لن تُضطر للتعمق كثيراً في سوق العملات المشفرة قبل أن تلحظ أدلةً على وجود صراع تشتد حدته بين البتكوين والبتكوين كاش.

 

لقد بذل كلا طرفي هذا الصراع مجهوداً معتبراً. إذ اتَّهم أنصار البتكوين (BTC) عملة البتكوين كاش (BTH) بمحاولة سرقة الرؤية الأصلية للعملة اللامركزية الحقيقية من ساتوشي. واتَّهم أنصار البتكوين كاش بدورهم مُطوِّري البتكوين بترك البتكوين تصبح عملةً رقمية غير قابلة للاستعمال. فلنلقِ نظرةً على أسباب نشوب هذا الصراع وكيف تطوَّر على مدار العام الماضي.

 

خلفية صراع البتكوين ضد البتكوين كاش

 

ظهرت البتكوين كاش في سوق العملات المشفرة عبر هارد فورك في الأول من أغسطس/آب 2017. وبينما هذا تاريخ مهم في هذه العداوة، عليك أن ترجع إلى أزمة السعة في البتكوين لكي تفهم حقاً سبب اشتداد الخصومة إلى هذا الحد. ويجب أيضاً أن تتعرف على بعض الشخصيات التي لعبت دوراً أساسياً.

 

اقرأ أيضًا : 9 أسئلة تشرح لك أزمة السعة فى بتكوين

 

أطراف الصراع

 

روجر فير، مالك Bitcoin.com، ومستثمر مساند لعديد من المواقع الناشئة التابعة للبتكوين مثل blockchain.info.

جيهان وو، أحد مؤسسي شركة Bitmain، ومن مناصري مشروع Bitcoin Unlimited.

كالفن آير، مالك منصة المقامرة الإلكترونية Bodog وموقع Calvinayre.com.

د. آدم باك، مخترع نظام إثبات العمل Hashcash.

دكتور بيتر ويل، المدير التنفيذي لشركة Blockstream، ومطوّر أساسي للبتكوين.

 

حدوث الشرخ

 

بدأت ارهاصات أزمة السعة تظهر على بتكوين في أوائل 2017، حين بدأ تبنِّي العملات المشفرة ينتشر. وكان التهافت على البلوكتشين في هذه الفترة يسبب تأخيراتٍ كبيرة ورسوماً غير مسبوقة. وبحلول يوليو/تموز من نفس العام، انقسم مجتمع العملات المشفرة حول كيفية تصحيح هذه المشاكل. إذ شعر قطاع كبير من الناس بأنَّ البتكوين قد فقدت قابلية استخدامها كعملة مشفرة بسبب ارتفاع تكاليف المعاملات وبسبب التأخيرات.

 

زيادة مساحة البلوك

 

آمن فريقٌ منهم بضرورة زيادة مساحة بلوك البتكوين البالغة 1 ميغابايت. إذ شعر أصحاب هذا الرأي بأنَّ البتكوين لم تعد قادرةً على لعب دور النقود الإلكترونية بسبب الرسوم والاكتظاظ. ويقول ساتوشي بوضوح في ورقته البيضاء: “نسخة من النقود الإلكترونية تقوم تماماً على معاملات النظير للنظير”.

 

روجر فير وجيهان وو من ضمن هذا الفريق. فقد شعر وو بأنَّ زيادة مساحة البلوك ستفيد المُعَدِّنين. ولهذين السيدين ثقلٌ هائل في مجتمع العملات المشفرة، حتى أنَّ روجر فير قد اكتسب لقب “يسوع البتكوين” بسبب مجهوداته في الماضي لدعم مواقع العملات المشفرة الوليدة مثل Blockchain.info. ويتحكم وو في جزءٍ ضخم من قوة هاش شبكة البتكوين. وتهيمن شركته Bitmain على قطاع مُعِدَّات التعدين.

 

مساحة البلوك الأصلية

 

على الجانب الآخر من المعركة تجد فريق مطوِّري البتكوين. رأى هذا الفريق أنَّ زيادة مساحة البلوك يغير بالكامل رؤية ساتوشي. وشعروا أنَّ مساحة 1 ميغابايت للبلوك هي من نسيج البتكوين لأنَّ المُعَدِّنين عليهم تحميل البلوكتشين بأكمله. وأي زيادة في مساحة البلوك يمكن أن تمنع المُعَدِّنين الجدد من المشاركة في البلوكتشين.

