تحب وسائل الإعلام السائدة البتكوين. فهي نظير دونالد ترمب في عالم النقود، إذ تجذب أخبارها القراء بأقل مجهود. ومع صعود العملة المشفرة على مدار الأشهر الماضية، تحسَّنت كذلك صورتها في وسائل الإعلام المشهورة. لكن لا تحسبنَّ هذه التغطية الوفيرة حباً للعملة. فوسائل الإعلام السائدة دائماً ما كانت تكره البتكوين، وتخاف منها وتُسيء فهمها. ربما وصلت البتكوين إلى الصفحات الأولى، لكن ما زالت كتابة الأخبار عنها بنفس البلاهة المعتادة.
تحب وسائل الإعلام السائدة أن تكره البتكوين
قال ناي بيفان، وزير الصحة البريطاني في الأربعينيات: “أنا متابع شغوف للجرائد. إنَّها نوعي المفضل من الخيال المستمر”. تطوَّر العالم تطوراً هائلاً منذ زمن السياسي البريطاني، لكن في بعض الجوانب الأخرى، لم يتغير الكثير. فمع انتقال الكثير من وسائل الإعلام السائدة إلى الإنترنت في ما يُسمى بعصر المعلومات، ما زالت تعاني في نقل المعلومات الأساسية نقلاً صحيحاً. والبتكوين هي مثال واضح على الإخفاق من عدة نواحٍ في استيعاب تلك التكنولوجيا الثورية وفهم سرِّ جاذبيتها.
أخطأت وسائل الإعلام السائدة في فهم البتكوين منذ البداية عدا القليل منها، والآن بعد قرابة عِقدٍ من الزمان، ما زالت مخطئةً بشأنها على نحوٍ يثير الضحك والاستغراب. لكنَّ هذا ليس طريفاً حين تذكر أنَّ أغلبية العامة ما زالوا يبنون آراءهم على ما تغذيه إياهم وسائل الإعلام مثل CNBC وFox وForbes وBloomberg من فتات المعلومات في الولايات المتحدة، وThe Sun وThe Daily Mail في بريطانيا. وبالنسبة إلى من هم خارج شرنقة العملات المشفرة التي يسكنها المخلصون للبتكوين، الحقائق شحيحة جداً، بينما تسود الأخبار الزائفة والخوف والشك والريبة، كما تبين دراسات الحالات التالية.
Wired: مخطئون منذ البداية حتى الآن
بصفتها مجلة عن التكنولوجيا، يتوقع المرء أن تتعلق Wired بالبتكوين منذ بدايتها. وقد فعلت، نوعاً ما … بانتقاد العملة المشفرة الوليدة عدة مرات.
وبعد 7 سنواتٍ، يأمل المرء أن تكون Wired قد واكبت العصر وأصلحت أخطاءها، لكن إليك هذا العنوان لمقالٍ نشرته المجلة من أسبوعٍ مضى: “العثور على فائدة للبتكوين. للقراصنة الروس!”.
كما رصد موقع news.Bitcoin.com، من المُحتمَل أن Wired ما زالوا مغتاظين من تدمير مفتاح المحفظة بعد تعدينهم 13 عملة بتكوين منذ زمن، لأسبابٍ لن يفهمها أحد أبداً. لكن ومع كل عيوبها وأخطائها، ليست Wired بأي حالٍ من الأحوال أعتى المجرمين في التغطية غير الدقيقة الواردة في وسائل الإعلام السائدة.
الصحافة البريطانية لا تفهم البتكوين ولن تفهمها يوماً
يمكن أن يكون رصد الأخطاء في تغطية الإعلام البريطاني لأخبار البتكوين لعبةً مسلية. وتتربع صحيفة The Express، التي كانت جريدةً عظيمة ذات يوم لكنَّها تحتضر الآن، على عرش أكبر عددٍ من الأخطاء الممكن إدراجها في تقريرٍ واحد. بالإضافة إلى الزعم بأنَّ سعر 1 ريبل هو 45 دولاراً (بدلاً من 45 سنتاً)، تحتوي إحدى تقارير الأسبوع الماضي على جملٍ مثيرة للدهشة مثل “انخفض سعر البتكوين ما يقرب من 100 دولار صباح اليوم عن سعرها الأعلى بالأمس المساوي 7531 دولار. إلا أنَّ أحد أكبر المؤمنين بالبتكوين زعم بأنَّه من المرجح حدوث انهيار كبير آخر”، قبل أن يختموا تقريرهم بقول: “لقد حولت البتكوين الخسارة إلى ربح وقد زادت اليوم 1.07 دولار حتى الآن”.
تصوَّر أن تكتب تقريراً عن أصلٍ قيمته 7500 دولار تغيَّر بنسبة 0.01 بالمئة خلال يوم. يا له من تقلُّبٍ صارخٍ كما نرى.
