يبدو أن قانون حظر تداول العملات الرقمية في باكستان لم يكن له أي تأثير كما كان متوقعًا. وقد ساهم منع “مصرف دولة باكستان” للبنوك التجارية والمؤسسات المالية من التعامل بالعملات الرقمية، في تراجع حجم المبادلات التجارية. مع ذلك، قرر المستثمرون البحث عن حلول بديلة لشراء وبيع العملات الرقمية، في تحدٍ واضحٍ للتحذيرات والمحظورات.
لا يمكن للبنك المركزي حظر التعامل بالعملات الرقمية في باكستان
تقدم تجربة باكستان في مجال العملات الرقمية دليلاً آخر على انعدام كفاءة السلطات المالية في البلاد. ويتجلى ذلك من خلال محاولة هذه السلطات سد الفجوة القانونية باتخاذ إجراءات إدارية تقوم على الحظر. وغالبًا ما تتناسى البنوك المركزية أنها ليست برلماناً أو حكومة، وأن قوانينها التنظيمية لا يمكن أن تحل محل الإجراءات القانونية. ويتجلى ذلك من خلال القرار الذي اتخذه “مصرف دولة باكستان” مؤخرا لحظر جميع الأنشطة المتعلقة بالعملات الرقمية.
ففي مطلع شهر أبريل/نيسان، أصدر “مصرف دولة باكستان” منشورا ينص على “حظر التعامل بالعملات الرقمية”. ويأتي ذلك بعد قيام بنك الاحتياطي الهندي، وهو المنافس الإقليمي لباكستان، بفرض قانون الحظر ذاته.
وعلى عكس بنك الإحتياطي في الهند، الذي منح البنوك والتجار مهلة ثلاثة أشهر للامتثال لهذا القرار، فرضت البنوك المركزية الباكستانية حظراً فورياً على التعامل بالعملات الرقمية.
وقد أورد “مصرف دولة باكستان” أن العملات الرقمية لا يمكن اعتبارها عملةً قانونيةً، وأشار إلى أنه لا يوجد قرارٌ يأذن لأي فردٍ أو جهةٍ ببيع أو شراء أو تبادل أي نوع من العملات الرقمية في باكستان. وقد دفع ذلك بالبنك إلى منع جميع البنوك ومؤسسات التمويل الصغرى ومشغلي أنظمة الدفع ومقدمي الخدمات، من التعامل بالعملات الرقمية.
لا يبدو من الممكن مقارنة السوق المحلي بسوق العملات الرقمية في الهند. فوفقا لدانيال مانزر، الرئيس التنفيذي لبورصة “اردوبيت”، التي تعد أول بورصة للبيتكوين في الهند، وقبل صدور قانون الحظر، تم تداول حوالي 100 عملة رقمية مختلفة يومياً على كل المنصات.
لكن، قررت منصة “اردوبيت” وقف العمل بصفة دائمة بعد هذا الحظر. وقد صرح دانيال مانزر لصحيفة “اكسبراس تريبيون” قائلا: “لقد اتخذت قرار إيقاف المنصة عن العمل على عجل، في حين يجب أن يكون هناك وقت كاف لإيقاف التشغيل بشكل مناسب. ولكننا نحترم قرار البنك”.
في أعقاب إصدار قرار الحظر، حذرت شركة “اردوبيت” عملاءها من سحب أموالهم وعملاتهم الرقمية. وتجدر الإشارة إلى أنه بعد شهرٍ من إيقاف المنصة عن العمل، لا يزال المستخدمون يحتفظون بعملات البيتكوين في حساباتهم.
ويرى مانزر أن الأشخاص المهتمين بسوق العملات الرقمية سيواصلون الاستثمار باعتبار أن “الطرق البديلة لا تزال قائمة، حيث سيستمر استغلالها بغض النظر عن مدى خطورتها”.
كما يعتقد مانزر أن العملات الرقمية ستؤثر على سوق الأوراق المالية، وليس على النظام النقدي بأكمله، حيث قال إن “ما بين 80 و85 بالمائة من التجار في البورصة التقليدية يرغبون في تجربة حظهم في مجال العملات الرقمية”.
ارتفاع حجم التداول بالبيتكوين في باكستان بعد قرار الحظر
أورد عدد من المستثمرين الباكستانيين في العملات الرقمية لصحيفة “آسيا تايمز” أن قرار البنك المركزي تسبب في تراجع سوق العملات الرقمية، لكن حجم التداول ارتفع تدريجياً بعد اعتماد طرق تداول بديلة.
وفي هذا السياق، علق التاجر مجيد علي قائلا: “لقد أدرك المستثمرون أن “مصرف دولة باكستان” لم ولن يقدر على حظر التعامل بالعملات الرقمية، فكل ما فعله هذا البنك هو منع البنوك من القيام بذلك. لذلك، إن كنت لا تتعامل مع البنوك، فلا يزال بإمكانك شراء العملة الرقمية وتداولها في باكستان، بدعم من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات”.
ويوضح الرسم البياني لحجم التداول الأسبوعي للبيتكوين في باكستان، في أخر أسبوع من شهر أبريل/نيسان، ارتفاعًا ملحوظاً، وتحديدًا بعد صدور المنشور، ليبلغ أعلى مستوياته ويتجاوز 163 مليون روبية باكستانية (أكثر من 1,4 مليون دولار أمريكي). وكاد حجم التداول يتجاوز أعلى مستوى كان قد بلغه بين ديسمبر/كانون الأول ويناير/ كانون الثاني.
كما ارتفع سعر العملة الرقمية الباكستانية “باكوين”، التي ذكرها “مصرف دولة باكستان” في قرار الحظر، بنسبة تزيد عن 60 بالمائة منذ صدور القرار. وقال مبتكر عملة “باكوين”، أبو شهير، إن الإجراء الذي اتخذه البنك المركزي كان في صالح الباكوين، وذلك من خلال رواج اسم العملة الذي جعل العديدين يقبلون على شرائها وتداولها، مع العلم أن عملة الباكوين تستخدم لشراء بطاقات شحن الهواتف المحمولة.
إسلام آباد تحظر “جميع أشكال العملة الافتراضية”
ذكرت إحدى المصادر التابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في باكستان لصحيفة “آسيا تايمز”، أن الحكومة في إسلام أباد ستعتبر التعامل بالعملات الرقمية أمرًا غير قانونياً.
وقد قال مسؤول حكومي: “لقد أعلنا الحظر على جميع أشكال التداول بالعملات الرقمية، ويجري العمل على وضع القوانين المناسبة”.
ووفقاً لمجيد علي، وفي حال أثر هذا القرار على التداول، فإن هناك طرقاً بديلة للتعامل بالعملات الرقمية، وأضاف: “لا يمكن للحكومة الباكستانية أن توقف هذه المعاملات، المعتمدة في دول أخرى”. كما حذر مجيد من أن الحظر سيفتح المجال أمام التبادلات غير القانونية.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.