 

انضم د. بيتر ويل إلى هذا الجانب في مناظرة السعة. ويل هو العقل المدبر وراء تطبيقي SegWit وBIP 32، وهو أيضاً من كبار مطوِّري البتكوين منذ مايو/أيار 2011. ومعه في هذا الرأي د. آدم باك. وذكر ساتوشي في ورقته البيضاء نظام Hashcash الذي أسسه باك.

 

اتفاقية نيويورك

 

نُشِرت اتفاقية نيويورك (المعروفة باسم اتفاقية سيلبرت) في الثالث والعشرين من مايو/أيار من عام 2017. طُرحت هذه الاتفاقية بصفتها خياراً من خيارات حل أزمة السعة في البتكوين، واقترحت دمج SegWit بزيادة في مساحة البلوك تبلغ 2 ميغابايت.

 

وقَّعت الاتفاقيةَ 50 شركة ذات صلة بالبتكوين، غير أنَّ فريق مطوِّري البتكوين لم يؤيد هذا الحل.

 

ولم يجنِ أيٌ من الطرفين نسبة الدعم المطلوبة من المُعَدِّنين وهي 50%، حتى مع تقديمهما حجج مقنعة. وتوصَّلا في النهاية إلى تسوية، يُفَعَّل بموجبها SegWit في أغسطس/آب وتُضاعف مساحة بلوك البتكوين في نوفمبر/تشرين الثاني. لاقت هذه الخطة الجديدة استحسان 80% من مجتمع المُعَدِّنين، وهدأ الموقف ولفترةٍ وجيزة.

 

الهدوء الذي يسبق العاصفة

 

لم تزد مساحة بلوك البتكوين قط كما نعرف. إذ تراجعت Bitwala وF2Pool عن دعمهما للبروتوكول، مستشهدتَين بغياب دعم مطوِّري البتكوين، ما أدى بنا إلى الهارد فورك سيء السمعة لبتكوين كاش.

 

المفاجأة: البتكوين ضد البتكوين كاش

 

هنا تصبح القصة أكثر إثارة. نشر موقع روجر فير Bitcoin.com في الثالث عشر من فبراير/شباط لعام 2018 مقالاً أعلن فيه إطلاق محفظة البتكوين كاش الجديدة. وقدمت المحفظة خاصية ShapeShift المدمجة التي تمكن المستخدمين من مقايضة البتكوين بالبتكوين كاش أو العكس.

 

Bitcoin Core

 

ما جعل هذه القصة مثيرةً للاهتمام على وجه الخصوص هو الإشارة للبتكوين باسم Bitcoin Core للمرة الأولى والتي توحي بأن البتكوين الحالى هو مجرد نسخة قديمة غير محدثة من بتكوين فعادة ما تسمى النسخة الأولى والأصلية من اي برنامج بهذا الأسم لتفريقها عن النسخ الأحدث. استجلب هذا عاصفةً نارية من الردود على الشبكات الاجتماعية، وبدأت رسمياً الخصومة المُعلَنة بين البتكوين والبتكوين كاش. حتى شركة ShapeShift نشرت تغريدةً تبرَّئت فيها من أفعال Bitcoin.com.

 

وافقت ShapeShift في النهاية على مشروع البتكوين كاش، واتضح هذا حين بدأ المستخدمون يشكون من تلقِّي رسائل بريد إلكتروني أُشير فيها إلى البتكوين باسم Bitcoin Core.

 

بدأت المناظرة في هذه المرحلة تشتمل على كل الرموز الكبرى في مجتمع العملات المشفرة. إذ نشر مؤسس اللايتكوين تشارلي لي تغريدةً اتَّهم فيها Bitcoin.com باستغلال نفوذهم لإرباك المستخدمين الجدد وإقناعهم بأنَّهم يستثمرون في البتكوين.

 

ودافع أندرياس بريكين، أحد مستشاري Bitcoin.com، عن القرار بنشر إشاراتٍ إلى Bitcoin Core موجودة على موقع تطوير البتكوين Bitcoin.org. بل إنَّه كتب تغريدةً يرد فيها على تشارلي لي توضِّح أنَّ لقب Bitcoin Core مأخوذ مباشرةً من موقع Bitcoin.org.

