يسعى اثنان من رواد الأعمال إلى اعتماد تقنية البلوكتشين لمساعدة المؤسسات على مكافحة عمالة الأطفال، وكبح الصراعات المسلحة، والحد من الدمار البيئي، على مستوى سلاسل الإمداد الخاصة بهم.

ووفق ما ذكر موقع gtreview تقوم شركة “دوراي Dorae” تحت شعار “اعتماد تقنية البلوكتشين في قطاع المواد الخام”، بتجربة حلٍ يعتمد على الإيثريوم، من خلاله تتبع رحلة المَعدن من المصدر إلى آخر مستخدمٍ.

وكان الهدف من هذه المبادرة جعل سلاسل التوريد العالمية لمختلف المنتجات، انطلاقًا من الهواتف الذكية إلى السيارات الكهربائية، أكثر مسؤوليةً أو بالأحرى “إحداث ثورةٍ في السوق العالمية لهذه المواد”، على حد تعبير شركة “دوراي Dorae“.

 

من أين بدأت هذه الثورة؟

بدأت هذه الثورة من أفريقيا الوسطى، وتحديداً من الكونغو الديمقراطية، حيث تعد هذه المنطقة مركزًا لاستخراج المعادن، إلا أنها تعاني أيضًا من الصراعات المسلحة وانتهاكات حقوق الإنسان.

وفي هذه البيئة، يمكن للبلوكتشين أن تلعب دورًا هامًا للغاية. وستمكن هذه الخطوة الشركات والممولين والمستهلكين على حد السواء من تعقب وتحديد المصادر الأصلية للمواد الخام، بالإضافة إلى توفير إحداثيات عملية النقل من خلال تسجيل المعلومات المتعلقة بمصدرها ونقلها، ومعالجتها وتحويلها من مواد أولية إلى منتجاتٍ جاهزةٍ، على دفتر الحسابات الموزعة غير القابل للتعديل أو التلاعب.

وبدأت الشركة الناشئة للتو مشروعها التجريبي الأول لتتبع مسار معدن الكوبالت والكولتان، المستخدمان في تصنيع الأجهزة الإلكترونية على غرار الهواتف والحواسيب المحمولة والسيارات الكهربائية، من ثلاثة مناجم في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

“إن الهدف الأسمى من تقنية البلوكتشين هو معالجة الانقطاع الحاصل على مستوى المعلومات المطلوبة في أحد طرفي سلسلة التوريد والمعلومات الموجودة في الطرف الآخر”، وذلك حسب تصريح أدلت به أبا شوبرت، وهي من مؤسسي شركة “دوراي Dorae” إلى جانب ريكاردو سانتوس سيلفا، حيث يديران معًا شركةً “إيتيل بارتنرز” لإدارة الأصول والخدمات المالية.

كما أوضحت أبا شوبرت “لهذا السبب، قررنا أن تكون بداية مشروعنا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، إذ توجد معلومات على الصعيد الميداني يحتاجها المستخدمون، وبالأخص الشركات المصنعة الأمريكية التي تعتمد شورطًا تنظيميةً لتوخي الدقة في سلاسل التوريد الخاصة بها، التي يُفقد أثرها خلال العملية”.

 

الطريقة المثلى

ورد في مجلة “غلوبال ترايد ريفيو” أن تقنية البلوكتشين هي الطريقة المثلى لتعقب سلسلة التوريد على أرض الواقع. لقد بدأت بعض التطورات الجديرة بالذكر بالظهور، بما في ذلك مشاريع تتبع النبيذ، وحبوب البن، والقطن، والأفوكادو، والأسماك. وتتمثل أبرز هذه التطورات في إنشاء شركة “إفرليدجر” سجلًا عالميًا خاصًا بالألماس يعتمد على تقنية البلوكتشين.

ويسعى مؤسسو شركة “دوراي Dorae” إلى إثبات أنفسهم بين منافسيهم لأنهم، على حد تعبير سانتوس سيلفا، “على دراية بأننا في حاجة إلى العمل مع الحكومات”.