ولاحظ موقع ICOformula تغطية The Sun المشينة عن البتكوين، إذ ذكر أنَّه “من أشد ما يثير الدهشة في قطاعي العملات المشفرة والبلوكتشين هو وفرة الناقدين المستعدين لإنكار أي فائدة أو نفع من التكنولوجيا، بينما في نفس الوقت يُقِرُّون (أو يثبتون من خلال أقوالهم) أنَّهم لا يملكون أدنى فكرةٍ عما يتحدثون عنه”.
وأكمل الموقع: “والأمر لا يختلف في حالة وسائل الإعلام السائدة، في ظل تكاسل الكثيرين حتى عن تَفَقُّد أسعار البتكوين قبل كتابة مقالٍ ونشره. فقد أشرنا إلى صحيفة The Sun البريطانية في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر حين نشرت مقالين من “صحفيَّين” مختلفَين، يقول أحدهما إنَّ “سعر البتكوين الواحد يبلغ 12 ألف جنيه إسترليني (15789 دولار) اليوم”، بينما يقول الآخر إنَّ “المعاملات تتم دون وسطاء، فلا حاجة لدفع رسومٍ للمعاملات ولا لإعطاء اسمك الحقيقي”.”
وتابع: “مع أنَّ المقالين جرى تعديلهما بعد الإشارة إلى هذا (لكن لا زالت تملؤهما الثغرات)، فلا يوجد عذر لكتابة صحفية بهذه الرداءة. فإذا قيل إنَّ سعر أسهم Microsoft أو Apple أعلى من ضعف قيمتها الحالية، أو نُشِرَ أنَّ سعر صرف الدولار الأميركي إلى الجنيه الإسترليني هو ضعف المستوى الحقيقي، لنتجت مشكلةٌ كبيرة. للأسف ما زالت أسواق العملات المشفرة لا تحظى بمستوى الاحترام الذي صار عالم العملات النقدية التقليدية يعتمد عليه”.
السخرية المتواصلة من Financial Times
[beforeafter][/beforeafter]
كمعظم وسائل النشر المحافظة عميقة الصلة بوول ستريت، شكَّكت Financial Times في البتكوين منذ البداية.
لكنَّها في النهاية غيرت رأيها، مدركةً في وقتٍ متأخرٍ أنَّه من الأفضل لها أن تبدأ في أخذ هذه الأصول الرقمية على محمل الجد بما أنَّ الآخرين جميعاً يفعلون ذلك. وكانت جيميما كيلي في صدارة تغطية العملات المشفرة منذ أن قررت جريدة Financial Times الإنكليزية تصحيح مسارها. في بعض الأحيان، كان تشكيكها في هراء العرض الأولي للعملة والإعلان عن البرمجية مثيراً، مثل هجومها على عملة أيوتا. لكن مذاك الحين، جعلت حملة السخرية المستمرة لكل ما يتعلق بالعملات المشفرة من تغطية كيلي، وبالتالي تغطية Financial Times، عديمة القيمة.
لا أحد يعترض على الكشف عن عمليات النصب والاحتيال المرتكَبة في مجال العملات المشفرة، التي لا يُمثِّل مرتكبوها البتكوين وكل ما ترمز إليه. لكن إذا كانت وسائل الإعلام السائدة مصممةً على التركيز على النصَّابين المتطرفين، فهي تفوتها ثورة العملات المشفرة التي تحدث أمام أعينها، إذ ترفض قطاعاتٌ كبيرة من الجماهير العملات البنكية مُخفَّضة القيمة لتفضيلها للسيادة الذاتية والحقِّ في التعامل بخصوصية. والتشهير بالعملات المشفرة بسبب دجَّالي العروض الأولية للعملات أشبه بالدعوة إلى التخلص من البريد الإلكتروني بسبب حوادث الاحتيال التي من نوعية اريد مساعدتك لنقل ميراثي.
كانت وسائل الإعلام السائدة مخطئةً بشأن البتكوين منذ البداية، ومع اضطرارها على مواكبة التطور، تغطيها الآن بعداوةٍ لا تتوقف. وهكذا، إذا فشلت، يمكنها التباهي بأنَّها كانت محقةً طوال الوقت، لكن إذا ازدهرت، يمكنها التفاخر بأنَّها تخبرون قرَّاءها عنها منذ سنوات. تحب وسائل الإعلام السائدة أن تكره العملات المشفرة. فحين تسود البتكوين، لا تنسوا أسماء وسائل الإعلام التي حاولت إثناءَكم عن الاستثمار فيها. يمكننا السخرية من وسائل الإعلام تلك الآن لمعرفتنا بأنَّه في يومٍ ما سينصاع التاريخ.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.