وفق تقريرٍ جديدٍ صادرٍ عن أليكس فريز من مركز الخبرة التابع لشركة “بي دابليو سي” في هولندا، يستخدم تعدين البيتكوين قدرًا كبيرًا من الكهرباء ما يعادل استهلاك أيرلندا. وبحلول نهاية سنة 2018، ستستخدم شبكة البيتكوين قدرًا أكبر من الطاقة يعادل استهلاك النمسا.

ووُصف التقرير بأنه أول دراسةٍ جديةٍ خاضعةٍ لمراجعة النظراء حول استخدام الطاقة في تعدين العملة الرقمية. وقد دق هذا التقرير نواقيس الخطر، مما زاد من المخاوف الحالية بشأن تأثير استهلاك الطاقة في التعدين مستقبلًا على القضايا البيئية مثل التغير المناخي.

وفي أول مؤتمرٍ على الإطلاق لتعدين العملة الرقمية، الذي عقد في 17 مايو/ أيار 2018، في مدينة نيويورك، كشفت لجنة من الخبراء عن الآثار المترتبة عن التزايد السريع في استهلاك الطاقة بين المعدنين في جميع أنحاء العالم. وقد أدارت آمبر سكوت، الرئيس التنفيذي لشركة أوتلير سولوشنز، فريقًا من الخبراء تحدثوا عن قضية الطاقة كجزءٍ من مناقشةٍ حول أنظمة التحقق من صحة المعاملات بين نظامي “إثبات العمل (PoW)” و”إثبات الحصة (POS)”.

قالت سكوت لمجلة بيتكوين، إنه دار الكثير من النقاش في المؤتمر حول تقرير الطاقة الجديد، في جزء منه بسبب الاهتمام الذي يحظى به حاليًا لدى الصحافة. وأوضحت سكون أن “هذا هو المجال الذي يوجد فيه مقدارٌ مذهلٌ من الخوف وعدم اليقين والشك. ويعزى ذلك إلى أن المشكلة دقيقةٌ جدًا ولا يمكن تلخيصها في مجرد عباراتٍ بسيطة حول الاستهلاك الصافي للطاقة”.

وأضافت آمبر سكوت “أعتقد أنه من بين الأسباب التي تجعل البيتكوين مستهدفةً في هذا السياق هو وجود حساباتٍ واضحةٍ نسبيًا من حيث استهلاك الطاقة، بالتزامن مع القيمة الضمنية غير المفهومة جيدًا أو غير المقبولة على نطاقٍ واسعٍ. فعلى سبيل المثال، يتساءل عددٌ قليلٌ من الأشخاص عن تكاليف المرافق الخاصة بالبنوك أو أجهزة الصراف الآلي، خاصة أنه لا يمكن حساب استهلاك الطاقة بها بطريقةٍ واضحةٍ”.

أفاد سكوت هوارد، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة إي بي آي سي لتقنيات البلوكتشين، ومقرها تورونتو، أمام الحضور في المؤتمر، بأن “قضية استهلاك الطاقة هي “أخبارٌ زائفةٌ”، وقد تم تبسيطها لتناسب خصوم البيتكوين”.

التكاليف البيئية والطاقة العالية للنقد الإلزامي التقليدي والخدمات المصرفية

أشار العديد من المتحدثين إلى أن تكاليف البنوك التقليدية وصناعة النقد الإلزامي، تستهلك طاقةً خاصةً بها، ولعل ذلك ما أكده أليكس بيتروف، رئيس قسم المعلومات في بيتفوري Bitfury، وجان تشابك الرئيس التنفيذي لشركة سلاش بول Slush ،Pool وسامسون ماو رئيس الأمن في بلوكستريم Blockstream، وسكوت هوارد الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة إي بي آي سي لتقنيات البلوكتشين.

لقد تحدثوا عن تكاليف البنية التحتية المرتفعة، من حيث الطاقة المستخدمة والبيئة المرتبطة بالنظم المصرفية التقليدية، بما في ذلك أجهزة الصراف الآلي والأمن والخوادم. وبين أليكس بيتروف أن “هناك 3.6 مليون جهاز صرافٍ آلي منتشرٍ في الولايات المتحدة؛ كل واحدٍ منها يستخدم من 7 إلى 800 واط فقط وهي في وضع الاستعداد. وهذا في حد ذاته يولد كمًا هائلاً من استهلاك الكهرباء، أعلى بقليلٍ من شبكة البيتكوين”. وأضاف بيتروف أنه “إذا أضفت إليها الأنظمة المصرفية الداخلية، وأنظمة سي تي في، وأنظمة التواصل مع البنوك الأخرى، والحماية إضافية فقد تفوق تكاليفها تكلفة البيتكوين”.

أما سكوت هوارد، فأكد أن “عملية تعدين الذهب تستهلك طاقةً هائلةً، إلا أن بعض الاستهلاك الكهربائي المستخدم في تعدين العملة الرقمية مصدره مولدات الطاقة والموزعات التي بنيت في الأصل لتوريد الخامات واستخراج المعادن الثمينة أو معالجتها”. وأضاف هوارد “في الواقع، ينهار مستهلكو الطاقة التقليديون، مثل مناجم الذهب، بسبب العوامل الخارجية السلبية الأخرى للثروة التي يخلقونها. ويعد تعدين الذهب أثناء هذه العملية وبعدها من أكثر العمليات إضرارًا ودمارًا على كوكب الأرض”.