كما أشار كلاهما إلى أن هذه المنصة تتميز بالقدرة على تقديم الفائدة للحكومات، من خلال منحها أداةً لإدارة المعلومات التي يتم جمعها من المناجم، ناهيك عن تمكينها من محاربة مشاكل مثل عمالة الأطفال والتهرب الضريبي.

وأفادت شوبورت “نحن لا ننشط ضد الحكومات ولا بشكلٍ مستقلٍ عنهم، وإنما نحن في الحقيقة نعمل معهم”. وأضافت قائلة “بدلاً من مجرد إدارة أعمالنا بشكلٍ خاصٍ ومنعزلٍ، عمدنا إلى اطلاعهم على مشروعنا، أملًا في الحصول على الموافقة. وبالفعل، حظي المشروع مؤخرًا بالموافقة من رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية جوزيف كابيلا، بعد مقابلتهم له شخصيًا.

 

قضية لقطاع الأعمال

من شأن هذه المبادرة أن تساعد على محاربة انتهاكات حقوق الإنسان، والصراعات الإقليمية، واستغلال البيئة، لكن تعامل مؤسسي شركة “دوراي” مع هذه المسألة من منظورٍ تجاري، وإقتران الشركة بهذه القضايا قد يكون له تداعياتٌ قانونيةٌ وماليةٌ كبيرةٌ على الشركة، يمكن أن تؤثر على سمعتها.

قالت شوبرت “لا نعتبر أنفسنا منظمةً غير حكوميةٍ، كما أننا لسنا بصدد توبيخ الأشخاص وإخبارهم كيف ينبغي عليهم إدارة أعمالهم. ما نحاول قوله هو “إليكم طريقةً أخرى لإدارة أعمالكم، التي من شأنها أن تضمن لكم تعويضًا ماليًا على جهودكم المبذولة، كما أنه نظامٌ يضمن لك وصول المعلومات من طرف إلى آخر””.

في نهاية المطاف، من المنتظر أن تتم مكافأة الشركات من قبل المستهلك النهائي نظرًا لتأمينهم المعايير المطلوبة. لهذا السبب بالتحديد، يتوقع مؤسسو “دوراي” الحصول على الدعم من قبل المجموعة الكبيرة من الشركات المنخرطة في سلسلة التوريد، فلكل منها “حافزٌ يجعلها تحرص على حماية تلك المعلومات”.

وتسعى شركة التكنولوجيا إلى استقطاب جميع المشاركين في سلسلة التوريد، من عمال مناجم، وموزعين، ومصنعين، بالإضافة إلى أكبر المشغلين الدوليين على غرار شركة آبل وتيسلا. وحسب قول شوبرت، يمكن لأي شخصٍ أن ينضم إلى المنصة شريطة أن يكون بحوزته “معلوماتٌ موثوقةٌ”.

وسيقع تخصيص مجموعة بياناتٍ لكل مادةٍ على حدة، حيث تسجل المعلومات التي تتعلق بمصدر ومقدار وحالة المادة، بالإضافة إلى وقت وموقع المعاملة، والمشاركين فيها ومدى استفائها للمتطلبات القانونية. وسيتم جمع هذه المعلومات والتحقق منها بالتعاون مع المفتشين الحكوميين والمنظمات المعتمدة والمنظمات غير الحكومية على حد السواء.

قالت شوبرت موضحة حيثيات هذه العملية “يأخذ نظامنا المعلومات، ليقوم بعد ذلك بجمعها ابتداء من نقطة انطلاقها، ومن ثم تحميلها على شبكة البلوكتشين. وعند انتقال وحدةٍ من المواد من عامل المناجم إلى الموزع الأولي، يتم تسجيل عملية البيع على الشبكة، وعندما يقوم الموزع ببيعها إلى المصنع. كما يقع تسجيل المعلومات حول ما يفعله المصنع بالمادة أيضًا، ويتم الحصول على هذه السلسلة غير القابلة للتلاعب من المعلومات، التي تعد دليلًا دقيقًا ومنتظمًا للمستخدم النهائي”.

