تمكنت البلوكتشين من ضمان مكانتها فيما بات لذكرها وقع كبير في أوساط الكثير من الصناعات. ويذهب البعض للقول إن إضافة كلمة “بلوكتشين” إلى أسماء شركاتهم أدى إلى تضاعف قيمة أسهمها بنحو ثلاث مرات.

سواء كان لهذه الكلمة وقع رنان أو العكس، ما ينبغي علينا إدراكه هو أنها بصدد الانتشار بشكل كبير، حيث تعتمد الكثير من المشاريع الناشئة على استخدام البلوكتشين. والجدير بالذكر أن القائمين على هذه المشاريع لا يستخدمون البلوكتشين على اعتبارها طعما لتحفيز المستخدمين للنقر والمشاركة في تطبيق ما، بل يعتمدونها بالفعل على اعتبارها أساسا للخدمات التي يقدمونها. وفي حين يسعى البعض إلى منافسة الخدمات المركزية الحالية، يستفيد الآخرون بشكل كامل من اللامركزية ويسعون لخلق أمر مختلف لم يكن موجودا حتى قبل عقد من الزمن. وفيما يلي لمحة عن المشاريع الثورية القائمة على تكنولوجيا البلوكتشين.

السفر

لم يتم تطوير شبكة بلوكتشين سمارت تريب أو نشرها حتى الآن، إلا أنه شاع أنها تتسم بجميع الخصائص والمقومات التي قد تسترعي انتباه السياح وتستهويهم. تمكن سمارت تريب السياح من حجز كل الخدمات تقريبا، على غرار الرحلات الجوية والفنادق، أو تنظيم جميع الرحلات والأسفار. فضلا عن ذلك، تمكن هذه الشبكة الفرد من تحديد موقع أي سائح آخر أو مجموعة من السياح والحصول على إرشادات قيمة تجنبه التعرض للأذى وخطر الوقوع في المشاكل مع السلطات المحلية.

تقدم سمارت تريب دليلا لتفسير العبارات الشائعة تم إعداده بواسطة السكان المحليين الناطقين باللغة الأصلية. كما تمثل سمارت تريب نظام دفع قائم على عملة متوافقة مع نظام إي آر سي ـ 20، الذي سيتفاعل مع عالم العملات الإلزامية ويجعل كل ذلك ممكنا بالنسبة للعملات الأصلية الخاصة بهذا المشروع. على غرار جميع مشاريع البلوكتشين الأخرى، لا يزال من غير المعروف إن كان هذا الأمر سيأتي أكله، إلا أن تلميحات بعض المسؤولين حول هذا المشروع توحي بأنهم يخوضون مفاوضات مع بعض حملة الأسهم الرئيسيين في مجال السفر والصناعات المالية.

وسائل الترفيه

لا يزال العمل جاريا على قدم وساق لتطوير برنامج يدعى “وايت رابت“. وتحيل الكثير من الإمكانيات التي يتميز بها إلى نجاحه المستقبلي. ويطمح المشروع، الذي وضع عن طريق فريق يضم محترفين في صناعة الأفلام وتطوير التطبيقات وبعض المستثمرين، إلى تمكين كل شخص حول العالم من دفع ثمن الأفلام والمسلسلات التلفزيونية إلى صناع المحتوى أو أصحاب حقوق النشر بصفة مباشرة.

تأتي فكرة مشروع “وايت رابت” بالتزامن مع محدودية النفاذ إلى الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية الجديدة في الوقت الحالي بشكل كبير، مما يقود المعجبين في جميع أنحاء العالم لتحميلها بصفة غير قانونية. يعتبر “وايت رابت” برنامج مساعد ضمن المتصفح وقائم على تكنولوجيا البلوكتشين، حيث يتيح لأي كان إمكانية العثور على أي فيلم أو مسلسل عبر الإنترنت وشراءه بصفة قانونية تماما، وهو ما سيساهم في حل مشكلة القرصنة القسرية على نحو فعال للغاية.

مثلما هو الحال مع أي شركة محاصة مرتبطة بالبلوكتشين، يشمل هذا المشروع على عدة نقاط سلبية، ولعل أبرزها استخدامه لعملات رقمية خاصة به من المرجح أن شركات الإنتاج الكبرى مثل والت ديزني وإتش بي أو لن تكون سعيدة بتقبلها. لذلك، إلى حين انضمام كبرى الشركات إلى ركب المشاريع المماثلة لوايت رابت، سيبقى هذا المشروع محاولة رائعة لجعل المحتوى متاحا لأي شخص. في الأثناء، تمنحنا حقيقة أن جميع الأشخاص المشرفين على هذا المشروع ينتمون لصناعة الأفلام بعض الأمل حول احتمال تحقق هذه المساعي في نهاية المطاف.