كما تحدث هوارد عن استخدام المواقع الصناعية المهجورة لتعدين البيتكوين، مثل مصانع اللب والورق التي أغلقت بسبب تضاؤل ​​إمدادات الغابات وزيادة المخاوف بشأن استخدام الطاقة وتلوث النفايات السامة. وقال هاورد “تقع الكثير من مواقع تعدين العملات الرقمية في المناطق الصناعية القديمة بالقرب من محولٍ بقوة 100 ميغاواط”.

في جلسة الأسئلة والأجوبة التي تلت الجلسة، تحدث أحد المشاركين في المؤتمر عن عملية التعدين في كولومبيا البريطانية في موقع صناعي شبه مهجورٍ، حيث يتم ضخ المياه إلى موقعه من أجل التبريد ثم يتم إعادة تحويلها لتصب في مزرعة أسماك المياه الدافئة”.

التعدين لا يُنشئ بنيةً تحتيةً مائيةً جديدةً: إن إنتاج الطاقة متواصلٌ وإن لم يتم استخدامها

بعد انتهاء الجلسة، أعاد هوارد التأكيد على مجلة بيتكوين، مكررًا ما قاله أعضاء آخرون في المؤتمر “إن مشاريع الطاقة الضخمة مثل السدود المائية تنتج الكهرباء سواءً تم استخدامها أم لا”.

وأضاف هوارد “لمعرفتي، لم يقم أي شخص ببناء أي جيل جديد لتوليد الطاقة من أجل تعدين العملة الرقمية. ومحطات توليد الطاقة هي أجزاء أساسية من البنية التحتية التي تحتاج إلى سنواتٍ لتوضع حيز التنفيذ وإلى قرابة عقدٍ من الزمن لتغطية تكلفتها. ويتم توليد معظم الطاقة بالتأكيد في العالم الغربي، من قبل المرافق العامة أو الخاضعة للرقابة. وتعمل هذه المحطات طيلة اليوم وكامل أيام الأسبوع على مدار السنة ولعقودٍ. لذلك تنتشر الطاقة في الشبكة مهما كان حجمها، تجنبًا لتخزينها، لأنها سلعةٌ سريعة التلف”.

وأورد هوارد “تستفيد عملية تعدين العملة الرقمية من هذا استفادةً كاملةً، وعادةً ما يتم استخدام الطاقة بأسعار منخفضةٍ للغاية. وهي كذلك لأن هذه الطاقة لا يمكن لها أن تجد استخدامًا أكثر إنتاجية، لينتهي بها المطاف غالبًا في مواقع صناعيةٍ مهجورةٍ بعيدًا عن المراكز الحضرية”.

خلال المؤتمر، أشار جان تشابك إلى أن “الصين كانت تستثمر بشكلٍ مبالغٍ فيه في الطاقة الكهرومائية ولديها كمياتٌ كبيرةٌ من الطاقة التي لا يتم استغلالها”، وكان ذلك نتيجة زيادة عدد السدود المائية تحسبًا للاحتياجات الصناعية، خاصةً لتصنيع الألومنيوم، ولكن ذلك لم يتحقق أبدًا. وقال تشابك، الذي أوصى بالإطلاع على  دراسة حديثةٍ حول تكاليف الطاقة في التعدين في الصين: “ساعدت الطاقة المائية الرخيصة الصين في السيطرة على أعمال التعدين في عملة البيتكوين في العالم، وهذه الطاقة سيتم توليدها سواء تم تعدين البيتكوين أم لا”.

كما تشير التقديرات التقريبية إلى أن الاستخدام العالمي في مجال تعدين البيتكوين يقدر بـ25 تيراواط ساعة في العام، أي ما يعادل جزءًا فقط من كمية الطاقة المستخدمة في تصنيع الألمنيوم على مستوى العالم.

“إثبات العمل PoW” مقابل “إثبات الحصة POS”

اتفق المتحدثون في الغالب على “أن إثبات العمل” يستخدم الكثير من الطاقة الضرورية للأمن الحقيقي وأن إثبات الحصة لن يدخل حيز التنفيذ في أي وقت قريب. كما أشاروا إلى أن إثبات الحصة لن يعطي شبكة البيتكوين الأمن الذي تحتاجه، وإن كان أكثر كفاءةً في استخدام الطاقة.

ولعل هذا ما قاله سامسون ماو “فكلما زاد حجم الطاقة المستهلكة، زادت درجة الأمان لديك. ويجب أن يكون النظام مقاومًا للأشعة النووية”. وقد دافع بيتروف عن إمكانية وجود نموذجٍ هجينٍ لكلٍ من إثبات العمل وإثبات الحصة، قائلاً إن “إثبات الحصة قد يكون نافعًا لبعض الأغراض المحددة، وليس بالضرورة في المجال المالي، وإنما داخل شبكات البلوكتشين الخاصة”.

ذكر ماو أن استخدام كل من إثبات العمل وإثبات الحصة “يبرز أسوأ ما في العالمين”، في حين أشار هوارد إلى أن عملة داش تستخدم نموذجًا هجينًا محققةً بذلك بعض النجاح، على الرغم من أن وضعها قيد الاستخدام مكلفٌ جدًا. وخلص هوارد إلى أن “تعدين البيتكوين عادةً ما يعتبر نشاطًا اقتصاديًا إيجابيًا في الأماكن التي تحتاج إليه، بالإضافة إلى الإيرادات الهامة للمرافق التي تعد أبرز مشغلٍ ومصدر دخلٍ هام للحكومات. وبالتالي، إن حجة “تبذير الطاقة”، مثل معظم حجج الجهات المعارضة للبلوكتشين، ليست واقعيةً”.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.