يبذل الأشخاص جهدًا كبيرًا لحماية ما يملكونه من عملة البيتكوين في وقت لا تزال قيمتها مرتفعةً. وعلى الرغم من أن سعر العملة المتقلبة للغاية قد انخفض من أعلى مستوى بقيمة 19.340 دولار في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إلا أن قيمتها لا تزال تساوي أكثر من 6.800 دولارٍ للعملة الواحدة اليوم. ولكن، وفقًا لأبحاث أجرتها شركة “تشاين أناليسيس” للأدلة الجنائية الرقمية، فإن ما بين 17 إلى 23 بالمائة من مجموع البيتكوين يُفقد إلى الأبد.
إذا كنت قلقًا بشأن فقدان البيتكوين، أو تعبت بكل ببساطةٍ من حمل المحفظة الرقمية، فقد يكون لدى عشاق البيتكوين الهولنديين حلٌ لك. يخزن مارتين ويسمايجر، مدير التسويق في شركة “جنرال بايتس” المصنعة للصراف الآلي للبيتكوين، الوصول إلى بيتكوين الخاص به في رقائق إلكترونية تُزرع تحت جلده.
البداية بالفضول
ذكر ويسمايجر أنه حقن الرقائق تحت جلده سنة 2014 بشكل جزئي، لما تملّكه من فضول، غير أن تلك الرقائق تمثل أيضا طريقةً خاليةً من المتاعب لاستخدام البيتكوين، وهي جهاز تخزين أكثر أمنًا من المحفظة الرقمية. كما تمكن ويسمايجر من إجراء عمليات الشراء بتحريك اليد فقط، وتخزين كلمة مرور الاسترداد الخاصة به على الرقاقة نفسها، بدلًا من كتابتها على ورقة قد توضع في المكان الخطأ، علما بأنه يصعب اختراق هذه الرقائق.
لقد رغب ويسمايجر في امتلاك هذه الرقاقة منذ أن بدأ في شراء البيتكوين سنة 2010. وقد أخبر “سي إن بي سي مايك إت”: “أستطيع أن أخبركم بكل ثقةٍ أن أكثر عملات البيتكوين التي امتلكتها، أي ما يفوق 80 بالمائة، فقدتها بسبب الاختراق والسرقات والمبادلات الخاطئة وبعض المشاكل الأخرى. ولو تحصلت على هذه الرقاقة سنة 2010، لربما أصبحت رجلًا غنيًا الآن”.
لم يرغب ويسمايجر بالإفصاح عن مقدار ما لديه من عملات رقمية المخزنة على الشريحة الخاصة به، ولكن من الملاحظ أنه لم يخزن مبالغ كبيرةً بسبب الاهتمام الذي تلقاه. وتجنبًا لتهديدات القرصنة أو التهديدات المادية، يخزن ويسمايجر ما يكفي لشراء القليل من البيرة والقهوة.
قال ويسمايجر “أعرف الكثير من الأشخاص الذين لديهم كمياتٌ كبيرةٌ مخزنةٌ من العملة الرقمية، ولكنهم أكثر تحفظًا بشأن هذا الأمر، ولا يعلم الكثيرون عما يمتلكونه من عملاتٍ رقميةٍ”. لقد نسج آخرون على منوال ويسمايجر، إذ حصل بعض موظفيه على رقاقاتٍ خاصةٍ بهم أيضًا، حيث أكد ويسمايجر “أعرف ما لا يقل عن 50 منهم في منطقة براغ فقط”.
كانت أول مرةٍ خطرت فيها فكرة تخزين البيتكوين تحت الجلد على بال ويسمايجر بعد أن أرسل إليه صديقٌ في شركة الاختراق الحيوي “دانجروس ثينغس” رقاقةً كهدية. هنا يروي المبرمج ما يحمله من ذكريات قائلًا “أراد صديقي استخدامها لأغراضٍ مثل تشغيل سيارته أو إغلاق الأبواب وغيرها من العمليات الأساسية. حينها اعتقدت أنها كانت فكرةً رائعةً للعملة الرقمية”.
دفع ويسمايجر، الذي يشير إلى نفسه بلقب “سيد البيتكوين”، لأحد فناني ثقب الجسم نحو 75 دولارًا لحقن رقاقة “إكس إن تي بتقنية التواصل قريب المدى إن إف سي” في كلتا يديه، في الجزء الممتلئ لحمًا تحت جلده وتحديدًا بين الإبهام والسبابة. وقال ويسمايجر إن عملية الحقن لم تستغرق سوى بضع ثوانٍ فقط. لقد قطع الفنان في ثقب الجسم مساحة بين الجلد والأنسجة العضلية، وأنشأ مكانا خاليا بمساحة 10 مليمتر تقريبًا، وحقن الرقاقة. أوضح ويسمايجر “إنها محمية بشكلٍ جيدٍ للغاية، ولن تتعرض للتلف أبدًا”.