الخدمات الحكومية

تعتبر إستونيا إحدى أكثر الدول التي تمتلك قوانين تنظيمية صديقة للعملات الرقمية في العالم، حيث تسمح لأي شخص بمبادلة عملات البيتكوين الرقمية بصفة رسمية، فضلا عن امتلاكها إطار تنظيمي على قدر من العقلانية يمكن للجهات التي تريد إقامة طروحات أولية للعملة الانتفاع به. ولا تقتصر هذه التسهيلات على جعل البلاد وجهة أكثر جاذبية للمبتكرين، حيث يعد نظام إي ـ ريزيدانسي للإقامة الإلكترونية الذي تديره حكومة إستونيا مدعوم بالحلول التي توفرها شبكة البلوكتشين.

مع وجود حوالي 1.5 مليون ساكن فقط يتوزعون داخل منطقة جغرافية صغيرة المساحة، جعلت إستونيا جميع خدماتها الحكومية رقمية. ويستعمل البلد الأوروبي الهوية الشخصية الرقمية، وهو نظام يقوم على اعتماد بطاقة تسمح لحاملها بعبور الحدود ودفع كلفة النقل العام، فضلا عن شراء الأدوية الطبية من الصيدلية وتوقيع أي وثيقة، مع العلم أن شبكة البلوكتشين تدعم كل هذه العمليات. وتدرس الحكومة في الوقت الحالي إمكانية توسيع الحلول القائمة على البلوكتشين من أجل جعلها مستقلة تماما. وتعتبر بطاقة إي ـريزيدانسي متاحة لأي شخص في العالم، ولا تقتصر فقط على مواطني إستونيا.

التحقق من الهوية

عادة ما ترتبط شبكة البلوكتشين بعملة البيتكوين الرقمية، التي ترتبط بدورها بمبدأ إخفاء هوية المستخدم، الأمر الذي قد يكون له بعض السلبيات. في الوقت ذاته، تعتبر البلوكتشين وسيلة رائعة لتأمين المعلومات الحساسة والتحقق من هويات الأشخاص عن بعد. ومع تعمق مشكلة انتحال الهويات يوما بعد يوم، عمدت شركة تدعى “سيفيك” إلى توفير حل أكثر أمنا عن طريق البلوكتشين يمكن استخدامه على اعتباره شهادة يتم الاستظهار بها عند ولوج مواقع الإنترنت أو في خضم إجراءات اعرف عميلك، مع الحرص على تضمين الهوية الشخصية داخل شبكة البلوكتشين الثابتة وغير القابلة للاختراق. بالنسبة للولايات المتحدة، يعتبر اعتماد مثل هذا التمشي حلا مناسبا للتمكن من إدارة حوالي 50 مليون حساب ضمان اجتماعي في البلاد.

التعليم

في عالم لامركزي مثالي، يتم تخزين درجاتك على شبكة البلوكتشين لتحل محل الشهادة الجامعية. وفي الوقت الحالي، تمنحنا التكنولوجيا فرصة لتعليم أنفسنا عن بعد. وفي حين توفر بعض الخدمات مثل كورسيرا طريقة مركزية للقيام بذلك، يمكن لخدمة أقل شهرة مثل فانيوار أن تقدم لنا ما تطلق عليه “مشاركة المهارات”. بعبارة أخرى، عندما تحدوك الرغبة في تعلم كيفية إعداد الباستا من الصفر، يمكنك التوجه إلى هناك والبحث عن طباخ إيطالي حقيقي يعلمك كيفية القيام بذلك مقابل مبلغ مالي مقبول. ومجددا، يتم تأمين كل ذلك بواسطة أنظمة دفع مدعومة بالبلوكتشين ونظام تقييم، مما يمكن الطرفين من ضمان عدم لجوء أي منهما إلى الغش.

عموما، لا  نزال في المراحل الأولى من تبني البلوكتشين، لذلك يتم العمل على تطوير أغلب هذه الحلول، في حين لا يزال بعضها في حاجة إلى أن يقع الاعتراف بها بشكل جاد. ومع الاستثناء المحتمل لإستونيا، لا توجد ولاية قضائية جاهزة في الوقت الحالي لتوسعة استخدامات البلوكتشين وتضمينها في كافة مجالات الحياة تقريبا. أظهرت الأمثلة الآنف ذكرها بكل وضوح أن هناك مجالا كبيرا لحدوث هذا التوسع، وبأن العقد القادم قد يصبح فعليا عصر اللامركزية المطلقة.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.