 

المناجم الثلاثة في جمهورية الكونغو

انطلقت هذه المشاريع التجريبية من نقطة المنشأ، المتمثلة في المناجم الثلاثة الواقعة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث ستقوم شركة “دور” خلال الشهرين القادمين بمحاولة “توزيع هذه الخطة على جميع أنحاء سلسلة التوريد” التي ستعتمدها الشركات في غضون سنة، وستتعامل مع كل شركة على حدة على أمل أن تتبنى الشركات الكبرى هذه الخطوة.

إن العديد من الشركات في جميع أنحاء العالم بصدد استثمار مواردها على تحقيق معايير الدقة في سلسلة التوريد. ففي الولايات المتحدة، يفرض قانون دود فرانك لسنة 2010 إلزامية “بذل العناية الواجبة” على سلسلة التوريد والتزامات التقارير السنوية للشركات التي تستخدم ما يطلق عليه “المعادن 3 تي جي”، التي تضم التنغستن والتنتالوم والقصدير والذهب. ومن المقرر إصدار تشريعٍ مماثلٍ في البرلمانات الوطنية التابعة للاتحاد الأوروبي بحلول سنة 2021.

في حين قد يكون لشركات ضخمة مثل آبل و تيسلا عملياتٌ داخليةٌ فعالةٌ، فإن امتثال الشركات الصغيرة للمقتضيات القانونية غالبًا ما يكلفها كثيرًا. لقد كانت العواقب وخيمة، وقد تحدث الأكاديميون والمعلقون سابقًا عن تسبب مقاومة الشركات لتكاليف “بذل العناية الواجبة” في فرض حظرٍ على المعادن القادمة من جمهورية الكونغو الديمقراطية، الذي ساهم بدوره في تضرر اقتصاد البلاد بصفة أكبر.

من خلال الاستعانة بتقنية البلوكتشين، يمكن لنظام تقاسم المعلومات الجديد أن يسهل على الشركات التأكد والتحقق من سلاسل التوريد الخاصة بها بأقل التكاليف. كما يمكنه توفير المزيد من الراحة للممولين التجاريين الذين لا يودون المخاطرة والاستثمار في معادن قادمة من دولٍ مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية؛ بسبب اشتراطات “بذل العناية الواجبة” المجحفة. ولكن توفير المزيد من الشفافية من شأنه أن يشجع بعث المزيد من الاستثمارات في البلدان التي في حاجة ماسة إليها.

وقالت شوبرت “يتجنب الممولون الاستثمار في كل ما يتطلب التزاماتٍ قانونيةٍ، وباعتماد هذا النظام يمكنهم التأكد من أن المواد التي يقومون بتمويلها قانونية المصدر”. وعلى الرغم من أن ذلك ليس الهدف الرئيسي في الوقت الحالي، إلا أن الهدف هو أن يتم أيضا إشراك ممولي التجارة إلى النظام في وقت لاحق.

حاليا، ستكون الخطوة التالية إضافة المزيد من المناجم والتوسع في عددٍ أكبر من البلدان والمواد الخام، مع بدء المحادثات مع مسؤولين في مواقع أخرى من بلدان في أفريقيا وأمريكا الجنوبية.

إخلاء المسؤولية: الآراء والتحليلات والأخبار الواردة لا تعكس رأي بت شين. لا ينبغي اعتبار أي من المعلومات التي تقرأها على موقع بت شين بمثابة نصيحة استثمارية، ولا تصادق بت شين على أي مشروع قد يتم ذكره أو ربطه في هذه المقالة. يجب اعتبار شراء وتداول العملات المشفرة نشاطًا عالي المخاطر. ويرجى بذل المجهود الواجب قبل اتخاذ أي إجراء يتعلق بالمحتوى المذكور ضمن هذا التقرير. لا تتحمل بت شين أي مسؤولية في حالة خسارة الأموال في تداول العملات المشفرة.