 

بي كاش

 

تبنى مناصرو البتكوين لفظاً خاصاً بهم رداً على ذلك، مُطلقين اسم “بي كاش” على البتكوين كاش. ربما لا ترى هذا خطباً جللاً، لكنَّ الكثير من مناصري البتكوين كاش اعتبروها إهانةً بالغة. فأنصار البتكوين كاش يؤمنون بأنَّهم يحققون الهدف الحقيقي من البتكوين. لذا اعتبر الكثيرون إزالة مصطلح “بتكوين” ازدراءً. حتى أنَّ روجر فير لجأ إلى Twitter ليعرِب عن مقته لمصطلح “بي كاش”.

 

لكنَّ البعض لم يفقدوا أعصابهم في خلاف البتكوين والبتكوين كاش. إذ كتب المناصر الشهير للعملات المشفرة أندرياس أنتونوبولوس تغريدةً يدعو فيها إلى السلام وسط كل هذه المناوشات، وشرح فيها إمكانية تعايش العملتين المشفرتين في وئام.

 

استمرار العداوة: البتكوين ضد البتكوين كاش

 

نقفز إلى الحاضر لنجد الصراع ما زال محتدماً. لقد تمكنت البتكوين كاش من حفر موطئ قدمٍ لها في سوق العملات المشفرة، وهي حالياً في المركز الثالث بين العملات المشفرة من ناحية القيمة السوقية. وتتجه البتكوين سريعاً نحو تطبيق شبكة Lightning. ويؤمن الكثيرون بأنَّ هذا البروتوكول الخارج عن البلوكتشين هو الحل لمشاكل السعة في البتكوين، لكنَّ لغطاً ثار حوله هو الآخر.

 

شبكة Lightning

 

شبكة Lightning هي بروتوكول مبني فوق البلوكتشين يُمكِّن المستخدمين من فتح قنوات دفع مباشرة تُقلِّل من ازدحام بلوكتشين البتكوين. وشبكة Lightning حالياً في مرحلة التجريب. وقد تبنَّى هذا البروتوكول الاختياري كثيرون حتى في وجود مخاوف تتعلق بالأمان والمركزية.

 

يمكن لمستخدمي شبكة Lightning إرسال دفعات البتكوين مقابل أقل من 0.01 دولار. وقد طرح بالفعل مطوِّرو تطبيق شبكة Lightning عدة منصات لاستعراض إمكانيات التحويلات الصغيرة التي يوفرها البروتوكول. وقد أصبح كثيرٌ من هذه المنصات جزءاً من النقاش المحتدم بين البتكوين والبتكوين كاش، يُمطر فيه كل طرفٍ الآخر بوابل من الشتائم.

 

وتسمح منصة Satoshisplace للمستخدمين بتجريب إمكانيات التحويلات الصغيرة في شبكة Lightning بأنفسهم. تضم المنصة لوحة بيضاء تتألف من مليون بكسل يمكن للمستخدمين وضع علاماتٍ عليها بتكلفة 1 ساتوشي لكل بكسل. ويوضِّح الفيديو التالي بتقنية Time-lapse سرعة تحوُّل اللوحة إلى ساحة معركة بين البتكوين والبتكوين كاش.

 

https://www.youtube.com/watch?v=X9BMILCC1hY

 

البتكوين ضد البتكوين كاش، المعركة لن تنتهي

 

للأسف، لا يوجد ما يشير إلى توقف أيٍ من الطرفين عن مهاجمة الآخر في هذه المرحلة. بل على النقيض، يبدو أنَّ الهجمات تزداد شراسةً. تتطلع البتكوين كاش في الوقت الراهن إلى تحقيق وعد البتكوين بتقديم عملةٍ رقمية لكن بصورةٍ أكثر مركزية، بينما يريد مطوِّرو البتكوين الحفاظ على لامركزية عملتهم المشفرة الأصلية. وتلجأ العملتان إلى حل مشاكلهما بحلول خارج البلوكتشين.

 

أيُّهما على صواب؟ هذا قرارك أنت. حريٌّ بك في الموقف الحالي أن تجلس وتشاهد المعركة.

المصدر

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.