أما عن الألم، فقال ويسمايجر إنه أقل حدةً من الآلام المترتبة عن حقن الرقاقة بالتنقيط الوريدي، مشيرًا إلى أن الشفاء قد يستغرق أسبوعين كحدٍ أقصى، ولكن يمكنك البدء بتجربة الرقاقة بعد ثلاثة أيامٍ فقط.
لا يتجاوز حجم الرقائق حجم حبة صغيرة من الأرز، وهي متوافقة مع الأجهزة التي تحتوي على هوائي “تقنية التواصل قريب المدى إن إف سي”، على غرار الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية وبعض أنظمة نقاط البيع بالتجزئة. كما بين ويسمايجر أن حجم الرقائق الصغير يجعل من الصعب رؤيتها حتى في أجهزة المسح الضوئي لكامل الجسم، “لذا لن يضطر حاملوها إلى تقديم توضيحاتٍ عندما يمرون عبر بوابات الجمارك”.
تخزن هذه الرقاقات أشكالًا أخرى من العملات الرقمية، على غرار لايتكوين وداش، ويمكن استخدامها لتسجيل الدخول لاسلكيًا إلى أجهزة الكمبيوتر وفتح أبواب السيارات. لكن قبل كل شيء، يجب أن تمر بعمليةٍ طويلةٍ لبرمجة الرقاقة. يجب على المستخدمين إعداد كلمة مرور على الجهاز، وتنزيل تطبيق مصاحبٍ يعمل بنظام أندرويد فقط، ثم إدراج مفتاح بيتكوين خاص يتكون من قائمةٍ طويلةٍ من الأحرف، ثم تنزيل تطبيقٍ آخر لحماية كلمات المرور المخزنة وجميع المعلومات الخاصة بك.
ليست هذه التكنولوجيا جديدةً، فقد بدأ الأطباء البيطريون بزرع الرقائق الدقيقة تحت جلد الحيوانات كجهاز تتبع. وفي الآونة الأخيرة، قامت شركة ناشئة سويديةٌ بحقن رقائق دقيقةٍ تحت جلد الموظفين موظفيها. وفي حين صُنعت رقائق مماثلة لتكون آمنة بيولوجيًا، بل وحصلت حتى على موافقة إدارة الغذاء والدواء للاستخدامات الطبية، لا زال هناك بعض المخاوف الصحية. لقد كشفت دراسات أجراها متخصصون في علم السموم والأطباء البيطريون أن عمليات زرع الشرائح قد تسبب السرطان، وفي حالات نادرة قد تنتقل الشريحة إلى أجزاء أخرى من الجسم أو قد تلحقها العدوى، وذلك وفق ما صرحت به إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.
مع ذلك، لم تردع هذه المخاطر ويسمايجر من الخضوع للحقن تحت الجلد، ولعل ذلك ما أكده عندما قال “لم أكن خائفًا من أن تسوء الأمور لأنه كان إجراءً صحيًا، والآن أستخدم تلك الرقائق كل يوم”.
لا مشاكل
حتى الآن، لم يعانِ ويسمايجر من أي مشاكل صحية أو مضاعفاتٍ من هذا الإجراء، على الرغم من أنه يقر بأن حقن الرقائق لا يلائم الجميع. لهذا السبب، قام بإنشاء بطاقة بيتكوين مشابهةٍ لبطاقة الائتمان، تمكن العملاء من إيداع وسحب البيتكوين من أجهزة الصراف الآلي الخاصة به، وإجراء عمليات شراءٍ في الأماكن التي تقبل التعامل بالعملة الرقمية.
أكد ويسمايجر أنه يفضل حقن الرقائق، لأنها متوافقة مع أجهزة الصراف الآلي للبيتكوين وتمكنه من دفع ثمن المنتجات عن طريق التلويح بيده على ماسح ضوئي يعمل بتقنية التواصل قريب المدى إن إف سي.
وتخزن كل رقاقةٍ 888 بايت، وهذه ليست بالسعة الكبيرة، ولكن أشار ويسمايجر إلى أن فريقًا من المهندسين يعمل تحت إشرافه بصدد إنشاء رقاقةٍ محدثة ذات سعة أكبر. ويتم تخزين الرقاقة في أسطوانةٍ زجاجيةٍ، تسمى المكثف، وبها هوائي صغير يمكن من مزامنة الرقاقة مع هاتفك الذكي ويساعد في عملية الزرع.
شرح المهندس واصفا هذه الرقاقة “إنها أداة ضعيفةٌ جدًا، فلطالما استخدمها الأطباء البيطريين مع حيواناتنا الأليفة منذ عقودٍ”. ولأنه يتمتع بخبرةٍ في حقن الرقائق، ذكر ويسمايجر أنه قد يستبدلها بمجرد أن ينتهي فريق المهندسين من تطوير الرقاقة التي يعملون عليها. كما أورد ويسمايجر “لا أستطيع التفكير في وجود أي سلبيةٍ. أنا سعيدٌ بهذا. إنها تجربةٌ رائعة”.
إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.