بين البيانات التي لا تنتهي في فيسبوك والتي تلاحق الفضائح، وارتفاع عدد التطبيقات التي تعمل على حجب الإعلانات، يعتقد بعض رواد الأعمال أن الوقت قد حان لإعادة التفاوض حول العلاقة القائمة بين صناعة الإعلان الرقمي وفئة المستخدمين الذين تستهدفهم. فهناك من يقول إن التقنية الرنانة التي تقف وراء العملة الرقمية توفر وسائل واعدةٍ للقيام بذلك.
يوجد عددٌ كبيرٌ متنامي من الشركات التي تبحث في كيفية استخدام تقنية البلوكتشين، أو دفتر المعاملات المشفرة الذي يعمل على تغذية العملات الرقمية على غرار البيتكوين والإيثريوم، لمكافأة تفاعلات العلامات التجارية، أو السماح لمتصفحي الويب ببيع بياناتهم للمُعلنين، أو تمكين المستهلكين من لعب دورٍ أكثر نشاطًا في نظام الإعلانات الرقمية.
الوقت مبكر ولكن
ولإن كان الوقت مبكراً، إلا أن المؤيدين يقولون إن الطبيعة الشفافة والمتكافئة نسبيًا لهذه التكنولوجيا لديها القدرة على تغيير كيفية تقييم الاهتمام عبر الإنترنت. وقد قالت ألانا غومبرت، رئيسة دائرة المخاطر في شركة “ميتا إكس” التي تعتمد على تقنية البلوكتشين، “أنت تجلب أصواتًا متباينةً في مكانٍ واحدٍ لاتخاذ قرارٍ واحدٍ، وهذا أمرٌ مهمٌ. وهذا يعني أنه يمكنك جلب الشركات ووضعها على نفس مستوى المستهلكين، وذلك باستخدام العملة كوسيلةٍ للتواصل”.
في بعض الحالات، يعني ذلك دفع الأشخاص المال بشكلٍ مباشرٍ لعرض الإعلانات والتفاعل معها. مؤخرًا، أنشأ برندان آيخ، مخترع جافا سكريبت والمؤسس المشارك للمتصفح موزيلا، عملةً رقميةً تسمى “رمز الاهتمام الأساسي” (BAT)، تهدف إلى مكافأة المستخدمين لقضائهم الوقت في الإعلانات والتطوع في المعلومات القابلة للاستهداف. ويتم تداول هذه العملة، التي تبلغ قيمتها حاليًا حوالي 20 سنتًا بتداول تبلغ قيمته 200 مليون دولارٍ، بين المستخدمين والناشرين والمعلنين، على الرغم من أنها متاحةٌ فقط في الوقت الحالي على متصفح “برايف” لحجب الإعلانات، من برمجة آيخ.
كما صرح آيخ بأن نموذج الإعلان الرقمي الحالي يفتقر إلى وسائل فعالةٍ في السوق لتقدير انتباه المستهلكين، بسبب مجموع وسطاء تكنولوجيا المعلومات والأنظمة التي تمنح النقرات قيمةً تسبق قيمة الجودة. وقد صممت عملة “رمز الاهتمام الأساسي” لتأخذ بعين الاعتبار مقاييس الاستعراض الأكثر دقةً، ونسبة الإعلان على المحتوى في صفحة معينةٍ، من أجل زيادة السعر بما هو مناسب. ويرى آيخ أن الاستقرار النسبي لأسعار “رمز الاهتمام الأساسي”، بالمقارنة مع أكبر العملات مثل البيتكوين، مؤشرٌ على أنها بصدد تحقيق هذا الدور.
يقوم عمل آيخ أساسًا على تصميم برامج حجب الإعلانات، إلا أنه يعتقد أن الإعلانات سيكون لها دائمًا مكان في مجال الإعلام عبر الإنترنت. وفي تصريحٍ له لموقع أدويك، أفاد آيخ “بالنسبة لي تكمن المشكلة في رأسمالية المراقبة. لا تزال الإعلانات جذابةً ما لم تعامل المستخدم كأنه حيوانٌ في مزرعةٍ”.
أزمة ثقة
ليس آيخ ليس الوحيد في هذا المضمار. فلم يعد سرًا أن صناعة الإعلان عبر الإنترنت قد واجهت منذ فترة طويلة أزمة ثقةٍ لدى المستخدم. لقد أجبرت الإعلانات المزعجة والبطيئة، والقصص المثيرة للقلق حول عمليات جمع البيانات، عددًا كبيًا من الأفراد إلى استخدام برامج حظر الإعلانات خلال السنوات القليلة الماضية.
