أثبتت عملة البيتكوين جدارتها في كونها مخزنًا للقيمة، حيث سارع الإيرانيون المتخوفون إلى تبني العملة الرقمية الرائدة هربًا من التضخم المالي. فقد انخفضت قيمة الريال الإيراني، ليبلغ سعر صرف حوالي 50 ألف ريال إيراني مقارنةً بالدولار، نتيجة إعلان وقف الصفقة النووية مع الولايات المتحدة. وقد كان لهذه الأزمة الإقليمية تداعياتٌ اقتصاديةٌ مباشرةٌ.
يعتقد المحلل المالي لشركة “وايس ريتينغز”، خوان فيلافيردي، أن أزماتٍ مماثلةٍ، على غرار الأزمات المصرفية والانهيارات الاقتصادية، من شأنها الآن أن تدفع بالمشترين الجدد المتخوفين إلى اعتماد عملة البيتكوين.
كما يتوقع فيلافيردي أنه “من المنتظر حدوث الأمر ذاته، ولكن بنسبٍ أكبر، في حال حدوث أزمة مصرفيةٍ أو ماليةٍ أخرى في المستقبل”. وأضاف فيلافيردي قائلًا إنه “في الماضي، اعتاد المستثمرون اللجوء إلى الدولار الأمريكي أو الذهب عند إقدام الحكومات الفاسدة على تخفيض قيمة عملتها المحلية عمدًا أو الاستيلاء على الأسهم العائدة إلى مواطنيها. واليوم، يلجأ العديدون إلى العملات الرقمية، حيث تخزن أموالهم على دفتر حساباتٍ موزعٍ على مستوى العالم، بعيدًا عن قبضة البنوك المركزية أو حكومة”.
وسيلة مناسبة
يعد اعتماد عملة البيتكوين وغيرها من العملات الرقمية الأخرى أنسب وسيلةٍ للتحوط والحماية ضد المخاطر مقارنةً بالأصول الأخرى التي يعتبرها الكثيرون ملاذًا آمنًا في الأزمات، نظرًا لأن العملات الرقمية ليس لها حدود. وفي وقت سابق، أثار التضخم الرهيب إقبالاً على عملة البيتكوين في كلٍ من زيمبابوي وفنزويلا.
رغم إصدار قوانين تمنع التعامل بالبيتكوين مؤخرًا في إيران، إلا أن هذا لم يكن كافيًا لردع المجتمع الإيراني، مع العلم أنه تتواجد أربع عقد كاملة في البلاد كافية للتحقق من المعاملات الرقمية وإرسالها.
وحسب إعتقاد فيلافيردي، فإنه على الرغم من التقلبات المتوقعة على مستوى قيمة البيتكوين، إلا أن انخفاض قيمة الريال الإيراني بنسبة 50 بالمائة في غضون أسابيع يشكل تهديدًا أكبر بالنسبة للإيرانيين.
أما بالنسبة للتجربة الفنزويلية، فقد حرصت السلطات الرسمية على استغلال الضجة التي أحاطت بالعملات الرقمية، من خلال إطلاق عملتها الرقمية المحلية المعروفة “بالبترو”. وفي الواقع، يعد الفنزويليون أكثر المستخدمين نشاطًا فيما يتعلق بعملة “دودج كوين”، رغم اعتمادهم الكبير على تعدين عملة البيتكوين.
تعكس التجربة الإيرانية مدى أهمية الدور الذي تلعبه الأصول الرقمية عند فشل النظام المصرفي التقليدي. فيمكن أن يساهم وجود مخزنٍ للقيمة ووسيطٍ للتبادل في النهوض بالاقتصاد من جديد، رغم أنها قد تقتضي في البداية الشروع في المعاملات غير الرسمية فقط، وهذا ما قد يتسبب في خلق مساحةٍ رماديةٍ كبيرةٍ في الاقتصاد.
في الماضي، لجأت البلدان التي كانت تمر بمراحل انتقاليةٍ إلى الأموال النقدية، فجعلوا من الدولار الأمريكي أو العملات الأجنبية الأخرى ملاذًا آمنًا لهم. ولكن بوجود ضوابط حكوميةٍ على رؤوس الأموال، فإن السبيل الوحيد للنجاة الآن بالنسبة للإيرانيين هو اعتماد العملات الرقمية. كما يرى فيلافيردي أن “الملايين من الإيرانيين يشعرون بالذعر؛ فهم لا يخشون الجزاءات التي ستفرض من جديدٍ فحسب، بل يتوقعون حدوث انهيارٍ اقتصادي وموجة قمعٍ مالي. وبات الكثير يبحث عن أي طريقٍ مجديةٍ لمغادرة البلاد، بينما يسارع الكثيرون للعثور على وسيلةٍ آمنةٍ للحفاظ على ما تبقى لهم من المبالغ القليلة”.
مشكلة الدولارات
إن تحويل الدولارات إلى حسابٍ مصرفي قد يجعل صاحبها غير قادرٍ على الوصول إليها مجددًا، نظرًا لسهولة التحكم بالأموال الإلكترونية من قبل السلط المركزية. ومن جهة أخرى، تعتبر أوساط العملات الرقمية هذا النوع من الأزمات بمثابة نعمةٍ، بفضل قدرة الشبكة اللامركزية للبيتكوين وغيرها من العملات الرقمية على الجمع بين المتداولين في إطارٍ اقتصادي غير خاضعٍ للتضييق الحكومي.
ومع ذلك، قد يواجه الإيرانيون بعض المشاكل على المستوى اللوجستي، إذ أن معظم بورصات البلاد مركزيةٌ وتخضع نوعًا ما إلى الرقابة الحكومية. ومن المتعارف أن منصة “بيتركس” لطالما أنكرت عمليات التحقق وتجميد الحسابات إعتمادًا على الجنسية، وخاصة تلك الحسابات العائدة إلى سوريا وتركيا وروسيا، بالإضافة إلى إيران. ولكن هذا لا يعني عدم وجود طرقٍ أخرى لتبادل البيتكوين.
ويعتقد فيلافيردي أنه حتى في الدول المستقرة اقتصاديًا، يظل تحويل جزء من محافظك المالية إلى عملاتٍ رقميةٍ قابلةٍ للتحويل أفضل وسيلةٍ لتجنب المخاطر.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.