة بورتلاند: “أهم رسالة أريد توصيلها هو أنَّ العالم ليس كما يبدو. هناك أمور تحدث دوماً تحت السطح، وحين يكتشف الناس هذا لا يودون تصديقه، لأنَّه يهدد أمن حياتهم واستقرارها”.

إدراك أنَّ العالم ليس كما يبدو وأنَّ أموراً تحدث تحت السطح هو مفهوم يلقى صداه لدى كثيرين من الأشخاص ذوي الثقل في عالم البلوكتشين.

وسواءٌ رأيت ماكافي بطلاً، أو مخالفاً للأعراف، أو شريراً، هذا متروكٌ لك. لكن هناك نوعٌ من الرابطة بين مجتمع العملات المشفرة مع الرجل الذي تحتوي سيرته الذاتية على المكونات نفسها (بجرعاتٍ أعلى بكثير) التي جذبت الآلاف إلى العملات المشفرة.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.