في الوقت نفسه، صرح ما يقرب من 80 بالمائة من مستخدمي برامج حظر الإعلانات الأمريكية في أحدث تقرير من “أدوبي” و”بيج فير” بأنهم مستعدون لمشاهدة بعض أشكال الإعلانات على الأقل، مما يوحي بأن التوصل إلى حلٍ وسطٍ أكثر قابليةً يمكن أن يخلق أرباحًا كبيرةً. كما صرحت نسبةٌ مماثلةٌ في تقرير نشر خلال السنة الماضية أنها ترغب في رؤية المزيد من الإعلانات الشخصية.
لهذا الغرض، تهدف شركات أخرى إلى تسهيل حصول الأشخاص على الأموال من خلال إخبار المعلنين بما يريدون معرفته عنهم. في وقت سابق من هذه السنة، أعلنت شركة “بلوكتشين ويبسون” أنها سوف تبني سوق بياناتٍ استهلاكيةٍ بدعمٍ من شركة الاتصالات الإسبانية العملاقة “تيليفونيكا”. قال مؤسس ومدير ويبسون، مات ترافيزانو، إن الشركة تعمل حاليًا مع المعلنين لتحديد أفضل طريقة لهيكلة وحزم بيانات المتصفّح للبيع. وقد ناقشت الشركة أيضًا مقترح إجراء دمجٍ نهائيٍ في المساعدات الرقمية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي في تيليفونيكا ومنصة إدارة البيانات في أورا. كما أورد ترافيزانو أنه “نظرًا لأن الإنترنت هي عبارة عن بروتوكولٍ لنقل البيانات، فإننا نرى أن ويبسون بروتوكولٌ لنقد البيانات”.
يمتد اهتمام صناعة الإعلانات الرقمية في البلوكتشين إلى مدى أبعد من هذه الجهود التي تركز على المستهلك. في أماكن أخرى، جمعت المجموعات التجارية مثل المكتب الإعلاني التفاعلي وجمعية البيانات والتسويق فرقًا تعمل في البحث في كيفية استخدام تكنولوجيا الدفاتر الموزعة على البلوكتشين لتبسيط وتقليل الاحتيال في عمليات البيع والشراء.
ولكن، كما هو الحال مع أي كلمةٍ جديدةٍ رنانةٍ ولامعةٍ تجذب انتباه وسائل الإعلام التجارية، تزداد حالة عدم اليقين حول القوة الحقيقية لهذه التكنولوجيا الناشئة. قال إريك جون، نائب مدير مركز الفيديو للتميز في “أي إي بي” والمؤلف المشارك لتقريرها البحثي الأخير حول البلوكتشين، “يتمحور قلقي دائمًا حول توقع أن يكون لديك تقنيةٌ جديدةٌ تتوقع أنها ستعمل على إصلاح كل شيءٍ على الفور. ففي الوقت الحالي، إن شعار المشترين والبائعين ومقدمي التكنولوجيا هو أن تكنولوجيا البلوكتشين تحمل الكثير من الوعود ونرى أنها بالتأكيد تستحق الاهتمام”.
يوجد على الطرف الأكثر تطوُّرًا في هذا الطيف، شركة “بيتكلاف”، التي تهدف إلى إنشاء محرك بحثٍ لا مركزيٍ يستند على البلوكتشين وقادرٍ على منافسة غوغل. مؤخرًا، كُشف النقاب عن محرك بحثٍ عن العملات الرقمية أطلق عليه اسم “ديسورتش” لإظهار التكنولوجيا التي من شأنها في نهاية المطاف تعزيز المنتج الرئيسي. وكغيرها من محركات البحث، تخطط “بيتكلاف” لجمع ملفات تعريفٍ ديموغرافيٍ مفصلةٍ عن كل زوارها. ولكن بدلاً من تقديم تلك المعلومات للمعلنين، ستسمح للمستخدمين ببيعها بأنفسهم.
لا يتوهم الرئيس التنفيذي لشركة “بيتكلاف”، أليكس بيسونوف، بشأن احتمالات المشاركة في تحدي ثاني أكبر شركةٍ في العالم، لكنه يقول إن الشركات الناشئة تعتبر نفسها جزءًا من جهدٍ جماعيٍ أكبر. كما أوضح بيسونوف “بينما نحن وشركاتٌ ناشئةٌ أخرى ندقق في هذه المشكلة، ونحاول تجربة أساليبٍ مختلفةٍ من مقاربات البلوكتشين، ربما قد نعجب بأحدها ونلتزم بها ونبتعد عن الطريقة التي تتم بها الأمور اليوم. وشيئا فشيئا قد تمتلك القدرة على تغيير العالم”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.